بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} أما بعد:
فقد شاهدت افرادا من طلاب العلم حينما يبين لهم الحق بأدلته( أدلة نقلية صحيحة أو حجج عقلية صريحة مؤيدة بالآثار السلفية الصحيحة )في أي مسألة أو حكم فلا يقبل الحق حينئذ ؛ ولا يبالي فيه ولا يهمه الأمر ولا يرفع رأسا بذلك مع وضوح الحق وضوح الشمس .
وبعضهم يستطرد ظلما فيقول :" ليس من أمثالك يقبل الحق".
أو يذكر العبارة الأخرى :" من سبقك إلى هذا؟".
وهذا حق أريد به باطل
وقد يكون عند بعضهم اعتبارات إضافية جاهلية لقبول الحق من صاحبه
كعلو الجاه
والغنى المالي
ورفعة المنزلة
وهذا التصرف كما يظهر لي انه يخالف تعليمات الشرع المطهربما في ذلك أدلة شرعية كثيرة منها حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح مسلم رحمه الله تعالى مرفوعا وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ).
ف :( بَطَرُ الحَقِّ ) أي: رفضُ الحقِّ والبُعدُ عنه تَرفُّعًا وتَجبُّرًا، وأن يَجعَلَ ما جعَلَه اللهُ حقًّا من تَوحيدِه وعِبادتِه باطِلًا، وقيلَ: هو أن يَتجبَّرَ عندَ الحقِّ، فلا يَراه حقًّا، ولا يَقبَلُه، و :( غَمْطُ الناس ) ، أيِ: احتِقارُهم وازدِراؤُهم.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
" , وَمَنْ تَكَبَّرَ عَنِ الِانْقِيَادِ لِلْحَقِّ وَلَوْ جَاءَهُ عَلَى يَدِ صَغِيرٍ، أَوْ مَنْ يُبْغِضُهُ أَوْ يُعَادِيهِ فَإِنَّمَا تَكَبُّرُهُ عَلَى اللَّهِ, فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ". [ مدارج السالكين ( ٣ / ٣٤٦)].
وفي الأثر قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "لا تحقرن أحدًا من المسلمين؛ فإن صغير المسلمين عند الله كبير".
قال الإمام ابن القيم رحمه اللَّه:
قال بعض الصحابة رضي اللَّه عنهم:" أقبل الحق ممن قاله وإن كان بغيضا ورد الباطل على من قاله وإن كان حبيبا ".
[مدارج السالكين: ٥٢٢/٣]
وقد أخبرنا كبار مشايخ السنة اتباع السلف الصالح انهم يقبلون الحق بدليله ويتراجعون عن الخطأ مهما كان هذا القائل ومهما كانت منزلته العلمية حتى قال أحد كبار علماء السنة انه يقبل الحق ممن جاء به وان كان صغيرا في المرحلة الثانوية مادام جاء بالحق بأدلته.
فالحق يقبل من قائله مهما كان قائله بهذا جاء دين الإسلام المبنى على الكتاب العزيز والسنةالنبوية واستفاض الخير وتواتر عن أئمة السنة وأعلام السلف الصالح
وحق لنا الآن ان نقول لمن أتى بهذه العبارة ورد الحق بعدما تبين له :( من سبقك إلى هذا القول ؟ ).
ثم ( هل ترد الحق الواضح بأدلته النقلية الصحيحة وحججه العقلية الصريحة بعبارة أتيت بها لتنتصر للباطل وتكسر الحق؟).
الإجابة واضحة لمن رزقه الله الحق ووفقه لقبوله فالله يضل من يشاء عدلا وحكمة ويوفق من يشاء إلى الحق فضلا ورحمة ؛ رزقنا الله وإياكم لقبول الحق رحمة منه وفضلا وجنبنا رده ان ربي سميع قريب مجيب الدعاء ووفقنا الله واياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه ووهب لنا ولكم الرزق الحلال الطيب الواسع المبارك الهني .
والله أعلي وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
°°°°°°°°°°°°°°
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض العرماني.