السبت، 28 مايو 2022

《 بشرى الخير لأهل الخير وهم اهل التوحيد والسنة 》




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 


فالمسلم يتفاءل خيرا  والمبشرات كثيرة أتت في الكتاب والسنة بانتصار وانتشار الإسلام  ...

يقول الله سبحانه وتعالى: 

{ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ}

ويقول عز من قائل :{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا }ويقول الله تعالى وتقدس: { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ}.

ويقول الله تعالى وتقدس: { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ } وعن تَميم الداري رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ليَبْلغنَّ هذا الأمرُ ما بلغ الليلُ والنهارُ، ولا يترك اللهُ بيت مَدَر ولا وَبَر إلا أدخله الله هذا الدين، بعِزِّ عزيز أو بذُلِّ ذليل، عزا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلا يُذل الله به الكفر ) وكان تميم الداري رضي الله عنه يقول: قد عرفتُ ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب مَن أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصَّغَار والجِزية.  

وهذا حديث صحيح رواه أحمد وابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي رحمهم الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في الصحيحة وفي تحذير الساجد 

وهذه المبشرات على أرض الواقعة كثيرة ولله الحمد ومن ذلك رجوع كثير من الأحبار والرهبان وأهل العلم الدنيوي إلى دين الله سبحانه وتعالى 

و بفضل الله ورحمته على شخصي الضعيف فقد قمت بعدة دراسات عن موضوع اهمني وهو :  [ هل العالم الإسلامي قابل للتحول إلى افكار ومذاهب وتيارات وديانات أخرى كما جرى للنصارى وغيرهم ] وهذه الدراسات أتت بصورة بحوث ورسائل علمية جرى بنشرها تباعا على طريقتنا الخاصة المتواضعة نرجو ما عند الله سبحانه وتعالى حسب جهدنا وطاقتنا : 

{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } 

فوجدت :

أن العالم الإسلامي المنتشر فيه [ الصوفية القبورية وطرقها الباطلة ]

و[ التعطيل الجهمي بأنواعه كالاشاعرة الكلابية والماتريديه ]

و[ الرفض وما يتبعهم] 

و[ فكر الخوارج الإخوانية والاباضية ]

ينتشر بينهم هذا التوجه الالحادي و يقبل هذا الأمر. 

لتشابه الفكر العقدي لهؤلاء مع الديانات اليهودية والنصرانية فإذا كان اليهود يعبدون عزيرا والنصارى يعبدون عيسى وأمه فهؤلاء لهم غوثهم واقطابهم فما الفرق بينهم ؟

بل ذكر شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله أن اليهود والنصارى قديفضلونهم وذلك أنهم   يثبتون الصفات وهؤلاء يعطلون 

واولئك  يعبدون رسلا 

وهؤلاء عواما وجهلة أمثالهم..

لكن أهل التوحيد والسنة 

لا يمكن تحولهم إلى فكر ضال الحادي علماني وهذا يجري بفضل الله ورحمته حيث أشرأب التوحيد في قلوبهم وغرس أصله فيهم  [ يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ] ولا تعجب وذلك بعد  أن تتأمل آيات الكتاب العزيز وأحاديث السنة النبوية والتي منها على سبيل المثال لا الحصر حديث الافتراق الصحيح وخاصة عبارات وردت في  نص هذت الحديث  النبوي منها في بيان صفة الفرقة الناجية  :

 ( كلها في النار إلا واحدة ) 

( الجماعة )

( ما انا عليه واصحابي )

فنعمه التوحيد 

هي أعظم نعمة تعطى للبشر ..

فهو أمن وأمان يقول الله تعالى وتقدس: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } ففي  البخاري ومسلم رحمهما الله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : لما نزلت { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال أصحابه : وأينا لم يظلم نفسه؟ فنزلت : { إن الشرك لظلم عظيم }

وفي رواية أخرى : 

لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُواوَلَمْ يَلْبِسُواإِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ، شَقَّ ذلكَ علَى أصْحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالوا: أيُّنا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟! فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليسَ كما تَظُنُّونَ؛ إنَّما هو كما قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَاتُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .

وكما تشاهدون في هذا العصر التطور المادي والتقدم في مجال الاختراعات والتقنية نجد مع الاسف التأخر في مجال الروح ونهضتها  بل الانحطاط الخلقي بأبشع صوره  يعلوه خواء روحي  وكثرة الأمراض النفسية وذلك لانعدام التوحيد وقلته في قلوبهم مصداق ذلك في كلام الله سبحانه وتعالى المنزل : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ }

فهذه نعمة التوحيد في الدنيا 

وأما نعمتها في الآخرة 

فكلمة التوحيد وحدها تثقل الميزان وترجح بجميع الذنوب كلها   يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :

( فتوضَعُ السِّجلَّاتُ في كفَّةٍ ، والبطاقةُ في كفَّةٍ فطاشتِ السِّجلَّاتُ وثقُلتِ البطاقةُ ، ولا يثقلُ معَ اسمِ اللَّهِ شيءٌ )

فرحم الله الإمامين الأمير محمد بن سعود وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب وأسكنهم الله وذريتهم الفردوس الأعلى من الجنة... 

فدين الله منصور  ....وفي الصحيحين يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: 

( لاتَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ) واللفظ لمسلم رحمه الله. 

ودولتنا المملكة العربية السعودية لملوكها فضل كبير 

أولا :

على شخصي الضعيف بتعليمي التوحيد والسنة  ..

ثانيا :

على العالم الإسلامي بل العالم أجمع في بيان الإسلام الصحيح المبني على التوحيد والسنة..

وهذا ملموس ومحسوس   ومشاهد فأسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يمد والدنا  وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بتأييده ويوفقهم إلى مايحبه الله ويرضاه وإن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته إن الله سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه. 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  ...

°°°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه : غازي بن عوض العرماني. 

الخميس، 26 مايو 2022

《 انتبهوا إلى عظيم إجرام خطوات الخوارج الشيطانية 》



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فقد ظهرت خلال هذه الأيام دعوات إلى مقاطعة منتجات الشركة الفلانية 

والشركة الفلانية 

وهذه المقاطعة التجارية الذي يظهر لي انها لم تكن بتوجيهات رسمية حكومية وإنما جرت من

قبل أناس لا أعلم ماهو المستند الشرعي لفعلهم هذا ؟

ولا شك أن الغلاء ورفع الأسعار يترتب عليها ضرر كبير على عامة المسلمين ولا يؤيد هذا الأرتفاع العقلاء من الناس ؛ بل يسعون إلى وأده 

وتخفيفه رحمة بالمسلمين وضعفائهم خاصة .

وكل شئ يجري وفق سنن كونية قدرية فنؤمن بقضاء الله وقدره سبحانه وتعالى . مع الأخذ بالاسباب الشرعية المباحة 

وفي المسائل العامة يوصي أهل العلم ان لا يتصدر احد 

ولا يتقدم ولا يمنع ولا يجيز 

ولا يقاطع إلا بإذن ولي الأمر 

وهذا ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم حينما سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : قال النَّاسُ : يا رسولَ اللَّهِ ، غلا السِّعرُ فسعِّر لَنا ، قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : ( إنَّ اللَّهَ هوَ المسعِّرُ القابضُ الباسطُ الرَّازقُ ، وإنِّي لأرجو أن ألقَى اللَّهَ وليسَ أحدٌ منكُم يطالبُني بمَظلمةٍ في دمٍ ولا مالٍ ).

أخرجه أحمد وابوداود والترمذي وابن ماجه رحمهم الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي(١٣١٤).


وهنا مسألة أخرى احببنا التنبيه عليها وهي 

[ مسألة حكم التسعير ] 


فأهل العلم في حكمه على اقوال 

القول الأول: من قال بتحريم التسعير مطلقا .

والقول الثاني:

بجواز التسعير مطلقا .

القول الثالث :

اذا تعدى التجار وظلموا وذلك برفع السعر بصورة فاحشة فيها اضرار وتعدي واحتكار يفسد اقتصاد البلاد و في ضبط الأسعارمصلحة راجحة عامة نافعة وكان ذلك من غير نقص طبيعي في السلع أو من غير كثرة طلب عليها فلولي الأمر منعهم من ذلك عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:( لا يحتكر إلا خاطئ ) رواه الصحابي الجليل معمر بن عبدالله رضي الله عنه واخرجه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه.

اقول : فلولي الأمر ان 

يحدد الثمن المناسب الذي لا يضر التاجر و فيه نفع للمشتري.


وفي جميع الأحوال وفي الأمور المهمة العامة لابد أن تكون مضبوطة بموافقة ولي الأمر من عدمه وليس لأحد التقدم بالمنع والمقاطعة إلا بعد اذن ولي الأمر لأن في اناطة الأمر إليه هو العقل والبصيرة الموافقة للشرع والتي ادركها وعرفها الصحابة رضي الله عنهم فلم يتصرفوا إلا بعد استشارة الرسول صلى الله عليه وسلم وتصرف ولي الأمر في هذه الحالة أو غيرها وفق المصلحة الشرعية التي يعرفها ويقدرها لمن هم تحت يده من رعيته الواجب المتعين هو اتباعه . .

ثم أقول:

هل هذه المقاطعة للمنتجات المباحة شرعا أمر بها ولي الأمر؟

وأما اذا لم يبدر منه تجويز لها فهذا تعدي على مقامه وتدخل في خصوصياته  

ولعل وراء الاكمة ما وراءها  

فإن أهل الشر ينتهزون الفرص ويتحينونها فانتبهوا أيها الإخوة ف[المقاطعة] قد تتبعها أمور يسعى إليها من أراد بالمسلمين شرا 

من ذلك :

مظاهرات 

إضرابات 

اعتصامات 

ثم

إخلال بالامن وزعزعة له ثم 

خروج على ولاة الأمر باللسان يعقبه خروج عليهم باليد 

فكونوا على حذر من الاخوانية الخوارج ومن طرق أهل الالحاد والشر واستمعوا للتوجيه الرسمي ففيه الخير والبركة 

ولا تتبعوا خطوات الخوارج من اخوانية وملاحدة 

فهي نوع من خطوات الشيطان .


 [[ فائدة علمية ]]


من أهل العلم من قال إن اسم المسعر هو اسم من اسماء الله الحسنى استدلالا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ اللَّهَ هوَ المسعِّرُ القابضُ الباسطُ الرَّازقُ ) ..ومن نفى أن يكون المسعر من أسماء الله فعليه أن يذكر الفرق بينه وبين الأسماء الأخرى الواردة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

--------------------------

كتبه : غازي بن عوض العرماني

الاثنين، 16 مايو 2022

《 وجوب الإيمان في الموازين يوم القيامة 》



     بسم الله الرحمن الرحيم 


         [[     المقدمة    ]]


الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه . { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا النساء }  { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ آل عمران} { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا الأحزاب}


أما بعد 

فمن عقيدة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح  أهل الإسلام الصحيح ؛ على وجوب الإيمان  بالموازين يوم القيامة وهي موازين  حقيقية يوزن فيها العمل وصاحبه وتوزن فيها صحف الأعمال وهذه الموازين دل عليها الكتاب العزيز والسنة النبوية كما سيأتي في ثنايا هذه الرسالة وعلى  إثبات هذا المعتقد إجماع المسلمين  .

قال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله : 

"السنة عشرة فمن كن فيه فقد استكمل السنة، ومن ترك منها شيئاً فقد ترك السنة: إثبات القدر، وتقديم أبي بكر وعمر، والحوض، والشفاعة، والميزان، والصراط، والإيمان قول وعمل، والقرآن كلام الله، وعذاب القبر والبعث يوم القيامة، ولا تقطعوا بالشهادة على مسلم". [اعتقاد أهل السنة لللالكائي ( ١ / ١٥٥ )].

 والموازين يوم القيامة متعددة دل على ذلك قوله تعالى وتقدس : { فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون . ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون }

وقوله سبحانه تعالى : { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين } .

{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ . فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ . وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ . فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ }

فالميزان مفردا لم يرد في كلام الله سبحانه وتعالى إلا مجموعا فهو متعدد قيل : لكل أمة ميزان .

وقيل : لكل فرد ميزان .

وقيل : حسب اعمال العباد أتى تعددها  ؛ إذ "لا شك أن لفظ القرأن لا يجوز تغييره وتبديله فمادام أن الله عز وجل أطلق لفظة الموازين فهي موازين ولا مانع أن تكون هذه الموازين كما نعلم من أمور الغيب مختلفة وليس ينبغي أن نتصوّرها ميزانا معيّنا كيف والموازين في الدنيا الأن قد تعددت وتنوّعت، فمن باب أولى أن يكون يوم القيامة أن تكون هناك موازين متعددة فمادام أن الله عز وجل جمع الموازين في مثل هذا اللفظ القرأني فأعتقد أنه من التعطيل بمكان أن يُفسّر الموازين بالميزان وهذا ليس من طريقة السلف"[ من كلام الإمام الألباني رحمه الله ؛ فتاوى جدة(٢٦ ب)].




 [[ الفصل الأول : ميزان العدل في الدنيا والذي انزله الله وأمر به ]]


يقول الله تعالى وتقدس :

 {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ . وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ }

 وهذا الميزان ليس الميزان الاخروي الذي يوزن به الخلق وأعمالهم يوم القيامة وإنما هو الميزان في الدنيا وهو الميزان  " المعروف، والمكيال الذي تكال به الأشياء والمقادير، والمساحات التي تضبط بها المجهولات، والحقائق التي يفصل بها بين المخلوقات، ويقام بها العدل بينهم "[ تفسير السعدي رحمه الله ] 

" قال مجاهد : أراد بالميزان العدل . المعنى : أنه أمر بالعدل" [تفسير البغوي رحمه الله ].

ومن الأدلة على هذا الميزان قوله تعالى وتقدس  : { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط }

فالميزان هنا :"  ما يعمل الناس، ويتعاطون عليه في الدنيا من معايشهم التي يأخذون ويعطون، يأخذون بميزان، ويعطون بميزان، يعرف ما يأخذ وما يعطي. قال: والكتاب فيه دين الناس الذي يعملون ويتركون، فالكتاب للآخرة، والميزان للدنيا "[ تفسير الطبري رحمه الله ].

" وهو العدل في الأقوال والأفعال، والدين الذي جاءت به الرسل، كله عدل وقسط في الأوامر والنواهي وفي معاملات الخلق، وفي الجنايات والقصاص والحدود [والمواريث وغير ذلك]، وذلك { لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } قياما بدين الله، وتحصيلا لمصالحهم التي لا يمكن حصرها وعدها، وهذا دليل على أن الرسل متفقون في قاعدة الشرع، وهو القيام بالقسط، وإن اختلفت أنواع العدل، بحسب الأزمنة والأحوال"[ تفسير السعدي رحمه الله ].




[[ الفصل الثاني  :  ميزان العدل في القضاء بين العباد وفق مايقضيه الله ويقدره من سعادة وشقاء وفق   رحمة الله وفضله أو اقتضاء لحكمته وعدله جعلنا الله وإياكم من أهل السعادة والجنان وابعدنا الله وإياكم عن أهل الشقاء والنيران يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ؛   ورفعنا الله وإياكم بطاعته وابعد عنا وعنكم الشرك والكفر والبدع والمعاصي ]]


يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما مِن قلبٍ إلَّا وَهوَ بينَ إصبَعَينِ مِن أصابعِ ربِّ العالمينَ إن شاءَ أن يُقيمَهُ أقامَهُ وإن شاءَ أن يُزيغَهُ أزاغَه وَكانَ يقولُ : يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلوبَنا علَى دينِكَ والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ عزَّ وجلَّ يخفضُهُ ويرفعُهُ) .

رواه الإمام أحمد في المسند وابنه عبدالله في السنة  والنسائي وابن ماجه رحمهم الله عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم منهم أبي هريرة و أبي بكرة نفيع بن الحارث والنواس بن سمعان رضي الله عنهم أجمعين.

وصححه الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم ( ٢٠٩١)وصححه في كتاب السنة لعبدالله بن الإمام أحمد حديث رقم( ٥٥٢).



 [[ الفصل الثالث :  ميزان وزن العباد  ]]

يقول الرسول الله صل الله عليه وسلم  :

( بينما انا بين النائم واليقظان - اذا أتاني جبريل وميكائيل في المنام . فقال جبريل لميكائيل : زنه يا ميكائيل 

فوزنني ميكائيل بعشرة رجال 

فرجحت بهم .

فقال جبريل : زنه بمئة رجل 

فوزنني بمئة رجل فرجحت بهم .

فقال جبريل : زنه بألف رجل 

فوزنني بألف رجل فرجحت بهم : فقال جبريل :والذي بعثه بالحق لو وزناه بأهل السموات والأرض لرجح بهم )

أخرجه البزار وابن عساكر رحمهما الله وابن إسحاق رحمه الله في سيرته وقوى اسناده الإمام ابن كثير رحمه الله في سيرته ( ١ / ٢٨٨ ) وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ؛ قال الإمام الألباني رحمه الله:

" أصل الحديث :( رؤيا رآها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه وضع في كفة والأمة في

كفة فرجح بهم، ثم وضع أبو بكر فرجح بهم، ثم عمر، ثم عثمان )

أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (١١٣٥ - ١١٣٩) من طرق عن أبي بكرة

وأعرابي، وابن عمر، وفي "المجمع" (٩/ ٥٩) شواهد أخرى، يدل مجموع طرقه

على أن للحديث أصلاً، ولذلك صححته في "الظلال". والله أعلم "  انتهى كلامه رحمه الله. 

وعن عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما قال : "خرج إلينا رسولُ اللهِ ذاتَ يومٍ فقال : ( رأيتُ كأني أُعْطيتُ المَقاليدَ والموازينَ فأما المقاليدُ فهى المفاتيحُ فَوُضِعَتُ في كِفَّةٍ وَ وُضِعَتْ أُمتي في كِفَّةٍ فَرَجَحْتُ لهم ثم جيء بأبي بكرٍ فَرَجَح بهم ثم جيء بعمرَ فَرَجَح بهم ثم جيء بعثمانَ فَرَجَح ثم رُفِعَتْ ) فقال له رجلٌ : فأين نحن ؟ قال : ( أنتم حيث جَعلتم أنفسَكم ) أخرجه عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله وصححه الامام الألباني رحمه الله في كتاب السنة لعبدالله بن الإمام أحمد حديث رقم ( ١١٣٨ ).

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواكًا من الأراك، فكانت الريح تكْفؤُه، وكان في ساقه  دقَّة، فضحك القومُ من دِقَّة سَاقي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما يضحككم؟) قالوا: من دقة ساقيه، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان من أُحد)رواه الطيالسي وأحمد وأبو نعيم والبزار والطبراني  

قال الإمام الألباني رحمه الله  : في[ السلسلة الصحيحة (٦ / ٥٧٠) حديث رقم: ( ٢٧٥٠): وهو صحيح بطرقه الكثيرة ].

وعن أَبي هُريرةَ رضي الله عنه عن رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: ( إِنَّهُ لَيأتِي الرَّجُلُ السَّمِينُ العظِيمُ يَوْمَ الْقِيامةِ لا يزنُ عِنْد اللَّه جنَاحَ بعُوضَةٍ ).

متفقٌ عَلَيه.

 وفي روايه : ( إنَّه لَيَأْتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيامَةِ، لا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ، وقالَ: اقْرَؤُوا {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} )

رواه البخاري ومسلم رحمهما الله.



[[ الفصل الرابع : عظيم حسنة كلمة التوحيد وانها ثقيلة في الميزان وأنها ترجح وتنجي صاحبها ولو قل منه فعل الخيرات و كثر منه فعل  السيئات ]]

 




عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ فَيَقُولُ لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ أَفَلَكَ عُذْرٌ فَيَقُولُ لا يَا رَبِّ فَيَقُولُ بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً فَإِنَّهُ لا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ احْضُرْ وَزْنَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاتِ فَقَالَ إِنَّكَ لا تُظْلَمُ قَالَ فَتُوضَعُ السِّجِلاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ فَطَاشَتِ السِّجِلاتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ فَلا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ ) أخرجه الإمام أحمد والترمذي رحمهما الله .

وللإمام أبو القاسم حمزة بن محمد الكناني المصري رحمه الله في هذا الحديث  جزء [ جزء البطاقة ]وابن المبارك رحمه الله في الزهد  وابن ماجه وابن حبان والحاكم رحمهم الله والبيهقي رحمه الله في شعب الإيمان والخطيب رحمه الله في موضح الأوهام والمزي رحمه الله في تهذيب الكمال والذهبي رحمه الله في معجم المحدثين وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الجامع ( ١٧٧٦) ( ٨٠٩٥)وفي شرح  الطحاوية ( ٤١٧ ) وفي تخريج مشكاة المصابيح ( ٥٤٩٢) وصححه  في صحيح سنن الترمذي ( ٢١٢٧)

وصححه الإمام مقبل الوادعي رحمه  الله في الصحيح المسند حديث رقم  ( ٧٩٢).



وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ قال: ( إن نبي الله نوحاً ﷺ لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين: آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات والسبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء، وبها يُرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر ).

رواه أحمد رحمه الله في المسند وصححه  الألباني في السلسلة الصحيحة( ١٣٤) .




[[ الفصل الخامس :  أعمال واقوال صالحة ثقيلة في الميزان ترجح كفة من عمل أو قال بها ]]


              (    ١    )

 عن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها وعن والدها قالت : أنَّ رجُلًا قعدَ بينَ يدَيِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ : إنَّ لي مَملوكينَ يُكَذِّبونَني ويخونونَني ويعصونَني، وأشتُمُهُم وأضربُهُم فَكَيفَ أَنا منهُم؟ قالَ: ( يحسَبُ ما خانوكَ وعصوكَ وَكَذَّبوكَ وعقابُكَ إيَّاهم، فإن كانَ عقابُكَ إيَّاهم بقدرِ ذنوبِهِم كانَ كفافًا، لا لَكَ ولا عليكَ، وإن كانَ عقابُكَ إيَّاهم دونَ ذنوبِهِم كانَ فضلًا لَكَ، وإن كانَ عقابُكَ إيَّاهم فوقَ ذنوبِهِم اقتُصَّ لَهُم منكَ الفضلُ) . قالَ: فتَنحَّى الرَّجلُ فجعلَ يبكي ويَهْتفُ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ( أما تقرأُ كتابَ اللَّهِ :{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا }الآيةَ) . فقالَ الرَّجلُ: واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ ما أجدُ لي ولَهُم شيئًا خيرًا من مفارقتِهِم، أشهدُكَ أنَّهم أحرارٌ كلُّهم ".

رواه أحمد والنرمذي:والبزار رحمهم الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي( ٣١٦٥ )وفي صحيح الترغيب (٢٢٩٠) و ( ٣٦٠٦) .


             (   ٢   ) 

 وعَنْ أبي هُريْرَةَ، رضي الله عنه، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:( مَنْ احتَبَس فَرسًا فِي سبيلِ اللَّهِ، إيمَانًا بِاللَّهِ، وتَصدِيقًا بِوعْدِهِ، فإنَّ شِبَعهُ ورَيْهُ وروْثَهُ وبولَهُ في مِيزَانِهِ يومَ القِيامَةِ ) رواه البخاريُّ والنسائي رحمهما الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح النسائي ( ٣٥٨٤).


                (   ٣   )

 وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ( خَصْلَتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ: يُسَبِّحُ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيُكَبِّرهُ عَشْرًا، وَيَحْمَدُهُ عَشْرًا، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ، فَتِلْكَ خَمْسُونَ وَمِئَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِئَةٍ فِي الْمِيزَانِ، وَإِذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ سَبَّحَ وَحَمِدَ وَكَبَّرَ مِئَةَ مَرَّةٍ، فَتِلْكَ مِئَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ في الْمِيزَانِ ). روَاهُ أحمد والنسائي وابوداود وابن ماجه والترمذي رحمهم الله وَصَحَّحَهُ الترمذي رحمه الله.

ورواه البخاري رحمه الله في الأدب المفرد وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد( ٩٢٦)وفي صحيح ابن ماجه ( ٧٦٣).


   

                 (    ٤     )

 عن أبي الأزهر الأنماري رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ كانَ إذا أخذَ مضجعَه منَ اللَّيلِ قالَ :( بسمِ اللهِ وضعتُ جنبي اللَّهمَّ اغفر لي ذنبي وأخسئ شيطاني ، وفُكَّ رِهاني وثقِّل ميزاني واجعَلني في النَّديِّ الأعلَى ).

رواه ابوداود رحمه الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود ( ٥٠٥٤) وفي صحيح الترغيب ٢٦٤١) 

وفي تخريج مشكاة المصابيح ( ٢٣٤٥ ).

      

                 (    ٥   )

قال صلى الله عليه وسلم: ( بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه).

رواه البزار رحمه الله في مسنده

 عن ثوبان رضي الله عنه ورواه أحمد رحمه الله عن أبي أمامة رضي الله عنه ورواه الطبراني رحمه الله عن  سفينة رضي الله عنه والنسائي والحاكم وابن حبان رحمهم الله عن أبي سلمه رضي الله عنه وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب( ١٥٥٧).


                 (    ٦   )

 قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من تبع جنازة حتى يُصلى عليها ويُفرغ منها، فله قيراطان، ومن تبعها حتى يُصلى عليها فله قيراط، والذي نفس محمد بيده لهو أثقل في ميزانه من أُحد )

رواه أبي بن كعب وعبدالله بن عمر رضي الله عنهم واخرجه

أحمد رحمه الله في المسند من طريقين عنهما رضي الله عنهما

وابن ماجه رحمه الله عن أبي بن كعب رضي الله عنه 

والطبراني رحمه الله في الأوسط من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وصححه الألباني رحمه الله في  صحيح الجامع الصغير ( ٦١٣٥) وفي صحيح الترغيب( ٣٥٠٢) .


               (   ٧   )

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ) اخرجه البخاري رحمه الله  ( ٦٤٠٦ ) .ومسلم رحمه الله( ٢٦٩٤).

           

               (   ٨   )

عَنْ جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ: ( مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟)، قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ).

رواه مسلم رحمه الله ( ٢٧٢٦ ).



                (   ٩   )

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  ( مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ )

وفي لفظ : ( يَقُولُ مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ) أخرجهما الإمام أحمد وابوداود والترمذي رحمهم الله بألفاظ فيها اختلاف يسير وصححهما الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب(  ٢٦٤١) وفي صحيح أبي داود ( ٤٨٠١) وفي صحيح الترمذي( ٢٠٠٣) .


              (    ١٠    )

عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْحَارِثِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه  قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:  ( الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَك أَوْ عَلَيْك، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا )

رَوَاهُ مُسْلِمٌ رحمه الله( ٢٢٣).




[[ الفصل السادس : من مواضع طلب شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ملاقاته صلى الله عليه وسلم عند الميزان ]] 


عَنْ أَنس بن مالك رضي الله عنه  قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فَقَالَ : ( أَنَا فَاعِلٌ ) قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ ، قَالَ : ( اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ ) ، قَالَ : قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ ؟ قَالَ : ( فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ ) ، قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ ؟ قَالَ : ( فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْحَوْضِ فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ الْمَوَاطِنَ )

أخرجه أحمد و الترمذي رحمهما الله واللالكائي رحمه الله في [ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ] والضياء رحمه الله في [ المختارة ] وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ( ٢٦٣٠ ) وفي صحيح الترمذي ( ٢٤٣٣) وفي صحيح الترغيب ( ٣٦٢٥).




[[ الفصل السابع : عظيم سعة الميزان  ]]



عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( يُوضَعُ المِيزَانُ يومَ القيامةِ، فَلَوْ وُزِنَ فيهِ السَّمَوَاتُ و الأرضُ لَوَسَعَتْ ، فَتقولُ الملائكةُ :  يا رَبِّ لِمَنْ يزِنُ هذا ؟ فيقولُ اللهُ تعالى : { لِمَنْ شِئْتُ من خَلْقِي }، فَتقولُ الملائكةُ :  سبحانَكَ ما عَبَدْناكَ حقَّ عِبادَتِكَ ، و يُوضَعُ الصِّرَاطُ مِثْلَ حَدَّ المُوسَى ، فَتقولُ الملائكةُ : مَنْ تُجِيزُ على هذا ؟  فيقولُ : { مَنْ شِئْتُ من خَلْقِي }، فَيقولونَ : سبحانَكَ ما عَبَدْناكَ حقَّ عِبادَتِكَ) ..

رواه الحاكم رحمه الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في [ السلسلة الصحيحة( ٢ / ٦١٩) حديث رقم( ٩٤١)].




[[ الخاتمة : نسأل الله حسنها  ]]


" حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا ، أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ "فعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ) قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : ( أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ) .

رواه ابن ماجه رحمه الله  في سننه وصححه الإمام الألباني في صحيح ابن ماجه ( ٤٢٤٥)

وفي صحيح الترغيب ( ٢٣٤٦).

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  .

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو  :  غازي بن عوض العرماني  .

الجمعة، 13 مايو 2022

《 طريقتي الخاصة المتواضعة في كيفية بحث المسائل العلمية 》




بسم الله الرحمن الرحيم 



إلى الابن العزيز الغالي . ...... 

سلمنا الله وإياكم ؛  ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة  آمين 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

فقد سألتني عن طريقتي في بحث المسائل العلمية 

فأقول والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوةالابالله :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فأحببت عرض طريقتي الخاصة المتواضعة  في بحثي وكيفية استخراج الفوائد العلمية وذلك 

بناء على طلبكم المبارك  فأقول :

في  قراءتي للكتب لي حالات :

           (  الحالة الأولى )

الاطلاع على أي كتاب وقراءته 

عند شرائي له أو تم اهداؤه لي أو نال إعجابي أو لأي أمر ..

واطلاعي في الغالب الأعم في العقيدة ثم في جميع فنون العلم الشرعي النافع . وقد يهدي لي بعض الإخوة كتابا في غير ما ذكر سابقا مثل كتابا في الاقتصاد أو في التاريخ أو سيرة حياة مسؤول وترجمة لحياته  .. ومن فضل الله علينا فغالب كتب ابن تيميه وتلميذه ابن القيم و محمد بن عبدالوهاب وغيره من الأئمة الأعلام فقد مررت عليها اطلاعا 

قديما وهكذا كتب السيرة سيرة ابن هشام وابن إسحاق و البداية والنهاية و غيرها كثير وكتب التراجم ومن فضل الله علينا وفضل الله علينا لا يعد ولا يحصى أن أي كتاب اقرأه أو اطلع عليه يبقى محفوظا لدي حتى في مسائله ومباحثه لا يغيب عني فضلا من الله ورحمة فكأني أشاهد صفحة المسألة في الجهة اليمنى من الكتاب أو في شماله وهل هي في اعلا الصفحة أو اسفلها 

وكل ذلك ليس بحول مني ولا قوة بل بفضل الله ورحمته ولا حول لي ولا قوة إلا بالله. 


       (  الحالة الثانية  )

الاطلاع والقراءة عند شرح أي كتاب علمي مثل رسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أو كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله اسوق هذين الكتابين على سبيل التمثيل لا الحصر  فطريقتي في هذه الحالة :

جمع الكتب التي شرحت هذه الكتب ووضعها قربي وبجنبي 

فمثلا : 

كتاب التوحيد اجعل شروحه مثل : فتح المجيد وتيسير العزيز الحميد والقول السديد والقول المفيد وجميع شروح أهل العلم المتوفرة بقربي  فأستعين بها 

على فهم  وفقه كتاب التوحيد من بدايته  حتى نهاية الكتاب ....وهكذا التدمرية أو غيرها من الكتب العلمية المراد شرحها  ...

          ( الحالة الثالثة ) 

مسائل وفتاوى طلاب العلم فمن فضل الله علينا إنني في أغلب  المسائل العلمية أعرف آراء أغلب أهل العلم الموثوق في علمهم وممن هم  من العلماء المتبوعين المعتبرين شرعا وممن عرف بسلامة المعتقد وحسن المنهج فاعرف قوله من حيث القوة والضعف ومن حيث وجود الأدلة النقلية والحجج العقلية . وإذا كان من أهل العلم  له رأي بعيد عن غالب أهل العلم فأطلع عليه واشاهد ماهو مستنده في قوله .

وفي هذه الحالة - أي الثالثة - لا استغني عن الأجهزة الذكية في الاستعانة بها في بحث المسائل العلمية لسرعة استحضارها للمعلومة  وظهور هذه الأجهزة سهل في سرعة البحث العلمي وجمع الأقوال والاراء في المسألة في أدلتها وهذا من نعم الله علينا ونعم الله علينا لا تعد

ولاتحصى  ...

وللعلم في بعض المسائل لا أجيب عنها حتى يغلب على ظني قربي من الإجابة بالقول الصواب المدعم بالادلة النقلية والحجج العقلية...مع محاولة دقة الفهم لها وتصورها التصور العلمي الصحيح .

وقد يتأخر ردي إلى شهر اوشهور اوإلى سنة أو أكثر  حسب نوع المسألة وتوفر الدلائل العلمية المساعدة لفهمها ثم النظر في المسألة من حيث  وضوحها وخفائها  .

 و هل هي من المسائل العلمية التي اشتهر فيها الخلاف أو لا ؟ 

و هل هي في  المسائل الحادثة أو النازلة ؟

وهل لأهل العلم سابقا اقوالا فيها أو في أمثالها واشباهها  ؟  ...

وانظر مسألة الإحرام في الطائرة عند الوصول إلى الميقات فهي مسألة حادثة وقد رأيت شيخ الإسلام إبن تيميه  رحمه الله في احد رسائله تحدث عن سفر بعض مدعي الخوارق من الصوفية  على ظهر  الجني أو متنه من الهند إلى مكة حاجا أو معتمرا [ اسوق كلام ابن تيميه رحمه الله في المعنى]

فيذكر من الأخطاء العقديه ويعددها ومن ذلك تجاوز الميقات جوا  وهو على متن الجني فلا يحرم ...فهذه المسألة مشابهة ومماثلة لمسألة الإحرام بالطائرة عند الوصول إلى الميقات جوا  ...

وقد كتبت هذه الرسالة بناء على طلبك في كيفية البحث العلمي للمسائل العلمية سعيا مني - في جهد ضعيف وتقصير واضح - الإعانة في تصور المسائل العلمية التصور الصحيح والفهم السليم والفقه الموافق للحق و الذي يعين على تقوى الله بعد فضل الله ورحمته وفي كيفية الوصول ما يقرب إلى رحمة الله ورضوانه فالعلم في كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفق هدي سلفنا الصالح  وفهمهم فهو الطريق المستقيم الصواب الموصل إلى رحمات الله وجناته يقول الرسول صلى الله عليه وسلم  : ( من يرد الله فيه خيرا يفقه في الدين ) وهو حديث صحيح في صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله من رواية الصحابي الجليل معاوية بن سفيان رضي الله عنهما 

وما ذكرته من أحوال  ليست موجهة الى صغار طلاب العلم  وإنما هي لمن تمكن من دراسة العلم الشرعي  من كبار طلاب العلم 

وقد قلت هذا الكلام  بعد مضي قرابة خمسة عقود  في طلب العلم . جعل الله علمنا وعملنا خالصا صوابا متقبلا .

وانبه طلاب العلم؛  بأنه لا بد من التفرغ مع ادمان النظر و كثرة البحث في المسائل العلمية وكثرة دعاء الله سبحانه بالفقه والفهم والالحاح بذلك فلا بد من ان تجد أثرا لذلك فأنت تسأل الكريم وهو ملك الملوك رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما. 

رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ..

----------------------------

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  :   غازي بن عوض العرماني.

الثلاثاء، 10 مايو 2022

《 شرح قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لا يقصُّ على الناسِ إلا أميرٌ أوْ مأمورٌ أوْ مختال )》





السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

أسأل الله لكم فضيلة الشيخ السلامة والتوفيق .

ما معنى الحديث هذا الحديث : ( لا يقصُّ على الناسِ إلا أميرٌ أوْ مأمورٌ أوْ مختال) ؟

 أجبني بارك الله فيك بالتفصيل  .


الجواب  :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  

أما بعد 


فهذا الحديث وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يقُصُّ على النَّاسِ إلَّا أميرٌ أو مأمورٌ أو مُرَاءٍ ) وورد بلفظ ( لا يقُصُّ على النَّاسِ إلَّا أميرٌ أو مأمورٌ أو مختال ) 

حديث صحيح 

رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه رحمهم الله من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه حديث رقم  ( ٣٠٣٧ ) .

معنى الحديث:

لا يقوم بوعظ الناس وارشادهم

إلا ولاة الأمر 

دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:

 ( إلا أمير ):

أي أن هذا العمل من اختصاص ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين ؛ فيقومون بأنفسهم بتوجيه الناس وارشادهم وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما في حديث 

العرباض بن سارية رضي الله عنه وفيه قال :

( وَعَظَنَا رَسُولُ الَّلهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوعِظَةً بَلِيغَةً ، ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ ، وَوَجِلَت مِنهَا القُلوبُ ) . رواه الترمذي رحمه الله  وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وهكذا كان يفعل الخلفاء الراشدون المهديون رضي الله عنهم وصحابته رضي الله عنهم  

ففي البخاري ومسلم رحمهما الله من أثر  أبي وائل قال : [  كَانَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ ، فَقَالَ لَه رَجُلٌ : يَا أَبَا عَبدِ الرَّحمَن ، لَوَدِدتُ أَنَّك ذَكَّرتَنَا كُلَّ يَومٍ ، قَالَ : أَمَا إِنَّه يَمنَعُنِي مِن ذَلك أَنِّي أَكرَه أَن أُمِلَّكم ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُم بِالمَوعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَينَا ] ..

وقوله صلى الله عليه وسلم:( أو مأمور ):

أي أمر - بضم الهمزة - وكلف  من قبل ولي الأمر بالوعظ والتوجيه والارشاد والافتاء والتحديث والخطبة 

مثل أئمة المساجد وخطبائها 

أو الدعاة الذين عرفوا  بسلامة المعتقد الصحيح والمنهج السليم  والذين تم تعيينهم رسميا من قبل وزارة الشؤون الإسلامية في الدولة .

وقوله صلى الله عليه وسلم: ( أو مختال ) :معجب في نفسه وهيئته  . ومعنى هذا أن الوعظ والتوجيه والإرشاد هو من عمل واختصاص الأمير أو من جرى تكليفه بذلك .ومن وعظ وخالف توجيه النبي  فهو ( مختال )  يبين معنى هذه اللفظة الرواية الأخرى للحديث : ( أو مراء )  

أي يريد الرياء والسمعة وحب الشهرة و الشهوة الخفية كالميل إلى الرئاسة أو الانتصار إلى فكر منحرف عملا بتوجيهات جماعته الضالة مثل دعاة الاخوانية الخوارج أو التبليغ الصوفية فالدعوة لا بد لها من علم وهذا شرط اساسي في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى  وفي الافتاء وفي الحسبة وفي القضاء يقول الله سبحانه وتعالى  : { قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } فلا يدعو الداعي إلا الى الله وإلى توحيدالله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفق مراد الله سبحانه وتعالى ووفق مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بفهم من نزل عليهم الوحي وهم سلفنا الصالح رسول الله صلى عليه وسلم وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم عالما  بما يدعو إليه " وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ، ويقين وبرهان ، هو وكل من اتبعه ، يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بصيرة ويقين وبرهان شرعي وعقلي "  .[ تفسير ابن كثير رحمه الله لهذه الآية الكريمة ] .

فلا بد من الدعوة إلى التوحيد  فهذه دعوة الأنبياء والمرسلين  عليهم الصلاة والسلام 

ف" التوحيد أول دعوة الرسل، وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله تعالى، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} وقال هود لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وقال صالح لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وقال شعيب لقومه:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت}فالتوحيد مفتاح دعوة الرسل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لرسوله معاذ ابن جبل رضي الله عنه وقد بعثه إلى اليمن:( إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله وحده فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة). وذكر الحديث وقال:(  أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم) . فالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام وآخر ما يخرج به من الدنيا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)، فهو أول واجب وآخر واجب فالتوحيد أول الأمر وآخره"

مدارج السالكين: ( ٣ / ٤٤٤)

ويأتي بعد الدعوة إلى التوحيد أهمية الدعوة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛فالدعوة إلي السنة وبيان أهميتها ومنزلتها هي الحكمة لذا : " فقد أجمع العلماء قديما وحديثا على أن الأصول المعتبرة في إثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ثم إجماع علماء الأمة، واختلف العلماء في أصول أخرى أهمها: القياس، وجمهور أهل العلم على أنه حجة إذا استوفى شروطه المعتبرة، والأدلة على هذه الأصول أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر.أما الأصل الأول: فهو كتاب الله العزيز وقد دل كلام ربنا عز وجل في مواضع من كتابه على وجوب اتباع هذا الكتاب والتمسك به والوقوف عند حدوده قال تعالى: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } وقال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } وقال تعالى: { قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } وقال تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } وقال تعالى: { هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ }والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقد جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله ﷺ آمرة بالتمسك بالقرآن والاعتصام به، دالة على أن من تمسك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال ومن ذلك ما ثبت عنه ﷺ أنه قال في خطبته في حجة الوداع: (إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله) رواه مسلم في صحيحه، وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله عنه  أن النبي ﷺ قال:( إني تارك فيكم ثقلين أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور؛ فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه،) ثم قال: ( وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي) وفي لفظ قال في القرآن: هو حبل الله من تمسك به كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلال.

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وفي إجماع أهل العلم والإيمان من الصحابة ومن بعدهم على وجوب التمسك بكتاب الله والحكم به والتحاكم إليه مع سنة رسول الله ﷺ ما يكفي ويشفي عن الإطالة في ذكر الأدلة الواردة في هذا الشأن.

أما الأصل الثاني: من الأصول الثلاثة المجمع عليها فهو ما صح عن رسول الله ﷺ من أقواله وأفعاله وتقريره، ولم يزل أهل العلم من أصحاب رسول الله ﷺ ومن بعدهم يؤمنون بهذا الأصل الأصيل ويحتجون به ويعلمونه الأمة، وقد ألَّفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة وأوضحوا ذلك في كتب أصول الفقه والمصطلح، والأدلة على ذلك لا تحصى كثرة؛ فمن ذلك ما جاء في كتاب الله العزيز من الأمر باتباعه وطاعته وذلك موجه إلى أهل عصره ومن بعدهم؛ لأنه رسول الله إلى الجميع، ولأنهم مأمورون باتباعه وطاعته حتى تقوم الساعة؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المفسر لكتاب الله والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره. ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها، ولم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات وما أوجب الله بها من حدود وعقوبات.ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى في سورة آل عمران:{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } وقوله تعالى في سورة النساء:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }

وقال تعالى في سورة النساء أيضًا:{ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } وكيف يمكن طاعته، ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله إذا كانت سنته لا يحتج بها، أو كانت غير محفوظة؟ وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له وهذا من أبطل الباطل ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به.وقال عز وجل في سورة النحل: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } وقال أيضا في آية أخرى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} فكيف يكل الله سبحانه إلى رسوله ﷺ تبيين المنزل إليهم، وسنته لا وجود لها أو لا حجة فيها، ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور:{ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ } وقال تعالى في السورة نفسها: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }وقال في سورة الأعراف:{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }وفي هذه الآيات الدلالة الواضحة على أن الهـداية والرحمة في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنته أو القـول بأنـه لا صحة لها أو لا يعتمد عليها؟ فقال عز وجل في سورة النور:{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }وقال في سورة الحشر: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }والآيات في هذا المعنى كثيرة وكلها تدل على وجوب طاعته عليه الصلاة والسلام واتباع ما جاء به؛ كما سبقت الأدلة على وجوب اتباع كتـاب الله والتمسك به وطاعة أوامره ونواهيه، وهما أصلان متلازمان من جحـد واحدًا منهما فقد جحد الآخر وكذب به، وذلك كفر وضلال وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع أهل العلم والإيمان.وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ في وجوب طاعته واتباع ما جـاء به وتحريم معصيته، وذلك في حق من كان في عصره، وفي حق من يأتي بعده إلى يوم القيامة، ومن ذلك ما ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:( من أطاعني فقد أَطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله)، وفي صحيح البخاري عنه رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:(  كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى) قيل يا رسول الله: ومن يأبى، قـال: ( من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).وخرج أحمد وأبو داود والحاكم بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال: ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشـك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه).وخرج أبو داود وابن ماجه بسند صحيح: عن ابن أبى رافع عن أبيه رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:( لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنـه، فيقول: لا ندري ما وجدنا في كـتاب الله اتبعناه)وعن الحسن بن جـابر قال: سمعت المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه  يقول: حرم رسول الله ﷺ يوم خـيبر أشياء ثم قال: ( يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ يحدث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنـا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله). أخرجه الحاكم والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.

وقد تواترت الأحـاديث عن رسول الله ﷺ بأنه كان يوصي أصحابه في خطبته:(  أن يبلغ شاهدهم غائبهم ويقول لهم: رب مبلغ أوعى من سامع).

ومن ذلك ما في الصحيحين أن النبي ﷺ لما خطب الناس في حجة الوداع في يوم عرفة وفي يوم النحر قال لهم: ( فليبلغ الشاهد الغائب، فرب من يبلغه أوعى له ممن سمعه) .

 فلولا أن سنته حجة على من سمعها وعلى من بلغته، ولولا أنها باقية إلى يوم القيامة لم يأمرهم بتبليغها. فعلم بذلك أن الحجة بالسنة قائمة على من سمعها من فيه عليه الصلاة والسلام، وعلى من نقلت إليه بالأسانيد الصحيحة.وقد حفظ أصحاب رسول الله ﷺ سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية وبلغوها من بعدهم من التابعين ثم بلغها التابعون من بعدهم. وهكذا نقلها العلماء الثقات جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن، وجمعوها في كتبهم وأوضحوا صحيحها مـن سقيمها، ووضعوا لمعرفة ذلك قواعد وضوابط معلومة بينهم يعلم بها صحيح السنة من ضعيفها وقد تداول أهل العلم كتب السنة من الصـحيحين وغيرهما وحفظوها حفظا تاما كما حفظ الله كتابه العزيز من عبث العابثين وإلحاد الملحدين وتحريف المبطلين؛ تحقيقا لما دل عليه قوله سبحانه:{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }

 ولا شك أن سنة رسول الله ﷺ وحي منزل فقد حفظها الله كما حفظ كتابه، وقيض الله لها علماء نقادًا ينفون عنها تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون؛ لأن الله سبحانه جعلها تفسيرًا لكتابه الكريم وبيانًا لما أجمل فيه من الأحكام، وضمنها أحكاما أخرى لم ينص عليها الكتاب العزيز، كتفصيل أحكام الرضاع، وبعض أحكام المواريث، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها السنة الصحيحة ولم تذكر في كتاب الله العزيز " [ من كلام الإمام ابن باز رحمه الله من موقعه الرسمي] .


وقوله صلى الله عليه وسلم  : ( لا يقص ) أي لا يعظ ولا يرشد ولا يدعو. 

و [ القصاص ] جمع ومفرده القاص و هو الواعظ والناصح والذي يضمن توجيهه ونصحا القصص الصحيحة الثابتة 

يقول الله سبحانه وتعالى:

{ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } .

 قال الإمام أحمد : " إذا كان القاص صدوقاً فلا أرى بمجالسته بأساً " .

و" جاء رجل إلى الإمام أحمد فشكا له الوسوسة فقال : عليك بالقاص ، ما أنفع مجالستهم ".

فإذا كان القاص صدوقا عالما  متخولا في وعظه غير ممل للناس في طريقته غير داعية إلى فكر منحرف كدعاة الخوارج الإخوانية أو الصوفية التبليغية القبورية أو الجهمية المعطلة أو أي داعية الى ضلالة فنسأل الله أن يكفي المسلمين شرهم .

وقد ورد ذم القصاصين  حينما يتعمدون الكذب في وعظهم وتضمين نصحهم الأحاديث الضعيفة والمكذوبة أو الدعوة إلى ملته الخارجية أو نحلته الضالة الأخرى فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يخرج من المسجد ويقول : [ ما أخرجني إلا القصاص ولولاهم ما خرجت ] . وسئل الإمام سفيان الثوري رحمه الله : نستقبل القصاص بوجوهنا ؟ فقال : " ولوا البدع ظهوركم " .

وعن الإمام شعبة بن الحجاج رحمه الله أنه دنا منه شاب فسأل عن حديث فقال له : " أقاص أنت ؟" فقال : نعم ، قال : " اذهب فإنا لا نحدث القصاص "، فقال له : لم ؟ قال : " يأخذون الحديث منا شبرا فيجعلونه ذراعا ". أي أنهم يزيدون في الحديث زيادة تخرجه عن اعتداله وصحته .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه : غازي بن عوض العرماني

الاثنين، 9 مايو 2022

《 بيان ان لا تضاد ولا تضارب ولا تعارض بين حديثي الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من قتل دون ماله فهو شهيد ) والحديث الآخر : ( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ) وتفنيد احد شبهات الخوارج الإخوانية المحاربين لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم 》



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فإن لأهل الشبه شبها واهواء يلقونها على الجهلة في سعي منهم لاستقطاب من قل علمه ونصيبه وجعله وقودا في نار الفتن التي يؤججونها في العالم أجمع ومن ذلك مااطلعت عليه من كلام لأحد دعاة التحريض والتهييج والتكفير  محاولة منه في اضلال العوام الجهلة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أو لتأكيد فكرة الخروج على ولي الأمر وترسيخها  بين اتباعه  معرضا بمن يسميهم بغلاة الطاعة و اتباع السلطان  وذلك عند تطرقه و استدلاله الاعوج  بحديث :( من قتل دون ماله فهو شهيد ) في تأصيل لفكرهم المنحرف في جواز الخروج على ولي الأمر  ...

فما ادري ما هو الرابط بين هذا الحديث وبين فكرة الخروج على ولي الأمر   ..

فليس في هذا الحديث ما ينصر مذهبهم الخارجي بل السنة ضدهم ؛ ومعلوم أن طريقة أي مبتدع  في أي زمن هو نصر بدعته فتجده تجاه نصوص الشرع المخالفة لبدعته يسلك طرقا ملتوية منها على سبيل المثال لا الحصر:

                 ( أولا )

أضعاف سند النص الشرعي [ رواية ]  وتوهينه وتكذيب ماجاء فيه من أخبار. 

أو 

                 (  ثانيا )

لي عنق نصوص الوحيين وتطويعها وفق أهوائهم [  دراية وذلك في ايراد كلام باطل باطني يخالف ظاهر متن النص ] وفي مذهبهم المحدث هذا خالفوا الشرع المنزل وجانبوا لغة العرب وحاربوها  وضادوا العقل السليم والفطر السوية

وثمرة السوء لهذا المذهب  :

محاولة نسف دين الإسلام والغائه وتقويض اركانه وهدم أصوله وأسسه ومبادئه السامية

والذي يظهر لي ان من اهدافهم في استشهادهم بهذا الحديث 

محاولة توهين الحديث الصحيح [ رواية ودراية ]

والذي رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ).فحينما كل ومل الإخواني الخارجي وادرك عجزه   في توهين هذا الحديث [ رواية ] لجأ  إلى طريقة فاشلة وهي ضرب الأحاديث الصحيحة بعضها في بعض وهذه الطريقة إنما تمشي على من قلة بضاعتهم في العلم 

من العوام والشباب الجاهل والذي هو محل لنشر فكرهم الخبيث لسرعة تأثرهم وقلة علمهم وشدة اندفاعهم العاطفي   فلذا تجد انطباق وصف الرسول صلى الله عليه وسلم للخوارج  عن طريق صفتين لهما هما   :

الصفة الأولى:

وذلك في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم  لهم ب : ( أنهم حدثاء الأسنان ) .

أي أنهم   صغار السن ؛ عندهم 

حماس وعاطفة غير منضبطة بضوابط الشرع واندفاع اهوج اعوج .

والثانية من صفاتهم  :    

في قوله صلى الله عليه وسلم :

( يأخذون من قول خير البرية )

اي أنهم يعتقدون فيستدلون ثم يستشهدون على صحة مذهبهم المنحرف بكلام الله سبحانه وتعالى أو كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو كلام احد العلماء المتبوعين وذلك في  تحريف كلامهم خدمة لتوجهاتهم الحزبية الفكرية المنحرفة.

 فالحديثان صحيحان كما سيأتي بيانه  فليس بينهما تعارض أو تضارب 

ف [ الحديث الأول ]

 وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ ) ؛ رواه البخاري ومسلم وابوداود و الترمذي والنسائي رحمهم الله من حديث  سعيد بن زيد وعبدالله بن عمرو رضي الله عنهم وصححه الألباني رحمه الله .

وفي رواية للإمام مسلم رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ : جاء رجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ فَقَال: يَا رسولَ اللَّه أَرأَيت إنْ جاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: (  فَلا تُعْطِهِ مالكَ ) قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَاتلني؟ قَالَ: ( قَاتِلْهُ ). قَالَ: أَرأَيت إنْ قَتلَني؟ قَالَ: ( فَأنْت شَهيدٌ ) قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: ( هُوَ فِي النَّارِ ) .

و[ الحديث الثاني ]قول الرسول صلى الله عليه وسلم  : ( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ) .

رواه الإمام مسلم رحمه الله من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه .

ف[ الحديث الأول ] وهو قوله صلى الله عليه وسلم  : ( من قتل دون ماله فهو شهيد ) 

ف"فيه دليل على فوائد:

               أوّلا: 

جواز مدافعة الإنسان عن ماله، جواز مدافعته عن ماله، والتّعبير بالجواز هل هو لنفي التّحريم فلا ينافي الوجوب أو هو جائز حكمًا؟ والفرق بينهما واضح، إذا قلنا الجواز لنفي التّحريم ، صار لا ينافي الوجوب وعلى هذا فيجب عليه أن يدافع عن ماله، ولكنّ الأمر ليس كذلك، بل المدافعة عن المال جائزة وليست بواجبة، ووجه هذا : أنّ للإنسان أن يتبرّع بماله لأيّ واحد من النّاس، ولو كان يجب عليه أن يحفظ ماله لنفسه حرم عليه أن يتبرّع به لأحد، إذن فله أن يدافع عن ماله ويقاتل، فلو جاءك إنسان وقال: أعطني السّيّارة أنا أريد سيّارتك غصب تقول لا، إن قاتلك فقاتله فإن لم يندفع إلاّ بالقتل فاقتله، فإذا قتلته فهو في النّار، وإذا قتلك فأنت شهيد.

وهل يلزمه الدّفاع عن نفسه وعن حرمته؟

الجواب: نعم يلزمه أن يدافع عن نفسه وعن حرمته، إلاّ إذا كان في زمن فتنة فإنّه لا يلزمه الدّفاع، لأنّه إذا دافع فربّما تراق دماء كثيرة بسبب مدافعته لأنّ المقام مقام فتنة، ربّما إذا قتل هذا الصّائل في الفتنة تقتل جميع قبيلته، ولهذا لما طلب من أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه أن يقاتل دونه حينما حصر في بيته أبى وقال: " لا تقاتلوا " ، لأنّه خاف أن يكون بالمقاتلة تراق دماء كثيرة في مدينة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ، فاستسلم رضي الله عنه حتى قتل، وهذا لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إنّها ستكون فتنة فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل ) ، لأنّ الفتنة -نسأل الله أن يقينا وإيّاكم شرّها- ليست بهيّنة، غوغاء النّاس وعامّتهم والجهّال السّفهاء كلّها تطيش كما يطيش القدر من فوق النّار فيراق يمينا وشمالا، إذن يلزم الدّفع عن نفسه  إلاّ في الفتنة، فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل، أمّا إذا كان في غير فتنة فيجب أن يدافع عن نفسه، لأنّه مأمور بحفظ نفسه قال الله تعالى: ( ولا تقتلوا أنفسكم ) ، ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )." انتهى كلام الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله . [ بلوغ المرام ؛ كتاب الديات بتصرف يسير ].

وهذا الحديث أصل عند الفقهاء فيما يسمى ب[ دفع الصائل ] وهو المعتدي 

وقد بين أهل العلم كيفية المدافعة  إذ " يجب على المصول عليه رعاية التدريج ، والدفع بالأهون فالأهون ، فإن أمكنه الدفع بالكلام ، أو الصياح ، أو الاستغاثة بالناس ، لم يكن له الضرب . أما إذا لم يندفع الصائل إلا بالضرب ، فله الضرب . ولو أمكن بقطع عضو ، لم يجز إهلاكه .ولو كان الصائل يندفع بالسوط والعصا ، ولم يجد المصول عليه إلا سيفا أو سكينا ، فالصحيح أن له الضرب به . والمعتبر في حق كل شخص حاجته ". انتهى من كلام الحافظ النووي رحمه الله  [ روضة الطالبين ( ١٠ / ١٨٧ )] .

فليس في الحديث معارضة ولا تضارب مع الحديث الثاني

فالحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فأسمع وأطع ) وذلك 

 أن أخذ ولي الأمر المال من رعيته على نوعين :

     [ النوع الأول : أخذ المال بحق ] :

وهذا يكون على جهة  رد مال مسروق من صاحبه أو مال عام منهوب  أو أخذ منه تعزيرا اقتضاء لمصلحة عامة او دفع مفسدة متوقعة حماية لأرواح من تحت يده من رعيته مثل مايؤخذ من قيمة قطع إشارة المرور اثناء إضائتها باللون الأحمر ردعا للسفهاء من تجاوزها لما في ذلك من منع حوادث نتيجتها فيها قتل روح بريئة ونحو هذه الأمور والامثلة كثيرة و التي في اصدارها صلاح للمسلمين في عاجل أمرهم أو آجله .

[النوع الثاني : أخذ المال بغير حق ] 

مثل أن يأخذ ولي الأمر مال مسلم بغير حق وإنما ظلما وعدوانا فحال المسلم تجاه هذا الحاكم  السمع والطاعة للادلة التالية :

                 أولا:

امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (  تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ).

وهو حديث صحيح  فليس هنا تضاد أو تضارب أو تعارض بين الادلة فهذا الحديث يخصص ويبين حديث : ( من قتل دون ماله فهو شهيد ).

 وَلعل منها حديث عَبْدِاللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله  قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ : ( إنَّهَا ستَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: يَا رسُولَ اللَّهِ، كَيفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذلكَ؟ قَالَ: تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ ). متفقٌ عليه.

ولعل منها كذلك حديث ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما : أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: ( مَنْ كَرِه مِنْ أَمِيرِهِ شيْئًا فَلْيَصْبِر، فإنَّهُ مَن خَرج مِنَ السُّلطَانِ شِبرًا مَاتَ مِيتَةً جاهِلِيةً ) متفقٌ عَلَيْهِ.


               ثانيا :

يؤيد ذلك أن المسلم يجب عليه ترك القتال في الفتنة وهذا محل اتفاق بين علماء المسلمين 

وإنكار المنكر  بطريقة اشهار السلاح في وجه ولي الأمر في هذه الحال من الفتن المحرمة والتي يترتب عليها مفسدة عظيمة  " فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكرُ منه، وأبغضُ إلى الله ورسوله  صلى الله عليه وسلم فإنه لا يسوغ إنكارُه، وإن كان الله يُبغضه ويَمقت أهلَه، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كلِّ شر وفتنة إلى آخر الدهر، وقد استأذن الصحابةُ رسولَ الله  صلى الله عليه وسلم  في قتال الأمراء الذين يؤخِّرون الصلاة عن وقتها، وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: ( لا، ما أقاموا الصلاة )، وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَن رأى من أميره ما يكرهه فليصبِرْ، ولا ينزعنَّ يدًا من طاعةٍ) " .[ أعلام الموقعين لابن القيم ( ٣ / ٤ ) ].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "الفتنة إذا وقعت عجَز العقلاءُ فيها عن دفع السفهاء، وهذا شأن الفتن، كما قال - تعالى -: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ وإذا وقعت الفتنةُ لم يسلَم من التلوُّث بها إلا مَن عصمه الله"[منهاج السنة النبوية( ٤ / ٣٤٣) ].

 "ولهذا استقرَّ أمرُ أهل السنة على ترك القتال في الفتنة؛ للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاروا يذكُرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جَوْر الأئمة، وترك قتالهم "  

[ منهاج السنة النبوية ( ٤ / ٣١٥ - ٣١٦ )].

              ثالثا :

 " الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا وشرا عظيما، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم، ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير " .[مجموع فتاوى الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله( ٨ / ٢٠٤ )]. -

 "ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر فطلب إزالته فتولد منه ما هو اكبر منه فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عزم على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم ومنعه من ذلك مع قدرته عليه خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه كما وجد سواء".[إعلام الموقعين( ٤ / ٣ )]


 ( اخيرا  ؛ نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة )


يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)  رواه الترمذي رحمه الله في سننه والبخاري رحمه الله في كتاب الأدب المفرد وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة حديث رقم (  ٢٣١٨ ).

ف"من جمع الله له بين عافية بدنه ، وأمن قلبه حيث توجه ، وكفاف عيشه بقوت يومه ، وسلامة أهله ، فقد جمع الله له جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها ، فينبغي أن لا يستقبل يومه ذلك إلا بشكرها ، بأن يصرفها في طاعة المنعم ، لا في معصية ، ولا يفتر عن ذكره "[ فيض القدير ( ٦ / ٨٨ )] فمن النعم العظيمة الأمن 

فغياب ولاة الأمر  عن حكم الأرض وعن بسط الأمن بين الرعيه فيه فساد عظيم  وذلك ان هذا الأمر هو العام الغالب  في سفك الدماء المعصومة ومن ذلك قتل المسلم شهيدا دون ماله أو عرضه فولي الأمر هو من يحافظ على أمن وسلامة من تحت يده فلا يرضى أن يقتل ان يهتك عرضه  أو أن يعتدى على ماله وبوجود ولي الأمر ووجوب السمع والطاعة لهم " تنتظم مصالح العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الناس لا يصلحهم إلا إمام بر أو فاجر، إن كان فاجرا عبد المؤمن فيه ربه، وحمل الفاجر فيها إلى أجله.

وقال الحسن في الأمراء: هم يلون من أمورنا خمسا: الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود، والله ما يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن - والله - إن طاعتهم لغيظ، وإن فرقتهم لكفر " [جامع العلوم ( ٢ / ١١٧ )].

وولاة الأمر جعلهم سببا فى توطين الأمن والأمان والاستقرار والهدوء والسكينة والاطمئنان فهؤلاء الخوارج الإخوانية لا يرضون لأي مسلم بهذه الأمور النافعة والتي ناتجها الرفعة والعز والعلم الجالب لتقوى الله ومحبته فالخوف والحرب والقلاقل والفتن تبعد الناس عن السكينة وعن العلم 

 فطاعة الله وتوحيده واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم سبب في الأمن والأمان 

ومن ذلك وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف يقول الله سبحانه وتعالى: 

{ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }

قال الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة  : 

" قال الله تعالى فاصلا بين الفريقين : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا } أي: يخلطوا { إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } الأمن من المخاوفِ والعذاب والشقاء، والهدايةُ إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقا، لا بشرك، ولا بمعاص، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة. وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها. ومفهوم الآية الكريمة، أن الذين لم يحصل لهم الأمران، لم يحصل لهم هداية، ولا أمن، بل حظهم الضلال والشقاء " انتهى كلامه رحمه الله. 

 لهذا تجد إتفاق كبار علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم  على وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف وتحريم الخروج عليهم وهذا مبسوط مشهور منشور في معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح  .

قال الإمام أبو عثمان الصابوني  رحمه الله في متن عقيدته المشهورة   : "يرى أصحاب الحديث الجمعةَ والعيدين وغيرَهما من الصلوات خلفَ كلِّ إمام مسلم، برًّا كان أو فاجرًا، ويرَوْن جهاد الكفرة معهم، وإن كانوا جَوَرة فَجَرة، ويرون الدعاءَ لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، ولا يرون الخروج عليهم بالسيف، وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجَوْر والحيف، ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل"[عقيدة السلف أصحاب الحديث للإمام أبي عثمان الصابوني رحمه الله ].

فيا شباب الإسلام:

عليكم بالسنة 

عليكم بهدي سلفنا الصالح وفهمهم .

اتركوا دعاة الخوارج الإخوانية 

وشبهاتهم وعليكم في طلب العلم السني السلفي على يد مشايخ السنة السلفيين ومن اراد ذلك سعى له سعيه فعرفهم وادركهم واستمع لهم يقول  أيوب السختياني رحمه الله : "إن من سعادة الحَدَث والأعجميّ أن يوفقهما الله لعالمٍ مِنْ أهل السنة"[شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي ( ١ / ٦٦ )] . وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة  .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني