الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد :
فقد سبق أن تم بفضل الله الإجابة عن الشبهة الأولى
من ايرادات أهل الأهواء والكذب والإفتراء في أعراض أعلام الهدى وشيوخ الإسلام وأئمة السنة أتباع السلف الصالح
وفي رسالتنا هذه كشف الله شبهة أخرى وتفنيدها والحق واضح في دعوة الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله التي بنيت على الكتاب والسنة وفق هدي سلفنا الصالح فمن أراد الطعن فيه فأنه أراد الطعن في الإسلام الصحيح الذي دعاء إليه وصبر على الأذى فيه - رحمه الله تعالى - علما بأن الذود عن عرض هذا الإمام هو ذود عن هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية - حرسها الله - فهي من قامت بنشر التوحيد والسنة بعد المبابعة التاريخية بين الإمامين الجليلين الأمير محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله
فالآن نبدأ بتوفيق الله بتفنيد الشبه وإيضاح الغلط التي وقع فيها صاحب هذا الافتراء
فكان سؤاله أو الصواب قول شبهته وكذبته ونصها هو :
" السؤال الثاني :
ورد في كلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله قوله : " وأنا أخبركم عن نفسي و الله الذي لا إله إلا هو لقد طلبت العلم و أعتقد أن من عرفني أن لي معرفة و أنا ذلك الوقت لا أعرف معنى لا إله إلا الله ولا دين الإسلام قبل هذا الخير الذي مَن الله به و كذلك مشائخي ما منهم رجل عرف ذلك " .
أليس هذا تكفير صريح لمشائخه ؟
أنهم ما عرفوا معنى لا إله إلا الله و دين الإسلام.
. من هو الذي لا يعرف دين الإسلام ؟
هل هو مسلم أم كافر ؟
المرجع الدرر السنية ( ١٠ / ٥١ ) .
هكذا قال هذا المأفون الحاقد وجوابنا عن شبهته الثانية :
أقول بتوفيق الله أن ماذكره السائل في سؤاله وتعريضه بالإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله جرى منه على جهة الذم والطعن لا إرادة معرفة الحق بدليله اذ لا وجه لما ذكر فهذا الشيخ الجليل رحمه الله يتحدث عن فضل الله عليه وما امتن عليه من نعمة معرفة التوحيد والسنة ومن الفضل الذي آتاه الله هذا العالم – كما في هذه الرسالة التي تحدث بنعم الله عليه فيها – هو :
( أولا )
طلبه للعلم فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) وهذا الحديث في الصحيحين من حديث الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
( ثانيا )
مامن الله عليه من فضل وتوفيق في معرفة توحيد الله وإتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولزوم هدي سلفنا الصالح وترك البدع والأهواء والمحدثات والشرك بالله ومن ذلك صرف العبادات لغير الله سبحانه وتعالى وسلامته من الوقوع في شرك توحيد الألوهية مثل صرف العبادات لغير الله كالدعاء والذبح والنذر والطواف والخوف والتوكل والرجاء وغيرها من الأعمال البدنية والقلبية التي لايجوزها صرف إلا لله سبحانه وتعالى ومن صرف شيئا من هذه العبادات فقد أشرك ومن اشرك بالله وهو يقول لا إله إلا الله فلاتنفعه لأنه لم يأت بشروطها كاملة تامة كما أمر الله سبحانه وتعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يوحد الله ويعبده بل أشرك وكفر بالله والشرك ذنب عظيم خافه الأنبياء والرسل على أنفسهم وإستعاذوا بالله منه وسألوا الله السلامة والعافية منه أنظر ماذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه عن إبراهيم خليل الرحمن عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة وأتم التسليم قال الله تعالى وتقدس : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ } .
فهذا السائل لجهله وضلال من يدافع عنهم فهم يعملون أعمال الشرك ويقولون الألفاظ الشركية وهم مع هذا جعلوا عبادتهم وتوحيدهم مثل توحيد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام فلهذا لا تعجب إذ ترى هذا أو مثله ينكر بلاعلم على هذا الإمام الراسخ في العلم المستدل بكلام ربه المتبع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اقتفى أثر السلف الصالح فما أقبح أثر الناس عليه وما أجمل أثرهذا الإمام وأمثاله من الأئمة على الناس .
وسوف أسوق إليكم كلام هذا الإمام وكلام أبنائه من بعده وبراءته ممانسبه إليه المبطلون الأفاكون المفترون:
[ ١ ]
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: " وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل، سبحانك هذا بهتان عظيم " انتهى كلامه رحمه الله من الدرر السنية ( ١ / ٦٦ ).
[ ٢ ]
وقال أيضاً رحمه الله:
" بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد وتبرأ من الشرك وأهله فهو المسلم في أي زمان وأي مكان، وإنما نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك ".
انتهى كلامه رحمه الله من مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ( ٣ / ٣٤ ).
[ ٣ ]
وقال أيضاً رحمه الله : " ما ذكر لكم عني أني أكفر بالعموم، فهذا من بهتان الأعداء، وكذلك قولهم: إني أقول: من تبع دين الله ورسوله وهو ساكن في بلده أنه ما يكفيه حتى يجيء عندي، فهذا أيضاً من البهتان، إنما المراد اتباع دين الله ورسوله في أي أرض كانت، ولكن نكفر من أقرّ بدين الله ورسوله ثم عاداه وصدّ الناس عنه، وكذلك من عبد الأوثان بعدما عرف أنه دين المشركين وزينه للناس، فهذا الذي أكفره وكل عالم على وجه الأرض يكفر هؤلاء إلاّ رجلاً معانداً أو جاهلاً ". انتهى كلامه رحمه الله من مجموع مؤلفات الشيخ ( ٣ / ٣٣ ).
[ ٤ ]
وقال أيضاً رحمه الله : " وأما ما ذكر الأعداء عني أني أكفر بالظن وبالموالاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله ".
انتهى كلامه رحمه الله من مجموع مؤلفات الشيخ (٣ / ١٤).
[ ٥ ]
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله [ منهاج التأسيس والتقديس(٩٨- ٩٩)] : " والشيخ محمد رحمه الله من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر،حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر تاركها، قال في بعض رسائله: [ وإذا كنا لا نقاتل من يعبد قبّة الكواز، حتى نتقدم بدعوته إلى إخلاص الدين لله، فكيف نكفر من لم يهاجر إلينا وإن كان مؤمناً موحداً ]. وقال: [ وقد سئل عن مثل هؤلاء الجهال، فقرر أن من قامت عليه الحجة وتأهل لمعرفتها يكفر بعبادة القبور ]" .
انتهى كلامه رحمه الله
[ ٦ ]
وقال أيضاً رحمه الله [ مصباح الظلام ( ٤٩٩)] : " فمن بلغته دعوة الرسل إلى توحيد الله ووجوب الإسلام له، وفقه أن الرسل جاءت بهذا لم يكن له عذر في مخالفتهم وترك عبادة الله، وهذا هو الذي يجزم بتكفيره إذا عبد غير الله، وجعل معه الأنداد والآلهة، والشيخ وغيره من المسلمين لا يتوقفون في هذا، وشيخنا رحمه الله قد قرّر هذا وبينه وفاقاً لعلماء الأمة واقتداء بهم ولم يكفر إلاّ بعد قيام الحجة وظهور الدليل حتى إنه رحمه الله توقف في تكفير الجاهل من عباد القبور إذا لم يتيسر له من ينبهه، وهذا هو المراد بقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله: حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول ، فإذا حصل البيان الذي يفهمه المخاطب ويعقله فقد تبين له ".انتهى كلامه رحمه الله.
[ ٧ ]
وقال أيضاً رحمه الله[ مصباح الظلام ( ٥١٦ )]: " وشيخنا رحمه الله لم يكفر أحدا ابتداء بمجرد فعله وشركه، بل يتوقف في ذلك حتى يعلم قيام الحجة التي يكفر تاركها، وهذا صريح في كلامه في غير موضع، ورسائله في ذلك معروفة ". وبهذا النقل كفاية لمن أراد الحق في تفنيد هذه الشبهة الباطلة التي وردت من هذا الجاهل
ومن أطلع على سيرة حياته وقرأ كتبه تبين له بجلاء الحق وعلم أن هذا العمل جرى من مبغض للاسلام الصحيح الذي دعاء إليه هذا الإمام المجدد رحمه الله .
وبالله التوفيق والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .
----------------------------------------
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني.