الاثنين، 1 مارس 2021

《 شرح مصطلحات والفاظ في علم أصول الفقه 》


     بسم الله الرحمن الرحيم 


ما بين هذه الأقواس وصورتها هكذا  [ ....... ] هو من الفاظ الماتن في متن التلخيص في أصول الفقه لأبي المعالي عبدالملك الجويني توفي عام ٤٧٨ هجري وهو من كبار منظري المعطلة الجهمية على الطريقة الأشعرية الكلابية  ووالده كذلك من منظريهم إلا أنه تاب عن هذه الطرق الكلامية وندم  ].

ولشرحنا لهذه المصطلحات  أهمية نريد أن يعرفها طالب العلم  وهي أنه تكمن هذه الأهمية  عند دراسة العقيدة وخاصة عند شرح كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إذ لا تخلو كتبه من بعض الفاظهم لبيان فسادها والرد على دعاوي اصحابها وكشف شبههم بألفاظهم ومصطلحاتهم  فهو الهادم-  بتوفيق الله ونصره وتأييده -  للمناهج الفلسفية ولمذاهب المناطقة واذنابهم من أهل الكلام  من المعطلة(لتعطيلهم معاني اسماء الله وصفاته)الجهمية( نسبة إلى الجهم بن صفوان فهو وشيخه الجعد بن درهم من قام بنشر هذا الباطل بين المسلمين).

وكتب ابن تيميه رحمه الله حوت وتضمنت العلم الجم الوفير في علم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالحين في جميع فنون العلم وقد رأيت كبار علماء الاسلام من أئمة الدعوة السلفية في جميع أقطار الأرض يوصون طلاب العلم بالاطلاع على كتب هذا الإمام وقرائتها والاستفادة منها .. رحمه الله وغفر له وعفا عنه واسكنه الفردوس الاعلى من الجنة.   فهو وإن مات ولم يعقب فقد خلف وعقب من بعده أمة يدعون له ليلا نهارا يترحمون عليه ويطلبون الله له الخير والفردوس الاعلى من الجنه كما قال ذلك عنه تلميذه الإمام ابن كثير رحمه الله صاحب التفسير النفيس .

وأقول أيها الإخوة الكرام طلاب العلم:   

ان علم أصول الفقه علم نفيس يحتاجه العالم والمتعلم لكن شاب بعض مسائله إدخال مسائل المناطقة عليه وكذلك وجود بعض الألفاظ  المنطقية فيها . وقد رأيت بعض المؤلفات في هذا الفن في هذا العصر سلمت من مسائل المناطقة ومصطلحاتهم ولعل الله ييسر - بفضله - نشر هذا العلم خاليا من شر هؤلاء على يد طلاب العلم  .

ولااقول هذا الكلام تهوينا عن دراسته بل أحث طلاب العلم على دراسته والبحث فيه والاستفادة منه مع الحذر من شرور المتكلمة وشبهاتهم   والان نشرع في المقصود طالبين من الله الاعانة والتوفيق والقبول والسداد :

 

بسم الله الرحمن الرحيم أولا وآخرا و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 

اما بعد 

فيقول ابوالمعالي الجويني الابن في التلخيص ( ١ / ١١٥ )  :

  

[ القَوْل فِي معنى الدَّلِيل وَالدَّال والمدلول والمدلول لَهُ، والمستدل والمستدل لَهُ والمستدل عَلَيْهِ وَالِاسْتِدْلَال] سنأتي على ايضاح هذه المصطلحات عند جوابه عنها :

قال الماتن "أي صاحب المتن ": 

[ أما الْإِتْيَان بِمَعْنى الدَّلِيل فالدليل كل أَمر صَحَّ أَن يتَوَصَّل بِصَحِيح النّظر فِيهِ إِلَى علم مَا لَا يعلم بالاضطرار ] 

الشرح :

الدليل هو الحجة المبينة الموصلة  إلى الحق ويجب الرجوع إلي الدليل والعمل بما فيه بصفة ثابتة قطعية وهذا معنى مايعلم بالاضطرار. 

قال الماتن :  

 [ وَكَذَلِكَ الدّلَالَة ] 

الشرح :

الدلالة هي فعل وعمل من أراد بيان الحق بالدليل فعمله هو " الدلالة " على الحق .

قال الماتن : 

[ فَإِن قيل: أَلَيْسَ المرشد إِلَى الطَّرِيق يُسمى دَالا، على معنى أَنه يفعل الدّلَالَة ] 

الشرح : بلى ؛ 

قال الماتن:

[ فَهَلا زعمتم على طريقتكم ]

الشرح :

يريد هذه الطريقة التي ذكرها  .

قال الماتن:

[ أَن الدَّلِيل هُوَ الدَّال؟]

الشرح :

الدليل يدل على الحق .

والذي دل على الدليل دال على حق .فهنا اللفظان لايمنع ترادفهم في المعنى

فلا يمنع لغة وعقلا من إطلاق المعنى على الدليل والدال .

قال الماتن :

[ قيل: إِنَّمَا أطْلقُوا هَذَا الِاسْم على المرشد تجوزا ]

الشرح:

قلنا سابقا اللغة والعقل لا يمنع من ذلك .فبطل قوله[ تجوزا] لأنها حقيقة في معناه. 

ومصطلح المجاز منعه كبار علماء الاسلام لأنه يؤدي إلى تعطيل أسماء الله الحسنى وصفاته العلى. 

قال الماتن :

[ ومنهج ذَلِك فِي الْأَسْمَاء ]

الشرح :

 أي الطريقة في التعامل مع معاني الأسماء وقد بينا سابقا بطلانها .

قال الماتن :

 [ يضاهي قَوْلهم: رجل عدل، يعنون بذلك الْعَادِل،]

الشرح :

هذا حق وهو جائز في لغة العرب فأين المجاز .

قال الماتن :

 [ وَإِن كَانَ الْعدْل وصف الْعَادِل بيد أَنهم سموهُ بوصفه]

الشرح :

العدل صفة في ذات الاحكام وفي من قام بإحكامها يقال له : عادل 

قال الماتن :

[ وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: رجل جور يعنون بِهِ الجائر، وَهَذَا سَبِيل تَسْمِيَة الدَّلِيل على معنى الدَّال]

الشرح :

جرى ايضاحها سابقا .  

قال الماتن :

[  ثمَّ الدَّلِيل يُسمى دلَالَة ] 

الشرح :

اي دلالة على الحق .

قال الماتن :

 [ ومستدلا بِهِ وَحجَّة وسلطانا وبرهانا - إِلَى غَيرهَا من الْعبارَات المترادفة - ] 

الشرح :

على الحق ووجوب العمل بما دل عليه .

قال الماتن :

[ فَإِن قيل: فَمَا معنى الدَّال؟

قيل: هُوَ المرشد لغيره بِنصب الدَّلِيل.]

الشرح :

 اي هو من ارشد غيره  

بإقام الدليل ومن أقام الدليل هو الشارع الحكيم .

قال الماتن :

 [ وَالله تَعَالَى دَال خلقه بنصبه الْأَدِلَّة السمعية لهم] 

الشرح :

من الكتاب والسنة .

قال الماتن :

 [والعقلية.]

الشرح:

فالوحي أتى بما تحار فيه العقول لا بما تحاربه العقول 

وصحيح المنقول يؤيده صريح المعقول ويدل عليه . 

قال الماتن :

 [ وَهَذَا حَقِيقَة الدَّال.] 

الشرح :

وهذا حق لا مرية فيه .فالله سبحانه وتعالى دال بفضله بإقامة الادلة النقلية والعقلية على قوة الحق  وفساد الباطل .

قال الماتن :

[ وَقد يُوصف الْمخبر عَن الدّلَالَة المنصوبة بِأَنَّهُ دَال كالواحد منا يخبر عَن دلَالَة نصبها الله تَعَالَى على مَدْلُول يُسمى دَالا تجوزا.]

الشرح :

الرسل والانبياء وأهل العلم يدلون الناس على الخير بإدلة الوحي وهذا حقيقة وليست مجازا.  

قال الماتن :

[ فَإِن قيل: فَمَا معنى الْمَدْلُول؟

قيل: هُوَ الملتمس بِالدَّلِيلِ.]

الشرح :

هو الحكم الشرعي المستدل له 

فمثلا :

لحم الخنزير ثبت تحريمه بالدليل فهذا مدلول على حكمه بالدليل .

قال الماتن :

[ فَإِن قيل: فَمَا الْمَدْلُول لَهُ؟ 

قيل: هُوَ عبارَة مُشْتَركَة بَين الْمَطْلُوب بِالدَّلِيلِ كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي تَفْسِير الْمَدْلُول الْمُطلق وَبَين الَّذِي نصب لَهُ الدَّلِيل لاستدعائه عِنْد سُؤَاله] .

الشرح:

المستدل له معناه : يدور بين حكم المسألة بالدليل 

وبين طالب الحكم للمسألة عند ارادة معرفة حكمها بالإدلة  .

قال الماتن :

[ فَإِن قيل: فَمن الْمُسْتَدلّ؟

قيل: هَذَا أَيْضا مُتَرَدّد بَين الطَّالِب للْعلم بِحَقِيقَة الْأَمر المنبئ عَن الدّلَالَة وَبَين السَّائِل نصب الدَّلِيل على مَذْهَب الاستفعال الْمَبْنِيّ على اقْتِضَاء الطّلب.]

الشرح :

اي بين السائل والمجيب و  المفتي والمستفتي .

قال الماتن :

[ فَإِن قيل: فَمن الْمُسْتَدلّ؟

قيل: هُوَ المطالب بِالدّلَالَةِ.]

الشرح : 

اي مجيب السائل و المفتي فقط  .

قال الماتن:

[ فَإِن قيل: فَمن الْمُسْتَدلّ لَهُ؟

قيل: هَذَا يتَرَدَّد بَين الحكم الملتمس بِالنّظرِ فِي الدَّلِيل وَبَين المطالب بِالدّلَالَةِ.]

الشرح :

هو دليل حكم المسألة وبين المجيب والمفتي حين يطلب السائل والمستفتي  الأدلة على صحة الحكم .

قال الماتن :

[ فَإِن قيل: فَمَا الْمُسْتَدلّ عَلَيْهِ؟

قيل: هُوَ الحكم الْمَدْلُول بِالدَّلِيلِ لَا غير.]

الشرح :

هو الحكم مع ذكر الأدلة على منعه أو جوازه أو اباحته أو حرمته .

قال الماتن:

[ فَإِن قيل: فَمَا الِاسْتِدْلَال؟

قيل: هُوَ يتَرَدَّد بَين الْبَحْث وَالنَّظَر فِي حَقِيقَة المنظور فِيهِ وَبَين مَسْأَلَة السَّائِل عَن الدَّلِيل.]

الشرح : 

هي الطريقة التي يتبعها العالم في معرفة الحكم بالدليل وبيان الإجابة الصحيحة لمن ارادها بالإدلة .

قال الماتن :

[ فَهَذِهِ الْعبارَة الدائرة ]

الشرح :

لعله أراد كل المصطلحات السابقة أو أراد المسألة الأخيرة .

قال الماتن :

[ فِي هَذَا الْبَاب ] 

الشرح :

ذكره للباب يخرج المسألة الأخيرة. 

قال الماتن:

[ مِنْهَا مَا يتحد مَعْنَاهَا ]

الشرح :

في معرفة المقصود بمعنى العبارة. 

قال الماتن :

[ وَإِن اسْتعْملت فِي غَيرهَا كَانَت تجوزا.]

الشرح :

قلنا سابقا : أن ماسبق من مصطلحات يصح إطلاق المعنى على ماتقارب معناه وترادف 

وليس هذا تجوزا بل حقيقة يدل عليها العقل واللغة .

قال الماتن:

[ وَمِنْهَا مَا يتَرَدَّد بَين الجائزات].

الشرح :

يعني يجوز إطلاق معناها على هذا اللفظ أو هذا اللفظ .

انتهى " المتن " و " شرحه " 

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 

----------------------------------------


كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني .