الخميس، 7 مايو 2020

《 الفرق بين عصاة التوحيد والسنة وبين أهل البدع والأهواء 》



     بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 
أما بعد 
فليس تهوينا للمعاصي لكن لبيان عظيم خطر الشرك بالله وما يتبعه من وسائل تقرب إليه هي البدعة 
يتبين ذلك بأمور منها : 
《أولا : خوف المذنب العاصي من الله حين الذنب بخلاف المبتدع الضال 》
ان العاصي المذنب يعمل الذنب وهو يخاف من الله وأما المبتدع الضال فيعمل بدعته مستدلا لهواه بإدلة الكتاب والسنة على غير مراد الله وبغير فهم سلف الأمة الصالحين ولا يعضده لغة ولايؤيده عقل سليم بل يلوي أعناق النصوص خدمة لفكره الأعوج وتوظيفا للنصوص بغير مساغ شرعي لتحقيق أهداف حزبه المنحرف 
فلذا 
اباحوا دماء المسلمين فيقتل المسلم وهو يقرأ القرآن { ومن لم يحكم بماأنزل فأولئك هم الكافرون} فكفر الحاكم المسلم ورعيته ومن ثم استحل دماءهم. 
---------------
《 ثانيا : الفرق بين الشرك ودعاته وبين أهل الذنوب والمعاصي من حيث غفران الذنب والعفو عن صاحبه》
الشرك لا يغفر له بخلاف الذنوب والمعاصي قال الله تعالى وتقدس : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا }
وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال : " كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة عشاء ، ونحن ننظر إلى أحد ، فقال : " يا أبا ذر " . فقلت : لبيك يا رسول الله ، [ قال ] ما أحب أن لي أحدا ذاك عندي ذهبا أمسي ثالثة وعندي منه دينار ، إلا دينارا أرصده - يعني لدين - إلا أن أقول به في عباد الله هكذا " . وحثا عن يمينه وبين يديه وعن يساره . قال : ثم مشينا فقال : " يا أبا ذر ، إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا " . فحثا عن يمينه ومن بين يديه وعن يساره . قال : ثم مشينا فقال : " يا أبا ذر ، كما أنت حتى آتيك " . قال : فانطلق حتى توارى عني . قال : فسمعت لغطا فقلت : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض له . قال فهممت أن أتبعه ، ثم ذكرت قوله : " لا تبرح حتى آتيك "فانتظرته حتى جاء ، فذكرت له الذي سمعت ، فقال : " ذاك جبريل أتاني فقال : من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة " . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : " وإن زنى وإن سرق " .
والادلة في هذا المعنى متظافرة متضافرة متوافرة متواترة .
-----------
《 ثالثا : " إختلاف شروط توبة المبتدع عن توبة العاصي المذنب "》

شرحٌ مختصرٌ لشروط توبة المبتدع للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
[سُئل الإمام أحمد بن حنبل عن رجل من أهل العلم كانت له زلة وقد تاب منها]
هذا السؤال تم توجيهه لإمام السنة في عصره الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- ومضمون السؤال :
عن رجل -عالم من العلماء  وليس من الجهلاء- غير مُكرهٍ  ولا مُجبر زلّ في مسألة عقدية -بعد علمه- فخالف نصّا من كلام الله -سبحانه وتعالى- أو كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو أصلا من أصول السنة أو إجماعا بعد علمه،
وبهذه الأمور يخرُج من السنة إلى البدعة ومن الإتباع إلى الإبتداع ومن الهداية إلى الضلالة والغواية.
[فقال : ﻻ يقبل الله ذلك منه حتى  يُظهر التوبة]
أي : يرجع عن فعله أو قوله المبتدع إلى السنة فيلزمها ويستقيم على جادة السلف الصالح، وهذا هو الشرط الأول من شروط صحة قبول توبة المبتدع بعد ضلاله وهو : توبته عن بدعته وضلاله امتثالا لقوله تعالى {إلا الذين تابوا}.
[والرجوع عن مقالته]
التي زلّ وضلّ فيها.
[وليعلمن أنه قال مقالته كيت وكيت]
فيُخبر من حوله أو من بلغتهم بدعته بالوسيلة التي أعلن فيها ضلالته بخطبة أو رسالة أو مجلس أو عند شخص أو صحيفة أو مذياع مسموع أو مرئيّ فهذا من قوله سبحانه {وبينوا}.
[وأنه تاب إلى الله تعالى من مقالته ورجع عنه]
فيُعلن توبتهُ عن مقالته المبتدعة ورجوعهِ عنها.
[فإذا ظهر ذلك منه حينئذٍ تقبل]
في قوله وفعله وكتابته ورسائله ومؤلفاته وسِرّه وجهره ومُجالسته وممشاه وفي أصحابه وجُلسائه، ولا يتمّ ذلك إلا في مُدّة يتبيّنُ فيها صلاحهُ وصِحّة توبته وسلامة منهجهِ وحُسنُ مُعتقده، فهذا من امتثال قوله تعالى {وأصلَحوا}
فيكون بهذا قد أتم شروط صحة توبة المبتدع.
[ثم تلا قوله تعالى : {إلا الذين ​تابوا وأصلحوا وبينوا​}]
وما ذُكر بأعلاه مابين [ ] جرى نقله من كتاب [ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب رحمه الله (١/ ٣٠٠ )].
《 رابعا : الخلاف في توبة المبتدع هل تقبل أم لا بخلاف العاصي المذنب 》
الشروط السابقة جرت على صحة مذهب من يقول برجوع المُبتدع عن ضلاله بالشروط السابقة ورحمة الله وسعة كل شئ والله يفرح بتوبة عبده،
وفي الأثر الصحيح عن ابن عباس -رضي الله عنهما-  وإرسال الخليفة الراشد علي بن ابي طالب -رضي الله عنه- له إلى الخوارج وتوبة مجموعة كبيرة منهم ما يعضُد هذا القول.
وإلا فالمسألة عظيمة إذ أن القول الآخر في هذه المسألة عدم توفيق المبتدع إلى  التوبة بخلاف توبة أهل الذنوب والخطايا فتُقبل بشروطها اتفاقا؛
وهذا القول يُؤيّدهُ العمل بما ثبت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه “أن الله حجب أو قال حجز التوبة عن كل مبتدع” وفي حديث الخوارج الصحيح “يمرقون من الدين”.
ومن صور الأمور 
المُبتدعَة في هذا العصر 
: (تعدد الجماعات الضالة ومنها الاخوانية الخوارج وكثرة فرقها ، 
وكثرة دعاة الضلالة وانتشارهم واشتهارهم في وسائل الإعلام ومخالفتهم للسنة بنشر البدعة وتأييدهم لمظاهر الشرك 
وترك الدعوة إلى التوحيد،
مع قلة من يدعو الى التوحيد والسنة نبذ الشرك والبدعة وتحذير الناس فالله يعفو عن الذنوب والمعاصي إلا الشرك معه وجعل الأنداد والأضداد لله تعالى وتقدس ومنازعة ولاة الامر أمرهم والاستطالة عليهم باليد واللسان، وتكفير المسلمين حكاما ومحكومين واستحلال الدماء المعصومة وترك الأخذ عن علماء السنة المحضة ورميهم بماهم منه براء)…
أعاذنا الله وإياكم من الأهواء والبدع.
《الخاتمة : نسأل الله حسنها 》
 قال صاحب كتاب " طبقات الحنابلة "( ١ / ١٨٤ ) :
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أبي الصقر حَدَّثَنَا هبة اللَّه الشيرازي حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن طلحة أَخْبَرَنَا سليمان الطبراني حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا أبي[ يعني احمد بن حنبل رحمه الله] قَالَ: " قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة وقبور أهل البدعة من الزهادحفرة ، فساق أهل السنة أولياء اللَّه وزهاد أهل البدعة أعداء اللَّه " .
----------------------------------------
كتبه :غازي بن عوض العرماني
في ٢١ شوال ١٤٣٩هـ