بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد :
في هذه الرسالة نكمل مابدأناه في تتبع الفواقر العقدية التي قامت بفعلها جماعة الإخوان الخوارج ثم تنسبها إلى الإسلام ظلما وعدوانا فنستعرض في هذه الرسالة الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة السلف وشيوخ الإسلام مسائل أتخذها أهل الأهواء والبدع ذريعة يتوصلون بها لتنفيذ أجندتهم ومحاولة منهم لتحقيق أهداف حزبهم المشبوهة فجرى إيضاح حكم كل مسألة بالأدلة وإيراد القول الصواب فيها مع تفنيد شبه أهل البدع والأحزاب وقطع مايتعلقون به من أوهام وشبه نبتغي بعملنا هذا وجه الله والدار الآخرة...
وتحذير أهل الإسلام من شرهم لأنهم يلبسون ثياب الدين على قلوب تحارب الدين.
ونبدأ قائلين :
[ أولا ]
حكم الإقامة الدائمة في بلاد الكفر
ثم
[ ثانيا ]
شروط وضوابط وضعها أهل العلم في جواز الاقامة الدائمة في بلاد الكفر ضرورة
ثم :
[ ثالثا ]
حكم الإقامة في بلد إسلامي فيه دعاة شرك في توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات مع وجود أماكن عبادة شركية ومنكرات عظيمة ومقر للجماعات التكفيرية التي تقوم بإضلال الشباب وتجنيدهم لصالحها - مثل تركيا -ثم
[ رابعا ]
حكم الإقامة الدائمة في بلاد الكفر من أجل الإضرار في حكام الدول الاسلامية وولاة أمورها ؛ و إرسال المنشورات السرية المبنية على الكذب والهوى والبدعة من بلاد الكفر إلى بلاد الاسلام لتهييج العامة وتحريضهم على ولاة أمورهم ونشر الأكاذيب ضدهم وزعزعة الأمن في دولهم ..ثم بعده يأتي ..
[ خامسا ]
هل تصح عبارة
" الهجرة الى أوروبا أو أمريكا أو غيرها من بلاد الكفر والعهر " ؟
وهل هذه العبارة سائغة شرعا ؟
《 " الفصل الأول " حكم الاقامة الدائمة في بلاد الكفر 》
الحكم في هذا العمل التحريم وذلك لأصول مهمة هي :
( أولاً )
وجوب الهجرة من بلاد الكفر الى بلاد الإسلام لمن قدر عليها ولم يكن له عذر
دل على هذا الكتاب والسنة والإجماع فالأدلة من كلام الله تعالى وتقدس قوله تعالى
{ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجرو فيها أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً }
قال الإمام إبن باز رحمه الله : " هذه الآية ذكر علماء التفسير أنها نزلت فيمن جلس بين أظهر المشركين ولم يهاجر من دون عذر، فإنه قد أرتكب إثمًا عظيمًا بإجماع المسلمين كما ذكر ذلك الحافظ إبن كثير رحمه الله " إنتهى كلامه رحمه الله [ من موقع الإمام إبن باز رحمه الله الرسمي ]
ومن الأدلة قوله تعالى {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيرة وسعة ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً} وقوله تعالى {ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} وقوله تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار } وقوله تعالى {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار } وقوله تعالى { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم }
وقوله تعالى { ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذو منهم أولياء حتى يهاجرو في سبيل الله فإن تولو فخذوهم وأقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذو منهم ولياً ولا نصيراً } والآيات مستفيضة في بيان حكم الهجرة ووجوبها لمن قدر عليها
( الأصل الثاني من إدلة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم )
وأما في السنة النبوية
فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( لاتنقطع الهجرة حتى ينقطع التوبة)
أمره صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث بمفارقة المشركين والبعد عن بلادهم وسنأتي عليها إن شاءالله
منها:
نهيه صلى الله عليه وسلم عن الإقامة في بلاد الكفار وأمره بمفارقتهم فمن ذلك
قوله صلى الله عليه وسلم ( إنكم شهدتم أن لا إله إلا الله واقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وفارقتم المشركين ) الألباني في السلسلة الصحيحة (٦/٨٤٧)
وقوله صلى الله عليه وسلم :(انا برئ من كل مسلم يقيم بين اظهري المشركين ، لا تتراءى نارهما )
وقوله صلى الله عليه وسلم :(لا يقبل الله عزوجل من مشرك عملا ما أسلم عملاً ، أو يفارق المشركين إلى المسلمين )
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله )
إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة.
( الأصل الثالث )
أن كمال دين المسلم وتمامه لايتم له إلا في تطبيق شرائع الإسلام وشعائره ومن ذلك
إتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو الشرع الكامل المنزل يندر بل يصعب ويستحيل العمل بما فيه في بلاد الكفر فلذا أوجب الشرع الهجرة ومفارقة المشركين وترك الإقامة في بلادهم .
( الأصل الرابع )
أن كمال الولاء و تمام البراء يكون في البعد عن الشرك والكفر وأهل ذلك كما أن الصاحب ساحب
فالجار الكافر له تاثير عظيم بسلوكه
وأخلاقه وطبيعته و الجر إلى ديانته وخاصة إذا كان ذا أخلاق ومال مع حاجة قد تعتري المرء المسلم
وهنا قول لاهل العلم بوجوب الهجرة بعض البلاد المسلمة مثل تركيا للإمام العثيمين رحمه الله إذا كثرت فيها المعاصي والمنكرات وغلب على الظن تأثر المسلم فيها وفي حديث قاتل المئة
وفيه ( انْطَلِقْ إِلَى أرض كذا وكذا؛ فإن بها أُناسًا يعْبدون الله تعالى فاعْبُدِ الله معهم، ولا ترجعْ إِلى أَرْضِكَ؛ فإِنها أرضُ سُوءٍ، فانطَلَق حتَّى إِذا نَصَف الطَّريقُ، أَتَاهُ الموتُ فاختَصمتْ فيه مَلائكة الرَّحْمة وملائكةُ العَذابِ، فقالتْ ملائكةُ الرَّحْمة: جاء تائِبًا مُقْبلاً بِقلبه إلى اللَّه تعالى، وقالَتْ ملائكة العذاب: إنه لمْ يَعْمل خيرًا قطُّ، فأَتَاهُمْ مَلكٌ في صورة آدمي، فجعلوه بينهم؛ أَي: حَكمًا، فقال: قيسوا ما بينَ الأَرْضَينِ، فإِلَى أَيَّتِهما كَان أَدْنى فهْو لَهُ، فقاسُوا فوَجَدُوه أَدْنى إِلَى الأرض التي أَرَادَ فَقبَضَتْهُ مَلائكَةُ الرحمة) متفقٌ عليه.
( الأصل الخامس )
أن الإقامة الدائمة في بلاد الكفر تجلب مشابهة المسلم للكافر وهذا أمر لابد أن يحصل
والتشبه بالكفار في أعمالهم وأقوالهم وأهوائهم
أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم
منعه وتحريمه من المقاصد والغايات التي جاء بها كلام الله تعالى وتقدس وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الأدلة على تحريم التشبه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح( من تشبه بقوم فهو منهم ).
《 " الفصل الثاني " شروط أهل العلم في جواز الإقامة الدائمة في بلاد الكفر ضرورة وضوابطها 》
تجوز الإقامة الدائمة في بلاد الكفر ضرورة بشروط ذكرها أهل العلم
وقد سبق ان ذكرنا في 《 الفصل الأول 》 أن الأصل في إقامة المسلم في بلاد الكفار التحريم إلا لضرورة . .
وقد إشترط أهل العلم شروطاً لجواز الإقامة الدائمة في بلاد الكفر
أهمها :
[ ١ ]
سلامة دين المقيم المسلم وذلك بأن يكون عنده بصيره يرفع بها عنه الشبهات
و صبر وإيمان وقوة عزيمه يدفع بها الشهوات وكرهه لمعتقد أهل الكفر وبغضه لأعمالهم المحرمة.
[ ٢ ]
أن يظهر المقيم المسلم شعائره الدينيه من غير خوف ولا خشية منع
[ ٣ ]
أن تكون هناك ضروره إلى سفره وإقامته بين ظهراني الكفار وذلك
مثل :
( أ )
تعليمهم الإسلام ودعوتهم إليه أو
( ب )
دراسة مذهبهم الباطل لبيان فساده ليحذر المسلمين من الإغترار بهم وبدينهم و بيان فساد أخلاقهم ومافيها من إنحلال ويرد على المعجبين بهم من شباب المسلمين ؛
ويتم ماسبق بعلم وحلم وحكمه وحسن خلق من أجل أن لا يحدث منكر أعظم ضد المصلحة التي أتى من أجلها .
( ج )
أن يقيم بناء على تنفيذ أوامر ولي أمره وذلك لتنظم علاقة الدولة الإسلامية مع غيرها مثل موظفي السفارات للنظر في مصالحها في الدولة الكافرة ورعاية من يحتاج من أبناء الدولة وتيسير أعمالهم وتسهيلها.
( د )
أن يذهب إلى تجاره أو دراسة لا توجد في بلده وفي دراسته مصلحه للمسلمين قل نظيرها في بلاده مع مراعاة ديانته وأمانته وحسن خلقه .
( هاء )
الإقامة الدائمة للسكن مع خلوه من الشروط السابقة فهذا محرم للإدله الشرعية التي ذكرناها ولما في إقامته خطر عظيم على عقيدته إذ قد يجره سكنه الدائم إلى الكفر والإلحاد .
《 الفصل الثالث "
حكم الاقامة في بلد إسلامي فيه دعاة شرك بانواعه وأماكن عبادة شركية ومنكرات عظيمة و دعاة فتنة ومقر للجماعات التكفيرية التي تقوم بإضلال الشباب وتجنيدهم لصالحهم - مثل تركيا - 》
في بعض البلاد الإسلامية يوجد الشرك بالله بجميع أنواع الشرك في توحيد الألوهية مثل :
بناء الأضرحة والطواف حولها والذبح والنذر ودعاء الخلق من دون الله ، وبناء المساجد على القبور وكذلك :
إنتشار الشرك في توحيد الأسماء والصفات فمذهب الجهمية المعطلة منتشرة
ومثال ذلك مايقوم به اردوغان بتشجيع اللواط ويسمونه بغير إسمه - زواج المثليين- وفي عهده عم الزنى واللواط وشرب الخمر وله دور كبير في إعانة رموز الجماعات التكفيرية وإمدادهم ووقوفه صفا واحدا معهم
وللعلم :
فتركيا مقر رئيس لجماعة الإخوان الخوارج
وفيها
ومنها
تدار مؤتمرات وتتظيمات لزعزعة الإستقرار في الدول الإسلامية وتنشط فيها الجماعات التكفيرية الإرهابية مثل داعش و القاعدة ولعلها تعتبر المركز الثاني لهم بعد أيران الروافض
ولاننسى أفعال تركيا في غزوها لبلاد الاسلام أيام الدولة العثمانية الصوفية ومافعلته من قتل ونهب ثروات وسلب خيرات وإنتهاك أعراض للمسلمين ومحاربتها لأهل الإسلام الصحيح وهو معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وتدميرها للمدن الإسلامية
ويرى الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عدم جواز السفر إلى تركيا وهذا بعد ورود سؤال وجه اليه رحمه الله
ونص السؤال وجوابه كمايلي
{سؤال : السفر إلى البلاد الإسلامية مثل تركيا ، هل يجوز السفر إليها بدون حاجة ، يعني للنزهة ؟
الجواب :
لا أرى هذا .
أولًا :
إن النفقات ستكون باهظة .
ثانيًا :
إن تلك المجتمعات فيما يُسمع عنها ليس بينها وبين المجتمعات الكافرة فرق ، إلا بأنه يُؤَذَّنُ في المنائر ، ويصلي من يصلي ويترك الصلاة من لا يريد الصلاة . ثم المظهر العام بالنسبة للنساء وتبرجهن لا فرق بينه وبين الدول الكافرة ، هكذا نسمع ، وإذا كان كذلك فثِق أن أهلك الذين يذهبون إلى هناك سوف يتأثرون بهذا ، والصغير تنطبع في ذاكرته الصورة فلا ينساها ، وإذا كان لا بد من النزهة فعليك ببيت الله (الكعبة) ومسجد رسول الله ﷺ تحصل على خير وعلى أجر ، ولا تتكلف لا مالًا ولا تعبًا بدنيًّا ، ولا غير ذلك "
[ لقاء الباب المفتوح (ج ٨/ ص ٦٠/ لقاء ١٧٠/ سؤال ١٨) ]}إنتهى كلامه رحمه الله .
《 "الفصل الرابع "
حكم الاقامة الدائمة في بلاد الكفر من أجل الإضرار في حكام الدول الإسلامية وولاة أمورها ؛ و إرسال المنشورات السرية المبنية على الكذب والهوى والبدعة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام لتهييج العامة على ولاة أمورهم ونشر الأكاذيب ضدهم وزعزعة الأمن في دولهم 》
الإقامة الدائمة في بلاد الكفر من اجل ماسبق كالإضرار بالمسلمين -حكاماً ومحكومين- وإلحاق للضرر في مصالحهم العامة وتشويه صورة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم و سمعة حكام المسلمين والطعن في كبار علماء السلف الصالح وتأليب الرأي العام العالمي عليهم وتجييشه ضدهم و عمل المؤامرات وتكوين المنظمات للنيل منهم وزعزعة الأمن والإستقرار في بلاد الاسلام وتعاونهم مع جهات مشبوهة تعمل ضد توجهات قادة المسلمين وحكامهم
ومحاولة فاشلة لتغيير نظام الحكم وإستبدال الحكومات الإسلامية مع حرصهم على تطبيق الشرع ومحاولة هؤلاء الضلال بإستبدالها بحكومات جمهورية و أنظمة دستورية مخالفة للشرع وفيها سلب حقوق ولاة الأمور وتجريدهم من صلاحياتهم التي أتى شرع الاسلام بحمايتها وتأكيدها ووجوبها .
وعلماء الإسلام الصحيح كلهم وهم (أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح ) متفقون على تحريم هذه الأعمال الإجرامية لمخالفته أصول الإسلام وإدلته الشرعيه
وقواعد العلماء الربانيين
مع مصادمة هذه التصرفات المشينة للعقل السليم وعادات أهل الإسلام وتقاليدهم المتينه المبنية على شرع الله وإبطال شعائر الاسلام . .
ومن قام بهذه الأعمال السيئة مجموعة من الروافض واذنابهم من الإخوانيه الخوارج مثل سعد الفقيه والمسعري وغانم الدوسري
فلا عبرة بخلافهم او إختلافهم إذ هو تصرف فردي بعيد عن الشرع والعقل و المصلحة العامة التي يسعى إليها ولي الأمر المسلم ويحرص عليها كل مسلم يخاف الله ويتقيه مع مضادة هذا الخلل العقدي من قبلهم لأدلة الشرع وخروجهم عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكراهتهم لها وخروجهم عن طاعة ولي الأمر الواجب شرعا طاعته ..
كفى الله المسلمين شرهم .
《 الفصل الخامس " هل تصح عبارة
" الهجرة الى اوروبا او أمريكا او غيرها من بلاد الكفر " ؟
وهل هذه العبارة سائغة شرعا ؟ 》
لايجوز شرعا :
تغيير الألفاظ الشرعية الواردة في كلام الله سبحانه وتعالى وفي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم و جرى سماعها بسند صحيح عن سلفنا الصالح
كما أن في هذا اللفظ فريضة شرعية مثل الهجرة في سبيل الله وفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم
ومعنى الهجرة في إصطلاح الشرع :
( الإنتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام تعبدا لله ووفق سنة رسول صلى الله عليه وسلم )
وقد جرى إستبدال معني هذا اللفظ الشرعي إلى معاني محدثة مخالفة للشرع ومضادة للغة العرب مع مضادتها للدليل الشرعي
والتعامل الصحيح في مثل هذه الحال هو :
رد هذه العبارة وعدم قبولها والإنكار على صاحبها وبغض من رأى جوازها ديانة وقربة .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
--------------------------------------
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني