الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما اما بعد:
فإن دول الخليج العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية من الله عليها بثروات عظيمة ومعادن هائلة ومن أهم الأنعام التي أنعم الله بها على هذه الدولة المباركة نعمة النفط ( البترول ).
ولأجل ان دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية من أكبر المنتجين العالميين للنفط فإن هذه الدول تسمى الدول البترولية وتعتبر المكون الأساسي والعضو المؤسس للمنظمة المصدرة للبترول والتي تعرف ب( أوبك ).
ونعمة النفط تتولى رعايته وتنظيمه والإشراف عليه شركة أرامكو السعودية .
والذي يغلب على الظن أن أرزاق الناس في المملكة العربية السعودية من إنتاج هذه الشركة المباركة .
والأرزاق بيد الله لاشك ولاريب ولامرية في ذلك فقد جعلها الله سببا لرزق عباده في هذه البقاع الطيبه المباركة .
وقد جعل الله ولاة أمورنا حفظهم الله هم المالك لها المتصرف فيها فضلا من الله تعالى ورحمة ؛ ومعلوم ان تصرفات ولي الأمر وفق مصلحة عامة يراها ويقدرها .
ولايجوز الافتئات والتقدمة على حق من حقوقه .
وبفضل الله ثم فضل ولاة أمرنا تأتِ ارزاق الموظفين مدنيين وعسكريين ذكورا وإناثا وفق توجيهات سامية وتعليمات عادلة .
والمتكلم المحرّم لهذه لشركة أرامكو هو أحد من يأتيهم رزقهم منها رغدا .
ونفطها و ماتكرر منه رزق حلال ولاوجه فيه للتحريم فكيف جاز لهذا المفتي - بغير حق ولادليل - القول بالتحريم .
وهنا جهات إدارية و أقتصادية وشرعية وضعها ولي الأمر للنظر في مشروعيتها وهو أمر يخص ولي الأمر لمصلحة مواطنيه وهو كما مر سابقا شأن من شؤونه الخاصة المباحة له شرعا .
فلما يقحم هذا المفتي جهلا نفسه في أمر لايخصه فيدخل عصه في أمر لايخصه؟
وأين الربى أو علته الذي ذكرها سببا في تحريمه ؟
لايوجد ، فهو مادة تم استخراجها من باطن الأرض مثله كمثل أي معدن آخر وتم بيعه ..فأين الربى أو علته ؟
ثم أراد ولي الأمر نفع مواطنيه بتخصيصه لجزء من أسهم هذا المعدن لزيادة نفعهم .
ثم نقول له : لما العجلة بإصدار الفتاوى وتضليل الناس ؟
علما بأنه قد سبق أن صدرت من هذا الشخص فتوى رأيتها منشورة في مقطع فيديو يرى حل المظاهرات على ولاة الأمر ولم أرى تراجعا له عنها حتى كتابة هذه الرسالة وقد قسم المظاهرات في فتواه إلى نوعين :
مظاهرة سلمية
و مظاهرة غير سلمية
فأباح المظاهرة السلمية ومنع الأخرى .
وهذا التقسيم عجيب ومحدث ومنكر ولم يقل به كبار علماء السنة الذين أتفقوا على تحريم المظاهرات ولم يجعلوها قسمين كفعل هذا المفتي فالمظاهرات :
أصلها ومنشأها من الغرب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول( من تشبه بقوم فهو منهم ).
كما ان نتائج المظاهرات زعزعة قتل وتشريد وخراب ودمار في العالم أجمع وهذا واقع مشاهد.
ومن أضرارها الخروج على ولاة الأمر وزعزعة الامن واضطراب أحوال الدول وانتشار الخوف والقتل والسلب والنهب وإنتهاك الأعراض.
والإنكار على الحاكم علانية ليست من مسائل الاجتهاد الذي يسوغ الخلاف فيها بل هو الأمر بإتباع الكتاب العزيز السنة النبوية الشريفة وما عليه هدي الصحابة رضي اللهُ عنهم . ومن ذلك توجيه الله سبحانه وتعالى إلى رسله الكرام موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام بقوله تعالى :{ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [ سورة طه: الآية ٤٤]ومعلوم ان شرع من قبلنا شرع لنا إذا أتى فيه تاكيد ماجاء في شرعنا .
وهذا التوجيه الكريم من الله سبحانه وتعالى لرسله الكرام عليهما الصلاة والسلام بمعاملة فرعون الذي اخبر الله عنه بقوله سبحانه وتعالى :{ فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلْأَعْلَىٰ} [ سورة النازعات : ٢٤ ].
والقول اللين يخالفه ويضاده التشهير والفضح علانية .
ويؤيد النصح سرا لولي الأمر العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أتت السنة الثابتة الصحيحة من حديث الصحابي الجليل عياض بن غنم رضي الله عنه وفيه يقول صلى الله عليه وسلم : (مَن أرادَ أن ينصحَ لذي سلطانٍ في أمرٍ فلا يُبدِهِ عَلانيةً ولَكِن ليأخذْ بيدِهِ فيَخلوَ بهِ فإن قبِلَ منهُ فذاكَ وإلَّا كانَ قد أدَّى الَّذي علَيهِ لَهُ). رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى ورواه ابن أبي عاصم تعالى في كتاب السنة ؛ وصححه الإمام رحمه الله في تخريجه لكتاب السنة في الحديث رقم ( ١٠٩٧ ).
وانظر الاحترازات الثلاث في الحديث في كيفية نصح الحاكم علانية فليس الأمر اجتهادا بل الاتباع وترك الاحداث والابتداع.
وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :"يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال الله وتقولون قال أبو بكر وعمر ".
فمن خالف الكتاب العزيز والسنة النبوية وما عليه هدي السلف الصالح في فهمهم للكتاب والسنة فلا عبرة بقوله ويجب الحذر والتحذير منه والابتعاد عنه وعدم الاستماع إلي كلامه .
ومن الحجج العقلية على عظيم مفاسد نتائج الإنكار علانية على ولاة الأمر حدوث ضرر كبير وكوارث كثيرة عظيمة من نتائج ذلك مقتل أمير المؤمنين الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.والسعي الفعلي في محاولة الخروج على ولاة الأمور وهذا معروف بداهة عند العقلاء .
كتبنا ماسبق إبراء للذمة ونصحا للأمة ولئلا يتبع في فتواه او طريقة نشر فتواه و التي خلت من البينة والدليل والبرهان من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وليس له سلف صالح في قوله .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
•••••••••••••••
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.
١٧ / ٣ / ١٤٤١من هجرة الرسول صلى الله عليه و سلم.