الثلاثاء، 15 أبريل 2025

( العلاج النبوي لمرض عرق النسا )



 

بسم الله الرحمن الرحيم 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }أما بعد: 

فعن أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه، فيقولُ: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول : ( شفاءُ عرقِ النَّسا أليةُ شاةٍ أعرابيَّةٍ تذابُ ثمَّ تجزَّأُ ثلاثةَ أجزاءٍ ثمَّ يشربُ علَى الرِّيقِ في كلِّ يومٍ جزءٌ).

أخرجه الإمامان أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في مسنده وابن ماجه رحمه الله تعالى في سننه وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه رحمه الله تعالى.

وفي رواية :( فِي عِرْقِ النَّسَا : يَأْخُذُ أَلْيَةَ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ لَيْسَتْ بِأَعْظَمِهَا، وَلَا أَصْغَرِهَا، فَيَتَقَطّعُهَا صِغَارًا، ثُمَّ يُذِيبُهَا، فَيُجِيدُ إِذَابَتَهَا، وَيَجْعَلُهَا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَيَشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا عَلَى رِيقِ النَّفْسِ) 

وفي رواية أخرى :(  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصِفُ مِنْ عِرْقِ النَّسَا  أَلْيَةَ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ أَسْوَدَ ، لَيْسَ بِالْعَظِيمِ وَلَا بِالصَّغِيرِ ، يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ، فَيُذَابُ ، فَيُشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ). 

في الحديث السابق علاج نبوي  لمرض مشهور وهو عرق النسا

يقول ابن منظور في لسان العرب النَّسَا: عرق من الورك إلى الكعب، أَلفه منقلبة عن واو لقولهم نَسَوانِ في تثنيته، وقد ذكرت أَيضاً منقلبة عن الياء لقولهم نَسَيانِ

لأن ألمه ينسي المصاب كل شيء من شدته،وهو  ألم يمتد من أسفل الظهر ومن خلف الفخذ إلى الساق والقدم.

وفي هذا الحديث علاج نبوي لهذا المرض والعلاج عبارة عن :

اولا :

ألية شاة اعرابية

والالية هي ماتعرف باللغة الدارجة ( شحم الذنبة)

وشرط ان تكون شاة اعرابية اي ان هذه الشاة  تمت تربيتها خارج المدن في الصحراء بحيث ان جميع ماتاكله من الحشائش الطبيعية والأعشاب البرية بعيدا عن الاعلاف التي قام البشر في تجميعها؛ لهذا قيل اعرابية نسبة إلى الاعراب وعند الرجوع إلى تعريف لفظ الاعراب نجد انهم من يسكنون الصحراء بعيدا عن المدن. 

ثم بين الرسول صلى الله عليه وسلم كيفية العلاج في ألية الشاة بأن : تذاب الالية ويتم تحويلها إلى زيت ثم يتم شرب هذا الزيت خلال مدة زمنية مقدارها ثلاثة أيام بعد تجزئة هذا الزيت  إلى ثلاثة أقسام يشرب كل قسم في يوم بعد يوم. 

وقوله صلى الله عليه وسلم :( يشرب على الريق ) أي يشرب صباحا قبل أن يتناول شيئا من الطعام أو الشراب. 

لأن العلاج النبوي يعتمد على قوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى و الاتكال على الله في جميع الأمور ثم الأخذ بالأسباب الشرعية ومن ذلك الدقة في فهم العلاج النبوي 

وتناوله وفق ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم. ووفق فهم السلف الصالح لهذا قال الصحابي الجليل أنس ابن مالك رضي الله عنه وهو راوي الحديث :" فَلَقَدْ أَمَرْتُ بِذَلِكَ نَاسًا ، ذَكَرَ عَدَدًا كَثِيرًا ، كُلُّهُمْ يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى " .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى [ زاد المعاد ( ٤ / ٦٦) ] :

" كَلَام رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَامٌّ : بِحَسْبِ الْأَزْمَانِ ، وَالْأَمَاكِنِ ، وَالْأَشْخَاصِ ، وَالْأَحْوَالِ .

وَالثَّانِي: خَاصٌّ: بِحَسْبِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَوْ بَعْضِهَا، وَهَذَا مِنْ هَذَا الْقِسْمِ، فَإِنَّ هَذَا خِطَابٌ لِلْعَرَبِ ، وَأَهْلِ الْحِجَازِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ ، وَلَا سِيَّمَا أَعْرَابُ الْبَوَادِي ، فَإِنَّ هَذَا الْعِلَاجَ مِنْ أَنْفَعِ الْعِلَاجِ لَهُمْ ، فَإِنَّ هَذَا الْمَرَضَ يَحْدُثُ مِنْ يُبْسٍ ، وَقَدْ يَحْدُثُ مِنْ مَادَّةٍ غَلِيظَةٍ لَزِجَةٍ ، فَعِلَاجُهَا بِالْإِسْهَالِ ، وَالْأَلْيَةُ فِيهَا الْخَاصِّيَّتَانِ: الْإِنْضَاجُ ، وَالتَّلْيِينُ ، فَفِيهَا الْإِنْضَاجُ وَالْإِخْرَاجُ ، وَهَذَا الْمَرَضُ يَحْتَاجُ عِلَاجُهُ إِلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ ، وَفِي تَعْيِينِ الشَّاةِ الْأَعْرَابِيَّةِ لِقِلَّةِ فُضُولِهَا وَصِغَرِ مِقْدَارِهَا وَلُطْفِ جَوْهَرِهَا، وَخَاصِّيَّةِ مَرْعَاهَا؛ لِأَنَّهَا تَرْعَى أَعْشَابَ الْبَرِّ الْحَارَّةَ كَالشِّيحِ ، وَالْقَيْصُومِ ، وَنَحْوِهِمَا ، وَهَذِهِ النَّبَاتَاتُ إِذَا تَغَذَّى بِهَا الْحَيَوَانُ صَارَ فِي لَحْمِهِ مِنْ طَبْعِهَا بَعْدَ أَنْ يُلَطِّفَهَا تَغَذِّيهِ بِهَا، وَيُكْسِبُهَا مِزَاجًا أَلْطَفَ مِنْهَا، وَلَا سِيَّمَا الْأَلْيَةُ ، وَظُهُورُ فِعْلِ هَذِهِ النَّبَاتَاتِ فِي اللَّبَنِ أَقْوَى مِنْهُ فِي اللَّحْمِ، وَلَكِنَّ الْخَاصِّيَّةَ الَّتِي فِي الْأَلْيَةِ مِنَ الْإِنْضَاجِ وَالتَّلْيِينِ لَا تُوجَدُ فِي اللَّبَنِ " .

انتهى كلامه رحمه الله تعالى. 

رزقنا الله وإياكم العلم النافع والرزق الطيب والعمل المتقبل

ورزقنا الله وإياكم الشفاء العاجل والصحة والعافية وحسن الخاتمه

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

……..

كتبه الفقير إلى عفو الله مولاه :

غازي بن عوض بن حاتم العرماني .