الخميس، 13 مارس 2025

( بيان المعنى الصحيح والفهم السليم لحديث أبي واقد الليثي رضي اللهُ عنه وبيان سلامة الصحابة رضي اللهُ عنهم من الوقوع في الشرك وبراءتهم منه )



بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} 

أما بعد

فقد اطلعني احد الاخوة الكرام من طلاب العلم على تزكية يقال انني كتبتها لأحد طلاب العلم وهي تزكية لا اذكرها ولا أعلم عنها شيئا وقد حدث سابقا الكذب على اخيكم في مسائل متعددة ؛ولنفترض جدلا صحة هذه التزكية فإنني رأيت اهل العلم يزكون أناس ثم يبدو منهم ما يخالف تزكيتهم فيترك المعتقد الصحيح لأهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح ويعتنق فكرا دخيلا فيه مخالفة لما عليه المعتقد الصحيح لشيخه ومن كانت هذه حاله فينصح وإذا اعلن معتقده السئ واستمر عليه فلا مانع من كتابة ردا علميا عليه إبراء للذمة ونصحا للامة ولئلا يتبع في ضلاله والأمثلة كثيرة 

واما ما تم إرساله إلى اخيك فالمتأمل فيها أنها لا تفيد تعيين الخطأ على من وقع فيه وذلك لأنه جرى الرد  ولم يذكر النص الموثق الذي يدل على صحة ما نسب إلى المردود عليه من كلامه من كتاب او رسالة او تسجيل صوتي صحيح يثبت مانسب الى المردود عليه ؛ أعاذنا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها ومابطن ونسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يثبتنا واياكم على دين الاسلام وعلى سنة رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم 

وهذا بيان  علمي يبين خطأ هذا الداعية المتحدث إن ثبت صحة النقل عنه وفي هذا الرد إيضاح لمعتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح في الصحابة رضي الله عنهم أجمعين اذ أنهم  خير الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم فهم :" أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه ابن عبد البر رحمه الله تعالى من كلام الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وينظر الجامع حديث رقم ( ١٨١٠ ) 

وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :" إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ ". 

رضى الله عنهم فأنزل بذلك ايات تتلى ومن ذلك قوله تعالى :{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} [الفتح : ١٨ ]. 

وقوله سبحانه وتعالى :{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:١٠٠]. 

 وهم الذين وصفهم الله تبارك وتعالى في قوله تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح : ٢٩ ]

وروى الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى في صحيحيهما من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيرُ النَّاسِ قَرنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ).

وعن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَسُبُّوا أَصحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ ) رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى. 

وندين الله بأننا ". نحبُّ أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ولا نفرِّط في حب واحدٍ منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكُرهم، ولا نذكُرهم إلا بخير، وحبُّهم دين وإيمان وإحسان، وبُغضهم كفرٌ ونفاق وطغيان"

و ".. مَن أضلُّ ممن يكون في قلبه غلٌّ على خيار المؤمنين، وسادات أولياء الله بعد النبيِّين بل قد فضلهم اليهود والنصارى بخصلة، قيل لليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وقيل للنصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب عيسى، وقيل للرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم! لم يستثنوا منهم إلا القليل، وفيمن سبُّوهم من هو خيرٌ ممن استثنوهم بأضعاف مضاعفة"[ الطحاوية وشرحها]

قال أبو زرعة الرازي رحمه الله تعالى :" إذا رأيتَ الرجل ينتقص أحدًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسنن أصحابُ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرحُ بهم أولى، وهم زنادقة ".

وهم سلفنا الصالح الذين يرجع إليهم في فهم الكتاب العزيز والسنةالنبوية ففي لغتهم العربية نزل القرآن الكريم وبينهم ومنهم ومن أنفسهم  الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم فخاب وخسر من لم يرجع إلى هديهم وفهمهم

وأما من زل في فهم حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه ومنهم هذا المتحدث ان صح النقل عنه

 وفيه يقول أبو واقد الليثي  رضي الله عنه : "خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط. فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله ﷺ: ( الله أكبر، إنها السنن. قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف:١٣٨]، لتركبن سنن من كان قبلكم ). فقد رواه الترمذي رحمه الله تعالى وصححه كما أن الإمام الألباني رحمه الله تعالى صححه في صحيح سنن الترمذي رحمه الله تعالى. .

وهذا الحديث لا يفيد ان بعض الصحابة رضي الله عنهم وقعوا في الشرك أو فعلوه كما قال ذلك من قل فهمه وعلمه إنما الفهم السليم والعلم الصحيح  لهذا الحديث هو ما أتى في فهم سلفنا الصالح انظر ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :"قوله صلى الله عليه وسلم: ( قلتم كما قال قوم موسى: { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: ١٣٨ ]، إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم )، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم مجرد مشابهتهم للكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها، معلقين عليها سلاحهم، فكيف بما هو أعظم من ذلك من مشابهتهم المشركين، أو هو الشرك بعينه ". [ اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ( ٢ / ١٥٧)]. 

 وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد بعد أن ذكر حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه  في [  باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما ] 

"  فيه مسائل : المسألة الثالثة : كونهم لم يفعلوا.."

أي لم يفعلوا الشرك ولم يقعوا فيه رضوان الله عليهم .

قال الإمام الألباني رحمه الله تعالى :".. جاء في سنن الترمذي بإسناد صحيح من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه أنهم كانوا في سفر مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمروا بشجرة من سدر عظيمة فقال بعضهم " يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط " هذه الشجرة كان المشركون يعلقون عليها أسلحتهم فأعجب بعض الصحابة ذلك فقالوا اجعل لنا ذات أنواط حيث تناط بها الأسلحة كما لهم ذات أنواط وأنتم تلاحظون معي أن القضية ماهي يعني جوهرية كما يقولون اليوم لأنه اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ما لها علاقة بالعبادة ومع ذلك ماذا كان موقف الرسول عليه الصلاة والسلام تجاه هذه الكلمة اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال :( الله أكبر هذه السنن قلتم كما قال قوم موسى لموسى:{  اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}) شوفوا التحذير البليغ من الرسول عليه السلام أولئك اليهود قالوا لموسى اجعل لنا إلها نعبده كما لهم آلهة المشركون المخالفين لدين موسى عليه السلام في زمانه أن بعض الصحابة هؤلاء ما تكلموا فيما يتعلق بالعبادة والدين وإنما في أمر يعني ماذا نسميه عادي اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فأنكر ذلك عليهم أشد الإنكار وقال هذا يشبه قول اليهود الذين انحرفوا عن التوحيد حينما فارقهم موسى إلى الطور فرجع إليهم فقال اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة الشاهد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ في تحذير أمته عن تقليدهم لغيرهم كل ذلك محافظة على شخصية الأمة لكي لا تذهب صورتها ولا تضيع شخصيتها... "[ متفرقات الألباني رحمه الله تعالى ( ١٦٨ )] . 

و ان ثبت صحة  النقل عن هذا الداعية  بأنه تكلم في لغته وهي لغة غير عربية فذكر :" ان بعض الصحابة رضي الله عنهم  وقعوا في الشرك".

كما أفاد بذلك  من نقل كلام هذا الداعية الي اللغة العربية  فهو كلام خطير جدا لرميه الصحابة رضي الله عنهم بالوقوع بالشرك وهم براء من هذا الشرك ومن الفهم السقيم لهذا الحديث.


زادنا الله وإياكم بسطة في العلم النافع والعمل الصالح والرزق والبركة والخير والستر والعافية والصحة وكفانا الله وإياكم شر الاشرار وكيد الفجار وفسقة الجن والإنس وحمانا الله وإياكم من شرور الدنيا وأضرارها وفتنها واحسن الله لنا ولكم الخاتمة 

آمين .

والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني.