الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد،
فأيّها الإخوة،
من منا لا يُخطئ؟
كفى بالمرء نبلا أن تعدّ معايبُهُ (وليس هذا من جنس مذهب الموازنات المذموم -أعاذنا الله وإياكم منه ومن حال أهله- وفيه يقبل الباطل وأهله
ويرد الحق وأهله)،
وذلك ان كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا قال إمام من أئمة الإسلام وهو الإمام مالك رحمه الله.
واعلم أنّ أهل الحق قد يبدُر من بعضهم خطأ اجتهادا وزلة وليس تعمدا للخطأ،
لذا فتنبه فستجد فرقا بينهم وبين من قوله و منهجه ومذهبه وأصوله كلها خطأ.
ويلحق ما سبق أن
هناك من يستدل فيعتقد، وهم أهل السنة والجماعة أتباعُ السلف الصالح؛
وهنا من يعتقد فيستدل ومِنْ ثمّ يلوي أعناق النصوص إمّا تحريفا أو ردّا وإنكارا للنصوص استكبارا وردّا للحق بعدما تبين لهم، وهم أهل الاهواء والبدع.
قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}؛
فلا يَطلبُ العلمَ مستح ولا متكبر.
وإذا رأيت من سلفيّ خطأ فرُدّ عليه بطريقتك الخاصة
إما كتابة أو اتصالا على حسب الخطأ ونوعه واعلانه وإسراره،
وليكن بأدبٍ وخلق وعلم وحلم وحكمة وصدق وعدل .
فأهل الحق يعرفون الحق ويرحمون الخلق وربّهُم وسع كل شئ رحمة وعلما.
واحذر في بيانك وإيضاحك نفـَسَ الحدّادية الخوارج في الردّ وميلهم إلى التبديع والتكفير والتفسيق؛
وإياك والكذب فيمن أردت بيان خطئه و انحرافهِ.
واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب (قالها رسول الله صلى عليه وسلم في حق “مال” “كافر” إذا ظلم فكيف بــ”عرض” “مسلم” حصل له كذب وظلم).
وانتبه للنفس والإنتصار لها فقد تقابل المنكر بمنكر أعظم منه؛
وفي كل أمر من أمورك،
ومن ذلك أيّ بيان وإيضاح فاحرص على تطبيق شرطين يتوقف عليهما صحّة فعلك وقولك وهما :
الإخلاصُ لله ربّ العالمين لا تريد بذلك إلا الله والدار الآخرة،
وأن يكون صوابا ولا يتم إلا بمتابعة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي سلفنا الصالح،
وإذا تم الشرطان فاسأل الله أن يتقبل منك.
وأما كبار علماء الإسلام فمن أصول السنة،
إنّ لهم منزلة واحتراما ولا يُذكرون إلا بخير
فليكن احترامهم عندك عالٍ،
والتمس لهم العذر إذا اجتهدوا فزلوا فأخطأوا،
وارحم إخوانك طلاب العلم
وعاملهم بحق وخلق حسن وتودد إليهم،
وليكن ردّك عليهم بعلمٍ وحلمٍ وبأسلوب مُحبّب مُهذب.
وأما أهل الأهواء والبدع فكن منهم على حذر
وابغض من لا يقبل الحق منهم فـ”لا تلق مبتدعا ولا متزندقا… إلا بعبسة مالك الغضبان”
والفضل لله ربي وحده لا شريك له،
ثم لا أنسى مشايخي،
فجزاهم الله خير الجزاء وأخصّ (الألباني وابن باز والعثيمين وحافظ الحكمي وربيع المدخلي وعبيد الجابري وأحمد النجمي وزيد المدخلي ومحمد أمان الجامي ومقبل الوادعي) رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ونفعنا الله وإياكم بعلمهم أجمعين.
والدعاء بالشكر موصولٌ لهذه الدولة المباركة “المملكة العربية السعودية ممثلا بولاة أمرها” وقد ثبت في السنة: (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
والحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى.
وعلى اله وصحبه وسلم تسليما.
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني
الثلاثاء ٣٠ ذو القعدة ١٤٣٨هـ