السبت، 16 مارس 2024

[ أنواع الصلح أو الإصلاح ]


بسم الله الرحمن الرحيم 




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً 


أما بعد 


فالصلح الجائز نوعان أو الإصلاح بين الناس وفق الحق على ضربين :


        ( الأول ) 


صلح في الحقوق الخاصة بين العباد


فيراعى فيها الضوابط الشرعية إذ يجب الرجوع في كل صغيرة وكبيرة الي شرع الله والي حكمه وأما الهوى فيخالفه قال الله تعالى وتقدس :{ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } 


فقوله تعالى:{ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ } تنفذ فيها القضايا الدينية والدنيوية، { فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ } أي: العدل، وهذا لا يتمكن منه، إلا بعلم بالواجب، وعلم بالواقع، وقدرة على تنفيذ الحق، { وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى } فتميل مع أحد، لقرابة أو صداقة أو محبة، أو بغض للآخر { فَيُضِلَّكَ } الهوى { عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } ويخرجك عن الصراط المستقيم، { إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } خصوصا المتعمدين منهم، { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } فلو ذكروه ووقع خوفه في قلوبهم، لم يميلوا مع الهوى الفاتن.


ينظر تفاسير أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح لهذه الآية الكريمة. 


       ( الثاني ) 


صلح بين طلاب العلم بعد خلاف وقع في المسائل الشرعية.


وهنا يجب على المتخاصمين الرجوع والرد إلى كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم


وفق فهم سلفنا الصالح لنصوص الوحيين امتثالا لقوله تعالى وتقدس : { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمً }


قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة :" ثم أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم، أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف، بخلاف مسائل الإجماع، فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسنة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض، ثم لا يكفي ذلك حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر، وطمأنينة نفس، وانقياد بالظاهر والباطن. فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان. فمَن استكمل هذه المراتب وكملها، فقد استكمل مراتب الدين كلها. فمَن ترك هذا التحكيم المذكور غير ملتزم له فهو كافر، ومَن تركه، مع التزامه فله حكم أمثاله من العاصين". انتهى كلامه رحمه الله تعالى.


وهنا :


        ( الثالث )


صلح فيه حيف وظلم في حقوق العباد فيما بينهما أو فيه جهل أو ضلال في إصدار الأحكام الشرعية بعيدا عن أدلة النقل أو حجج العقل وفيه مخالفة ومضادة للشرع فهذا نوع فيه ظلم ومن قام عليه وحكم وفقه فهو ظالم ضال.


والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.


................


كتبه : غازي بن عوض العرماني.