بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً
اما بعد
فقد ارسل احد الإخوة طلاب العلم مقطع فيديو يتضمن شرحا لبعضهم لأحد كتب شيخ الاسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وهذا الشرح يوجد فيه أخطاء عقديه منها على سبيل المثال لا الحصر :
( أولا )
تفسيره :{ استوى}
جاء إيضاحه ناقصا
قال الإمام ابن باز رحمه الله : " قوله سبحانه وتعالى : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فسره علماء السنة بأنه العلو والارتفاع، يعني: ارتفع فوق العرش وعلا فوقه سبحانه وتعالى بدون كيف، أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان يقولون في صفات الرب عز وجل : إن الواجب إثباتها وإمرارها كما جاءت بلا كيف، يعني: نثبتها لله ونؤمن بها وأنها حق، ولكن لا نكيفها، لا نقول: إنها بكيفية كذا وكيفية كذا، سئل مالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه، وأحد الأئمة الأربعة، سئل رحمة الله عليه عن قوله جل وعلا:{ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، كيف استوى؟ فأطرق طويلاً ثم قال رحمه الله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، فالواجب على أهل العلم والإيمان، وعلى جميع المسلمين أن يؤمنوا بأسماء الله وصفاته التي جاءت في القرآن العظيم أو السنة الصحيحة، وأن يمروها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأنها صفات الله وأنها أسماؤه وأنها حق، وأن معانيها حق يليق بالله جل وعلا، معانيها تليق بالله لا يشابه خلقه في شيء من صفاته سبحانه وتعالى.فالاستواء: هو العلو والارتفاع فوق العرش، وهو معلوم من حيث اللغة العربية، ولكن كيفيته مجهولة، ما نعلم كيف استوى، ولكن نقول: إنه استوى على عرشه وارتفع فوق عرشه ارتفاعاً يليق بجلاله وعظمته لا يشابه الخلق في صفاتهم، لا في الاستواء ولا في غيره؛ لقوله سبحانه وتعالى :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} " انتهى [ من كلام الإمام ابن باز رحمه الله من موقعه الرسمي].
( ثانيا )
ذكر أن العقيدة تؤخذ عن الكتاب والسنة والأثر
والصحيح :
لابد من بيان معنى العقيدة هنا إذ يقصد بها توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الله في أسمائه الحسنى اوصفاته العلى لا يؤخذ من الآثار فهو وقف على خبر الكتاب والسنة فقط في إثبات أسماء الله الحسنى والصفات العلى؛ أو نفي عنه مانفاه الله عن نفسه اما عند فهم أسماء الله الحسنى وصفاته العلى فيجب الرجوع إلى هدى السلف الصالح وآثارهم في فهمها ومن ذلك ما أورده الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند قوله تعالى :{ فاطر السموات } فقد ذكر قصة تدل على المقصود قال رحمه الله : " قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ لَا أَدْرِي مَا فاطر السموات وَالْأَرْضِ، حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا [لِصَاحِبِهِ] : أَنَا فَطَرْتُهَا، أَنَا بَدَأْتُهَا ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
فأسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته وقف على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك ان علمها خبر عن ذات الله سبحانه وتعالى ولا يعلم ذات الله سبحانه وتعالى أو صفاته الا هو سبحانه وتعالى أو يوحي إلى رسله ما يشاء من أسمائه الحسنى أو صفاته العلى فهي من أمور الغيب التي استأثر الله بعلمها ومن الادلة على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ماأصاب أحدًا قط همٌّ و لا حزنٌ ، فقال : اللهمَّ إني عبدُك ، و ابنُ عبدِك ، و ابنُ أَمَتِك ، ناصيتي بيدِك ، ماضٍ فيَّ حكمُك ، عدلٌ فيَّ قضاؤُك ، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك ، أو أنزلتَه في كتابِك ، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك ، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ، و نورَ صدري ، و جلاءَ حزني ، و ذَهابَ همِّي ، إلا أذهبَ اللهُ همَّهُ و حزنَه ، و أبدلَه مكانَه فرجًا قال : فقيل : يا رسولَ اللهِ ألا نتعلَّمُها ؟ فقال بلى ، ينبغي لمن سمعَها أن يتعلَّمَها).
أخرجه أحمد وابن حبان رحمهما الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ( ١٩٩) وفي شرح الطحاويه ( ١٠٨ )؛ من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ؛ فدل الحديث على ان أسماء الله الحسنى أو صفاته العلى إما أخبار الله عنها بتنزيل الله سبحانه وتعالى للأسماء والصفات في كتبه المنزلة على رسله عليهم الصلاة والسلام ومنها القرآن الكريم أو تعليمها لأحد من خلقه وهم الأنبياء والمرسلين فقط عليهم الصلاة والسلام وافضلهم وخاتمهم نبينا محمد صلى وسلم وبارك الله عليه وعلى آله .كما دل الحديث على أن هنا أسماء لله حسنى استأثر الله بعلمها
فلا يعلمها إلا هو تعالى ربنا وتقدس. واما الأدلة الشرعية في أصول الدين كالعبادات و الأحكام و غير ذلك من مسائل الدين العظيمة فتؤخذ من أدلة الكتاب العزيز والسنة النبوية ثم ما جرى عليه اجماع السلف الصالح وهديهم وفهمهم المستند المستمد من كلام الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وعلى كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن ساريه رضي الله عنه :(.... فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كُلَّ بِدعةٍ ضَلالةٌ ) أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود رحمه الله. ومن الإجماع الاتفاق على صحة تقسيم أنواع التوحيد الثلاثة؛ توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء الحسنى والصفات العلي وتوحيد الألوهية .
( ثالثا )
ورد في ثنايا هذا الشرح مصطلح الجوهر وهو لفظ مستمد من عبارات الفلاسفة وعنهم انتقل الى اذنابهم المتكلمة من المعطلة الجهمية[ من غلاة الجهمية والمعتزلة والكلابية الأشاعرة وغيرهم من فرق المتكلمة ] و له معاني كثيرة متعددة :
فقول أن الله جوهر أو عرض أو جسم هذا لفظ محدث فلا يجوز وصف الله بذلك ، كما لا يجوز لنا أن نثبت ذلك، لأنه لم يرد في القرآن ولا السنة إثبات هذه الألفاظ أو نفيها ، وأسماء الله الحسنى وصفاته العلى مصدرها الكتاب العزيز والسنة النبوية فإذا لم يرد فيهما إثبات ولا نفي وجب علينا التوقف .
وهذا القول :" صفات الله لا تماثل صفات المخلوقين في جوهرها "...
كلام محدث قد يحتمل معنى حقا أو معنى باطلا
والا فمعنى صفات الله تعالى وتقدس معروف.
والكيف مجهول.
و إنكاره هنا للجوهر يتضمن إنكار المعنى المعروف للصفة .
وايراد هذه العبارة في هذا الموضع لم يقل به أحد من سلفنا الصالح والذي يظهر لي أن عبارة : ( في جوهرها)
لم ترد عن الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.. إذ لا توجد في كتاب التوحيد هذه العبارة
فتنبه.
فلعل مقطع الفيديو يتم حذفه وإلغاؤه
ويحذر منه..
وقد يكون فيه اخطاء أخرى عند التأمل .. لذا وجب تكرار التحذير منه.
رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه. والله اعلم وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
..........
كتبه : غازي بن عوض العرماني.