الخميس، 20 يوليو 2023

[[ بيان معنى لفظ ( الظل ) الوارد في حديث ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) وغيره من أحاديث ورد فيها ذكر لفظ الظل ]]




بسم الله الرحمن الرحيم


  

        (    المقدمة  ) 


الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه . { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء: الآية ١ ] . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران : الآية ١٠٢ ] .{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [ سورة الأحزاب : الآية ٧٠ - ٧١] .


اما بعد 


فإن لفظ الظل الوارد في عدة أحاديث صحيحة في  سنة الرسول صلى الله عليه وسلم قد ورد بألفاظ منها  ماكان  بلفظ ( يوم لاظل الا ظله) وهذا ورد في الصحيحين مثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : الْإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ) . رواه البخاري ومسلم في الصحيحين لهما. 

وروى أحمد  عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي فِي ظِلِّ عَرْشِي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ) ، وحسن اسناده الإمام الألباني رحمه الله في مختصر العلو صفحة ( ١٠٦). 

وغيرها تمر معنا في القول الثالث من هذه الرسالة 

كما ستأت أحاديث جرى ذكرها في [القول الثالث من رسالتنا هذه وردت بلفظ ( بظل عرشه)] وهي أحاديث صحيحة متواترة. 

ومن هذه الأحاديث حديث 

يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  ( كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ) - أَوْ قَالَ:( يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ).  .قَالَ يَزِيدُ: " وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إِلَّا تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ ، وَلَوْ كَعْكَةً، أَوْ بَصَلَةً ، أَوْ كَذَا ".

رواه الإمام أحمد رحمه الله في المسند وصححه الإمام الألباني رحمه الله في [  تخريج أحاديث مشكلة الفقر ( ١١٨) وفي صحيح الترغيب ( ٨٧٢) وفي صحيح الجامع ( ٤٥١٠)] 

ولأهل العلم  من أئمة الحديث والسنة وشيوخ الاسلام أقوال في معنى الظل الوارد في هذه الأحاديث على ثلاثة أقوال  جعلنا كل قول في فصل مستقل فنقول وبالله التوفيق  :


( الفصل الأول  : انه ظل لله سبحانه وتعالي يليق بجلاله سبحانه وتعالى) 


هذا القول الأول :

أنه " ظل يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته مثل سائر الصفات، الباب واحد عند أهل السنة والجماعة"  عملا بظاهر الحديث كما جاء في الحديث في الصحيحين وهذا اختيار الإمام ابن باز رحمه الله فقد وجه لسماحته سؤالا هذا نصه :

" السؤال:

في حديث السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فهل يوصف الله تعالى بأن له ظلا ؟

الجواب:

نعم كما جاء في الحديث، وفي بعض الروايات في ظل عرشه لكن في الصحيحين "في ظله"، فهو له ظل يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته مثل سائر الصفات، الباب واحد عند أهل السنة والجماعة، والله ولي التوفيق ".[ مجموع فتاوى ومقالات الإمام  ابن باز رحمه الله ( ٢٨ / ٤٠٤)] .

والحديث  أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، برقم( ٦٦٠) ، ومسلم في كتاب الزكاة باب فضل إخفاء الصدقة، برقم ( ١٠١٣).


( الفصل الثاني  :  انه ظل يخلقه الله يوم القيامة)


وهذا القول الثاني وفيه ان :

المراد بالظل هنا ظله الذي يخلقه عزوجل، يخلق ظلا من أي مادة كانت

وهذا قول الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قال رحمه الله :

" وقوله عليه الصلاة والسلام : ( يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) فهم بعض الناس من هذا الحديث فهما خاطئا ، وقالوا : إن المراد : بظله ، ظل نفسه عز وجل، وهذا منكر عظيم، لو تدبره القائل به ما مشى حوله، لأنه من المعلوم أن الناس في الأرض، وأن من يظلك عن شيء إنما يظلك عن شيء فوقه، ويلزم من هذا التأويل الفاسد الخاطئ أن يكون الله فوقه شيء، وتكون نفسه المقدسة حائلا بين هذا الشيء وبين الناس، وإذا قلنا إن الظل من الشمس والشمس تدنو من الخلائق قدر ميل صار الله على هذا التأويل نازلا جدا أقرب إلى الناس من الميل ، وهو يظلهم كالسحابة بينهم وبين الشمس، وهذا منكر، وهذا أخذ بالظاهر الظاهر بطلانه.

والمراد بالظل هنا ظله الذي يخلقه عزوجل، يخلق ظلا من أي مادة كانت ما نعرف، لأن ظل الدنيا نوعان : ظل من الله وظل من الخلق، فإذا بنى الإنسان عريشا فالذي يستظل به يستظل بظل الآدمي الذي صنعه الآدمي، وظل السحاب ظل الله، لا يصنعه الخلق.

يوم القيامة ليس هناك ظل للبشر، لا يستطيع أحد أن يبني ظلا، بل الظل ظل الله عز وجل ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى. 

[ شرح كتاب الفرائض والحدود من صحيح البخاري للإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله].


( الفصل الثالث : ان المراد بالظل هو ظل عرش الرحمن)


وهذا القول الثالث :

[  قال به ومال إليه جمع كبير من كبار علماء الإسلام] منهم :

ابن حبان 

ومحمد بن إسحاق بن منده وابو جعفر الطحاوي

 وابن عبدالبر 

وابن القيم

 وابن قتيبه

 وابن كثير

 ومحمد الأنصاري القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى. 

وابن رجب

 وابن حجر

 وجلال الدين السيوطي ومحمد المباركورفوري في تحفة الاحوذي. 

وعبدالرحمن السعدي 

و الألباني رحمهم الله تعالى ومنهم الإمام ربيع المدخلي حفظه الله وأفرد مسألتنا هذه في رسالة مستقلة عنون لها ب[ القول الواضح المبين في المراد بظل الله الذي وعد به المؤمنين العاملين] ولعل رسالته فضيلته هذه - حسب علمي -  في معرفة المراد ب[ ظل الله] لم يسبقه إلى  أفرادها في مؤلف مستقل احد من أهل العلم  ومن لطيف كلامه ماذكره  في خاتمتها حيث قال :" وأخيراً:

فإن المتأمل المنصف في النصوص النبوية والقواعد الشرعية لا يخالجه شك في أن المراد من الظل الوارد في النصوص النبوية – التي مر ذكرها في هذا البحث- إنما هو ظل عرش الله عز وجل.

هذا ما يسره الله لي ووفقني له من هذا البحث الذي أرجو الله الرؤوف الرحيم أن ينفعني به وأن يجعلني ممن يظلهم بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ .  إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }.وصلى الله على نبينا محمد وإخوانه من النبيين والمرسلين وآله وصحابته أجمعين". انتهى كلامه حفظه الله. 

وانتصر لقول من قال بأن المراد بظل الله هو ظل عرشه وحشد له الأدلة  النقلية والحجج العقلية وقد استفدت من رسالته في القول الثالث من رسالتي هذه . 

ومن:

[  الأدلة التي ذكرها أصحاب هذا القول] :

      |   الدليل الأول  |

" قال الإمام الترمذي في الجامع ( ٢ / ٥٧٥)  حديث( ١٣٠٦)  :

حدثنا أبو كريب, قال :حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي, عن داود بن قيس, عن زيد بن أسلم, عن أبي صالح, عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : (من أنظر معسراً أو وضع له, أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه, يوم لا ظل إلا ظله).وفي الباب عن أبي اليسر, وأبي قتادة, وحذيفة, وابن مسعود وعبادة, وجابر .

حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه .

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ( ٢ / ٣٥٩) " .


    |  الدليل الثاني والثالث  |


و حديث معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت

قال الإمام أحمد في المسند( ٥ / ٢٣٦ - ٢٣٧) :

حدثنا وكيع حدثنا جعفر بن برقان, عن حبيب بن أبي مرزوق ,عن عطاء بن أبي رباح , عن أبي مسلم الخولاني قال أتيت مسجد أهل دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وإذا شاب فيهم أكحل العين براق الثنايا كلما اختلفوا في شي ردوه إلى الفتى فتى شاب .

قال: قلت: لجليس لي: من هذا ؟ قال: هذا معاذ بن جبل، قال: فجئت من العشي, فلم يحضروا, قال: فغدوت من الغد قال: فلم يجيئوا, فرحت فإذا أنا بالشاب يصلى إلى سارية فركعت ثم تحولت إليه, قال: فسلم فدنوت منه فقلت: إني لأحبك في الله قال: فمدني إليه, قال :كيف قلت؟ قلت: إني لأحبك في الله, قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحكى عن ربه, يقول: (المتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله) .

قال : فخرجت حتى لقيت عبادة بن الصامت فذكرت له. 

حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه , فقال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحكي عن ربه عز وجل يقول : (حقت محبتي للمتحابين فيَّ وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ, وحقت محبتي للمتزاوين فيَّ, والمتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله) .

إسناد حديث معاذ وعبادة بن الصامت رجاله رجال الصحيحين إلا جعفر بن برقان فإنه من رجال مسلم والأربعة , وثقه ابن معين وابن نمير إلا في حديث الزهري فإنه ضعيف فيه, وقال الإمام أحمد: لأبأس به في غير حديث الزهري, وقال : أبو حاتم محله الصدق يكتب حديث ، وقال الحافظ: صدوق يهم في حديث الزهري, ونقل فيه الذهبي توثيق ابن معين فقط.

وإلا حبيب بن أبي مرزوق فإنه" ثقة فاضل" من رجال الترمذي والنسائي وبقية رجاله رجال الصحيحين, فالحديث حسن لذاته يحتمل الصحة ويزداد قوة وصحة بحديث أبي هريرة السابق وبما يأتي بعده..... "


       |  الدليل الرابع  |

" حديث العرباض بن سارية

قال الإمام أحمد في مسنده (٤/ ١٢) : حدثنا هيثم بن خارجة قال حدثنا ابن عياش يعني إسماعيل , عن صفوان بن عمرو وعبد الرحمن بن ميسرة عن العرباض بن سارية قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال الله عز وجل : ( المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلاً ظلي)، قال عبد الله: وأحسبنى قد سمعته منه .

حديث العرباض رضي الله عنه في إسناده إسماعيل بن عياش الحمصي, قال فيه الذهبي: عالم الشاميين, قال يزيد بن هارون: ما رأيت أحفظ منه, وقال دحيم :هو في الشاميين غاية وخلط في المدنيين, وقال البخاري: إذا حدث عن أهل حمص فصحيح وقال أبو حاتم لين، الكاشف (١/ ٢٤٩) .

وقال الحافظ ابن حجر: صدوق في روايته عن أهل بلده, مخلط في غيرهم .

أقول : والذي يترجح لي ما قاله فيه يزيد بن هارون و دحيم والبخاري, لاسيما ودحيم من أهل بلده فهو أعرف به من أبي حاتم وروايته هنا عن الشاميين الحمصيين .

صفوان بن عمرو السكسكي أبو عمرو الحمصي ثقة, وعبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي مقبول من الرابعة, وفيه الهيثم بن خارجه الخراساني، قال فيه الذهبي: " الحافظ ببغداد وكان يسمي شعبة الصغير" . الكاشف( ٢ / ٣٤٤). وقال أبو حاتم: "صدوق" . الجرح والتعديل (٩/ ٨٦) .

وقال :الحافظ ابن حجر: "صدوق خ س ق ".

فالحديث صحيح يحتمل التحسين ويتقوى بما قبله وبما بعده .

وحسَّن الألباني إسناد حديث العرباض هذا في مختصر العلو (ص ١٠٦) ثم قال: أخرجه أحمد ( ٤/ ١٢) وقال : قال المنذري في الترغيب ( ٤/٤): بإسناد جيد "


          |  الدليل الخامس |


 حديث أبي قتادة رضي الله عنه؛ قال الإمام أحمد في المسند ( ٥ / ٣٠٠ و ٣٠٨)  .

حدثنا يونس وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة قال عفان في حديثه أنا أبو جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظى ,عن أبي قتادة قال :سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : (من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة) .

ورواه الإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في سننه ( ٢ / ١٧٦)  من طريق عفان به .

وبالجملة فهذا الحديث صحيح في أقصى درجات الصحة حيث روي عن عدة من الصحابة وبعض طرقه صحيح لا غبار عليه وبعضها صحيح يحتمل التحسين وبمجموع طرقه يقرب من التواتر .

ورواه البغوى في شرح السنة( ٨ / ١٩٩)  من طريق الدارمي به وقال هذا حديث حسن وصححه الألباني في الجامع الصغير ( ٦٤٥٢)  .


         |  الدليل السادس  |

حديث أبي اليسر

قال أبو بكر بن أبي شيبة ( ٧ / ٥٥٢)  حديث ( ٢٢٤٨٤)  : حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي قال : حدثني أبو اليسر قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله في ظل عرشه) وهذا إسناد صحيح .

أبو بكر هو الإمام ورجال إسناده كلهم ثقات رجال الجماعة .


       |  الدليل السابع  |


 حديث سلمان رضي الله عنه :

قال البيهقي -رحمه الله- بعد أن نقل قول من قال: إن المراد بالخبر ظل العرش وإنما الإضافة إلى الله بمعنى الملك .

قال: واحتج من قال ذلك بما أخبرنا أبو الحسن بن بشران أنا إسماعيل الصفار حدثنا أحمد بن منصور حدثنا عبدالرزاق أنا معمر عن قتادة قال: إن سلمان: قال: ( التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش الله تعالى يوم القيامة) ، ثم ذكر السبعة في الخبر المرفوع " الأسماء والصفات صفحة ( ٣٧١)  ، وحسن ابن حجر إسناده في الفتح ( ٢ / ١٤٤). 

والحاصل أن حديث سلمان يتقوى بما قبله من الأحاديث، وهي تزداد به قوة وصحة لاسيما وحديث سلمان في درجة الحسن كما قال الحافظ" [ ينظر رسالة (

القول الواضح المبين في المراد بظل الله الذي وعد به المؤمنين العاملين) للإمام ربيع المدخلي حفظه الله فعنه انقل ].

قال الإمام  الألباني رحمه الله : " وقد ورد في ظل العرش أحاديث تبلغ التواتر" .

وقبله  قال الحافظ  الذهبي رحمه الله في العلو صفحة ( ٨٤) ما نصه : " وقد بلغ في ظل العرش أحاديث تبلغ التواتر".

وكان لأصحاب هذا القول - الثالث في رسالتنا هذه - [ توجيه لألفاظ الحديث التي وردت بلفظ :( يوم لاظل الا ظله)] 

بأمور منها :


          (     اولا     ) 


" أن هذا الظل إنما هو ظل العرش وإضافته إلى الله إنما هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه إضافة تشريف مثل:

١ - قول الله تعالى : {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا }.

٢ - ومثل قوله تعالى : {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ }.

٣ - ومثل قوله تعالى : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}.

٤ - وقوله تعالى : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}.

فإضافة هذه الناقة إلى الله إضافة تشريف, وإضافة البيت إلى الله -والمراد به الكعبة- إضافة تشريف, وكذلك إضافة الرسول إلى الله إضافة تشريف, وكل أولئك مخلوقون وإضافتهم إلى الله إضافة مخلوق إلى خالقه إضافة تشريف وإلا فالعالمون كلهم مخلوقون". 


           (    ثانيا  ) 

" من القواعد التي يجب مراعاتها عند تفسير كلام الله وعند شرح كلام رسول الله  حمل المبهم على المبين والمطلق على المقيد". 

[ من رسالة ( القول الواضح المبين في المراد بظل الله

الذي وعد به المؤمنين العاملين) للإمام ربيع المدخلي حفظه الله)].


(  الخاتمة نسأل الله حسنها : بيان الراجح من هذه الأقوال بفضل الله وتوفيقه ورحمته )



الذي يظهر  والله اعلم ان هذه الأحاديث يجب العمل بها كلها  لأسباب شرعية وجيهة منها  :

      

              |     اولا     |


ان اعمال الحديث أولى من إهماله.

وخاصة ان هذه الأحاديث صحيحة لا مهمز في متنها أوفى إسنادها  .

فالعمل بحديث صحيح واحد وترك العمل بالأحاديث الأخرى مع صحتها ويسر وسهولة  الجمع بينها ؛ فيه نوع رد لبعض سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الثابتة ولاتنسى...


          |     ثانيا    |


ان الجمع بينها جمع حسن متيسر  ليس فيه رد لأحدها أو إهماله. ثم... 


             |    ثالثا    |


  لو قيل  بوجوب إختيار احد هذه الأقوال الثلاثة لوجدنا أن فيه ترك العمل بباقي الأحاديث الصحيحة الاخرى وهذا قول فيه تحكم بلا دليل صحيح بل السنة خلافه ثم انظر رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه. 


            |   رابعا   |


لأي سائل الحق في سؤال من لا يريد العمل بهذه الأحاديث وسؤاله  هو :

كيف العمل بالحديث الصحيح أو كيف يوجه العمل بحديث يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  ( كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ). أَوْ قَالَ:( يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ).  .قَالَ يَزِيدُ: " وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إِلَّا تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ ، وَلَوْ كَعْكَةً، أَوْ بَصَلَةً ، أَوْ كَذَا ".

الذي رواه الإمام أحمد رحمه الله في المسند وصححه الإمام الألباني رحمه الله في [  تخريج أحاديث مشكلة الفقر ( ١١٨) وفي صحيح الترغيب ( ٨٧٢) وفي صحيح الجامع ( ٤٥١٠)].

فهنا لايستطيع احد ان يوجد الجمع بينها وذلك لإختلاف اللفظ والمعنى.

ولا يتم العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الحال الا بالعمل بجميع أخبار هذه الأحاديث النبوية الصحيحة كلها. 


             |    خامسا    |


 سهولة العمل بهذه الأحاديث الصحيحة وذلك بوضوح الفاظها ويسر الجمع بينها وعدم صعوبتها يتضح ذلك بأن  :

الظل الوارد بهذه الأحاديث النبوية الصحيحة  يوضح معناه  أما :

ب :

               (   ١  ) 

 ( ظل الله) سبحانه وتعالى كما جاء في الصحيحين وغيرها وهذا الظل  ظل يليق بجلال سبحانه وتعالى فلا نعلم كيفيته مثل سائر صفات الله سبحانه وتعالى كما في معتقد أهل السنة والجماعة اتباع السلف  الصالح فنمرها كما جاءت بلا تأويل ولا تحريف ولاتعطيل ولا تكييف ولا تمثيل فالمعنى معقول والكيف مجهول :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }.

              (   ٢  ) 

وأما لفظ ( ظل العرش) الوارد في الأحاديث النبوية الصحيحة الاخرى فنثبت أن لعرش الرحمن ظلا عملا بالأحاديث الصحيحة الأخرى علما بأنه لا يعلم كيفية ظل عرش الرحمن إلا الله وحده لا شريك له.

              (   ٣  ) 

ثم نثبت كذلك العمل بصحة حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( كلُّ امرئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِه حتى يُقْضَى بين الناس) وهو حديث صحيح وفق ما جرى ذكره سابقا. 

فالله سبحانه وتعالى له ظل بهذا جاءت السنة بالأحاديث الصحيحة سندا ومتنا في الصحيحين وفي غيرها . 

وهكذا جاء لفظ ظل عرش الرحمن أن له ظلا  بهذا جاءت السنة بخبر الأحاديث الصحيحة المتواترة. 

والصدقة له ظل بهذا جاءت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح.

فنكون اعملنا جميع هذه الأحاديث وتركنا إهمالها.

ويظهر لي أن قول الإمام ابن باز رحمه الله في هذه المسألة لعله هو اصوبها. 

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه ؛  والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 


'' '' '' '' '' '' '' '' '' '' '' '' '' '' 


كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه :  غازي بن عوض العرماني .

السبت، 15 يوليو 2023

[[ ذكر أهم البدع المنتشرة في هذا العصر بين الناس. و أسباب انتشارها . وعلاج هذه البدع و الشبهات وإيضاح كيفية تفنيدها ]]



   بسم الله الرحمن الرحيم


       (       المقدمة     ) 


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

إن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [سورة آل عمران:  الآية ١٠٢ ].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [ سورة النساء : الآية ١ ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [سورة الأحزاب: الآية ٧٠ - ٧١ ]

اما بعد 

فمن التحدث بنعم الله علينا  الكتابة  عن موضوع فيه بيان صحة العمل وصوابه وذلك بالكتابة عن أهم البدعة المنتشرة بين الناس في هذا العصر . ثم ذكر الأسباب التي أدت إلى ظهورها مع كيفيةالعلاج  لهذا البدع وطرق تفنيد شبهات أصحابها كل ذلك بإدلة الشرع ووفق الشرع بفضل الله ورحمته

واعلم بارك الله فيك أن البدعة عبادة محدثة يريد بها من أحدثها مضاهات الدين ومساواتها بالشرع المنزل من الله تعالى ربنا وتقدس. وهي مسلك ابليسي منحرف يراد بها غواية الناس واضلالهم عن صراط الله المستقيم فعلى طالب العلم معرفة البدعة ومعرفة أهلها ولا يتم له ذلك إلا في معرفة شريعة رب العالمين سبحانه وتعالي والعلم بسنة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم فالعبادة لا بد لها من شرطين لصحتها :

أولهما :

الإخلاص بأن يكون علمك وعملك وقولك ودعوتك وشأنك كله لله رب العالمين 

كما قال تعالى :{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } 

وفي صحيح الإمام مسلم رحمه الله مرفوعا :( أنَّهُ كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ، قالَ: وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ..... الحديث). 

والشرط الثاني لصحة العبادة :

ان يكون عملك صوابا تتابع فيه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وفق هدى سلفنا الصالح بعيدا عن البدعة 

قال الله تعالى :{ ليبلوكم أيكم احسن عملا } 

قال فضيل بن عياض رحمه الله : " { أحسن عملا} أخلصه وأصوبه . وقال : العمل لا يقبل حتى يكون خالصا صوابا ، الخالص : إذا كان لله ، والصواب : إذا كان على السنة" .انتهى كلامه رحمه الله [ ينظر  تفسير البغوي رحمه الله لهذه الآية].

وهنا [ قواعد وأسس في تعريف البدعة ] لابد من إيضاحها وبيانها ؛ قال الإمام الألباني رحمه الله تعالی :

" إن البدعة المنصوص على ضلالتها من الشارع هي :

١-

كل ما عارض السنة من الأقوال أو الأفعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهاد.

٢-

كل أمر يتقرب إلى الله به، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٣-

كل أمر لا يمكن أن يشرع إلا بنص أو توقيف، ولا نص عليه، فهو بدعة إلا ما كان عن صحابي.

٤-

 ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار.

٥-

 ما نص على استحبابه بعض العلماء سيما المتأخرين منهم ولا دليل عليه.

٦-

 كل عبادة لم تأت كيفيتها إلا في حديث ضعيف أو موضوع.

٧-

الغلو في العبادة.

  ٨ -

 كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود مثل : المكان أو الزمان أو صفة أو عدد ". اهـ • المصدر :[ كتاب أحكام الجنائز (٢٤٢)].

وفي  قول الله تعالى وتقدس : { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ سورة البقرة : الآية ١١٧ ]. ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله كلاما نفيسا في بيان معنى لفظ البدعة والمبتدع أحببنا ايراده لقيمته العلمية  ؛  قال رحمه الله :" وقوله تعالى : { بديع السماوات والأرض} أي : خالقهما على غير مثال سبق ، قال مجاهد والسدي : وهو مقتضى اللغة ، ومنه يقال للشيء المحدث : بدعة . كما جاء في الصحيح لمسلم : ( فإن كل محدثة بدعة [ وكل بدعة ضلالة ]) . والبدعة على قسمين : تارة تكون بدعة شرعية ، كقوله : فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة . 

وتارة تكون بدعة لغوية ، كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن جمعه إياهم على صلاة التراويح واستمرارهم : نعمت البدعة هذه .

وقال ابن جرير : وبديع السماوات والأرض : مبدعهما . وإنما هو مفعل فصرف إلى فعيل ، كما صرف المؤلم إلى الأليم ، والمسمع إلى السميع . ومعنى المبدع : المنشئ والمحدث ما لم يسبقه إلى إنشاء مثله وإحداثه أحد .

قال : ولذلك سمي المبتدع في الدين مبتدعا ; لإحداثه فيه ما لم يسبق إليه غيره ، وكذلك كل محدث فعلا أو قولا لم يتقدمه فيه متقدم ، فإن العرب تسميه مبتدعا . ومن ذلك قول أعشى ثعلبة ، في مدح هوذة بن علي الحنفي :

يدعى إلى قول سادات الرجال إذا أبدوا له الحزم أو ما شاءه ابتدعا

أي : يحدث ما شاء .

قال ابن جرير : فمعنى الكلام : فسبحان الله أنى يكون لله ولد ، وهو مالك ما في السماوات والأرض ، تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية ، وتقر له بالطاعة ، وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصل ولا مثال احتذاها عليه . وهذا إعلام من الله عباده أن ممن يشهد له بذلك المسيح ، الذي أضافوا إلى الله بنوته ، وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال ، هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته .

وهذا من ابن جرير ، رحمه الله ، كلام جيد وعبارة صحيحة ".انتهى كلامه رحمه الله. [ المصدر : ١- تفسير بن كثير رحمه الله. ٢- تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله.] 

رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه.

وقد جعلت رسالتي هذه من مقدمة ثم ذكر البدع في سبع فصول مستقلة ولها تتمة إن شاء الله في رسالة أخرى ثم في نهاية رسالتنا هذه الخاتمة نسالها حسنها . ونشرع الان في رسالتنا جعلها الله خالصة لوجهك الكريم صوابا متقبلة فنقول وبالله التوفيق وعليه التكلان :


          (  الفصل الأول : البعد عن توحيد الله سبحانه وتعالى تعلما وعملا   ) 


البعد عن التوحيد في معرفته وتعلمه وتعليمه والعمل بموجبه وتحقيقه وتجريده والجهل بأهمية التوحيد وأنه بفضل الله إذا رزقه الله العبد السبب المنجي بعد فضل ورحمته لذا أنزلت به الكتب ولأجله ارسلت الرسل وانقسم الناس سعداء أهل رحمة الله وجنته وأشقياء أهل لعنة الله وناره وعذابه ويتبع هذا الجهل بالشرك الفعلي والقولي وشرك السمعة والرياء والجهل بطرق التخلص منه كدعاء الله السلامة منه :(...... لَلشِّركُ أخْفى من دَبيبِ النَّملِ ، ألا أدُلُّك على شيءٍ إذا فعلتَه ذهب عنك قليلهُ و كثيرهُ ؟ قل : اللهم إني أعوذُ بك أن أشرِكَ بك و أنا أعلمُ ، و أستغفِرُك لما لا أعلمُ) [ صحيح الأدب المفرد ( ٥٥٢)].

ثم بعد كثير من الناس عن اقتفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في اتباع سنته صلى الله عليه وآله وسلم والحرص على لزوم جادة السلف الصالح..


          (   الفصل الثاني :  ترك وإهمال الدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى ) 


اهتمام كثير مما يعرف بالدعاة بالدعوة إلى العبادات العملية والأحكام الشرعية وفضائل الأعمال [ لا شك في أهميتها] لكن ترك وإهمال الدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى وتعلمه وتعليمه والعمل فيه والدعوة إليه والصبر على ذلك مصيبة عظيمة فكل ماسبق إذا خلت من التوحيد فالجهود مفلسة والتعب يذهب ادراج الرياح :{وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا}

وذلك أن عباداتهم  فقدت الشرط الشرعي لصحتها ، إما بعدهم عن الإخلاص لوجه الله فيها ، وإما إحداث عبادة مبتدعة تخالف وتضاد شرع الله . فكل عمل لا يكون خالصا موحدا فيه صاحبه ثم على الشريعة المرضية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم  فهو باطل . فأعمال الكفار لا تخلو من واحد من هذين أو تجمعهما

ف:{إِنَّ هَٰؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

واذكر بقوله تعالى وتقدس : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} فعملهم افتقد احد شرطي صحة العبادة[ الإخلاص وهو التوحيد ونبذ الشرك و الصواب وهو اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والبعد عن البدعة] أو كليهما...

وانظر حال الخوارج أهل تكفير أمة  محمد صلى الله عليه وسلم ومن يرون استحلال دمائهم فهم مع أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن شدة عبادتهم وعن احتقار المسلم لصلاته أمام  صلاتهم وصفهم بأنهم :( يمرقون من الدين ) أي يخرجون منه لبعدهم عن اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كيفية أداء العبادات الشرعية

وللعلم :

فإن فرق الخوارج بما فيه الإخوانية وماتولد منها من فرق دموية يقصون العمل بالسنة ولا يرون تطبيقها في واقعهم المعاش. 


         (  الفصل الثالث : إهمال العلم و العمل والدعوة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ) 


البعد عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تعلما وتعليما وعملا بها ودعوة إليها بل وفي سائر أعمال العباد وعدم رفع الراس بها وإهمالها أحداث والا فهي من الشهادتين [ لااله الا الله محمد رسول الله] وبالشهادتين الإخلاص لله وصواب العبادة وصحتها 

ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله : 

محبته صلى الله عليه وسلم ومحبة طاعتُه فيما أمر، وتصديقُه فيما أخبر، واجتنابُ ما عنه نهى وزَجَر، وألاَّ يُعبَدَ اللهُ إلا بما شرع. وأن تشهد عن علم ويقين، وصدق أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب هو رسول الله حقًا إلى جميع الثقلين جنهم وإنسهم، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين ليس بعده نبي ولارسول  عليه الصلاة والسلام .

وقد رأيت أهل الأحزاب ابعد الناس عن العمل بها لأنها تقف سدا منيعا أمام شبهات حزب القوم وشهواتهم وتوجهاتهم وتحركاتهم.


وإليكم بعض مؤلفاتنا حول هذه المواضيع الثلاثة :



      《 بشرى الخير لأهل الخير وهم اهل التوحيد والسنة  》

 https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/05/blog-post_28.html?m=1



《 ما أسباب انتشار الأمور الشركية والعبادات البدعية ؟او بصيغة : ما أسباب ابتعاد بعض الناس عن التوحيد[ الإخلاص ]والسنة[ الصواب]مع شرح لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( طوبى للغرباء) 》




https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/06/blog-post_30.html?m=1



أهميّة العناية بدراسة التوحيد والعقيدة وأصول السنة 《 صفة النزول والمجئ و الإتيان لله تعالى وتقدس 》



https://ghazialarmani.blogspot.com/2020/10/blog-post_50.html?m=1



《إجابة لإشكال حصل لبعض طلاب العلم في مسألة في توحيد اسماء الله الحسنى وصفاته العلى وجرى بحثها وفق معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح》


https://alto7ey.blogspot.com/2020/03/blog-post_31.html?m=1


《 أهمية دراسة التوحيد و معرفته 》


https://alto7ey.blogspot.com/2019/09/blog-post.html?m=1


《 الإدلة الواضحات والحجج البينات في أهمية توحيد رب البريات بشرح حديث( الأنبياء إخوة أو أبناء لعلات )》 https://ghazialarmani.blogspot.com/2021/07/blog-post_11.html?m=1



《 كشف شبهات عن أهمية دراسة التوحيد وبيان فضله وأهميته 》




https://ghazialarmani.blogspot.com/2021/05/blog-post.html?m=1


《 وصية لإخواني طلاب العلم في بيان أهمية التوحيد والعقيدة الصحيحة و أصول السنة 》


https://ghazialarmani.blogspot.com/2021/03/blog-post_4.html?m=1


《إجابة لإشكال حصل لبعض طلاب العلم في مسألة في توحيد اسماء الله الحسنى وصفاته العلى 》





https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/10/blog-post_17.html



(  الفصل الرابع :  وجوب لزوم جماعة المسلمين وتحريم الشذوذ بالتفرق والتحزب وإنشاء جماعات مخالفة لدين الإسلام  ) 


وجوب لزوم جماعة المسلمين وتحريم التفرق إلى جماعات وفرق وأحزاب  دينية أو  سياسية تتضاد  فيما بينها وتحارب بعضها بعضا ؛ يقول الله تعالى وتقدس ذاما الفرقة ومحذرا منها :

 {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }.

وقال تعالى  : { فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }.

وقال تعالى : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

وقال تعالى : { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.

وقال تعالى وتقدس :

{ وان هذه أمْتكم أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.

وقال تعالى:

{شرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ }.

وقال تعالى:

{ وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .

وقال تعالى وتقدس:

{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون }.

وفي السنة قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ).

 رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه؛ أخرجه الترمذي رحمه الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي حديث رقم  ( ٢١٦٧ ).

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم من ضمن حديث ما نصه : ( فإن الشيطان مع الواحد وهو من الا ثنين أبعد )رواه إمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله ؛ رواه الترمذي رحمه الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي حديث رقم  (٢١٦٥ ).

وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، ويَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أنْ تَعْبُدُوهُ، ولا تُشْرِكُوا به شيئًا، وأَنْ تَعْتَصِمُوا بحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا، ويَكْرَهُ لَكُمْ: قيلَ وقالَ، وكَثْرَةَ السُّؤالِ، وإضاعَةِ المالِ ) رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه  ؛ أخرجه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه.و عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : ( من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية ).رواه البخاري ومسلم رحمهما الله .

فالايات والأحاديث تحرم التفرق وتمنع تعدد الأحزاب 

وأما ماورد بلفظ :( إختلاف أمتي رحمه ) فقد ضعفها أهل الحديث منهم  الإمام الألباني رحمه الله حيث قال في صفة الصلاة ( ٥٨ )   :" باطل لا أصل له ". وفي السلسلة الضعيفة ( ٥٧ ):" لا أصل له ".

وفي ضعيف الجامع ( ٢٣٠ )  :" موضوع ".

فهو مع ضعفه ووضعه  يخالف نصوص الوحيين  و يسبب الجفوة ويؤيد كثرة الخلاف وتزايد الفرقة والتحزب بين المجتمع المسلم الواحد و فهم الكتاب العزيز والسنة النبوية وفق هدي سلفنا الصالح وهم ( الجماعة ) و ( مااناعليه واصحابي )كما في الحديث الذي رواه مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ : أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ : ( أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ )

وفي رواية : ( قَالُوا : وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي ) رواه الترمذي وابوداود والحاكم رحمهم الله وصححه جمع كبير من أهل العلم ؛ ف( الجماعة ) و ( ماانا عليه وأصحابي ) لفظهما [ متباين ] ومعناهما [ مترادف ] فدلا بمعناهم على وجوب الرجوع إلى هدي السلف الصالح وفهمهم فهو النجاة بعد فضل الله ورحمته وهو الذي يبعد عن التحزب والافتراق والاختلاف

 ووجه ذكر هذه الإدلة من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ إن مخالفة هدي السلف الصالح والبعد عن فهمهم أدى إلى مخالفة الكتاب والسنة ومشاققة المؤمنين في إجماعهم مما أدى إلى قيام جماعات متضادة كل فرقة لها فكر منحرف تكفر الفرقة الأخرى وتلعنها  وتستحل دماءهم وترى الخروج على ولاة الامر .

وإليكم أيها الإخوة الكرام بعض ما كتبناه حول هذا الموضوع :


《 جهود ولاة الأمر في  وأد فتنة :

١ : التفرق الاسري والتناحر القبلي .

٢ : الاختلاف المذهبي الفقهي .

٣ : تعدد الفرق المخالفة لدين الإسلام  .

و النجاة من شر ماسبق هو التمسك بإدلة الكتاب والسنة وفق هدي سلفنا الصالح . 》

 https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/07/blog-post_23.html?m=1



《 رسالة في وجوب الوقوف مع ولاة الأمر في تعليماتهم الكريمة وتوجيهاتهم السامية ووجوب البعد عن الفتاوى المحرضة المهيجة لأن فيها معصية لله سبحانه وتعالى ومعصية لرسوله صلى عليه وسلم وخلاف طاعة ولاة الأمر بالمعروف الواجبة بالكتاب والسنة والاجماع ولإشتمال هذه الفتاوى على سعي مفلس وجهد باطل في تفتيت لوحدة المجتمع المسلم الواحد وذلك بإحداث نعرات عنصرية  بمسميات جاهلية تخالف تعاليم دين الإسلام  》


https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/07/blog-post_17.html?m=1



《 تنبيه المسلمين على تحريم المظاهرات ومخالفتها لأصول الدين 》


https://ghazialarmani.blogspot.com/2021/04/blog-post_7.html?m=1



《 ▪︎ ماهي أسباب ظهور الجماعات التكفيرية والمنظمات الفكرية المنحرفة والمليشيات العسكرية التي ترى تكفير المسلمين وحل الدماء المعصومة ؟ 》


https://ghazialarmani.blogspot.com/2021/04/blog-post_18.html?m=1


《  من صفات الخوارج الإخوانية  》



https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/04/blog-post_17.html?m=1


《 الفرق بين عصاة التوحيد والسنة وبين أهل البدع والأهواء 》


https://ghazialarmani.blogspot.com/2020/05/blog-post_82.html?m=1


《 نماذج من كلام أئمة السنة وأعلام السلف وشيوخ الاسلام في ذم أهل البدع والتحزب ووجوب الحذر و التحذير منهم  》

 https://ghazialarmani.blogspot.com/2021/07/blog-post_42.html?m=1


(  الفصل الخامس  : تكفير المسلمين بغير موجب شرعي من قبل الجهلة ورموز التكفير ) 


من البدع المنتشرة في هذا العصر تكفير عامة المسلمين أو خاصتهم مثل الحكام

وفي إطلاق التكفير من قبل أهل الجهل والضلال على المسلم جرأة عظيمة على الله وقول عليه بلا علم

فعن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: قال رجل: ( والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك) رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه. 

والتكفير : وهو القيام بإخراج المسلم من الملة بسبب قول او فعل أو اعتقاد ارتكبه لا يقوم به إلا كبار علماء السنة اتباع السلف الصالح وفق الضوابط الشرعية ووفق انطباق شروط الكفر عليه وانطباق الأوصاف الكفرية الثابتة شرعا عليه  وانتفاء الموانع ووجود الأسباب ولا يتم ما سبق الا بعد إقامة الحجة الرسالية عليه من قبل علماء السنة اتباع السلف الصالح ووفق الضوابط الشرعية والتي بعدها ينتفي العذر عن من قام بالكفر أو عمله أو اعتقده  وأما قيام الجهلة ورموز جماعات التكفير بتعميم التكفير فهذا لا عبرة به ولا ينظر إليه أما  لجهل الجاهل أو بسبب الانحراف في فهم النصوص الشرعية ولي  اعناقها لتوافق هوى التكفير عند من قال به مع مخالفتهم للشرع المنزل في هذا الحكم الشرعي والذي لا بد له من مستند شرعي بعلم وعدل وانصاف وحكمة بعيدا عن الهوى والظلم والجهل والحيف .

والكفر :

ضد الإسلام .

وهو نوعان :

 كفر في الأصل  أو كافر  اصلي :

وهو الكافر الذي لم يدخل في الإسلام قط .

وكافر مرتد :

وهو المسلم الذي عمل أو قال الكفر بعد إسلامه  فخرج من الملة أو اخرجه أهل العلم من الملة بعد انطباق وصف التكفير الثابت في الكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح عليه  وانتفاء الموانع ووجود الأسباب وتوفر شروط التكفير وكل ذلك بعد إقامة الحجة الرسالية عليه من قبل أهل العلم. 

وقد يكون كفر اعتقادي كحال  كبار المنافقين.

وأما التطبيق العملي لنتيجة وثمرة التكفير وهو الحكم بالردة والحكم بقتله بعد الاستتابة فلا يقوم به إلا قضاة المحاكم الشرعيه  الذين جرى تكليفهم من قبل ولاة الأمر بهذا الشأن من غير افتئات ولا تقدمة على منزلة ولاة الأمر وهذه المنزلة شرعية ثابتة لهم في الكتاب العزيز والسنة النبوية وعلى هذا جرى إجماع المسلمين. ولما في هذا العمل من العدل والإنصاف والبعد عن الظلم والجهل والحيف.

وأنواع التكفير :

مطلق : كأن يقال من عمل الكفر أو قال به[ ثم يذكر صورة الكفر كالاستهزاء مثلا] فهو كافر على جهة العموم أو التعميم فلا يخص فلان أو فلان.

والنوع الثاني كفر التعيين أو المعين وذلك بتخصيص الفاعل وذكر اسمه ولا يقوم به إلا أهل العلم من كبار علماء السنة اتباع السلف الصالح وفق الضوابط الشرعية وذلك بعد انطباق الشروط والأوصاف الشرعية المكفرة على من جرى تكفيره وانتفاء الموانع ووجود الأسباب ولا يتم ذلك إلا بعد إقامة الحجة الرسالية عليه والتي بعدها ينتفي العذر الشرعي عنه.

وأما تطبيق نتيجة التكفير أو ثمرته كما قلنا سابقا ونكرره هنا وهو الحكم بالردة بعد الاستتابة فلا يقوم به إلا قضاة المحاكم الشرعيه  الذين جرى تكليفهم من قبل ولاة الأمر بهذا الشأن من غير افتئات ولا تقدمة على منزلتهم الشرعية الثابتة لهم في الكتاب العزيز والسنة النبوية وعلى هذا جرى إجماع المسلمين.

وهنا نوع آخر لإطلاق الكفر :

وهو تكفير القول أو الفعل دون تكفير القائل أو الفاعل

فيقال : فلان عمل الكفر أو قال الكفر فلا يكفر القائل أو الفاعل وهذا يقوم به أهل العلم لدقتهم ولخشيتهم من الله سبحانه وتعالى ولبالغ علمهم بأن عامة الناس قد يقول أو يفعل الكفر جهلا أو متأولا أو في حال مثله يعذر شرعا.

والكفر كذلك أنواع :

منها ماهو كفر أصغر لا يخرج من الملة.

وكفر أكبر يخرج من الملة.

وكذلك كفر عملي أو كفر اعتقادي وسبيل  معرفة هذه الأنواع وكيفية معرفتها عند كبار علماء الإسلام فلا يجسر على إطلاقها الا هم وأما الجهلة أو الضلال فيجب عليه الكف والسكوت والبعد عن هذا الأمر لأنهم ليسوا من أهلها وليست من اختصاصهم وشأنهم؛ مع انحراف هؤلاء الضلال عقديا وبعدهم عن السنه وتعاليم الشرع الحنيف.

وهنا بعض مؤلفاتنا حول هذا الموضوع منها على سبيل المثال لا الحصر بفضل الله ورحمته :


《 مناقشة الاخوانية الخوارج في كذبهم على علماء السنة اتباع السلف الصالح ووصفهم لهم بأنهم [ مرجئة مع الحكام خوارج مع الدعاة ] وتفنيد هذه الشبهة وبيان فسادها وأن هذه العبارات هي الوصف الحقيقي المستحق لهم والحق الواقع المنطبق عليهم  》



    https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/02/blog-post_23.html?m=1


《 سلامة الأئمة الأعلام من مذهب الإرجاء أمثال الإمام الألباني رحمه الله والإمام ربيع المدخلي حفظه الله 》


https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/12/blog-post_18.html

 




《•ماهو توحيد الحاكمية الذي جرى إحداثه في هذا العصر ؟ • ومن الذي أحدثه ؟ •وما هدفهم من جعله توحيدا مستقلا ؟•وهل يصح إطلاق هذا المصطلح؟•أم هو يتبع أنواع التوحيد الثلاثة ؟ • مامعنى فقه الواقع ؟ •ومن الذي أحدثه ؟•وما سبب إحداثه؟》



https://ghazialarmani.blogspot.com/2021/04/blog-post_3.html?m=1


《 ماهي أقوال القلوب ؟ وماهي أعمالها ؟ ولما علماء السنة اتباع السلف الصالح فرق بين أقوال القلوب وأعمالها ؟ 》

[ تابع شرح كتاب فتح المجيد للإمام عبدالرحمن بن حسن رحمه الله وقام فيه بشرح كتاب جده الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ]


https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/12/blog-post_7.html



《 إيضاح بعض مسائل الإيمان التي غلت فيها فرقة الحداديه الخوارج وخالفت فيها معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح  منها : [ أنواع العمل في مسائل الإيمان ومن ذلك عمل القلب وقوله واعمال الجوارح ] و [ إيضاح معنى " جنس العمل "و " شرط الصحة " و " شرط كمال " والفرق بين هذه المصطلحات] و [ إيضاح مسألة حكم تارك الصلاة تهاونا وكسلا واقوال العلماء فيها بالإدلة   ] و [ إيضاح مسألة العذر بالجهل بالإدلة  وتبديع الفرقة الحدادية لكبار علماء الإسلام في هذه المسألة ] 》


https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/12/blog-post_13.html


《 ما معنى مصطلح جنس العمل المحدث  ؟ ومن هي الفرقة الخارجية الضالة التي قامت بإحداثه ؟ وهل ورد هذا اللفظ  في الكتاب والسنة ؟ و هل من قام بإحداثه له سلف صالح من امة محمد صلى الله عليه وسلم في قوله هذا ؟ وهل هذا الإصطلاح ورد في لغة العرب ؟ وما مراد الحدادية في نشر هذا المصطلح  ؟ وهل إطلاقه صحيح ؟ 》

https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/12/blog-post_29.html


[[  إيضاح مسألة حكم تارك الصلاة تهاونا وكسلا بالإدلة واقوال العلماء فيها   ]]



      https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/12/blog-post_30.html?m=1

《 علامة الإخوانية الخوارج ومن شابههم من فرق الضلال وصف مشايخ السنة السلفيين بالإرجاء 》



https://ghazialarmani.blogspot.com/2020/11/blog-post_7.html?m=1



(  الفصل السادس  : استحلال دماء الأبرياء المعصومة من مسلمين وذميين ومعاهدين ومستأمنين ) 


وهذا العمل الإجرامي  من نتائج التكفير ثم قتل المسلمين واستحلال دمائهم وهذا الصنيع يأخذ صور شتى عند أهل التكفير منها على سبيل المثال لا الحصر :

غزو بلاد المسلمين مثل مدنهم أو قراهم وانتهاك أعراضهم وجعل أموالهم غنائم وسبي نسائهم بسبب التكفير المخالف للشرع. 

 ومن ذلك الاغتيالات لأهل العلم أو رجال الأمن أو لأي مسلم أو للابرياء من أهل العهد والذمة والمستأمنين 

والتصفيات الجسدية لمن خالفهم فكريا وتعذيبهم ويتبع ذلك 

التفجيرات في البيوت أو الأماكن العامة أو في المرافق الخاصة  أو وضع ألغام في سيارة الأبرياء أو في طريقهم أو عن طريق الأحزمة الناسفة. 

كل هذه الصور الإجرامية تولدت من فكر سئ وعقيدة منحرفة نتج عنها التكفير وما تولد منه وعنه من قتل واستحلال دماء الأبرياء

المعصومة دل على تحريمها الكتاب والسنة والإجماع.

فمن ذلك قول الله تعالى وتقدس  : { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}

و قال تعالى : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } 

وقال تعالى وتقدس :{ مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة :" هذا تعظيم لتعاطي القتل - قال قتادة : عظم والله وزرها ، وعظم والله أجرها .

وقال ابن المبارك عن سلام بن مسكين عن سليمان بن علي الربعي قال : قلت للحسن : هذه الآية لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل؟ فقال : إي والذي لا إله غيره ، كما كانت لبني إسرائيل . وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا ."انتهى كلامه رحمه الله بتصرف يسير.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :( مَن خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وفارَقَ الجَماعَةَ فَماتَ، ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً، ومَن قاتَلَ تَحْتَ رايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أوْ يَدْعُو إلى عَصَبَةٍ، أوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فقِتْلَةٌ جاهِلِيَّةٌ، ومَن خَرَجَ علَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّها وفاجِرَها، ولا يَتَحاشَى -وفي رواية:( لا يَتَحاشَ)  مِن مُؤْمِنِها، ولا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فليسَ مِنِّي ولَسْتُ منه). رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه.


وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَاماً) رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه.

وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ) رواه الترمذي رحمه الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي .

وعن أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قالَ :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ ، إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا ، أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ) رواه أبو داود  والنسائي رحمها الله وصححه الإمام  الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود .

ولإقامة حد القتل أسباب شرعية وبذلك ورد الخبر  عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال  : (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة) رواه الإمامان الجليلان البخاري  ومسلم  رحمهما الله في صحيحيهما . 

وروى الإمام البخاري رحمه في صحيحه عن أيوب عن عكرمة أن عليا رضي الله عنه حرق قوما، فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تعذبوا بعذاب الله، ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من بدل دينه فاقتلوه). 

ولا يقوم بهذا الأمر إلا ولاة الأمر كما مر معنا سابقا في الحديث عن التكفير فلا يجوز الافتئات علي مقامهم والتقدم عليهم في امر من صلب اختصاصهم وشأنهم ولأن عملهم بعلم وعدل وانصاف وفق ضوابط شرعية وسلامتهم من الحيف والظلم. 

وأما تحريم التعرض لدماء أهل العهد و الذمة فمستند ذلك الإجماع المبنى على نصوص الوحيين ومنها حديث عَبْدِاللَّهِ بْنِ عمر رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَد مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله في صحيحه .

ومن لطيف كلام  شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله عن الخوارج :"ويكفرون من خالفهم، ويستحلون منه لارتداده عندهم ما لا يستحلونه من الكافر الأصلي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: (يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان)".[مجموع الفتاوى (٢ / ٣٥٥)]. " والخوارج هم أول من كفر المسلمين يكفرون بالذنوب، ويكفرون من خالفهم في بدعتهم، ويستحلون دمه وماله.وهذه حال أهل البدع يبتدعون بدعة ويكفرون من خالفهم فيها. وأهل السنة والجماعة يتبعون الكتاب والسنة ويطيعون الله ورسوله؛ فيتبعون الحق، ويرحمون الخلق"[ مجموع الفتاوى ( ٢ / ٢٧٩)] ويصف الخوارج بأن:" لهم  خاصتان مشهورتان فارقوا بهما جماعة المسلمين وأئمتهم:أحدهما: خروجهم عن السنة، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة، أو ما ليس بحسنة حسنة، وهذا هو الذي أظهروه في وجه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال له ذو الخويصرة التميمي: اعدل؛ فإنك لم تعدل، حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أعدل).الفرق الثاني في الخوارج وأهل البدع: أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات، ويترتب على تفكيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم هي دار الإيمان ".[ مجموع الفتاوى (١٩ / ٧٢ - ٧٣)].

وبتبع هذا بعض رسائلنا حول هذا الموضوع :


《 بعض ما ورد في الكتاب والسنة من إدلة تدل على تحريم دم الذمي والمعاهد والمستأمن  》


https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/08/blog-post_16.html?m=1



《مصطلحات فقهية تختص بالمعاهدين من غير المسلمين والفرق بينها 》




https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/08/blog-post_19.html?m=1



( الفصل السابع  : التشهير في ولاة الأمر والإفتاء بجواز الخروج عليهم ومخالفة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كيفية نصح ولي الأمر ) 


من البدع المنكرة والحوادث الإجرامية  الناتجة عن الجهل والضلال و التكفير ثم انتصارا للهوى والحزبية العمل على التشهير والطعن في ولاة الأمر ونشر الفتاوى المضللة التي ترى الخروج على ولي الأمر أو تخالف الشرع المنزل في كيفية التعامل مع ولاة الامر وطريقة النصيحه الصحيحة لهم. 

وفي رسالتنا التي أتت بعنوان 《 إيضاح الحقوق الواجبة شرعا لولاة الأمر على رعيتهم و التي أتت في الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح مع تفنيد شبهات باطله لمن حاول تهميش هذه الحقوق أو تمييعها أو توهينها  》

     بيان واضح بالأدلة الشرعية والحجج العقلية في إيضاح حقوق ولي الأمر الواجبة في دين الإسلام ورد على شبهات أهل التكفير  وكشف لباطلهم وجرى تضمين الرسالة الحق بالأدلة فق الشرع وضوابطه وهذا هو رابط الرسالة 

    https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/12/blog-post_15.html?m=1




(   الخاتمة ؛  نسأل الله حسنها )


أعلم وفقنا الله وأياكم لمرضاته أن البدعة ضلال وانحراف عن دين الله وهو دين الإسلام الذي ارتضاه الله دينا لعباده ولا تغتر بفعل الناس لها  فعن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما قال: " كُلُّ بدعةٍ ضَلالةٌ وإن رَآها النَّاسُ حَسَنةً "[ صححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة] .و " من ابتَدَعَ في الإسلامِ بِدعةً يَراها حَسنةً فقد زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا خانَ الرِّسالةَ؛ لأنَّ اللهَ يَقولُ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ، فما لم يَكُن يومَئِذٍ دينًا فلا يَكونُ اليَومَ دينًا ".[ من كلام الإمام رحمه الله وهو مروي مشهور عنه] فإن من " أصولُ السُّنَّة عِندَنا: التمَسُّكُ بما كان عليه أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والاقتِداءُ بهم، وتَركُ البِدَعِ، وكُلُّ بدعةٍ فهيَ ضَلالةٌ، وتَركُ الخُصوماتِ في الدِّينِ ".[من كلام الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله من رسالة أصول السنة] 

ولا تخدعك المظاهر وإظهار الخشوع والتنسك والبكاء مع مخالفة السنة فإنما هي رهبانية ابتدعوها ليصيدوا من قل علمه فعنِ ابنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه قال:" الاقتِصادُ في السُّنَّةِ أحسَنُ من الاجتِهادِ في البِدْعةِ"[ صحَّحه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب] 

 .وعليك بالسنة  فعن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه قال: " اتَّبِعوا ولا تَبتَدِعوا؛ فقد كُفْيتُم"[ صحح السند الإمام الألباني رحمه الله في رسالته إصلاح المساجد] .فقد " سَنَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وولاةُ الأمرِ من بَعدِه سُنَنًا، أخَذْنا بها تَصديقًا بكِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، واستِكمالًا لطاعةِ الله تعالى، وقوَّةً على دينِ اللهِ سُبحانَه، من عَمِلَ بها مُهتَدٍ، ومن استَنصَرَ بها مَنصورٌ، ومن خالَفَها اتَّبَعَ غَيرَ سَبيلِ المُؤمنين، ووَلَّاهُ اللَّهُ ما تولَّى، وأصلاهُ جَهنَّمَ وساءَت مَصيرًا "[ من كلام عمر بن عبدالعزيز أمير المؤمنين رحمه الله.. ينظر الشريعة للاجري رحمه الله] ثم " أوصيكَ بتَقوَى اللهِ والاقتِصادِ في أمرِه، واتِّباعِ سُنَّةِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وتَرْكِ ما أحدَثَ المُحْدِثونَ بَعدَ ما جَرَت به سُنَّتُه، وكُفُوا مُؤنَتَه، فعَلَيكَ بلُزومِ السُّنَّةِ؛ فإنَّها لَكَ بإذنِ اللَّهِ عِصمةٌ، ثُمَّ اعلَمْ أنَّه لم يَبتَدِعِ النَّاسُ بدعةً إلَّا قد مَضَى قَبلَها ما هو دَليلٌ عليها أو عِبرةٌ فيها، فإنَّ السُّنَّةَ إنَّما سَنَّها من قد عَلِمَ ما في خِلافِها من الخَطَأِ والزَّللِ، والحُمقِ والتعَمُّقِ، فارْضَ لنَفسِكَ ما رَضيَ به القَومُ لأنفُسِهم؛ فإنَّهم على عِلمٍ وقَفوا، وبِبَصَرٍ نافِذٍ كُفُوا، وهم على كَشفِ الأمورِ كانوا أقوَى، وبِفَضلِ ما كانوا فيه أَولَى، فإن كان الهدَى ما أنتم عليه لَقد سَبَقتُموهم إليه، ولَئِنْ قُلتُم: إنَّما حَدَثَ بَعدَهم ما أحدَثَه إلَّا من اتَّبَعَ غَيرَ سَبيلِهم، ورَغِبَ بنَفسِه عنهم، فإنَّهم هم السَّابِقونَ، فقد تَكَلَّموا فيه بما يَكفي، ووَصفوا منه ما يَشفي، فما دونَهم من مَقْصَرٍ، وما فوقَهم من مَحْسَرٍ، وقد قَصَّرَ قَومٌ دونَهم فجَفَوا، وطَمِحَ عنهم أقوامٌ فغَلَوا، وإنَّهم بَينَ ذلك لعلى هدًى مُستَقيمٍ ".[ رواه ابوداود رحمه الله من عمر بن عبدالعزيز أمير المؤمنين رحمه الله] ف"من رامَ النَّجاةَ من هؤلاء، والسَّلامةَ من الأهواءِ فليَكُنْ ميزانُه الكِتابَ والأثَرَ في كُلِّ ما يَسمَعُ ويرَى، فإن كان عالِمًا بهما عَرَضَه عليهما، واتِّباعَه للسَّلَفِ، ولا يَقبَلُ من أحَدٍ قَولًا إلَّا وطالبَه على صِحَّتِه بآيةٍ مُحكَمةٍ، أو سُنَّةٍ ثابِتةٍ، أو قَولِ صَحابيٍّ من طَريقٍ صَحيحٍ، وليُكثِرِ النَّظَرَ في كُتُبِ السُّنَنِ لِمَن تَقدَّمَ، مِثلُ: أبي داوَدَ السِّجْستانيِّ، وعَبدِ اللهِ بنِ أحمَدَ بنِ حَنبَلٍ، وأبي بَكرٍ الأثرَمِ، وحَربِ بن إسماعيلَ السِّيرجانيِّ، وخشيشِ بن أصرَمَ النَّسائيِّ، وعُروةَ بنِ مَروانَ الرَّقِّيِّ، وعُثمانَ بنِ سَعيدٍ الدَّارِميِّ السِّجِستانيِّ، وليَحذَرْ تَصانيفَ من تَغَيَّرَتْ حالُهم؛ فإنَّ فيها العَقارِبَ ورُبَّما تَعذَّرَ التِّرياقُ ".[ من كلام السجزي رحمه الله من رسالته إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت].

قال الإمام ابن باز رحمه الله : "... أمرنا بالاتباع ونهينا عن الابتداع، وذلك لكمال الدين الإسلامي، والاغتناء بما شرعه الله تعالى ورسوله ﷺ، وتلقاه أهل السنة والجماعة بالقبول، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته.

وفي رواية أخرى لمسلم :( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تسمكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) وكان يقول في خطبته يوم الجمعة: ( أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة). 

ففي هذه الأحاديث تحذير من إحداث البدع، وتنبيه بأنها ضلالة، تنبيها للأمة على عظيم خطرها، وتنفيرا لهم عن اقترافها والعمل بها.والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

وقال تعالى: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سورة الحشر: الآية ٧ ] وقال عز وجل: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة النور: الآية ٦٣ ] وقال تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [ سورةالأحزاب: الآية ٢١ ] وقال تعالى: { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سورة التوبة: الآية  ١٠٠ ] وقال تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دينًا} [ سورة المائدة: الآية ٣ ] وهذه الآية تدل دلالة صريحة، على أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ولم يتوف نبيه عليه الصلاة والسلام إلا بعد ما بلغ البلاغ المبين، وبين للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال، وأوضح أن كل ما يحدثه الناس بعده، وينسبونه إلى الدين الإسلامي، من أقوال وأعمال، فكله بدعة مردودة على من أحدثها، ولو حسن قصده. وقد ثبت عن أصحاب رسول الله ﷺ، وعن السلف الصالح بعدهم، التحذير من البدع والترهيب منها، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين، وشرع لم يأذن به الله، وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى، في زيادتهم في دينهم، وابتداعهم فيه ما لم يأذن به الله، ولأن لازمها التنقص للدين الإسلامي، واتهامه بعدم الكمال، ومعلوم ما في هذا من الفساد العظيم، والمنكر الشنيع، والمصادمة لقول الله عز وجل: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [ سورة المائدة: الآية ٣ ] والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، والمحذرة من البدع والمنفرة منها ".

[ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للإمام ابن باز رحمه الله ( ١ / ٢٢٢)].

رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة. آمين.

اسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن ينفع بهذه الرسالة كاتبها وناسخها و من يقرأها وجعلها الله خالصة لوجهك الكريم صوابا متقبلة ؛ والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً .

-------------------------

 الكاتب عفا الله عنه : غازي بن عوض العرماني.

السبت، 8 يوليو 2023

[[ معنى البدعة ومعنى المبتدع مع قواعد وأسس في تعريف البدعة ]]



بسم الله الرحمن الرحيم 


الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه . { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء: الآية ١ ] . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران : الآية ١٠٢ ] .{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [ سورة الأحزاب : الآية ٧٠ - ٧١] .

اما بعد 

فإن البدعة عبادة محدثة يراد بها من أحدثها مضاهات الدين ومساواتها بالشرع المنزل من الله تعالى ربنا وتقدس. وهي مسلك ابليسي منحرف يراد بها غواية الناس واضلالهم عن صراط الله المستقيم فعلى طالب العلم معرفة البدعة ومعرفة أهلها ولا يتم له ذلك إلا في معرفة شريعة رب العالمين سبحانه وتعالي والعلم بسنة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم فالعبادة لا بد لها من شرطين لصحتها :

أولهما :

الإخلاص بأن يكون علمك وعملك وقولك ودعوتك وشأنك كله لله رب العالمين 

كما قال تعالى :{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 

لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } 

وفي صحيح الإمام مسلم رحمه الله مرفوعا :( أنَّهُ كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ، قالَ: وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ..... الحديث). 

والشرط الثاني لصحة العبادة :

ان يكون عملك صوابا تتابع فيه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وفق هدى سلفنا الصالح بعيدا عن البدعة 

قال الله تعالى :{ ليبلوكم أيكم احسن عملا } 

قال فضيل بن عياض رحمه الله : " { أحسن عملا} أخلصه وأصوبه . وقال : العمل لا يقبل حتى يكون خالصا صوابا ، الخالص : إذا كان لله ، والصواب : إذا كان على السنة" .انتهى كلامه رحمه الله [ ينظر تفسير البغوي رحمه الله لهذه الآية].

وهنا [ قواعد وأسس في تعريف البدعة ] لابد من إيضاحها وبيانها ؛ قال الإمام الألباني رحمه الله تعالی :

" إن البدعة المنصوص على ضلالتها من الشارع هي :

١-

كل ما عارض السنة من الأقوال أو الأفعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهاد.

٢-

كل أمر يتقرب إلى الله به، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٣-

كل أمر لا يمكن أن يشرع إلا بنص أو توقيف، ولا نص عليه، فهو بدعة إلا ما كان عن صحابي.

٤-

 ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار.

٥-

 ما نص على استحبابه بعض العلماء سيما المتأخرين منهم ولا دليل عليه.

٦-

 كل عبادة لم تأت كيفيتها إلا في حديث ضعيف أو موضوع.

٧-

الغلو في العبادة.

  ٨ -

 كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود مثل : المكان أو الزمان أو صفة أو عدد ". اهـ • المصدر :[ كتاب أحكام الجنائز (٢٤٢)].



وفي قول الله تعالى وتقدس : { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ سورة البقرة : الآية ١١٧ ]. ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله كلاما نفيسا في بيان معنى لفظ البدعة والمبتدع أحببنا ايراده لقيمته العلمية ؛ قال رحمه الله :" وقوله تعالى : { بديع السماوات والأرض} أي : خالقهما على غير مثال سبق ، قال مجاهد والسدي : وهو مقتضى اللغة ، ومنه يقال للشيء المحدث : بدعة . كما جاء في الصحيح لمسلم : ( فإن كل محدثة بدعة [ وكل بدعة ضلالة ]) . والبدعة على قسمين : تارة تكون بدعة شرعية ، كقوله : فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة . 

وتارة تكون بدعة لغوية ، كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن جمعه إياهم على صلاة التراويح واستمرارهم : نعمت البدعة هذه .

وقال ابن جرير : وبديع السماوات والأرض : مبدعهما . وإنما هو مفعل فصرف إلى فعيل ، كما صرف المؤلم إلى الأليم ، والمسمع إلى السميع . ومعنى المبدع : المنشئ والمحدث ما لم يسبقه إلى إنشاء مثله وإحداثه أحد .

قال : ولذلك سمي المبتدع في الدين مبتدعا ; لإحداثه فيه ما لم يسبق إليه غيره ، وكذلك كل محدث فعلا أو قولا لم يتقدمه فيه متقدم ، فإن العرب تسميه مبتدعا . ومن ذلك قول أعشى ثعلبة ، في مدح هوذة بن علي الحنفي :

يدعى إلى قول سادات الرجال إذا أبدوا له الحزم أو ما شاءه ابتدعا

أي : يحدث ما شاء .

قال ابن جرير : فمعنى الكلام : فسبحان الله أنى يكون لله ولد ، وهو مالك ما في السماوات والأرض ، تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية ، وتقر له بالطاعة ، وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصل ولا مثال احتذاها عليه . وهذا إعلام من الله عباده أن ممن يشهد له بذلك المسيح ، الذي أضافوا إلى الله بنوته ، وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال ، هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته .

وهذا من ابن جرير ، رحمه الله ، كلام جيد وعبارة صحيحة ".انتهى كلامه رحمه الله. [ المصدر : ١- تفسير بن كثير رحمه الله. ٢- تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله.] 

رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه ؛ والله اعلم وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 

°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .

[[ التحذير من مقطع فيديو فيه ألفاظ محدثة لم ترد في الكتاب والسنة أو عن احد من السلف الصالح ]]




بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً 
اما بعد 
فقد ارسل  احد الإخوة طلاب العلم مقطع فيديو يتضمن شرحا لبعضهم  لأحد كتب شيخ الاسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وهذا الشرح يوجد فيه  أخطاء عقديه منها على سبيل المثال لا الحصر :

            (    أولا    ) 

تفسيره :{ استوى} 
جاء إيضاحه ناقصا 
قال الإمام ابن باز رحمه الله : "  قوله سبحانه وتعالى : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}  فسره علماء السنة بأنه العلو والارتفاع، يعني: ارتفع فوق العرش وعلا فوقه سبحانه وتعالى بدون كيف، أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان يقولون في صفات الرب عز وجل : إن الواجب إثباتها وإمرارها كما جاءت بلا كيف، يعني: نثبتها لله ونؤمن بها وأنها حق، ولكن لا نكيفها، لا نقول: إنها بكيفية كذا وكيفية كذا، سئل مالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه، وأحد الأئمة الأربعة، سئل رحمة الله عليه عن قوله جل وعلا:{ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، كيف استوى؟ فأطرق طويلاً ثم قال رحمه الله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، فالواجب على أهل العلم والإيمان، وعلى جميع المسلمين أن يؤمنوا بأسماء الله وصفاته التي جاءت في القرآن العظيم أو السنة الصحيحة، وأن يمروها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأنها صفات الله وأنها أسماؤه وأنها حق، وأن معانيها حق يليق بالله جل وعلا، معانيها تليق بالله لا يشابه خلقه في شيء من صفاته سبحانه وتعالى.فالاستواء: هو العلو والارتفاع فوق العرش، وهو معلوم من حيث اللغة العربية، ولكن كيفيته مجهولة، ما نعلم كيف استوى، ولكن نقول: إنه استوى على عرشه وارتفع فوق عرشه ارتفاعاً يليق بجلاله وعظمته لا يشابه الخلق في صفاتهم، لا في الاستواء ولا في غيره؛ لقوله سبحانه وتعالى :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} " انتهى [ من كلام الإمام ابن باز رحمه الله من موقعه الرسمي]. 

             (  ثانيا ) 
ذكر أن العقيدة تؤخذ عن الكتاب والسنة والأثر 
والصحيح :
لابد من بيان معنى العقيدة هنا إذ يقصد بها توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الله في أسمائه الحسنى اوصفاته العلى لا يؤخذ من الآثار فهو  وقف على خبر الكتاب والسنة فقط في إثبات أسماء الله الحسنى والصفات العلى؛ أو نفي عنه مانفاه الله عن نفسه  اما عند فهم أسماء الله الحسنى وصفاته العلى فيجب  الرجوع إلى هدى السلف الصالح وآثارهم في فهمها ومن ذلك ما أورده الإمام ابن كثير رحمه الله   في تفسيره عند قوله تعالى :{ فاطر السموات  } فقد ذكر قصة تدل على المقصود قال رحمه الله : " قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ لَا أَدْرِي مَا فاطر السموات وَالْأَرْضِ، حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا [لِصَاحِبِهِ] : أَنَا فَطَرْتُهَا، أَنَا بَدَأْتُهَا ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى. 
فأسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته وقف على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم  وذلك ان علمها  خبر عن ذات الله سبحانه وتعالى ولا يعلم ذات الله سبحانه وتعالى أو صفاته الا هو سبحانه وتعالى أو يوحي إلى رسله ما يشاء من أسمائه الحسنى أو صفاته العلى فهي من أمور الغيب التي استأثر الله بعلمها  ومن الادلة على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ماأصاب أحدًا قط همٌّ و لا حزنٌ ، فقال : اللهمَّ إني عبدُك ، و ابنُ عبدِك ، و ابنُ أَمَتِك ، ناصيتي بيدِك ، ماضٍ فيَّ حكمُك ، عدلٌ فيَّ قضاؤُك ، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك ، أو أنزلتَه في كتابِك ، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك ، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ، و نورَ صدري ، و جلاءَ حزني ، و ذَهابَ همِّي ، إلا أذهبَ اللهُ همَّهُ و حزنَه ، و أبدلَه مكانَه فرجًا قال : فقيل : يا رسولَ اللهِ ألا نتعلَّمُها ؟ فقال بلى ، ينبغي لمن سمعَها أن يتعلَّمَها).
أخرجه أحمد وابن حبان رحمهما الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ( ١٩٩) وفي شرح الطحاويه ( ١٠٨ )؛ من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ؛ فدل الحديث على ان أسماء الله الحسنى أو صفاته العلى إما أخبار الله عنها بتنزيل الله سبحانه وتعالى للأسماء والصفات في كتبه المنزلة على رسله عليهم  الصلاة والسلام ومنها القرآن الكريم أو تعليمها لأحد من خلقه وهم الأنبياء والمرسلين فقط عليهم الصلاة والسلام وافضلهم وخاتمهم نبينا محمد صلى وسلم وبارك الله عليه وعلى آله .كما دل الحديث على أن هنا أسماء لله حسنى استأثر الله بعلمها
فلا يعلمها إلا هو تعالى ربنا وتقدس. واما الأدلة الشرعية في أصول الدين كالعبادات و الأحكام  و غير ذلك من مسائل الدين العظيمة  فتؤخذ من أدلة الكتاب العزيز والسنة النبوية  ثم ما جرى عليه اجماع السلف الصالح وهديهم وفهمهم المستند المستمد من كلام الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وعلى كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن ساريه رضي الله عنه :(.... فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كُلَّ بِدعةٍ ضَلالةٌ ) أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود رحمه الله. ومن الإجماع   الاتفاق على صحة تقسيم أنواع التوحيد الثلاثة؛ توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء الحسنى والصفات العلي وتوحيد الألوهية . 

              (     ثالثا  ) 
ورد في ثنايا هذا الشرح مصطلح الجوهر وهو لفظ مستمد من عبارات الفلاسفة وعنهم انتقل الى اذنابهم  المتكلمة من المعطلة الجهمية[ من غلاة الجهمية والمعتزلة والكلابية الأشاعرة وغيرهم من فرق المتكلمة ] و له معاني كثيرة متعددة   :
فقول أن الله جوهر أو عرض أو جسم هذا لفظ محدث فلا يجوز وصف الله بذلك ، كما لا يجوز لنا أن نثبت ذلك، لأنه لم يرد في القرآن ولا السنة إثبات هذه الألفاظ أو نفيها ، وأسماء الله الحسنى وصفاته العلى مصدرها الكتاب العزيز والسنة النبوية فإذا لم يرد فيهما إثبات ولا نفي وجب علينا التوقف .
 وهذا القول :" صفات الله لا تماثل  صفات المخلوقين في جوهرها "...
كلام محدث قد يحتمل معنى حقا أو معنى باطلا
والا فمعنى صفات الله تعالى وتقدس معروف.
والكيف مجهول.
و إنكاره هنا للجوهر يتضمن إنكار المعنى المعروف للصفة . 
وايراد  هذه العبارة في هذا الموضع لم يقل به أحد من سلفنا الصالح والذي يظهر لي أن عبارة  : ( في جوهرها) 
لم ترد عن الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.. إذ لا توجد في كتاب التوحيد هذه العبارة 
فتنبه. 
 فلعل  مقطع الفيديو يتم حذفه وإلغاؤه 
ويحذر منه..
وقد يكون فيه اخطاء أخرى عند التأمل .. لذا وجب تكرار التحذير منه.
رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه. والله اعلم وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
..........
كتبه : غازي بن عوض العرماني.

الأربعاء، 5 يوليو 2023

[[ من هو الإمام عبيد بن عبدالله بن سليمان الحمداني الجابري رحمه الله ]]


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

اما بعد 

فهذه ترجمة مختصرة وفيها بيان عن جهود احد كبار علماء الإسلام وشيوخها

 فهو والأئمة مثل الألباني وابن باز وربيع المدخلي ومقبل الوادعي ومحمد أمان الجامي و زيد المدخلي وأحمد النجمي و العثيمين وتقي الدين الهلالي - رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ونفعنا الله وإياكم بعلم الجميع - من اعلام السنة اتباع السلف الصالح ومن المجددين للدين في هذا العصر. 

وشيخنا الذي اردنا الكلام عنه في رسالتنا هذه المتواضعة هو الإمام العلامة العالم الجليل عبيد بن عبد الله بن سليمان الحمداني الجابري رحمه الله تعالى من بني عمر

من قبيلة حرب القبيلة العربية المباركة .

من ساكني المدينة النبوية عاش معلما للخير لأمة محمد صلى الله عليه وسلم محبا لهم ناشرا لهدي السلف الصالح منتصرا للسنة وأصحابها ؛ له عناية في تعليم التوحيد والسنة  فهو الامام العلم العلامة الحبر الفهامة من العاملين بعلمهم 

من الزهاد ذوي التقى والورع 

  من كبار علماء السنة والجماعة اتباع السلف الصالح ومن ائمتهم عرف بدفاعه عن  السنة و

ذبه عن اصول سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وذوده عن أهل الحديث ودفاعه عنهم مع إنكاره للبدع والمحدثات في الدين وكان له صولة سنية اشتهر بها في تحذيره من أهل الفرق ورموز الجماعات التكفيرية ولكل من خالف نهج السلف الصالح لاتاخذه في الله لومة لائم فلا يداري  احدا ولو كان من  قرابته وهو ممن عني بالجرح والتعديل واختص به فهو  من أئمة هذا الشأن  ومن المقدمين المبرزين فيه.. 

وأهل البدع و أصحاب التكفير يعرفون له سطوته عليهم وله مهابة في قلوبهم

لتعريته لباطلهم

 وفضحه لسوء معتقدهم

وتفنيده لشبهات فساد منهجهم القائم على تمييع دين الإسلام وتحريفه؛ فكان عليهم سيفا مصلتا مسلطا عليهم.

فمن كره هذا الشيخ الجليل أو طعن فيه بغير حق فكن على حذر منه فهو حزبي متلون . 

مات في هذه السنة ١٤٤٤ من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم رحمه الله تعالى وعفا عنه وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.

ومن أراد المزيد عن ترجمة هذا العالم الجليل فله موقع بإسمه وفي هذا الموقع تعريف به وترجمة لحياته ومشايخه وأعماله ومؤلفاته  . 

والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

..........

كتبه واملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.

الأحد، 2 يوليو 2023

[[ إيضاح حكم الجمع بين الصلاتين المفروضة وتفنيد الفهم الخاطئ وذلك في بيان الفهم الصحيح لعبارة ابن عباس رضي الله عنهما :( أَنْ لا يُحْرِجَ أَحَدًا مِن أُمَّتِهِ.) ]]



بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب  العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً

اما بعد

فقد اطلعني احد الاخوة ممن يحرص على العلم النافع على فتوى في حكم الجمع بين الصلاتين المفروضتين جنح فيها  هذا المفتي في ايراده  لصور رأى فيها جواز  الجمع بين الصلاتين الفريضتين بلا موجب شرعي والا " فالواجب على المسلمين أن يصلوا كل صلاة في وقتها، وأن لا يجمعوا إلا من عذر شرعي، وهذه المرة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم  محمولة على أنها كانت لعذر شرعي أراد دفع الحرج عن أمته عليه الصلاة والسلام- بسبب ذلك العذر الذي لم يذكر في الحديث.

والواجب على الأمة أن تأخذ بالأمور المحكمة الواضحة، وأن تدع المشتبهات، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ}. [سورة آل عمران: الآية 7 ].

فلا يجوز للمؤمن أن يأخذ بالمتشابه الذي ليس فيه وضوح، ويدع المحكم الواضح البين، الذي هو صلاته كل صلاة في وقتها في حياته ﷺ في المدينة مدة عشر سنين عليه الصلاة والسلام وقد وضح للأمة ذلك وقال: ( الصلاة بين هذين الوقتين) وقال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي).فلا يجوز أن نأخذ بشيء لم يتضح سببه يخالف الأحاديث الصحيحة، والعمل المستمر في حياته ﷺ بل هذا من اتباع المتشابه الذي لا يجوز لأهل الإيمان، فإذا وجدت علة تسوغ الجمع؛ فلا بأس، كالمرض والمطر والسفر ونحو ذلك؛ فلا بأس بذلك، كما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- في أسفاره، ورخص للمستحاضة أن تجمع لعذرها، والمريض كذلك معذور، فلا بأس بذلك للعذر الشرعي" [ انتهى من كلام الإمام ابن باز رحمه الله من موقعه الرسمي].

وقد أتى تهاون هذا المفتي عفا الله عنا وعنه وعن المسلمين بسبب فهمه الخاطئ لما روى البخاري ومسلم رحمهما الله في الصحيحين : ( أن النبي عليه الصلاة والسلام جمع بين المغرب، والعشاء، صلى ثمان جميعًا، وسبعًا جميعًا، المغرب، والعشاء، والظهر، والعصر) ، وفي رواية مسلم زيادة:( من غير خوف، ولا مطر) ، وفي رواية أخرى:( ولا سفر) 

وفي صحيح مسلم رحمه الله :

( صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بالمَدِينَةِ، في غيرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ) قالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَسَأَلْتُ سَعِيدًا: لِمَ فَعَلَ ذلكَ؟ فَقالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كما سَأَلْتَنِي، فَقالَ: أَرَادَ أَنْ لا يُحْرِجَ أَحَدًا مِن أُمَّتِهِ.

والرد عليه يكمن في أمور منها :

           (    اولا   ) 


بالفقه الصحيح لهذا الحديث :

وذلك ان قول ابن عباس رضي الله عنهما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة من غير عذر ولامطر 

لأسباب منها :

       [        أ        ] 

معلوم بداهة أن دين الإسلام وهو دين الله سبحانه وتعالى الذي ارتضاه لعباده إنما هو وقف على كلام الله سبحانه وتعالى وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم وفق هدى وفهم سلفنا الصالح  والسنة النبوية إما تأت بشرع ابتدائي أو تأت إيضاح لما أتى في كلام الله تعالى وتقدس. 

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أتت  بيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين للناس حكما شرعيا وذلك أنه يجوز الجمع رفعا للحرج عن امته وتحريجها إما بوجود مطر، أو آثار من آثار نزوله ومن ذلك وجود دحض وهوان يتعرص الناس للزلق في طرقاتهم بسبب الطين فيتضرروا ، أو لوجود وباء عام يخاف منه  فلهذا جمع عليه الصلاة والسلام


    [         ب         ] 

ذكر أهل العلم 

أن جمعه هذا  قبل أن تستقر الشريعة في وجوب كل صلاة في وقتها، وعدم جواز الجمع إلا من علة، ثم استقرت الشريعة على أنه لا يجوز الجمع إلا لعلة واضحة من مرض، أو نحوه، أو سفر.

وقد جاءت الأدلة بعد ذلك، بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقت للناس المواقيت، وبين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم المواقيت أولها، وآخرها،ففي الحديث الصحيح المرفوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أمني جبريلُ عندَ البيتِ مرَّتينِ فصلَّى بيَ الظُّهرَ حينَ زالتِ الشَّمسُ وَكانت قدرَ الشِّراكِ وصلَّى بيَ العصرَ حينَ كانَ ظلُّهُ مثلَهُ وصلَّى بيَ يعني المغربَ حينَ أفطرَ الصَّائمُ وصلَّى بيَ العشاءَ حينَ غابَ الشَّفَقُ وصلَّى بيَ الفجرَ حينَ حرمَ الطَّعامُ والشَّرابُ على الصَّائمِ فلمَّا كانَ الغدُ صلَّى بيَ الظُّهرَ حينَ كانَ ظلُّهُ مثلَهُ وصلَّى بي العصرَ حينَ كانَ ظلُّهُ مثليهِ وصلَّى بيَ المغربَ حينَ أفطرَ الصَّائمُ وصلَّى بيَ العشاءَ إلى ثلثِ اللَّيلِ وصلَّى بيَ الفجرَ فأسفَرَ ثمَّ التفتَ إليَّ وقالَ يا محمَّدُ هذا وقتُ الأنبياءِ من قبلِكَ والوقتُ ما بينَ هذينِ الوقتين)

رواه أحمد والنسائي والترمذي وابوداود بألفاظ وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح النسائي وصحيح ابي داود رحمهما الله

وقد أتى في كلام الله سبحانه وتعالى وجوب المحافظة على أوقات الصلاة :{ أن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} 

اي ان كل فرض من فروض الصلاة له وقت محدد فرض فيه وبهذا أتت السنة وعليه إجماع المسلمين.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة  :" وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) قال ابن مسعود : إن للصلاة وقتا كوقت الحج". انتهى كلامه رحمه الله بتصرف. 

قال عمر بن الخطاب رضي الله : " الجمع من غير عذر من الكبائر".


      [        ج          ]


ثم في توضيح المعنى الصحيح لهذا الحديث من أجل أن تبين السنة  ودفعا لتوهم الجهلة بإتيانهم بفهم من عندهم يخالف الشرع  ورفعا للاشكال الحاصل  يقول الإمام الألباني رحمه الله  :  

" قال ابن عباس[ رضي الله عنهما] أراد ألا يحرج أمته عليه الصلاة والسلام ومعنى ذلك قيد حكم الجمع في الإقامة بوجود الحرج في عدم الجمع وحيث وجد الحرج في إقامة الصلوات في مواقيتها المعروفة فدفعا للحرج الذي نفاه الله عز وجل في مثل قوله : {وما جعل عليكم في الدين من حرج } يجوز الجمع أما إذا لم يكن هناك حرج حين ذاك وجب المحافظة على أداء الصلوات الخمس كل صلاة في وقتها لأنه لا حرج مثلا أنا جالس هنا وأسمع الأذان هناك في المسجد القريب مني وأنا قادر على الخروج وليس شيء من الحرج عليّ أن أخرج فلا يجوز ليّ الجمع وعلى العكس من ذلك لما جئت في هذه السفرة وجدت هذا المصعد الكهربائي متعطلا وأنا يصعب عليّ جدا كما ترون [  لوجع : اي مرض فهنا عذر ] في ركبي أن أهبط وأنزل بطريق السلم أو أن أصعد فمضى عليّ بعض الصلوات لا أخرج إلى المسجد لكن لما صلح المصعد الكهربائي فوفر عليّ صعوبة الطلوع والنزول صار لزاما عليّ أن أصلي كل صلاة في المسجد لأني لا أجد ذاك الحرج الذي وجدته أول ما حللت ها هنا فإذا إنما يجوز الجمع لدفع الحرج وحيث لا حرج لا جمع فهما أمران متلازمان لا حرج لا جمع فيه حرج فيه جمع وهذا أحسن ما يقال في التوفيق بين هذا الحديث الصحيح وبين الأحاديث التي تأتي مصرحة بكل صلاة لوقتها وإنه لا يجوز الالتهاء عنها وبخاصة أن الجمع يستلزم في أكثر الأحوال الإعراض عن الصلاة مع الجماعة كما وصفت لكم حالي الأولى". [ فتاوى الإمام الألباني رحمه الله. فتاوى أهل الحديث والأثر . فتاوى جدة شريط رقم  (  ٣٢ ) بتصرف يسير ].


         (     ثانيا  ) 

ان للعلم والفتوى أهل هم علماء السنة اتباع السلف الصالح فإما الجهلة و أهل البدع فليسوا اهلا أن يؤخذ عنهم العلم أو الفتوى فالجاهل بسبب جهله[ البسيط] والمبتدع الضال فبسبب [ جهله المركب] وذلك بتحريفه وانحرافه وضلاله وقد بين الله سبحانه وتعالى من يرجع إليه في بيان دينه فقال تعالى وتقدس : { فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون }

وهم علماء السنة اتباع السلف الصالح؛ "وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل. فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث، وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة"[ مابين "" من كلام الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة] . 

وفي صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا : ( إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا ). 

فدل هذا الحديث أن من أسباب قبض العلم وانتشار الضلال والجهل هو اخذ العلم و الفتيا عن العوام الجهلة أو من أهل الضلال والانحراف .


             (     ثالثا   ) 

 الصلاة هي قرة عين المؤمن كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :( وجُعِلَ قرةُ عيني في الصلاة) رواه النسائي رحمه الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح النسائي.

قال الحافظ النووي رحمه الله في كتابه القيم رياض الصالحين :

" باب فضل الصلوات:

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [سورة العنكبوت: الآية 45].

1/1042- وَعنْ أَبي هُرَيْرةٍ رضي الله عنه قَال: سمِعْتُ رسُول اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:( أَرأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِباب أَحَدِكم يغْتَسِلُ مِنْه كُلَّ يَوْمٍ خَمْس مرَّاتٍ، هلْ يبْقى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ؟) قالُوا: لا يبْقَى مِنْ درنِهِ شَيْء، قَال:( فذلكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يمْحُو اللَّه بهِنَّ الخطايا) متفقٌ عَلَيْهِ.

2/1043- وعنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( مثَلُ الصَّلواتِ الخَمْسِ كمثَلِ نهْرٍ جارٍ غمْرٍ عَلى بَابِ أَحَدِكُم يغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خمْسَ مرَّاتٍ) رواه مسلم.

3/1044- وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رجُلًا أَصاب مِنِ امْرأَةٍ قُبْلَةً، فأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخبرهُ فأَنزَل اللَّه تَعَالَى: {وأَقِم الصَّلاةَ طَرفي النَّهَار وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، إِنَّ الْحَسنَاتِ يُذهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [ سورة هود : الآية 114] فَقَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذَا؟ قَالَ: ( لجمِيع أُمَّتي كُلِّهِمْ) متفقٌ عليه."

والصلاة هي الراحة والطمأنينة والسكينة لهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرحنا بها يابلال)

رواه أبو داود رحمه الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود. 

وذلك ان الصلاة رَّاحةُ مِنْ تَعَبِ الدُّنيا ومَشاغِلِها؛ لِمَا فيها مِنْ مُناجاةٍ للهِ تعالى مع مافيها من راحةٍ للرُّوحِ والقَلْبِ.وليست هما وتعبا كما يتصور ذلك من قل نصيبه من العلم وقد رأينا من يوجد الأعذار الواهية و يتحجج في تركها في فهم خاطئ تلوى فيه أعناق النصوص الشرعية اتباعا  لهوى النفس وشهواتها وحظوظها الفانية وفي هذا المسلك يظهر  اسلوب في الكسل عن طاعة رب العالمين سبحانه وتعالي.

لذا جرى تحرير هذه الرسالة ايضاحا للفهم الصحيح لهذا الحديث ورفعا للجهل في فريضة شرعية عظيمة هي الركن الثاني من أركان الإسلام. 

رزقنا الله وإياكم وهذا الأخ المفتي ؛ العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه. 

والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.. 

--------------------

كتبه واملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .