ارسل الي احد المشايخ الفضلاء ممن أكن لهم المحبة لعلمي بوافر علمه وحسن خلقه وطيب معدنه هذه الرسالة ونصها :
" قال الله تعالى : { يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ } واعلم أن هذه الآية دلت على أن كل من وسع على عباد الله أبواب الخير والراحة ، وسع الله عليه خيرات الدنيا والآخرة ، ولا ينبغي للعاقل أن يقيد الآية بالتفسح في المجلس ، بل المراد منه إيصال الخير إلى المسلم ، وإدخال السرور في قلبه [ من تفسير الرازي لهذه الآية ] " انتهى كلامه.
فأحببت تنبيه هذا الشيخ برسالة فقلت له :"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كيف حال الشيخ ؟
الآية دلت بمنطوقها على ادب التفسح في المجالس وهذا كلام الله سبحانه وتعالى وليس [ للرازي ] أن يأت براي من عنده يخالف كلام الله سبحانه وتعالى
وأما مجالات الخير والتي منها إيصال الخير إلى المسلم وادخال السرور في قلبه فهي واسعة وقد بينها الله سبحانه وتعالى في آيات اخرى وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة في سنته صلى الله عليه وسلم " .
فأتحفنا هذا الشيخ بفائدة علمية حيث قال :"لم ينف دلالة الآية ولكنه نظر إلى الحكمة من الحكم فوسع القول فيه ، أرأيت قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يتناجى اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه " هذه علة الحكم ، فيؤخذ منه أن كل مايحزن المسلم يجب الابتعاد عنه ، وليس في ذلك إبطال لمنطوق الحديث ، وفقكم الله وزادنا وإياكم هدى وتوفيقا " .
انتهى كلامه .
فقلت له :
" آمين "
ثم :" لا شك أن الحكمة من افساح المكان في جزء من المجلس أثناء ازدحامه يشكر عليه من قام بالافساح وفيه توسيع على المسلمين وادخال السرور على قلوبهم وفي قول فضيلتكم مستشهدا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لا يتناجى اثنان دون الثالث فإنه يحزنه).الحكمة واضحة إذ في النهي منع من احزان المسلم لكن الاشكال الذي جرى لإخيك هو في قول الرازي رحمه الله :" ولا ينبغي للعاقل أن يقيد الآية بالتفسح في المجلس ..." إنتهى كلامه...فهو يتحدث عن نص الآية الظاهر وحكمها البين وليس هنا كما هو ظاهر ذكرا للعلة أو الحكمة ولو قال الناس بهذا القول لا أفسد التأويل تحت جنح العلة والحكمة كثيرا من ظاهر نصوص الوحيين .
والرازي ليس من أهل الحديث بل صاحب التفسير مفاتيح الغيب من كبار الاشاعرة ومنظريهم وعندهم تأويل ظاهر النصوص والحكمة والعلة ويعنون بها إن الله عز وجل لا يفعل الفعل لحكمة، وإنما يفعله لمحض المشيئة والإرادة .
وله كلام في التعطيل الجهمي ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نقض التاسيس وله كلام في السحر والشعوذة وقد رجع عن قوله هذا وتاب ورجع إلى منهج السلف الصالح وممن شهد له بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير والذهبي رحمهم الله وهو صاحب القول المشهور الذي نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى وفيه يقول :
" لقد تأملت الكتب الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ، ولا تروي غليلاً ، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن ، أقرأ في الإثبات : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } وأقرأ في النفي : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ( {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } . ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي " .
وتفسير الرازي لا ينصح به لعامة الناس ".
فتنبه هذا الشيخ إلى ما قلت .