بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخ المحب ...........
سلمكم الله ورعاكم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
فكان سؤالك عن عبارة : " كل مصيبة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم جلل " ..فالمعهود في عرفنا أن الجلل الأمر العظيم فكيف أتى هنا بمعنى الأمر الحقير أو الصغير .
وعند الرجوع إلى اللفظ جلل ومعناه في لغة العرب نجده يأت في قائمة ألفاظ الاضداد او الالفاظ المتضادة وهي ألفاظ اتحد لفظها كتابة ونطقا فلا فرق بينها البته لكن سياق حديث المتكلم يبين المعنى المراد ؛ فيقال لمعنى اللفظ ويقال لضده وهو هنا بمعنى الأمر العظيم ويأت بمعنى ضده وهو الأمر الحقير الصغير
قال الزبيدي رحمه الله في كتابه النفيس والذي هو معجم للغة العرب والذي جعل عنوانه تاج العروس وهو شرح القاموس للفيروزآبادي رحمه الله فيقول متحدثا عن اللفظ الذي طلب الاستفسار عنه نجده يقول :
"والجَلَلُ مُحرَّكةً : الأَمْرُ العَظِيمُ والصَّغِيرُ ضِدٌّ ؛ فمِن العَظيم قولُ الحارث بنِ وَعْلَةَ الجَرْمِي :
فلَئِنْ عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلاً ... ولَئِنْ سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمِي ..
وبمَعْنى الهَيِّن اليَسِير قولُ امرِئ القَيس حين قُتِل أبوه :
بِقَتْلِ بني أَسَدٍ رَبَّهُم ... أَلا كُل شيء سِواهُ جَلَلْ .
وقال حَضْرَمِيُّ بن عامِرٍ في جَزْءِ بن سِنانِ بن مَوْءَلَةَ :
يَقولُ جَزْءٌ ولم يَقُلْ جَلَلَا ... إِنِّي تَرَوَّحْتُ ناعِماً جَذِلَا .
وقال الراغب : الجَلَلُ : المُتَناوَلُ مِن البَعَر وعُبِّر به عن الشيء الحَقِير وعلى ذلك قولُه : [ فكُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَه جَلَلٌ ] " . انتهى كلامه رحمه الله.
وهنا أخي الكريم لا تتعجب فلقد تبين أن هذا اللفظ وهو :[ جلل ] من ألفاظ الاضداد ولهذا اللفظ أمثلة مثل لفظ التعزير
قال الله تعالى وتقدس : { لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } .قال أهل التفسير في: { تعزروه} أي تعظموه وتجلوه ..
وانظر ضده في لفظ حكم التعزير : فالتعزير : عقوبة مشروعة بغرض التأديب على معصية أو جناية لا حد فيها ولا كفارة، أو فيها حد، لكن لم تتوفر شروط تنفيذه، كالقذف بغير الزنا، وكالمباشرة في غير الفرج، وغير ذلك،
والفاظ الاضداد او المتضادة في لغة العرب : كلمات متحدة في اللفظ ؛ متضادة في المعنى "
ومن الأمثلة كذلك لفظ القرء فتعني الطهر وتعني الحيض في آن واحد ويعرف معناها من سياق كلام المتحدث.
وكتاب الأضداد لابن الأنباري رحمه الله من أفضل من كتب في هذا الموضوع لغزارة مادته ، وكثرة شواهده ، وسعة علم مؤلفه ، فابن الأنباري رحمه الله احد كبار علماء اللغة العربية الذين تحدثوا عن قضية الأضداد وحاولوا إثباتها بالأدلة الشواهد ،
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .
--------------------
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .