الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
اما بعد
فهذا سائل يسأل و يقول :
يلاحظ من خلال تأمل واقع وقضايا المسلمين المعاصرة أن حكم الملوك والامراء في الغالب أقرب إلى العدل والرحمة من حكم رؤوساء الجمهوريات فما السبب في هذا الأمر ؟
فنقول ومن الله تعالى نستمد التوفيق والإعانة والسداد وعليه التكلان :
الجواب :
الذي يظهر والله أعلم من ظاهر النصوص الشرعية ان حكم الملوك والأمراء أقرب للشرع وكلما قرب الأمر إلى الشرع حل الخير ونزلت البركة ؛ ومعلوم بداهة أن طرق الحكم المعتبرة شرعا في دين الإسلام هي ثلاث طرق :
الأولى:
الشورى بين أهل الحل والعقد في أختيار ولي الأمر.
الثانية :
البيعة بالعهد لمن كان بعده .
الثالثة :
الغلبة والقوة والقهر .
وهذه الطرق معتبرة شرعا متفق عليها بين كبار علماء الاسلام لدلالة النص ولإنعقاد الإجماع عليها .
و كل هذه الأمور تجتمع في إختيار الملك أو الأمير او السلطان خلافا لحكم غيرهم فطريقتهم في نشأتها وفي اثنائها وفي عملها متبع فيها الديمقراطية الحادثة. مع ما فيها من فكر منحرف .
و يشاهد ان في الديمقراطية الغربية إقصاء للأسلوب الشرعي الحنيف وإبعاد للشورى الشرعية لأهل الحل والعقد في الغالب الأعم .
كما أن الذي يظهر ان مسمى الجمهورية مسمى مولّد مستهجن غريب اللفظ والمعنى معا مع حداثة ولادته في لغة العرب؛ ويظهر فيه حكم الجمهور والميل إلى ترك حكم رب الجمهور في الغالب .
وكان النبي سليمان عليه الصلاة والسلام وقبله والده داود عليه الصلاة والسلام ملوكا أنبياء
ثم أنظر ثناء الله سبحانه وتعالى على آل إبراهيم عليهم الصلاة والسلام في قوله الله تعالى : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا }.[ النساء : ٥٤ ].
وثبت في سنة الرسول الكريم صلى اللهُ عليه وسلم ما يثبت هذا المعنى ويؤيده ماصح عن ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: قال رسول الله ﷺ :«( أول هذا الأمر نبوة ورحمة، ثم يكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكا ورحمة، ثم يكون إمارة ورحمة ..... ) الحديث أخرجه الطبراني رحمه الله تعالى في المعجم الكبير حديث رقم ( ١١١٣٨ ) وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة حديث رقم( ٣٢٧٠ ).
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
جلسَ جبريلُ إلى النبيِّ فَنظرَ إلى السَّماءِ ، فإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ ، فقال لهُ جبريلُ : ( هذا المَلَكُ ما نزلَ مُنْذُ خُلِقَ قبلَ هذه السَّاعَةِ ) ، فلمَّا نزلَ قال : ( يا محمدُ ! أَرْسَلَنِي إليكَ رَبُّكَ ؛ أَمَلَكًا جعلكَ ، أَمْ عبدًا رَسُولًا ؟ ) قال لهُ جبريلُ : ( تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يا محمدُ ) .
فقال رسولُ اللهِ : ( لا بَلْ عبدًا رَسُولًا ) .
رواه أحمد والبزار وابو يعلى رحمهم الله وصحه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب حديث رقم ( ٣٢٨٠ )
ووجه الاستدلال من هذا الحديث : ان فيه دلالة واضحة على فضل الملك فلو كان الملك شرا لما خير الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين غيره .
واخيرا ننبه على أمر عظيم هو أصل من أصول معتقد دين الإسلام وهذا المعتقد ثابت في الكتاب العزيز والسنة النبوية وإجماع المسلمين خلافا للخوارج وأهل التكفير للمجتمع الإسلامي :
وذلك إن جميع انواع صور الحكم :
( الملكي والاميري والسلطاني والرئاسي الجمهوري)
يجب فيها شرعا : وجوب السمع والطاعة لهم وتنعقد ولايتهم ويصح حكمهم بجميع صور انواع الحكم وذلك إذا تولى الحاكم زمام أمور البلاد ودانت له العباد ويحرم حينئذ الخروج عليه باللسان او اليد او الطعن فيه تصريحا او تلميحا بالقول اوالفعل وهذا إجماع علماء السنة اتباع السلف الصالح المبني على دلالة الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة
وفي خاتمة الجواب ؛
أقول لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها في ولي امرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وفي ولي امرنا ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهم الله ورعاهم وان يكفيهم شر الاشرار وكيد الفجار وفسقة الجن والإنس ؛ وهذه العبارة ونصها :( لو كانت لي دعوة مستجابة …… )؛ قيل إنها للامام احمد رحمه اللهُ تعالى وقيل إنها للفضيل بن عياض رحمه اللهُ تعالى ففي كتاب السنة للبربهاري رحمه الله تعالى:"
يقول فضيل بن عياض: لو كانت لي دعوة ما جعلتها إلا في السلطان.
أنبأنا أحمد بن كامل، قال: حدثنا الحسين بن محمد الطبري، قال: أنبأنا مردويه الصائغ، قال: سمعت فضيلاً يقول: لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان، قيل له: يا أبا علي! فسر لنا هذا؟ قال: إذا جعلتها في نفسي لم تعدني، وإذا جعلتها في السلطان صلح، فصلح بصلاحه العباد والبلاد ".
فأسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يوفق جميع حكام المسلمين من ملوك وأمراء وشيوخ ورؤساء إلى مايحبه الله ويرضاه وأن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته وأن يوفقهم ويعينهم للسداد والرشاد والنجاح وأن يرزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تبين لهم الحق وتعينهم عليه وتبين لهم الشر وتحذرهم منه .
وان يجنبهم ورعيتهم أهل التحريض والتهييج والتكفير
الذين يسعون إلى إيقاع الشرور والفتن في المجتمع المسلم
وقطع الله السنا ظالمة دعواها باطلة تطالب بحكم دستوري غربي غير إسلامي لسلب الحق الشرعي الذي اتاه الله ولاة امر المسلمين .
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
...............
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .