الجمعة، 7 نوفمبر 2025

( فضل دعاء الله وحده لا شريك له )



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 

أما بعد 

فقد أطلعت قديما على كتاب ( علماء نجد خلال ثمانية قرون ) الذي قام بتأليفه الـ شيخ عبدالله البسام رحمه الله وتم ذكر هذه القصة ان لم اكن واهما كذلك في كتاب (روضة الناظرين في مآثر علماء نجد وحوادث السنين ) تأليف الشيخ محمد بن عثمان القاضي رحمه الله في ترجمتهم لعالم من علماء نجد السابقين وهو العلامة محمد بن حسن رحمه الله تعالى من سكان بلدة القصيعة الواقعة جنوب غرب بريدة بما يقارب سبع كيلومترات فأجتاح نجد وباء عظيم[قيل:الإنفلونزا الإسبانية]هلك فيه جمع كبير من المسلمين وسميت تلك السنة سنة الرحمة ولم تسلم منه بلد من البلاد إلا بلدة هذا العالم وسبب ذلك إنه كان يدور على بلدته الصغيرة ليلا ويدعو الله لأهلها بأن يسلمهم الله من هذا الوباء وتكرر منه هذا العمل كل الليلة فبفضل الله ورحمته ان جعله الله سببا في نجاة اهل هذه البلدة ( القصيعة ) فسلمها الله من هذا الوباء القاتل فلاتنسوا عباد الله ففضل الله ورحمته شاملة ورحمته وسعت كل شيء فأكثروا عباد الله من الدعاء في بيوتكم وفي سيارتكم وفي كل حين وآن فالله يحب أن يسأله عباده يقول الله عز وجل:{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}قال الامام السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:"والدعاء نوعان: دعاء عبادة, ودعاء مسألة. والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه, وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق. فمن دعا ربه بقلب حاضر, ودعاء مشروع, ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء, كأكل الحرام ونحوه, فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء, وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية, والإيمان به, الموجب للاستجابة، فلهذا قال: { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة, ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة. ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره, سبب لحصول العلم كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}" انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وقال الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:"وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا شعبة ، حدثنا قتادة ، عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا دعاني ).

وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله ، عن كريمة بنت الخشخاش المزنية ، قالت : حدثنا أبو هريرة : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قال الله : أنا مع عبدي ما ذكرني ، وتحركت بي شفتاه ).

قلت : وهذا كقوله تعالى : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون }[ النحل : ١٢٨ ] ، وكقوله لموسى وهارون ، عليهما السلام : { إنني معكما أسمع وأرى }[ طه : ٤٦ ] . والمراد من هذا : أنه تعالى لا يخيب دعاء داع ، ولا يشغله عنه شيء ، بل هو سميع الدعاء . وفيه ترغيب في الدعاء ، وأنه لا يضيع لديه تعالى ، كما قال الإمام أحمد :

حدثنا يزيد ، حدثنا رجل أنه سمع أبا عثمان هو النهدي يحدث عن سلمان يعني الفارسي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين ) .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو عامر ، حدثنا علي بن دؤاد أبو المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها )قالوا : إذا نكثر . قال : ( الله أكثر ) .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن جبير بن نفير ، أن عبادة بن الصامت حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله ، عز وجل ، بدعوة إلا آتاه الله إياها ، أو كف عنه من السوء مثلها ، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) .

ورواه الترمذي ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن محمد بن يوسف الفريابي ، عن ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان به . وقال : حسن صحيح غريب من هذا الوجه .

وقال الإمام مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : 

( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي ) .

أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك ، به . وهذا لفظ البخاري ، رحمه الله ، وأثابه الجنة .

وقال مسلم أيضا : حدثني أبو الطاهر ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ) . قيل : يا رسول الله ، ما الاستعجال ؟ قال :( يقول : قد دعوت ، وقد دعوت ، فلم أر يستجاب لي ، فيستحسر عند ذلك ، ويترك الدعاء ) .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا ابن هلال ، عن قتادة ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل ). قالوا : وكيف يستعجل ؟ قال : ( يقول : قد دعوت ربي فلم يستجب لي ) .

وقال الإمام أبو جعفر الطبري في تفسيره : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، حدثني أبو صخر : أن يزيد بن عبد الله بن قسيط حدثه ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : ما من عبد مؤمن يدعو الله بدعوة فتذهب ، حتى تعجل له في الدنيا أو تدخر له في الآخرة ، إذا لم يعجل أو يقنط . قال عروة : قلت : يا أماه كيف عجلته وقنوطه ؟ قالت : يقول : سألت فلم أعط ، ودعوت فلم أجب .

قال ابن قسيط : وسمعت سعيد بن المسيب يقول كقول عائشة سواء .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا بكر بن عمرو ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( القلوب أوعية ، وبعضها أوعى من بعض ، فإذا سألتم الله أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة ، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل )"انتهى كلامه رحمه تعالى بتصرف يسير .

وأعلموا عباد الله :

أن علماء السلف الصالح رحمهم الله ذكروا في مؤلفاتهم أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة فنسأل الله أن يرفع عنا وعنكم الداء والبلاء واللواء والوباء ويدفع عنا وعنكم الشر والسوء والضر والابتلاء إنا إلى ربنا راغبون .

والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني