بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:
فإن ولاة أمور المسلمين عامة وولاة امورنا خاصة وهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله ورعاهم وسدّدهم ونصرهم ووفقهم إلى مايحبه الله ويرضاه يجب الذب عن اعراضهم والدفاع عنهم من قبل المؤهل علميا المؤصل عقديا حينما ينال من عرضهم بسوء في اي وسيلة إعلامية مشبوهة مغرضة امتثالا لحديث ابي الدرداء رضي الله عنه وفيه يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:( مَن ردَّ عَن عِرضِ أخيهِ ردَّ اللَّهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ)اخرجه الترمذي رحمه اللهُ في سننه وأحمد رحمه الله في المسند
وصححه الامام الالباني رحمه اللهُ في صحيح الترمذي حديث رقم ( ١٩٣١ ). ووجه الاستدلال من هذا الحديث في أن من دافع وذب ورد عن عرض أخيه رد الله النار عنه وابعده عنها وهذا في حق عامة المسلمين فكيف بخاصتهم وهم ولاة الأمر
وذلك اقتضاء للبيعة التي في أعناقنا وللعهد والميثاق الواجب الوفاء به ولأن ذلك ديانة وقربة وعملا بكلام الله سبحانه وتعالى الذي أمر بوجوب السمع والطاعة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}وعملا بكلام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي تواتر النقل عنه في وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف
ففي حديث أنس رضي اللهُ عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ). رواه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع ، وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف ) . رواه مسلم رحمه اللهُ تعالى في صحيحه.
وروى مسلم رحمه اللهُ تعالى
وعن أم الحصين رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول : ( ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله ، اسمعوا له وأطيعوا )وفي لفظ له : ( عبدا حبشيا مجدوعا )
وقال ابن جرير رحمه اللهُ تعالى : حدثني علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا ابن أبي فديك ، حدثني عبد الله بن محمد بن عروة عن هشام بن عروة ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سيليكم بعدي ولاة ، فيليكم البر ببره ، ويليكم الفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق ، وصلوا وراءهم ، فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساؤوا فلكم وعليهم ).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وسيكون خلفاء فيكثرون ) . قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا ؟ قال : ( أوفوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم ).
وفي صحيح مسلم رحمه اللهُ تعالى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من خلع يدا من طاعة ، لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ).
وأخرج مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ، ومنا من ينتضل ، ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها ، وتجيء فتن يرفق بعضها بعضا ، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه هذه ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ).
وفي الحديث الصحيح المتفق عليه ، عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصا أميري فقد عصاني )
وقال الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى بعد تفسيره للآية الكريمة السابقة :"والأحاديث في هذا كثيرة ".
وفي صحيح مسلم رحمه اللهُ تعالى من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )
وفي كيفية نصح ولاة الأمر ترك ما عليه دعاة الخوارج الإخوانية الذين يشاهد منهم غلظة التعبير وقسوة الألفاظ وشدة المعاني في تعاملاتهم مع ولاة أمرهم، وما في طريقتهم من دعاء على ولاة أمورهم، وفاسد أدب وسوء أخلاق وفاحش الكلام وبذيئه، كل ذلك يوجّهونه إلى ولاة أمورهم، وهذا خلاف توجيه الله I لرسله الكرام موسى وهارون عليهما وعلى رسولنا الكريم الصلاة والسلام، وذلك في قول الله تعالى وتقدس : ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [ طه : ٤٣ - ٤٤ ]وخلاف ما ثبت في سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ففي حديث عياض بن غنم رضي اللهُ عنه سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ) [ رواه احمدرحمه الله تعالى في المسند والحاكم رحمه اللهُ تعالى في في المستدرك وابن ابي عاصم رحمه اللهُ تعالى في السنة وصححه الامام الألباني رحمه اللهُ تعالى في ظلال الجنة في تخريج كتاب السنة ]
"ولما وقعت الفتنة في عهد عثمانt : قال بعض الناس لأسامة بن زيدt : ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه، إلا أسمعكم؟ إني أكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرًا لا أحب أن أكون أول من افتتحه" اخرجه البخاري رحمه الله تعالى .
"ولما فتح الخوارج الجهال باب الشر في زمان عثمان رضي اللهُ عنه وأنكروا على عثمان علنا عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنا، حتى أبغض الكثيرون من الناس ولي أمرهم وقتلوه "
[مجموع فتاوى ومقالات الامام ابن باز رحمه اللهُ تعالى ( ٨ / ٢١٠ )].
ولما في الذب عنهم من مصالح عظيمة للمسلمين ودفع أضرار جسيمة عنهم فالأدلة الشرعية النقلية الصحيحة والحجج العقلية السليمة الصريحة تؤيد وتؤكد الدفاع عنهم
ووجوب السمع والطاعة لولاة الأمر أصل من أصول الدين ووجوب الحذر والتحذير والرد على عادية الخوارج اصل من أصول الدين ؛ رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل المتقبل والرزق الطيب المبارك والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
كتبه واملاه الفقير إلى الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .