بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:
فقد ذكر الامام ابن باز رحمه الله تعالى كلمة عن وجوب الاجتماع وترك الاختلاف ولو كان أميرهم يدعو إلى الكفر [ اذكرها بالمعنى ] فظهرت هنا وهناك شنشنة للمشبوهين من اهل الشر مفادها الطعن في الامام ابن باز رحمه الله تعالى فتمت كتابة هذه الرسالة ابتغاء وجه الله تعالى والدار الآخرة وماعنده سبحانه وتعالى خير وابقى وفيها ذب ودفاع عن عرض هذا الامام رحمه الله تعالى امتثالا لقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام:(مَن ردَّ عَن عِرضِ أخيهِ ردَّ اللَّهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ) رواه الصحابي الجليل ابوالدرداء رضي اللهُ عنه واخرجه احمد رحمه اللهُ تعالى في المسند والترمذي رحمه اللهُ تعالى في سننه وصححه الامام الالباني رحمه الله تعالى في صحيح الترمذي .
وفيها إظهار الحق وازهاق الباطل ان الباطل كان زهوقا .
علما بأن ولي الأمر اذا قام بدعوة الناس الى الكفر ومثال ذلك ما قام به المأمون الخليفة العباسي في دعوته وأمره للناس بالقول في خلق القرآن على جهة الاجبار فهنا يجب السمع والطاعة له بالمعروف وعدم الخروج عليه وهذا لعله محل اتفاق بين علماء السنة عملا بالكتاب العزيز والسنة النبوية ففي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :(إنكم سترون بعدي أَثَرَة وأمورًا تُنكِرونها)قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: ( أدُّوا إليهم حقَّهم، وسَلُوا الله حقكم) .
وفي البخاري ومسلم رحمهما اللهُ تعالى من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن رأى من أميره شيئًا يكرهه فليَصبِر عليه؛ فإنه مَن فارق الجماعة شبرًا فمات إلا مات مِيتة جاهلية).
قال الخلاَّل:أخبرني علي بن عيسى، قال: سمعت حنبلاً يقول في ولاية الواثق: اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبدالله - أحمد بن حنبل -: أبو بكر بن عبيد، وإبراهيم بن علي المطبخي، وفضل بن عاصم، فجاؤوا إلى أبي عبدالله، فاستأذنت لهم، فقالوا: يا أبا عبدالله، هذا الأمر قد تفاقم وفشا، يعنون إظهارَه لخلْق القرآن، وغير ذلك، فقال لهم أبو عبدالله: فما تريدون؟ قالوا: أن نشاورَك في أنَّا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه، فناظرهم أبو عبدالله ساعة، وقال لهم: عليكم بالنكرة بقلوبكم، ولا تخلعوا يدًا من طاعة، ولا تشقُّوا عصا المسلمين، ولا تَسفكوا دماءكم".[ السنة لأبي بكر الخلال ( ١ / ١٣٢ )].
وفي حال دعوة ولي الأمر لرجل بعينه على ان يقوم هذا الرجل بالكفر بالله سبحانه وتعالى
فله حالتان :
الحالة الأولى:
العزيمة وذلك بالصبر والتحمل ولو ادى ذلك الي قتله ؛ عملا بقول الرسول الكريم الله صلى الله عليه وسلم : ( قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ من دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ) رواه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه .
ولحديث أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَنْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ وَلَا تَشْرَبْ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ ) .
رواه ابن ماجه رحمه اللهُ تعالى في سننه وحسَّنه الامام الألباني رحمه اللهُ تعالى في صحيح ابن ماجه .ومن ذلك ماقاله امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لسويد بن غفلة رضي اللهُ عنه :[ إنك لعلك أن تخلف بعدي فأطع الأمير و إن كان عبدا مجدعا إن ظلمك فاصبر و إن حرمك فاصبر و إن أرادك على أمر ينقض دينك فقل دمي دون ديني ].
الحالة الثانية :
الأخذ بالرخصة الشرعية واظهار لفظ الكفر باللسان فقط والقلب مطمئنا بالإيمان ففي هذه الحال الإجماع على جوازها
ففي كتاب الاستقامة ( ٢ / ٢١٠ )يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" ولهذا لم يكن عندنا نزاع في أن الأقوال لا يثبت حكمها في حق المكره بغير حق ".انتهى كلامه رحمه الله تعالى.وفي مراتب الإجماع يقول الحافظ ابن حزم رحمه اللهُ تعالى:"اتَّفقُوا على أَن الْمُكْره على الْكفْر وَقَلبه مطمئن بالايمان انه لَا يلْزمه شَيْء من الْكفْر عِنْد الله تَعَالَى".
وهذا الاتفاق والإجماع عملا بقول الله تعالى:{مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.[ النحل : ١٠٦ ].
وعملا بقول الله عز وجل:{ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦ ]. وعملا بقول الله تعالى وتقدس:{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }.[التغابن: ١٦ ].
ولعل في هذه الرسالة تم إيضاح المسألة ونسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يعلمنا ماينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل المتقبل وان يبسط لنا ولك رزقه وفضله ورحمته وجوده وكرمه وإحسانه وان يحسن لنا ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات الخاتمة .
والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
………….
كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .