الخميس، 6 نوفمبر 2025

( فوائد علمية من كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى)



بسم الله الرحمن الرحيم 



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:  

ففي أثناء طلبي للعلم في مدينة ….التقيت فيها بطلاب علم 

يدرسون الكتب العلمية السنية السلفية مثل كتب الأئمة ابن تيميه وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب وغيرهم رحمهم الله تعالى لكن لفت نظري امور منها ؛ عدم دراستهم في المدارس والمعاهد والكليات الشرعية وميلهم إلى الدراسة في المساجد وهذا بداهة لا شي فيه غير أن وراء الأكمة ماوراءها 

اذ عرفت من خلال مناقشتي لهم انهم يمنعون ويميلون الى تحريم الدراسة النظامية ويقولون ان طلاب العلم فيها لا يريدون الله والدار الآخرة وإنما يريدون الحصول على الشهادة العلمية ليتوظف فقط ورأيتهم يستدلون على صحة توجههم هذا في باب من أبواب كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى وهو :( باب من الشرك: إرادة الإنسان بعمله الدنيا )

وقوله تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا.

في الصحيح عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطى رضي وإن لم يعط سخط؛ تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع)

وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى ذكر هذا الباب في كتاب التوحيد ليبين على أن الواجب على العبد أن يخلص أعماله لله، وألا يقصد بها حظا عاجلا، وأنه متى أراد بعمله الحظ العاجل بطل هذا العمل ولم ينفعه {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

فهؤلاء الجهلة استدلوا بهذا الباب من كتاب التوحيد على تحريم الدراسة النظامية وآفة العلم الفهم السقيم ولو تأملوا لوجدوا انه قد يوجد من يدرس في الجوامع والمساجد وليس فقط في المدارس النظامية من يريد الدنيا وزخرفها و حظوظ الدنيا وليست مرتبطة في المدارس النظامية فقط فقد يدخلها من يريد الله سبحانه وتعالى والدار الآخرة علما بأن هذا العصر يغلب عليه الدراسة النظامية وذلك لمن أراد طلب العلم امتثالا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:( من يرد اللهُ به خيرا يفقه في الدين).

ولا يحصّل العلم - في الغالب - إلا فيها .

واثناء بحثي في شروح كتاب التوحيد في رد على هذه الشبهة العصرية الحادثة لفت نظري رد علمي قوي للامام عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى [ من تلامذته الامام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وكلاهما من مدينة عنيزة ] فكان رده على هذه الشبهة رد قوي وإيضاح جميل تزول به هذه الشبهة ويتم تفنيدها وذلك بما كتبه في كتابه [ القول السديد شرح كتاب التوحيد ] تحت شرحه ل[باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا ] اذكره في رسالتنا هذه لأهميته ونص كلامه رحمه اللهُ تعالى :" 

واما العمل لأجل الدنيا وتحصيل أغراضها:

فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا المقصد، ولم يكن له إرادة لوجه الله والدار الآخرة، فهذا ليس له في الآخرة من نصيب. وهذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن؛ فإن المؤمن ولو كان ضعيف الإيمان، لا بد أن يريد الله والدار الآخرة.

وأما من عمل العمل لوجه الله ولأجل الدنيا، والقصدان متساويان أو متقاربان، فهذا وإن كان مؤمنا فإنه ناقص الإيمان والتوحيد والإخلاص، وعمله ناقص لفقده كمال الإخلاص. وأما من عمل لله وحده وأخلص في عمله إخلاصا تاما، ولكنه يأخذ على عمله جعلا ومعلوما يستعين به على العمل والدين، كالجعالات التي تجعل على أعمال الخير، وكالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق، وكالأوقاف التي تجعل على المساجد والمدارس والوظائف الدينية لمن يقوم بها، فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد وتوحيده لكونه لم يرد بعمله الدنيا، وإنما أراد الدين وقصد أن يكون ما حصل له معينا له على قيام الدين.

ولهذا جعل الله في الأموال الشرعية كالزكوات وأموال الفيء وغيرها جزءا كبيرا لمن يقوم بالوظائف الدينية والدنيوية النافعة، كما قد عرف تفاصيل ذلك. فهذا التفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن، ويوجب لك أن تنزل الأمور منازلها والله أعلم". انتهى كلامه رحمه الله تعالى

ثم رأيت تلميذه الامام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى تطرق لهذه المسألة في كتابه ( القول المفيد شرح كتاب التوحيد )عند شرحه للباب نفسه ؛ ولاشك أن استدلال هؤلاء الجهلة بهذا الباب من كتاب التوحيد للامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى استدلالا بغير محله فقد أراد رحمه الله تعالى تنقية توحيد العبد من اي علاقة او عائق يقرّب الي الشرك بالله تعالى ربنا وتقدس واستدل لقوله بآية وحديث صحيح ففهمها الجهلة واهل الضلال بغير الفهم السلفي الصحيح والذي عليه المؤلف رحمه اللهُ تعالى وهذا مثل توظيف الخوارج لايات القران الكريم التي نزلت في الكفار والمشركين والمنافقين وتنزيلها على عباد الله المسلمين ويعتبر كتاب التوحيد من الكتب القليلة النفيسة القيمة في معالجة الشرك بالله بانواعه الأكبر والأصغر وظاهره وخفيه وفيه بيان أهمية التوحيد وتنقيته وتحقيقه فجزى الله الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى خير الجزاء على جهوده العلمية المباركة في تنقية التوحيد عن أدران الشرك ثم الشكر لولاة امرنا الـ سعود في إيصالهم للعقيدة الإسلامية الصافية والتوحيد الصافي من شوائب البدع والخرافات والشرك وتعليمهم لنا هذا الخير العظيم فلهم مني ومن كل مسلم موحد سني سلفي الدعاء لهم بظهر الغيب بأن ينصرهم على اعدائهم أعداء الملة الإسلامية ويمكنهم من رقابهم وان ينصر فيهم توحيد الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .