السبت، 22 نوفمبر 2025

( من وجوب الوفاء بالعهد والميثاق تسليم المطلوب امنيا خلافا لفتوى رموز الاخوان الخوارج )



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقته واقتفى 

اما بعد 

فقد اظهر احد رموز الاخوانية الخوارج فتواه  في تطبيقات التواصل الاجتماعي وفيها " تحريم تسليم المطلوب امنيا من دولة مسلمة إلى دولة مسلمة اخرى " وهذا منه حكم عليل ضمنه تعليل عليل وفي فتواه افتئات على مقام ولاة أمور المسلمين وتدخل سافر في شؤونهم الخاصة وفي حق من حقوقهم إذا رأى ولاة الأمر أن المصلحة العامة الراجحة التي يرونها ويرعونها خاصة و أن هذا التسليم جرى بين الدولتين قد تم وفق معاهدة بينهما  و يعلم يقينا ان هذه الفتوى تمت لإرضاء أهواء ورغبات مشبوهة ولإشباع نزوات الخوارج التكفيريين والصواب الذي تعضده الادلة النقلية الصحيحة والبراهين العقلية الصريحة : أن صورة هذا التسليم مشروعة ولمن قال بجوازها له أصل صحيح في الشرع فقد ثبت في الصحيح قصة صلح الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفار قريش التي وافق على شروطها ومن شروطها  :( علَى أنَّه لا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وإنْ كانَ علَى دِينِكَ إلَّا رَدَدْتَهُ إلَيْنَا) ووجه الاستدلال من هذا الحديث: ان الصلح جرى بين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وبين الكفار على تسليم من فر من المسلمين إلى الكفار بغير ذنب إلا انه آمن بالله تعالى وكان من المسلمين وهذا لأمر  عظيم اقتضاه فعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فهو فتح من الله سبحانه وتعالى ونصر قريب ويدل على وجوب الوفاء بالعقد والعهد والميثاق وهذا الدليل يدل صراحة على ان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وكفار قريش قد تم العهد والميثاق بينهم على أن من فر  من المسلمين من اهل مكة الى المدينة النبوية يتم تسليمه إلى كفار قريش فمن باب أولى تسليم مسلم إلى دولته المسلمة وولي أمره المسلم وكيف لا يتم تسليم مجرم هرب بعد تنفيذه لجريمته فالعهد والميثاق يقضي بوجوب تسليمه الي دولته المسلمة لذافإن تسليمه إذاكان هناك اتفاق امني بين الدولتين ام لا ؟ امر لا بد منه لكف شره وردع غيره من الفئات الضالة عن إثارة الفتن …. وكيف لا يسلم المطلوب امنيا وهو قد قام بجريمة :

تكفير المسلمين 

وافتى بإباحةدمائهم

 وجرى منه الفعل والقول بشق جماعة المسلمين 

 واعلن تجويزه الخروج على ولاة امره و الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح :(مَن أتاكُمْ وأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ علَى رَجُلٍ واحِدٍيُرِيدُأنْ يَشُقَّ عَصاكُمْ أوْ يُفَرِّقَ جَماعَتَكُمْ فاقْتُلُوهُ).

فيجب الحذر من الاستماع إلى مقالات وفتاوى اهل التهييج والتحريض الخوارج القعدية الذين يسعون إلى انهار دماء المسلمين وجر الفتن الي مجتمعاتهم وزعزعة امنهم وتفريق صفهم كفى الله المسلمين شرهم ؛ والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير الى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني . 

الخميس، 20 نوفمبر 2025

[ ايضاح معنى الحديث الصحيح وفيه يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :( وتُرْسَلُ الأمانَةُ والرَّحِمُ، فَتَقُومانِ جَنَبَتَيِ الصِّراطِ يَمِينًا وشِمالًا )].




بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد: 

فقد أخرج الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه من رواية حذيفة بن اليمان وأبي هريرة رضي الله عنهما حديث الشفاعة وفيه :(.... فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَيَقُومُ فيُؤْذَنُ له، وتُرْسَلُ الأمانَةُ والرَّحِمُ، فَتَقُومانِ جَنَبَتَيِ الصِّراطِ يَمِينًا وشِمالًا...)

فلماذا ترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا ….

قال اهل العلم :" وذلك لتطالب الأمانة بحقها ممن انتقص حق الله من   أمانة  العبادة التي كلفها الله بها واعظمها التوحيد وهل أتى به كاملا من غير ان يشرك بالله سبحانه وتعالى ثم بقية الفرائض والواجبات الشرعية ثم حقوق العباد من الأمانات التي خانها وهي أنواع كثيرة  وفي قول الله عز وجل : { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال } الآية . قال الامام البغوي رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:"أراد بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده ، عرضها على السماوات والأرض والجبال على أنهم إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم ، وهذا قول ابن عباس .

وقال ابن مسعود : الأمانة : أداء الصلوات ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت ، وصدق الحديث ، وقضاء الدين ، والعدل في المكيال والميزان ، وأشد من هذا كله الودائع .

وقال مجاهد : الأمانة : الفرائض ، وقضاء الدين .

وقال أبو العالية : ما أمروا به ونهوا عنه.

وقال زيد بن أسلم : هو الصوم ، والغسل من الجنابة ، وما يخفى من الشرائع .

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : أول ما خلق الله من الإنسان فرجه وقال : هذه أمانة استودعتكها ، فالفرج أمانة ، والأذن أمانة ، والعين أمانة ، واليد أمانة ، والرجل أمانة ، ولا إيمان لمن لا أمانة له .وقال بعضهم : هي أمانات الناس والوفاء بالعهود ، فحق على كل مؤمن أن لا يغش مؤمنا ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير ، وهي رواية الضحاك عن ابن عباس ، فعرض الله هذه الأمانة على أعيان السماوات والأرض والجبال ، هذا قول ابن عباس وجماعة من التابعين وأكثر السلف ، فقال لهن أتحملن هذه الأمانة بما فيها ؟ قلن : وما فيها ؟ قال : إن أحسنتن جوزيتن وإن عصيتن عوقبتن ، فقلن : لا يا ربنا ، نحن مسخرات لأمرك لا نريد ثواباولا عقابا ، وقلن ذلك خوفا وخشية وتعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها لا معصية ولا مخالفة ، وكان العرض عليهن تخييرا لا إلزاما ولو ألزمهن لم يمتنعن من حملها ، والجمادات كلها خاضعة لله - عز وجل - مطيعة ساجدة له كما قال جل ذكره للسماوات والأرض : { ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} " ( فصلت : ١١ ) ، وقال للحجارة : { وإن منها لما يهبط من خشية الله }( البقرة :٧٤ ) ، وقال تعالى : { ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب ( الحج :١٨ ) الآية .

وحق الرحم وصلها وصلتها ممن قطعها  قال الله تعالى وتقدس:{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }( محمد : ٢٢ ).قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:"حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: أخبرنا محمد بن جعفر وسليمان بن بلال, قالا ثنا معاوية بن أبي المزرّد المديني, عن سعيد بن يسار, عن أبي هريرة, عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: ( خَلَقَ اللّهُ الخَلْقَ, فَلَمَّا فَرغ مِنْهُمْ تَعَلَّقَتِ الرَّحِمُ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ فَقالَ مَهْ: فَقالَتْ: هَذَا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ, قالَ: أَفمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ, وَأصِلَ مَنْ وَصَلَكِ؟ قالَتْ: نَعَمْ, قالَ: فَذلكِ لَكِ)." انتهى كلامه رحمه اللهُ تعالى. والحديث الذي ذكره الامام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى اتفق البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى على صحته وقال الامام ابن باز رحمه الله تعالى:" فهذه الأحاديث كالتي قبلها فيما يتعلق بوجوب برِّ الوالدين وصلة الرحم، فبرُّ الوالدين من أهم الواجبات، وصلة الرحم كذلك من أهم الواجبات، والعقوق والقطيعة من أقبح المنكرات، ومن أكبر الكبائر، فالواجب على كل مسلمٍ من الرجال والنساء بِرّ الوالدين وصلة الرحم، والحذر من العقوق والقطيعة، عملًا بالأدلة القرآنية والأحاديث النبوية، يقول الله جل وعلا: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } ( الإسراء:٢٣ )كما تقدَّم، ويقول سبحانه: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ الآية}( النساء:٣٦ ).انتهى كلامه رحمه الله تعالى من [ شرح رياض الصالحين (الشرح الثاني) ١١٥ من حديث: (إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم ..)].

رزقنا الله وإياكم اداء الأمانات جميعها وعفا عنا وعنكم التقصير والاخطاء والزلات والمعاصي والسيئات وجعلنا الله وإياكم ممن يصلون أرحامهم ويبرون والديهم ووهب لنا ولكم علما نافعا وعملا متقبلا وحسن الخاتمة اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا انك انت البر الرحيم 

اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة وارزقنا تقواك وهداك وعافيتك ووسع وابسط لنا ولكم في أرزاقنا ياحي ياقيوم برحمتك نستغيث فأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ؛ والله اعلى واعلم وصلِّ اللهم وسلّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني . 

السبت، 15 نوفمبر 2025

( ماهي المطرية او المطاره ؟ وهل فعلها له اصل صحيح في الشرع ؟ )



بسم الله الرحمن الرحمن  

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:

فإن المطرية او المطاره وليمة يدعى لها جمع من الناس وتعمل هذه الوليمة من الأرز الأبيض والسمن ووقت اعدادها يكون بعد نزول اول المطر . والذي يظهر لي انها تعمل تقربا الي الله سبحانه وتعالى شكرا له على ماانعم به على العباد من نعمة المطر وهذا تعبدا لله بغير ما شرعه الله تبارك وتعالى وبغير ماأتت به سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم

و:"العبادة ما أمر الله به ورسوله تقربا إلى الله، وابتغاء لثوابه، وأما العادة فهي ما اعتاده الناس فيما بينهم من المطاعم والمشارب والمساكن والملابس والمراكب والمعاملات وما أشبهها. وهناك فرق آخر: وهو أن العبادات الأصل فيها المنع والتحريم حتى يقوم دليل على أنها من العبادات، لقول الله تعالى: { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به } [الشورى:٢١]، أما العادات فالأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على منعه، وعلى هذا فإذا اعتاد الناس شيئا وقال لهم بعض الناس: هذا حرام، فإنه يطالب بالدليل، يقال: أين الدليل على أنه حرام؟ وأما العبادات فإذا قيل للإنسان: هذه العبادة بدعة، فقال: ليست ببدعة، قلنا له: أين الدليل على أنها ليست ببدعة، لأن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل على أنها مشروعة"[ سلسلة لقاء الباب المفتوح رقم ( ٧٢ ) للامام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ].وهذا العمل ليس له اصل يصح به التعبد لله بها في دين الإسلام ؛ قالَ الله تَعَالَى: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:١٥٣]، وَقالَ تَعَالَى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران:٣١ ]،  وَقالَ تَعَالَى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب:٢٢]، وَقالَ تَعَالَى:{ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:٦٥] وَقالَ تَعَالَى:{ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠]، وَقالَ تَعَالَى: { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:٥٢]، وَقالَ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }[النور:٦٣]

و عن ام المؤمنين عائشة بنت الصديق  رَضِي اللَّه عنهما قَالَتْ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: ( مَنْ أَحْدثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فهُو رَدٌّ). متفقٌ عَلَيهِ.

وفي روايةٍ لمسلمٍ: ( مَنْ عَمِلَ عمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُو ردٌّ ) .

 وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قَال  الرسول صلى الله عليه وسلم : (  أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيرَ الْحَديثِ كِتَابُ اللَّه، وخَيْرَ الْهَدْي هدْيُ مُحمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدثَاتُهَا، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، ) رواه مسلم.وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : عن النبيِّ ﷺ قَالَ: ( دَعُونِي مَا تَرَكتُكُمْ: إِنَّما أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قبْلكُم كَثْرةُ سُؤَالِهمْ، وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبيائِهمْ، فَإِذا نَهَيْتُكُمْ عنْ شَيْءٍ فاجْتَنِبُوهُ، وَإِذا أَمَرْتُكُمْ بأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) متفقٌ عَلَيهِ.وعَنْ أَبِي نَجِيحٍ الْعِرْباضِ بْنِ سَارِيَة  رضي الله عنه قَالَ: وَعَظَنَا رسولُ اللَّه ﷺ مَوْعِظَةً بَليغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُون، فقُلْنَا: يَا رَسولَ اللَّه كَأَنَهَا موْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا. قَالَ: ( أُوصِيكُمْ بِتَقْوى اللَّه، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وإِنْ تَأَمَّر عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حبشيٌ، وَأَنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيرى اخْتِلافاً كثِيرا. فَعَلَيْكُمْ بسُنَّتي وَسُنَّةِ الْخُلُفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عضُّوا عَلَيْهَا بالنَّواجِذِ، وإِيَّاكُمْ ومُحْدثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضلالَةٌ ) رواه أَبُو داود، والترمذِي وَقالَ حديث حسن صحيح وصحح هذا الحديث الامام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح سنن الترمذي وصحيح سنن ابي داود.

رزقنا الله وإياكم الفقه في الدين وعلمنا ما ينفعنا ونفعنا الله واياكم بما علمنا وأحسن الله لنا ولكم ولجميع المسلمين الخاتمة ؛ والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير إلى الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني . 

الأربعاء، 12 نوفمبر 2025

( من حقوق ولاة الأمر الدفاع عنهم حينما يطعن فيهم الخوارج الاخوانية او الملاحدة العلمانية وسبيل ذلك بالعلم النافع المبني على الادلة النقلية الصحيحة والحجج العقلية الصريحة )



بسم الله الرحمن الرحيم 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد: 

فإن ولاة أمور المسلمين عامة وولاة امورنا خاصة وهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله ورعاهم وسدّدهم ونصرهم ووفقهم إلى مايحبه الله ويرضاه يجب الذب عن اعراضهم والدفاع عنهم من قبل المؤهل علميا المؤصل عقديا حينما ينال من عرضهم بسوء في اي وسيلة إعلامية مشبوهة مغرضة امتثالا لحديث ابي الدرداء رضي الله عنه وفيه يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:( مَن ردَّ عَن عِرضِ أخيهِ ردَّ اللَّهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ)اخرجه الترمذي رحمه اللهُ في سننه وأحمد رحمه الله في المسند 

وصححه الامام الالباني رحمه اللهُ في صحيح الترمذي حديث رقم ( ١٩٣١ ). ووجه الاستدلال من هذا الحديث في أن من دافع وذب ورد عن عرض أخيه رد الله النار عنه وابعده عنها وهذا في حق عامة المسلمين فكيف بخاصتهم وهم ولاة الأمر 

وذلك اقتضاء للبيعة التي في أعناقنا وللعهد والميثاق الواجب الوفاء به ولأن ذلك ديانة وقربة وعملا بكلام الله سبحانه وتعالى الذي أمر بوجوب السمع والطاعة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}وعملا بكلام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي تواتر النقل عنه في وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف 

ففي حديث أنس رضي اللهُ عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة  ). رواه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع ، وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف ) . رواه مسلم رحمه اللهُ تعالى في صحيحه.

وروى مسلم رحمه اللهُ تعالى 

وعن أم الحصين رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول : ( ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله ، اسمعوا له وأطيعوا )وفي لفظ له : ( عبدا حبشيا مجدوعا )

وقال ابن جرير رحمه اللهُ تعالى : حدثني علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا ابن أبي فديك ، حدثني عبد الله بن محمد بن عروة عن هشام بن عروة ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سيليكم بعدي ولاة ، فيليكم البر ببره ، ويليكم الفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق ، وصلوا وراءهم ، فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساؤوا فلكم وعليهم ).

وفي الصحيحين عن أبي هريرة  رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وسيكون خلفاء فيكثرون ) . قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا ؟ قال : ( أوفوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم ).

وفي صحيح مسلم رحمه اللهُ تعالى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من خلع يدا من طاعة ، لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية  ).

وأخرج مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ، ومنا من ينتضل ، ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها ، وتجيء فتن يرفق بعضها بعضا ، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه هذه ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ).

وفي الحديث الصحيح المتفق عليه ، عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصا أميري فقد عصاني )

وقال الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى بعد تفسيره للآية الكريمة السابقة :"والأحاديث في هذا كثيرة ".

وفي صحيح مسلم رحمه اللهُ تعالى من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )

وفي كيفية نصح ولاة الأمر ترك ما عليه دعاة الخوارج الإخوانية الذين يشاهد منهم غلظة التعبير وقسوة الألفاظ وشدة المعاني في تعاملاتهم مع ولاة أمرهم، وما في طريقتهم من دعاء على ولاة أمورهم، وفاسد أدب وسوء أخلاق وفاحش الكلام وبذيئه، كل ذلك يوجّهونه إلى ولاة أمورهم، وهذا خلاف توجيه الله I لرسله الكرام موسى وهارون عليهما وعلى رسولنا الكريم الصلاة والسلام، وذلك في قول الله تعالى وتقدس : ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [ طه : ٤٣ - ٤٤ ]وخلاف ما ثبت في سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ففي حديث عياض بن غنم رضي اللهُ عنه سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ) [ رواه احمدرحمه الله تعالى  في المسند والحاكم رحمه اللهُ تعالى في في المستدرك وابن ابي عاصم رحمه اللهُ تعالى في السنة وصححه الامام الألباني رحمه اللهُ تعالى في ظلال الجنة في تخريج كتاب السنة ]

"ولما وقعت الفتنة في عهد عثمانt : قال بعض الناس لأسامة بن زيدt : ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه، إلا أسمعكم؟ إني أكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرًا لا أحب أن أكون أول من افتتحه" اخرجه البخاري رحمه الله تعالى .

"ولما فتح الخوارج الجهال باب الشر في زمان عثمان رضي اللهُ عنه وأنكروا على عثمان علنا عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنا، حتى أبغض الكثيرون من الناس ولي أمرهم وقتلوه "

[مجموع فتاوى ومقالات الامام ابن باز رحمه اللهُ تعالى ( ٨ / ٢١٠ )].

ولما في الذب عنهم من مصالح عظيمة للمسلمين ودفع أضرار جسيمة عنهم فالأدلة الشرعية النقلية الصحيحة والحجج العقلية السليمة الصريحة تؤيد وتؤكد الدفاع عنهم 

ووجوب السمع والطاعة لولاة الأمر أصل من أصول الدين ووجوب الحذر والتحذير والرد على عادية الخوارج اصل من أصول الدين ؛ رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل المتقبل والرزق الطيب المبارك والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير إلى الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني . 

الجمعة، 7 نوفمبر 2025

( فضل دعاء الله وحده لا شريك له )



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 

أما بعد 

فقد أطلعت قديما على كتاب ( علماء نجد خلال ثمانية قرون ) الذي قام بتأليفه الـ شيخ عبدالله البسام رحمه الله وتم ذكر هذه القصة ان لم اكن واهما كذلك في كتاب (روضة الناظرين في مآثر علماء نجد وحوادث السنين ) تأليف الشيخ محمد بن عثمان القاضي رحمه الله في ترجمتهم لعالم من علماء نجد السابقين وهو العلامة محمد بن حسن رحمه الله تعالى من سكان بلدة القصيعة الواقعة جنوب غرب بريدة بما يقارب سبع كيلومترات فأجتاح نجد وباء عظيم[قيل:الإنفلونزا الإسبانية]هلك فيه جمع كبير من المسلمين وسميت تلك السنة سنة الرحمة ولم تسلم منه بلد من البلاد إلا بلدة هذا العالم وسبب ذلك إنه كان يدور على بلدته الصغيرة ليلا ويدعو الله لأهلها بأن يسلمهم الله من هذا الوباء وتكرر منه هذا العمل كل الليلة فبفضل الله ورحمته ان جعله الله سببا في نجاة اهل هذه البلدة ( القصيعة ) فسلمها الله من هذا الوباء القاتل فلاتنسوا عباد الله ففضل الله ورحمته شاملة ورحمته وسعت كل شيء فأكثروا عباد الله من الدعاء في بيوتكم وفي سيارتكم وفي كل حين وآن فالله يحب أن يسأله عباده يقول الله عز وجل:{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}قال الامام السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:"والدعاء نوعان: دعاء عبادة, ودعاء مسألة. والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه, وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق. فمن دعا ربه بقلب حاضر, ودعاء مشروع, ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء, كأكل الحرام ونحوه, فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء, وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية, والإيمان به, الموجب للاستجابة، فلهذا قال: { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة, ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة. ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره, سبب لحصول العلم كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}" انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وقال الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:"وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا شعبة ، حدثنا قتادة ، عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا دعاني ).

وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله ، عن كريمة بنت الخشخاش المزنية ، قالت : حدثنا أبو هريرة : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قال الله : أنا مع عبدي ما ذكرني ، وتحركت بي شفتاه ).

قلت : وهذا كقوله تعالى : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون }[ النحل : ١٢٨ ] ، وكقوله لموسى وهارون ، عليهما السلام : { إنني معكما أسمع وأرى }[ طه : ٤٦ ] . والمراد من هذا : أنه تعالى لا يخيب دعاء داع ، ولا يشغله عنه شيء ، بل هو سميع الدعاء . وفيه ترغيب في الدعاء ، وأنه لا يضيع لديه تعالى ، كما قال الإمام أحمد :

حدثنا يزيد ، حدثنا رجل أنه سمع أبا عثمان هو النهدي يحدث عن سلمان يعني الفارسي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين ) .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو عامر ، حدثنا علي بن دؤاد أبو المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها )قالوا : إذا نكثر . قال : ( الله أكثر ) .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن جبير بن نفير ، أن عبادة بن الصامت حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله ، عز وجل ، بدعوة إلا آتاه الله إياها ، أو كف عنه من السوء مثلها ، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) .

ورواه الترمذي ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن محمد بن يوسف الفريابي ، عن ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان به . وقال : حسن صحيح غريب من هذا الوجه .

وقال الإمام مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : 

( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي ) .

أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك ، به . وهذا لفظ البخاري ، رحمه الله ، وأثابه الجنة .

وقال مسلم أيضا : حدثني أبو الطاهر ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ) . قيل : يا رسول الله ، ما الاستعجال ؟ قال :( يقول : قد دعوت ، وقد دعوت ، فلم أر يستجاب لي ، فيستحسر عند ذلك ، ويترك الدعاء ) .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا ابن هلال ، عن قتادة ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل ). قالوا : وكيف يستعجل ؟ قال : ( يقول : قد دعوت ربي فلم يستجب لي ) .

وقال الإمام أبو جعفر الطبري في تفسيره : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، حدثني أبو صخر : أن يزيد بن عبد الله بن قسيط حدثه ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : ما من عبد مؤمن يدعو الله بدعوة فتذهب ، حتى تعجل له في الدنيا أو تدخر له في الآخرة ، إذا لم يعجل أو يقنط . قال عروة : قلت : يا أماه كيف عجلته وقنوطه ؟ قالت : يقول : سألت فلم أعط ، ودعوت فلم أجب .

قال ابن قسيط : وسمعت سعيد بن المسيب يقول كقول عائشة سواء .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا بكر بن عمرو ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( القلوب أوعية ، وبعضها أوعى من بعض ، فإذا سألتم الله أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة ، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل )"انتهى كلامه رحمه تعالى بتصرف يسير .

وأعلموا عباد الله :

أن علماء السلف الصالح رحمهم الله ذكروا في مؤلفاتهم أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة فنسأل الله أن يرفع عنا وعنكم الداء والبلاء واللواء والوباء ويدفع عنا وعنكم الشر والسوء والضر والابتلاء إنا إلى ربنا راغبون .

والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني 

الخميس، 6 نوفمبر 2025

[ ازالة شبهة وتفنيدها عن أصل ( وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف)]




بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد: 

فقد ذكر الامام ابن باز رحمه الله تعالى كلمة عن وجوب الاجتماع وترك الاختلاف ولو كان أميرهم يدعو إلى الكفر [ اذكرها بالمعنى ]  فظهرت هنا وهناك شنشنة  للمشبوهين من اهل الشر مفادها الطعن في الامام ابن باز رحمه الله تعالى فتمت كتابة هذه الرسالة ابتغاء وجه الله تعالى والدار الآخرة وماعنده سبحانه وتعالى خير وابقى وفيها ذب ودفاع عن عرض هذا الامام رحمه الله تعالى امتثالا لقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام:(مَن ردَّ عَن عِرضِ أخيهِ ردَّ اللَّهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ) رواه الصحابي الجليل ابوالدرداء رضي اللهُ عنه واخرجه احمد رحمه اللهُ تعالى في المسند والترمذي رحمه اللهُ تعالى في سننه وصححه الامام الالباني رحمه الله تعالى في صحيح الترمذي .

وفيها إظهار الحق وازهاق الباطل ان الباطل كان زهوقا . 

علما بأن ولي الأمر  اذا قام بدعوة الناس الى الكفر ومثال ذلك ما قام به المأمون الخليفة العباسي في دعوته وأمره  للناس بالقول في خلق القرآن على جهة الاجبار  فهنا يجب السمع والطاعة له بالمعروف وعدم الخروج عليه وهذا لعله محل اتفاق بين علماء السنة عملا بالكتاب العزيز والسنة النبوية ففي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :(إنكم سترون بعدي أَثَرَة  وأمورًا تُنكِرونها)قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: ( أدُّوا إليهم حقَّهم، وسَلُوا الله حقكم) .

وفي البخاري ومسلم رحمهما اللهُ تعالى من حديث عبدالله بن عباس  رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: (مَن رأى من أميره شيئًا يكرهه فليَصبِر عليه؛ فإنه مَن فارق الجماعة شبرًا فمات إلا مات مِيتة جاهلية).

قال الخلاَّل:أخبرني علي بن عيسى، قال: سمعت حنبلاً يقول في ولاية الواثق: اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبدالله  - أحمد بن حنبل -: أبو بكر بن عبيد، وإبراهيم بن علي المطبخي، وفضل بن عاصم، فجاؤوا إلى أبي عبدالله، فاستأذنت لهم، فقالوا: يا أبا عبدالله، هذا الأمر قد تفاقم وفشا، يعنون إظهارَه لخلْق القرآن، وغير ذلك، فقال لهم أبو عبدالله: فما تريدون؟ قالوا: أن نشاورَك في أنَّا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه، فناظرهم أبو عبدالله ساعة، وقال لهم: عليكم بالنكرة بقلوبكم، ولا تخلعوا يدًا من طاعة، ولا تشقُّوا عصا المسلمين، ولا تَسفكوا دماءكم".[ السنة لأبي بكر الخلال ( ١ / ١٣٢ )].

وفي حال دعوة ولي الأمر لرجل بعينه  على ان يقوم هذا الرجل بالكفر بالله سبحانه وتعالى 

فله حالتان :

الحالة الأولى:

العزيمة وذلك بالصبر والتحمل ولو ادى ذلك الي قتله ؛ عملا بقول الرسول الكريم الله صلى الله عليه وسلم  : ( قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ من دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ) رواه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه .

ولحديث أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَنْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ وَلَا تَشْرَبْ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ ) .

رواه ابن ماجه رحمه اللهُ تعالى في سننه وحسَّنه الامام الألباني رحمه اللهُ تعالى في صحيح ابن ماجه  .ومن ذلك ماقاله امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لسويد بن غفلة رضي اللهُ عنه :[  إنك لعلك أن تخلف بعدي فأطع الأمير و إن كان عبدا مجدعا إن ظلمك فاصبر و إن حرمك فاصبر و إن أرادك على أمر ينقض دينك فقل دمي دون ديني ].

الحالة الثانية :

الأخذ بالرخصة الشرعية واظهار لفظ الكفر باللسان فقط والقلب مطمئنا بالإيمان ففي هذه الحال الإجماع على جوازها 

ففي كتاب الاستقامة ( ٢ / ٢١٠ )يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" ولهذا لم يكن عندنا نزاع في أن الأقوال لا يثبت حكمها في حق المكره بغير حق ".انتهى كلامه رحمه الله تعالى.وفي مراتب الإجماع يقول الحافظ ابن حزم رحمه اللهُ تعالى:"اتَّفقُوا على أَن الْمُكْره على الْكفْر وَقَلبه مطمئن بالايمان انه لَا يلْزمه شَيْء من الْكفْر عِنْد الله تَعَالَى".

وهذا الاتفاق والإجماع عملا بقول الله تعالى:{مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.[ النحل : ١٠٦ ].

وعملا بقول الله عز وجل:{ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦ ]. وعملا بقول الله تعالى وتقدس:{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }.[التغابن: ١٦ ].

ولعل في هذه الرسالة تم إيضاح المسألة ونسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يعلمنا ماينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل المتقبل وان يبسط لنا ولك رزقه وفضله ورحمته وجوده وكرمه وإحسانه وان يحسن لنا ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات الخاتمة .

والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

………….

كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .

( فوائد علمية من كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى)



بسم الله الرحمن الرحيم 



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:  

ففي أثناء طلبي للعلم في مدينة ….التقيت فيها بطلاب علم 

يدرسون الكتب العلمية السنية السلفية مثل كتب الأئمة ابن تيميه وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب وغيرهم رحمهم الله تعالى لكن لفت نظري امور منها ؛ عدم دراستهم في المدارس والمعاهد والكليات الشرعية وميلهم إلى الدراسة في المساجد وهذا بداهة لا شي فيه غير أن وراء الأكمة ماوراءها 

اذ عرفت من خلال مناقشتي لهم انهم يمنعون ويميلون الى تحريم الدراسة النظامية ويقولون ان طلاب العلم فيها لا يريدون الله والدار الآخرة وإنما يريدون الحصول على الشهادة العلمية ليتوظف فقط ورأيتهم يستدلون على صحة توجههم هذا في باب من أبواب كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى وهو :( باب من الشرك: إرادة الإنسان بعمله الدنيا )

وقوله تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا.

في الصحيح عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطى رضي وإن لم يعط سخط؛ تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع)

وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى ذكر هذا الباب في كتاب التوحيد ليبين على أن الواجب على العبد أن يخلص أعماله لله، وألا يقصد بها حظا عاجلا، وأنه متى أراد بعمله الحظ العاجل بطل هذا العمل ولم ينفعه {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

فهؤلاء الجهلة استدلوا بهذا الباب من كتاب التوحيد على تحريم الدراسة النظامية وآفة العلم الفهم السقيم ولو تأملوا لوجدوا انه قد يوجد من يدرس في الجوامع والمساجد وليس فقط في المدارس النظامية من يريد الدنيا وزخرفها و حظوظ الدنيا وليست مرتبطة في المدارس النظامية فقط فقد يدخلها من يريد الله سبحانه وتعالى والدار الآخرة علما بأن هذا العصر يغلب عليه الدراسة النظامية وذلك لمن أراد طلب العلم امتثالا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:( من يرد اللهُ به خيرا يفقه في الدين).

ولا يحصّل العلم - في الغالب - إلا فيها .

واثناء بحثي في شروح كتاب التوحيد في رد على هذه الشبهة العصرية الحادثة لفت نظري رد علمي قوي للامام عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى [ من تلامذته الامام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وكلاهما من مدينة عنيزة ] فكان رده على هذه الشبهة رد قوي وإيضاح جميل تزول به هذه الشبهة ويتم تفنيدها وذلك بما كتبه في كتابه [ القول السديد شرح كتاب التوحيد ] تحت شرحه ل[باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا ] اذكره في رسالتنا هذه لأهميته ونص كلامه رحمه اللهُ تعالى :" 

واما العمل لأجل الدنيا وتحصيل أغراضها:

فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا المقصد، ولم يكن له إرادة لوجه الله والدار الآخرة، فهذا ليس له في الآخرة من نصيب. وهذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن؛ فإن المؤمن ولو كان ضعيف الإيمان، لا بد أن يريد الله والدار الآخرة.

وأما من عمل العمل لوجه الله ولأجل الدنيا، والقصدان متساويان أو متقاربان، فهذا وإن كان مؤمنا فإنه ناقص الإيمان والتوحيد والإخلاص، وعمله ناقص لفقده كمال الإخلاص. وأما من عمل لله وحده وأخلص في عمله إخلاصا تاما، ولكنه يأخذ على عمله جعلا ومعلوما يستعين به على العمل والدين، كالجعالات التي تجعل على أعمال الخير، وكالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق، وكالأوقاف التي تجعل على المساجد والمدارس والوظائف الدينية لمن يقوم بها، فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد وتوحيده لكونه لم يرد بعمله الدنيا، وإنما أراد الدين وقصد أن يكون ما حصل له معينا له على قيام الدين.

ولهذا جعل الله في الأموال الشرعية كالزكوات وأموال الفيء وغيرها جزءا كبيرا لمن يقوم بالوظائف الدينية والدنيوية النافعة، كما قد عرف تفاصيل ذلك. فهذا التفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن، ويوجب لك أن تنزل الأمور منازلها والله أعلم". انتهى كلامه رحمه الله تعالى

ثم رأيت تلميذه الامام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى تطرق لهذه المسألة في كتابه ( القول المفيد شرح كتاب التوحيد )عند شرحه للباب نفسه ؛ ولاشك أن استدلال هؤلاء الجهلة بهذا الباب من كتاب التوحيد للامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى استدلالا بغير محله فقد أراد رحمه الله تعالى تنقية توحيد العبد من اي علاقة او عائق يقرّب الي الشرك بالله تعالى ربنا وتقدس واستدل لقوله بآية وحديث صحيح ففهمها الجهلة واهل الضلال بغير الفهم السلفي الصحيح والذي عليه المؤلف رحمه اللهُ تعالى وهذا مثل توظيف الخوارج لايات القران الكريم التي نزلت في الكفار والمشركين والمنافقين وتنزيلها على عباد الله المسلمين ويعتبر كتاب التوحيد من الكتب القليلة النفيسة القيمة في معالجة الشرك بالله بانواعه الأكبر والأصغر وظاهره وخفيه وفيه بيان أهمية التوحيد وتنقيته وتحقيقه فجزى الله الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى خير الجزاء على جهوده العلمية المباركة في تنقية التوحيد عن أدران الشرك ثم الشكر لولاة امرنا الـ سعود في إيصالهم للعقيدة الإسلامية الصافية والتوحيد الصافي من شوائب البدع والخرافات والشرك وتعليمهم لنا هذا الخير العظيم فلهم مني ومن كل مسلم موحد سني سلفي الدعاء لهم بظهر الغيب بأن ينصرهم على اعدائهم أعداء الملة الإسلامية ويمكنهم من رقابهم وان ينصر فيهم توحيد الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .