بسم الله الرحمن الرحيم
《 المقدمة 》
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد
ففي رسالتنا هذه جرى الإجابة عن شبهتين ترد من بعض الأشخاص جهلا او ترد من أهل الشر والضلال بقصد إثارة زوبعة من غيوم التشكيك على العوام وأما أهل العلم فمعروفة لديهم سلفا وقد جعلنا هذا الشبه على صيغة أسئلة وهما سؤالان تم وضعهما في فصلين
ثم الخاتمة نسأل الله حسنها
سائلين الله الإعانة والتوفيق
《 الفصل الأول : الإجابة عن السؤال التالي ونصه : " لماذا يقال : أهل السنة والجماعة أو أتباع السلف أو السلفيون؟
.ولماذا لانقول : نحن مسلمون أو من المسلمين ؟ ونكتفي بذلك
مثل قوله تعالى:{ وانا من المسلمين }.
وقوله تعالى : { ان المسلمين والمسلمات ..الآية }
وقوله تعالى : {وانا منا المسلمون ومن القاسطون .. الآية }
وقوله تعالى:{ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ }.
والامثلة من كلام الله سبحانه وتعالى كثيرة " 》
الإجابة:
اقول : وذلك لدقة الوصف عند علماء الإسلام وعلمهم وخشيتهم مع علم وعدل وانصاف ..
فيقولون : فلان مسلم لكنه ليس من أهل السنة أو سنيا لأن إخراج المسلم من ملة الإسلام مسألة عظيمة يتورع عنه كبار علماء الإسلام حتى وان قال الكفر أو فعله حتى تقام عليه الحجة الرسالية بعد استيفاء الضوابط الشرعية وانتفاء موانعها .
أنظر مثلا :
الاخوانية أو الزيدية اوالاباضية و ...فبعض اقوالهم
وبعض أفعالهم كفر
كمحاربتهم للسنة
أو لتركها بالكلية
أو ترك بعضها
أو بغضها وهذا كفر
في حد ذاته
ومع هذا فلا يخرجونهم من أمة المسلمين ولا من ملة الإسلام على جهة التعيين حتى تقام عليهم الحجة الرسالية عليهم . [ وللعلم فإن في اخراج الخوارج من الملة خلاف في معتقد أهل السنة والجماعة ]
لكنهم يخرجون من وصف [ أهل السنة والجماعة ] .
وانظر لبعض الأشاعرة الكلابية والماتريدية ؛ إذ يطلق عليهم هذا الوصف في مقابلة الخوارج والرافضة
فهم من أهل السنة والجماعة في ما وافقوا فيه أهل السنة والجماعة يوضح هذا ان " لفظ أهل السنة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة ، فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة .
وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة ، فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى<١> ف" أهل السنة يدخل فيهم المعتزلة ، يدخل فيهم الأشعرية ، يدخل فيهم كل من لم يكفر من أهل البدع ، إذا قلنا هذا في مقابلة الرافضة "
وأما لفظ[ الجماعة ] أو[ السلفية ] حقيقة هم " أهل السنة حقيقة هم السلف الصالح الذين اجتمعوا على السنة وأخذوا بها ، وحينئذ يكون الأشاعرة والمعتزلة والجهمية ونحوهم ليسوا من أهل السنة بهذا المعنى " < ٢ >..
< ١ > [ منهاج السنة ( ٢ / ٢٢١)].
< ٢ > [الشرح الممتع(١١ /٣٠٦)].
ف"السلفية نسبة إلى السلف ، فيجب أن نعرف من هم السلف إذا أُطلق عند علماء المسلمين : السلف ، وبالتالي تُفهم هذه النسبة وما وزنها في معناها وفي دلالتها ، السلف : هم أهل القرون الثلاثة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية في الحديث الصحيح المتواتر المخرج في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) هدول [ عامية بمعنى هؤلاء أو هذه] القرون الثلاثة الذين شهد لهم الرسول عليه السلام بالخيرية ، فالسلفية تنتمي إلى هذا السلف ، والسلفيون ينتمون إلى هؤلاء السلف ، إذا عرفنا معنى السلف والسلفية حينئذٍ أقول أمرين اثنين :
الأمر الأول :
أن هذه النسبة ليست نسبة إلى شخص أو أشخاص ، كما هي نِسَب جماعات أخرى موجودة اليوم على الأرض الإسلامية ، هذه ليست نسبة إلى شخص ولا إلى عشرات الأشخاص ، بل هذه النسبة هي نسبةٌ إلى العصمة ، ذلك لأن السلف الصالح يستحيل أن يجمعوا على ضلالة ، وبخلاف ذلك الخلف ، فالخلف لم يأتِ في الشرع ثناء عليهم بل جاء الذم في جماهيرهم ، وذلك في تمام الحديث السابق حيث قال عليه السلام : ( ثم يأتي من بعدهم أقوامٌ يَشهدون ولا يُستشهدون ... ) إلى آخر الحديث ، كما أشار عليه السلام إلى ذلك في حديث آخر فيه مدحٌ لطائفةٍ من المسلمين وذمٌّ لجماهيرهم بمفهوم الحديث حيث قال عليه السلام : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) أو ( حتى تقوم الساعة ) ، فهذا الحديث خص المدح في آخر الزمن بطائفة ، والطائفة : هي الجماعة القليلة ، فإنها في اللغة : تطلق على الفرد فما فوق .
فإذًا إذا عرفنا هذا المعنى في السلفية وأنها تنتمي إلى جماعة السلف الصالح وأنهم العصمة فيما إذا تمسك المسلم بما كان عليه هؤلاء السلف الصالح حينئذٍ يأتي
الأمر الثاني الذي أشرتُ إليه آنفاً ألا وهو :
أن كل مسلم يعرف حينذاك هذه النسبة وإلى ماذا ترمي من العصمة فيستحيل عليه بعد هذا العلم والبيان أن - لا أقول : أن - يتبرأ ، هذا أمرٌ بدهي ، لكني أقول : يستحيل عليه إلا أن يكون سلفياً ، لأننا فهمنا أن الانتساب إلى السلفية ، يعني : الانتساب إلى العصمة ، من أين أخذنا هذه العصمة ؟ نحن نأخذها من حديث يستدل به بعض الخلف على خلاف الحق يستدلون به على الاحتجاج بالأخذ بالأكثرية - مما عليه جماهير الخلف - حينما يأتون بقوله عليه السلام : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) ، لا يصح تطبيق هذا الحديث على الخلف اليوم على ما بينهم من خلافات جذرية ، ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) لا يمكن تطبيقها على واقع المسلمين اليوم وهذا أمرٌ يعرفه كل دارس لهذا الواقع السيئ ، يُضاف إلى ذلك الأحاديث الصحيحة التي جاءت مبينةً لما وقع فيمن قبلنا من اليهود والنصارى وفيما سيقع في المسلمين بعد الرسول عليه السلام من التفرق فقال صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : ( هي الجماعة ) هذه الجماعة : هي جماعة الرسول عليه السلام هي التي يمكن القطع بتطبيق الحديث السابق : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) أن المقصود بهذا الحديث هم الصحابة الذين حكم الرسول عليه السلام بأنهم هي الفرقة الناجية ومن سلك سبيلهم ونحا نحوهم ، وهؤلاء السلف الصالح هم الذين حذرنا ربنا عز وجل في القرآن الكريم من مخالفتهم ومن سلوك سبيل غير سبيلهم في قوله عز وجل : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّهِ ما تولى ونُصْلِهِ جهنم وساءت مصيرا } أنا لَفَتّ نظر إخواننا في كثيرٍٍ من المناسبات إلى حكمة عطف ربنا عز وجل قوله في هذه الآية : { ويتبع غير سبيل المؤمنين } على مشاققة الرسول ، ما الحكمة من ذلك ؟ مع أن الآية لو كانت بحذف هذه الجملة ، لو كانت كما يأتي : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نُوَلِّهِ ما تولى ونُصْلِهِ جهنم وساءت مصيرا } لكانت كافية في التحذير وتأنيب من يشاقق الرسول صلى الله عليه وسلم ، والحكم عليه بمصيره السيئ ، لم تكن الآية هكذا ، وإنما أضافت إلى ذلك قوله عز وجل : { ويتبع غير سبيل المؤمنين }
هل هذا عبث ؟!
حاشا لكلام الله عز وجل من العبث ـ إذًا ما الغاية ما الحكمة من عطف هذه الجملة { ويتبع غير سبيل المؤمنين }
على { يشاقق الرسول }؟ الحكمة في كلام الإمام الشافعي حيث استدل بهذه الآية على الإجماع. أي: من سلك غير سبيل الصحابة الذين هم العصمة في تعبيرنا المسابق وهم الجماعة التي شهد لها الرسول عليه السلام بأنها الفرقة الناجية ومن سلك سبيلهم هؤلاء هم الذين لا يجوز لمن كان يريد أن ينجو من عذاب الله يوم القيامة أن يخالف سبيلهم ، ولذلك قال تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّهِ ما تولى ونُصْلِهِ جهنم وساءت مصيرا}
إذًا على المسلمين اليوم في آخر الزمان أن يعرفوا أمرين اثنين :
أولاً : من هم المسلمون المذكورين في هذه الآية ؟ ثم ما الحكمة في أنَّ الله عز وجل أراد بها الصحابة الذين هم السلف الصالح ومن سلك سبيلهم. قد سبق بيان جواب هذا السؤال أو هذه الحكمة . وخلاصة ذلك أن الصحابة كانوا قريبي عهد بتلقي الوحي غضًا طريا من فم النبي صلى الله وعليه وسلم ثم شاهدوا نبيهم صلى الله عليه وسلم الذي عاش بين ظهرانيهم يطبق القرآن المنصوص عليها في القرآن والتي جاء ذكر كثير منها في أقواله عليه الصلاة والسلام. بينما الخلف لم يكن لهم هذا الفضل من سماع القرآن وأحاديث الرسول عليه السلام منه مباشرةً ثم لم يكن لهم فضل الاطلاع على تطبيق الرسول عليه السلام لنصوص الكتاب والسنة تطبيقاً عملياً ، ومن الحكمة التي جاء النص عليها في السنة : قوله عليه السلام : ( ليس الخبر كالمعاينة ) ومنه بدأ ومنه أخذ الشاعر قوله : " وما راءٍ كمن سمع " فإذًا الذين لم يشهدوا الرسول عليه السلام ليسوا كأصحابه الذين شاهدوا وسمعوا منه الكلام مباشرة ورأوه منه تطبيقاً عمليًا ، اليوم توجد كلمة عصرية نبغ بها بعض الدعاة الإسلاميين وهي كلمة جميلة جداً، ولكن أجمل منها أن نجعلها حقيقةً واقعة ، يقولون في محاضراتهم وفي مواعظهم وإرشاداتهم أنه يجب أن نجعل الإسلام واقعاً يمشي على الأرض ، كلام جميل ، لكن إذا لم نفهم الإسلام وعلى ضوء فهم السلف الصالح كما نقول لا يمكننا أن نحقق هذا الكلام الشعري الجميل أن نجعل الإسلام حقيقة واقعية تمشي على الأرض ، الذين استطاعوا ذلك هم أصحاب الرسول عليه السلام للسببين المذكورين آنفاً ، سمعوا الكلام منه مباشرةً ، فَوَعَوْهُ خير من وَعِيَ ،ثم في أمور هناك تحتاج إلى بيان فعلي ، فرأوا الرسول عليه السلام يبين لهم ذلك فعلاً ، وأنا أضرب لكم مثلاً واضحاً جداً ،هناك آيات في القرآن الكريم ، لا يمكن للمسلم أن يفهمها إلا إذا كان عارفاً للسنة التي تبين القرآن الكريم ، كما قال عز وجل : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم } مثلاً قوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } الآن هاتوا سيبويه هذا الزمان في اللغة العربية فليفسر لنا هذه الآية الكريمة ، { والسارق } من هو ؟ لغةً لا يستطيع أن يحدد السارق ، واليد ما هي ؟ لا يستطيع سيبويه آخر الزمان لا يستطيع أن يعطي الجواب عن هذين السؤالين ، من هو السارق الذي يستحق قطع اليد ؟ وما هي اليد التي ينبغي أن تُقطع بالنسبة لهذا السارق ؟ اللغة : السارق لو سرق بيضة فهو سارق ، واليد في هذه لو قُطِعَتْ هنا أو هنا أو في أي مكان فهي يدٌ ، لكن الجواب هو حينما نتذكر الآية السابقة : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم } الجواب في البيان ، فهناك بيان من الرسول عليه السلام للقرآن ، هذا البيان طَبَّقَهُ عليه السلام فعلاً في خصوص هذه الآية كمثل وفي خصوص الآيات الأخرى ، وما أكثرها ، لأن من قرأ علم الأصول يقرأ في علم الأصول أنه هناك عام وخاص ، ومطلق ومقيد ، وناسخ ومنسوخ ، كلمات مجملة يدخل تحتها عشرات النصوص ، إن لم نقل : مئات النصوص ، نصوص عامة أوردتها السنة ، ولا أريد أن أطيل في هذا حتى نستطيع أن نجيب عن بقية الأسئلة " .
[ من كلام الإمام الألباني رحمه الله في سلسلة الهدى والنور - شريط ( ١ ) سقناه بتمامه لأهميته ]
《 الفصل الثاني الإجابة عن هذا السؤال ونصه : لماذا يقال : هذا اخواني أو معطل أو صوفي أو سروري أو زيدي أو اباضي ؟》
الإجابة:.
أحببنا إيضاح الأمر
فنبدأ دون ترتيب زمني بناء على أهمية وجود هذه الفرق في عصرنا الحاضر
( أولا )
الاخوانية :هم انفسهم من أطلقوا على أنفسهم هذا الاسم في بداية تأسيس هذه الفرقة الضالة في مصر وظاهر منطوق هذا الاسم الاخوانية ومفهومه يثبتون لهم الإسلام وينفونه عن غيرهم ..
( ثانيا )
المعطله الجهمية
ولها مئات الفرق مابين غلاة وملاحدة وتأثروا في الفلسفة اليونانية وبعضهم سلك مسلكا أشد من الفلاسفة
وسموا معطلة : لتعطيلهم معاني أسماء الله الحسنى وصفاته العلى وتفريغ محتوى اللفظ عن معناه الشرعي واللغوي ومخالفتهم لادلة الكتاب والسنة واجماع سلف الامة.
وأما نسبتهم الى الجهمية ؛ وذلك ان الجهم بن صفوان هو من أوائل الدعاة الضالين المخذولين إلى هذه البدعة المنكرة .
( ثالثا )
الزيدية : تنسب إلي زيد بن علي بن الحسين زين العابدين " فإنه لما سئل عن أبي بكر وعمر فترحم عليهما، رفضه قوم فقال لهم: رفضتموني، فسُمّوا رافضة لرفضهم إياه، وسُمّي من لم يرفضه من الشيعة زيدياً لانتسابهم إليه .
وهذه النحلة خوارج في تكفير أهل التوحيد واستحلال دماء المسلمين و معتزلة في توحيد الأسماء والصفات
ومنهم فرقة الجارودية الرافضة أتباع الحوثي وهم كفرة باطنية يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر المحض .
( رابعا )
الاباضية : تُنسَب الإباضية إلى عبد الله بن إباض التميمي
وقيل أن الوهابية الخوارج والتي حاولت الدولة التركية إلصاقها وإلزاقها في دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله هم هؤلاء الخوارج الاباضية وهؤلاء الوهابية الخوارج نسبة إلى المدعو عبد الله بن وهب الراسبي ومن معتقداتهم انهم يرون كفر المسلمين وحل دمائهم
وهم معطلة جهمية معتزلة في توحيد الأسماء والصفات
يقولون بخلق القرآن الكريم وأنه لا يرى الله يوم القيامة تعالى وتقدس
كما أنهم لا يرفعون رأسا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في هديه ولهم كتاب مسند الربيع جرى وضعه من قبل شخص مجهول.
( الصوفية )
نسبة إلى لبس الصوف وهي مذهب يعظم القبور من دون الله سبحانه وتعالى حتى يصل بهم الأمر إلى عبادتها أو عبادة ما يسمونه بالولي ..
《 الخاتمة : نسأل الله حسنها 》
السلفية هي الإسلام الصحيح المحض الحق وما عداها فدعوات باطلة ومذاهب ضالة
ف" الدعوة السلفية هي الدعوة إلى ما بعث الله به نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، هي الدعوة إلى التمسك بالقرآن العظيم والسنة المطهرة، هذه الدعوة السلفية الدعوة إلى السير على المنهج الذي درج عليه الرسول ﷺ في مكة، ثم المدينة، من إبلاغ الدعوة إلى المسلمين وغيرهم.. توجيه الناس إلى الخير.. تعليمهم ما بعث الله به نبيه من توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان برسوله محمد ﷺ، وترك الإشراك بالله عز وجل والقيام بما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، هذه هي الدعوة السلفية، وعليها درج أصحاب النبي ﷺ، فأصحاب النبي ﷺ بعد وفاته ساروا على نهجه في الدعوة إلى توحيد الله، وإنكار الشرك، وتوجيه الناس إلى توحيد الله في أقوالهم وأعمالهم، كما أمرهم الله بذلك في قوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ } وفي قوله سبحانه: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا }، وفي قوله سبحانه: { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }.
فالرسول ﷺ دعا إلى هذا، وكان المشركون يتعلقون بالقبور بالأموات بالأصنام والأشجار والأحجار: يدعونها يتمسحون بها يتبركون بها يستشفعون بها يذبحون لها ينذرون لها؛ فنهاهم عن ذلك عليه الصلاة والسلام، وأخبرهم أنها لا تنفع ولا تضر، وأن الواجب إخلاص العبادة لله وحده، وقال: يا قومي قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا.
فلما فتح الله عليه مكة بعد الهجرة؛ كسر الأصنام، وهدم العزى وكانت شجرة تعبد، وهدم مناة وكانت صخرة تعبد، وهدم اللات وكانت تعبد في الطائف، وهكذا جميع الأصنام كسرها، وبعث إلى القبائل والرؤساء يدعوهم إلى توحيد الله ويأمرهم بترك عبادة الأصنام والأوثان والأولياء والأنبياء والملائكة، العبادة حق الله وحده؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ويقول سبحانه: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } ومعنى أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ، وحدوا الله يعني خصوه بالعبادة هو اللي يدعى يرجى يسأل يسجد له يركع له يذبح له ينذر له، أما القبور فلا يتعلق بها، لا يبنى عليها لا مساجد ولا غيرها، ولا يدعى لها من دون الله، ولا يستغاث بهم، ولا يطلب منهم الشفاعة؛ الشفاعة لله وحده { قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}.
وقد أنكر الله على المشركين في قوله سبحانه: { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} فأنكر الله عليهم بقوله:{ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } وقال سبحانه: { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } - ثم قال سبحانه - { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} يعني: يزعمون أنهم عبدوهم للتقريب، يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، يعني: ما عبدنا اللات والعزى والأنبياء والملائكة ودعوناهم واستغثنا بهم؛ إلا ليقربونا إلى الله زلفى.
فأنكر الله عليهم ذلك وأكذبهم، فقال سبحانه: { إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} ، بين سبحانه أنهم كذبة في قولهم: إنها تقربهم إلى الله زلفى، كفرة في عبادتهم الأصنام والملائكة والأنبياء.فلا يجوز أن يؤتى صاحب القبر ويقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أغثني، أو اقض حاجتي، أو اشفع لي، أو أنا في جوارك، كل هذا منكر كل هذا من الشرك الأكبر في حياته لا بأس إذا كان حي تقول: يا فلان اشفع لي، مثل ما كان الصحابة في حياة النبي ﷺ يقول: اشفع لنا يارسول الله ادع الله لنا، كان يستغيث لهم إذا أجدبوا في خطبة الجمعة وفي غيرها، وكان يدعو لهم، لا بأس في حياته، وهكذا يوم القيامة إذا بعثه الله يشفع للناس يوم القيامة، أما بعد موته في البرزخ فلا يدعى لا هو ولا غيره، لا الأنبياء ولا الملائكة ولا الصالحون، لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم، لكن تقول: يا رب اغفر لي، يا رب ارحمني، يا رب أصلح قلبي، يا رب ارزقني، يا رب فرج كربتي، يا رب أصلح أولادي، يا رب انصرني على عدوي، يا رب شفع في نبيك، يا رب اجعلني من أهل شفاعة نبيك عليه الصلاة والسلام، يا رب وفقني لطاعتك واتباع شريعتك، هكذا تقول تسأل ربك.
هذا هو الطريق الصحيح هي هذه الطريقة السلفية التي درج عليها الرسول ﷺ ودرج عليها أصحابه رضي الله عنهم ثم التابعون بعدهم بإحسان درجوا على هذا، وكان الصحابة ومن بعدهم يدعون إلى هذا الطريق: التمسك بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وإلى إخلاص العبادة لله وحده، لا يدعى معه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صاحب قبر، ولا جني ولا شجر ولا صنم ولا غير ذلك، العبادة حقًا الله وحده {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} ، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينََ حُنَفَاءَ }، مع الإيمان بأن الرسول ﷺ هو خاتم الأنبياء، لا نبي بعده أرسله الله إلى الناس كافة الجن والإنس، لابد من هذا الإيمان أن تؤمن بأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي ثم المدني، هو رسول الله حق عليه الصلاة والسلام، وهو أفضل الخلق، هو سيد ولد آدم، تؤمن بهذا، وتؤمن بأن الله أرسله إلى الناس عامة: الجن والإنس، من أجاب دعوته واتبع ما جاء به؛ فله الجنة، ومن حاد عن سبيله فله النار.
هو خاتم الأنبياء ليس بعده نبي، من ادعى النبوة بعده كـالقاديانية يكون كافرًا؛ لأن الله سبحانه يقول: { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ }، عليه الصلاة والسلام، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ أنه خاتم الأنبياء، يقول: إني خاتم الأنبياء لا نبي بعدي، عليه الصلاة والسلام.
ثم من تمام الدعوة السلفية: طاعة الله ورسوله، فعل الأوامر وترك النواهي: الصلاة تصلي كما شرع الله.. تزكي كما شرع الله.. تصوم كما شرع الله.. تحج كما شرع الله.. تبر والديك تصل أرحامك تدعو إلى الله بالحلم والهدى، تأمر بالمعروف تنهى عن المنكر بالأسلوب الحسن بالرفق والحكمة، تدع المعاصي: كالزنا والعقوق والربا قطيعة الرحم شرب المسكر.. إلى غير هذا من المعاصي تدعها تحذرها؛ طاعة لله، وتعظيمًا لله، واتباعًا لشريعته، ترجو ثوابه وتخشى عقابه، كل هذا داخل في الدعوة السلفية"[ من كلام الإمام ابن باز رحمه الله عن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله من موقعه الرسمي ]
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
كتبه : غازي بن عوض العرماني