الاثنين، 4 يناير 2021

《 الإجابة عن الأسئلة العقدية بعد الانتهاء من شرح كتاب الصفات الإختيارية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله 》

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

إن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢ ].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: ١ ].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: ٧٠-٧١ ].

أما بعد :

فهذه أسئلة وجهت إلى الشيخ غازي بن عوض العرماني بعد إتمام شرح كتاب  الصفات الاختيارية في عام ١٤٤٢ وإليكم هذه الاسئلة :-

يقول السائل :-


أحسن الله إليكم .


ما سبب تأليف كتاب الصفات الاختيارية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؟


الجواب :


 لم يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله سبب تأليفه لهذه الرسالة كما ذكر سبب تاليفه لرسالة التدمرية وأن كان السبب فيما يظهر لي واحد وهو كثرة وجود طوائف وفرق المعطلة الجهمية    ؛ يضاف إلى ماسبق  ومن خلال الإطلاع عليها لعله يتبين لنا أن سبب كتابتها أمور منها :

               ( أولا  ) 

بيان معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح أهل الإسلام الصحيح في الصفات الإختيارية   مدعما قوله بالإدلة من كلام سبحانه و تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم و ماأثر عن سلف الأمة الصالح وبيان ما يؤيد ذلك بالحجج العقلية. 

              ( ثانيا  )

الرد على الفلاسفة والمعطلة الجهمية   ومنهم المعتزلة و الكلابية [ الأشاعرة ] وبيان فساد توجههم الفكري وبطلان شبههم التي يسمونها حججا عقلية وتفنيدها. 


                  ( ثالثا ) 

 هذه الصفات قليل من يفرق بينها وبين الصفات الذاتية أو الفعلية الأخرى حتى من المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة بل ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما نصه  : " وشاع النزاع في ذلك بين عامة المنتسبين إلى السنة من أصحاب أحمد وغيرهم. وقد ذكر أبو بكر عبدالعزيز في كتاب (الشافي) عن أصحاب أحمد في معنى أن القرآن غير مخلوق قولين، مبنيين على هذا الأصل:

أحدهما: أنه قديم، لا يتعلق بمشيئته وقدرته.

والثاني: أنه لم يزل متكلماً إذا شاء" . " والنزاع في هذا الأصل بين أصحاب مالك، وبين أصحاب الشافعي، وبين أصحاب أبي حنيفة، وبين أهل الظاهر أيضاً: فداود بن علي صاحب المذهب وأئمتهم على إثبات ذلك، وأبو محمد بن حزم على المبالغة في إنكار ذلك " .

إنتهى كلامه رحمه الله من كتاب [درء تعارض العقل والنقل( ٢ / ١٨ - ٢٠ )] 

بل رأيت ممن اعرف بعضهم من  طلاب العلم  من عنده جهل وخلط في هذا الأصل العظيم . وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن نفسه في ثنايا رسالته الصفات الإختيارية قوله :" ولكن [ هذه المسألة ] و [مسألة الزيارة]  وغيرهما : حدث من المتأخرين فيها شُبَه 

وأنا وغيري : كنا على مذهب الآباء في ذلك ؛ نقول في  الأصلين  بقول أهل البدع .

فلما تبين لنا ما جاء به الرسول : دار الأمر بين أن نتبع ما أنزل الله ، أو نتبع ما وجدنا عليه آباءنا فكان الواجب  هو اتباع الرسول " ثم قال رحمه الله فيها موضحا كلامه السابق:

" فهذا بعض ما يبين أن  الفاتحة ، أم القرآن : اشتملت على بيان المسألتين المتنازع فيهما:  مسألة الصفات الاختيارية ، ومسألة الفرق بين الزيارة الشرعية والزيارة البدعية.

والله تعالى هو المسؤول أن يهدينا وسائر إخواننا إلى صراطه المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا ".انتهى كلامه رحمه الله من رسالة الصفات الإختيارية.



السؤال الثاني :- 

ما معنى الصفات الاختيارية ؟

ولماذا قيل اختيارية؟* *ولم يقل الصفات الإلهية


الجواب : 

نأت إلى  تعريف الصفات الإختيارية يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تعريفه للصفات الإختيارية : 

" وهي الأمور التي يتصف بها الرب عز وجل فتقوم بذاته[ ردا على المعتزلة لأنهم ينكرون جميع صفات الله تعالى وتقدس ] بمشيئته وقدرته[ ردا على الكلابية الأشاعرة لأنهم ينكرون قدرة الله ومشيئته ؛ مثل كلامه]*، وسمعه، وبصره، وإرادته، ومحبته، ورضاه، ورحمته، وغضبه، وسخطه، ومثل خلقه، وإحسانه، وعدله، ومثل استوائه، ومجيئه، وإتيانه، ونزوله، ونحو ذلك من الصفات التي نطق بها الكتاب العزيز، والسنة‏" . إنتهى كلامه رحمه الله من مقدمة رسالة الصفات الإختيارية.


والجواب عن : 


لماذا قيل الصفات الإختيارية ؟ 


لوقوعها بإختيار  الله ومشيئته  متى شاء وكيف شاء .

والصفات الإختيارية صفات آلهية لكن جرى ذكر هذا الاسم لبيان معنى هذه الصفات وانها أحد صفات الله سبحانه وتعالى  كما أنها  أحد الصفات التي تقوم بذات الله بمشيئة الله وقدرته وليست كل صفات الله .

فصفات الله منها 

ماهو ذاتي .مثل الوجه واليد والقدم والساق 

ومن ماهو ذاتي فعلي مثل الخلق والرزق 

ومنها ماهو ذاتي فعلي متعلق بمشيئة الله تعالى وقدرته وهي المعروفة بالصفات الإختيارية.

مثل سمعه وبصره وكلامه .

والفرق بين الصفات الذاتية و الصفات الفعلية و الصفات الإختيارية. 

ان الصفات الذاتيه خبريه لازمة للذات لاتنفك عنه بوجه .

و الصفات الفعلية و الصفات الإختيارية  منها ماهو متعدي[  مثل السمع والبصر والكلام والخلق] 

ومنها ماهو لازم [مثل الاستواء والنزول والمجئ ]

 وقد اجتمعت في قوله  تعالى وتقدس :{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ } والتعدي واللزوم لايختص بالصفات الفعلية فقط بل يشمل الصفات الذاتية .  

 ومنها ما ثبت دليله في النقل[ إدلة الكتاب والسنة ] واشترك العقل في اثباته مثل السمع والبصر والكلام و الخلق ..

ومنها ما ثبت دليله في إدلة النقل فقط[ الكتاب والسنة]  مثل  كالاستواء والنزول والمجئ .


السؤال الثالث :-

هل تفضلت علينا يا شيخ غازي بنبذة عن هذا الكتاب ؟


الجواب:

هذه الرسالة تتحدث عن الصفات الإختيارية وادلتها من الكتاب والسنة وإجماع المسلمين بالإضافة إلى الحجج العقلية التي تؤيدها وتفند أقوال منكري هذه الصفات من فلاسفة ملاحدة ومعطلة جهمية   . 

ومن ثم ذكر الفرق المخالفة  المنكرة لهذه الصفات وتفنيد شبهتها العقليه بإدلة النقل والعقل .


السؤال الرابع 

هل يعد من تعلم هذا الكتاب أتقن جميع مسائل توحيد الأسماء والصفات ؟

الجواب :

ذكرنا في أحد الاجابات سابقا أن الصفات الإختيارية هي أحد صفات الله المتعلقة بذات الله والقائمة بذات الله تعالى ربنا وتقدس والتي تقوم بمشيئة الله وقدرته. 

فالصفات الذاتية لابد من تعلمها 

و كذلك الصفات الفعلية 

ولا يكفي تعلم الصفات الإختيارية فقط بل يجب تعلم جميع هذه الصفات ويتم دراستها وكذلك دراسة الشبه التي أحدثها الفلاسفة واذنابهم المتكلمة المعطلة الجهمية من غلاة الجهمية والمعتزلة و الكلابية الأشاعرة. 


السؤال الخامس 

ما قولكم في من يقول : لماذا لا تركزون على توحيد الالوهية واما توحيد الاسماء والصفات ويكتفى بفهم المعنى وتفويض الكيف وأم تأليف الكتب في هذا الباب من الرد على اهل البدع

الجواب :

هذا السؤال لايقوله طالب علم فضلا عن أهل العلم. 

فاقسام التوحيد الثلاثة [ الربوبية والالوهية والاسماء والصفات ] بينها تطابق ولزوم وتضمن فلا ينفك بعضها عن بعض بل كلها وبمجموعها وحدة واحدة وكل لا يتجزء أنظر قول كفار قريش في قول عز وجل :{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا }

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية:" أي : لا نعرف الرحمن . وكانوا ينكرون أن يسمى الله باسمه الرحمن ، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب : " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " فقالوا : لا نعرف الرحمن ولا الرحيم ، ولكن اكتب كما كنت تكتب : باسمك اللهم; ولهذا أنزل الله : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } [ الإسراء : ١١٠ ] أي : هو الله وهو الرحمن . وقال في هذه الآية : { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن } ؟ أي : لا نعرفه ولا نقر به؟ { أنسجد لما تأمرنا } أي : لمجرد قولك؟ { وزادهم نفورا }، أما المؤمنون فإنهم يعبدون الله الذي هو الرحمن الرحيم ، ويفردونه بالإلهية ويسجدون له ". إنتهى كلامه رحمه الله.

--------------------

* ملحوظة : مابين [ ] القوسين في تعريف الصفات الإختيارية جرى تحريره من قبلنا زيادة في الايضاح والبيان .


............

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني .


وتم تسجيل هذه الأجوبة صوتيا ، فمن أراد أن يستمع صوتيا فعليه بزيارة هذا الرابط الموجود في الأسفل :-


https://j.top4top.io/m_1830ycp8r0.m4a



وصلى الله وسلم على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

١٤٤٢/٥/٢٠هـ