بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى
اما بعد :
فقد انتشر مقطع فيديو للمدعو سلمان بن فهد العوده عن بيان أحكام حديث (من أراد أن يضحي ...... الحديث )
فألفيته جمع حشفا وسوءكيل فاردنا بيان ماتضمنه مقاله من مفاسد ينبغي تنبيه أهل الإسلام بخطرها فأقول وبالله التوفيق وهو المستعان ولاحول ولاقوة إلا بالله
اراني أحد طلاب العلم مقطع فيديو للمدعو سلمان العوده وفي هذا المقطع رأيت مضادة لامر رسول صلى الله عليه وسلم والذي ينص على الإمساك عن حلق الشعر وتقليم الأظافر لمن أراد أن يضحي ونهيه صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر
وعند التمعن في كلام العوده يتبين لنا فساده بأمور منها :
( اولا )
محاولته اليائسة بتمييعه لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله
(إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً) وفي رواية : (ولا من بشرته شيئاً)
فقوله صلى الله عليه وسلم( فلايأخذ ) هذا نهي والنهي يقتضي التحريم إلا لصارف يصرفه للكراهة
ولا صارف هنا
( ثانيا )
نصب الخلاف في المسألة هذه أو غيرها من مسائل الشرع وجعل آراء الفقهاء غير المعصومة مقابلة لنصوص الوحي المعصوم ... أقول : هذه سفاهه فلاإجتهاد مع النص
وما أجمل قول ذلك العالم :
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين النصوص وبين رأي فلان .
قال ابن عباس رضي الله عنهما:
(والله مااراكم منتهين حتى يعذبكم الله أحدثكم عن رسول الله وتحدثونا عن أبي بكر وعمر )
هذا فيمن قابل قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بقول رسول الله صلى عليه وسلم
وهم افضل الأمة بعد رسول الله صلى عليه وسلم وهم الخلفاء الراشدون الائمة المهديون
فكيف برأي فقيه أو قل هوى مثقف
وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر
اين تقوى الله سبحانه وتعالى فهذا فيه رد لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقل منحرف
( ام لهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ)
فهل ورد إذن إباحة في تقليم الأظافر أو قص الشعر بسنة ثابتة
فالجواب : لا
وهذا قول على الله بلاعلم
قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)
وقال تعالى (
(وَلا تَقُولُوالِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
وفي رد السنة الثابتة بغير حق معصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا تعد على حدود الله
قال تعالى(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) وقال تعالى
( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) وقال تعالى (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُ)
وتعظيم السنة الثابتة الظاهرة من تقوى الله
(وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)
ثم
هؤلاء الإخوانية أدى تعظيمهم للعقل المنحرف مقابل النصوص المعصومة إلى التحول أو قل ( المروق من الدين) كما ثبت في السنة ( يمرقون من الدين ) الى مذاهب كانوا يحاربونها ويحاربون اهلها كالليبرالية فاصبحوا منهم وفيهم وهم لا يشعرون .
ثم
نجد هؤلاء الإخوانية يزعمون أنهم يريدون تطبيق الشرع ثم نجدهم الآن في اقرب مثال يحاول تنحية الشرع بسفسطة باردة وتعليل عليل
( افحكم الجاهلية يبغون)
والشرع هو ماورد في الكتاب والسنة من أمر أو نهي هذا هو الشرع ( افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) أو ما علمت قوله ( ومن لم يحكم بماانزل الله فأولئك هم الكافرون) فتطبق هذه الاية على الحكام ولاتستثني ولاتتبع تفسير حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما لهذه الآية( كفر دون كفر) مع ثبوت ذلك بالسند الصحيح بشهادة جهابذة علماء الحديث ومنهم الإمام الألباني رحمه الله
ونراك الآن تنسى نفسك في تطبيق قاعدتك المشؤمة وماعليه حزبك الاخواني الذي يكفر بتعميم هذه الاية ويرى تعيين كفر المسلم بنص هذه الاية بلا ضوابط شرعية ونحن لانكفرك لكن نجهلك ونضللك ولانحكم بتكفيرك كحال جماعتك
ثم هل رأيت رحمة أهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح
وكيف يعرفون الحق ويرحمون الخلق وربهم وسع كل شئ رحمة وعلما
ثم في آخر
رسالتك
تأمر الناس بمخالفة السنة بعد تمييعك لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم بايجاد خلاف لاحظ له من الاثر
ثم نراك تتساهل بالتصوير الثابت تحريمه بالسنة
وتبين هذه المسألة وانت لاتلبس شماغك
اين سمت السلف وهديهم ؟
اين تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وسنته؟
فهل هذا الأمر بهذه الصورة بهذه الخلاف المختلق قال به سلفنا الصالح؟
( ثالثا )
ثم ان الاجابة عن دليل من قال بالاستحباب بأمور منها :
[ أ ]
إن حديث أم سلمة رضي الله عنها في الأضحية
ونصه ( إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي) رواه مسلم
وفي رواية له: ( ولا من بشره )
، وحديث عائشة رضي الله عنها في الهدي
ونصه
انها قالت :
( كنت افتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلدها بيده ، ثم يبعث بها ، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي ) أخرجه البخاري ومسلم
فلا تعارض بين الحديثين .
[ ب ]
احتمال خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
[ ج ]
ان عائشة رضي الله عنها تخبر عن فعله وأم سلمة رضي الله عنها تخبر عن قوله والقول مقدم على الفعل.
[ د ]
ويمكن أن يقال :إن حديث عائشة رضي الله عنها عام ، وحديث أم سلمة رضي الله عنها خاص ، والخاص مقدم على العام
قال ابن قدامه رحمه الله في كتابه ( المغني ) مؤكدا على القول بالتحريم :
"ولنا - اي دليلنا او من ادلتنا- الحديث المذكور وظاهره التحريم وهذا يرد القياس وحديثهم عام وهذا خاص يجب تقديمه وتنزيل العام على ما عدا ما تناوله الحديث الخاص، ولأنه يجب حمل حديثهم على غير ما تناوله له محل النزاع لوجوه منها:
أن أقل أحوال النهي الكراهة ،والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل ما نهى عنه وإن كان مكروها قال الله تعالى: اخباراً عن شعيب عليه السلام: (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه )
ومنها أن عائشة إنما تعلم ظاهراً ما يباشرها، به من المباشرة أو ما يفعله دائماً كاللباس والطيب، أما قص الشعر وتقليم الأظفار مما لا يفعله في الأيام إلا مرة فالظاهر أنها لا ترده بخبرها، فإن احتمل إرادته فهو احتمال بعيد وما كان هكذا فاحتمال تخصيصه قريب فيكفي فيه أدنى دليل وخبرنا دليل قوي فكان أولى بالتخصيص .
ولأن عائشة تخبر عن فعله وأم سلمة تخبر عن قوله والقول يقدم على الفعل لاحتمال أن يكون فعله خاصاً له .
إذا ثبت هذا فإنه يترك قطع الشعر وتقليم الأظفار، فإن فعل استغفر الله ولا فدية عليه إجماعاً سواء فعله عمداً أو ناسياً " ا
ثم ان من ذهب إلى القول بالاستحباب مستدلا بسنة ثابتة عن رسول الله صلى عليه وسلم وقابل الحديث بالحديث واجتهد فاخطأ ليس كمن رد الحديث الصحيح هوى واتباعا لعقله المنحرف وتمييعا للنصوص بعد علمه بالحديث وفهمه له
فتنبه إلى الفرق بينهما .
( رابعا )
أقول للمدعو سلمان بن فهد العوده :
الايسعك ما وسع السلف الصالح من فهم لهذا الحديث فانظر وفق الله الجميع لمرضاته فهم كبار علماء السنة لهذا الحديث فقد اتى الجواب من سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الإمام ابن باز رحمه الله -وليس وحده- بل معه العلامة عبدالرزاق عفيفي والعلامة الغديان رحمهما الله يبينون بوضوح صحة الحديث وكيفية الفهم الصحيح له كما في الفتوى رقم ١٤٠٧ ونصها (
واللفظ الذي نعلم أنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو ما رواه الجماعة إلا البخاري، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ، ولفظ أبي داود وهو لمسلم والنسائي أيضًا: من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي ، فهذا الحديث دال على المنع من أخذ الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي،(الجزء رقم :١١ ، الصفحة رقم: ٤٢٧ )فالرواية الأولى فيها الأمر والترك، وأصله يقتضي الوجوب، ولا نعلم له صارفًا عن هذا الأصل، والرواية الثانية فيها النهي عن الأخذ، وأصله أنه يقتضي التحريم، أي: تحريم الأخذ، ولا نعلم صارفًا يصرفه عن ذلك، فتبين بهذا: أن هذا الحديث خاص بمن أراد أن يضحي فقط، أما المضحى عنه فسواء كان كبيرًا أو صغيرًا فلا مانع من أن يأخذ من شعره أو بشرته أو أظفاره بناء على الأصل وهو الجواز، ولا نعلم دليلاً يدل على خلاف الأصل.وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ) انتهى بتصرف يسير
هذا مااحببت بيانه في حكم هذه المسألة التي تطرق إليها المذكور بلا بينة ولا دليل شرعي
ثبتنا الله واياكم على الإسلام والسنة ورزقنا الله وإياكم حسن الخاتمة
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
..............
كتبه واملاه الفقير إلى عفو مولاه:
غازي بن عوض العرماني