الجمعة، 24 أبريل 2020

《 وجوب الرد على المخالفين من أهل الضلال والتكفير في نهار رمضان 》


بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد 
فهنا مسألة محدثة أحببنا إيضاح حكمها بالإدلة الشرعية وبأقوال كبار علماء الاسلام المعتبرين وهي مشروعية الرد على المخالف في نهار رمضان وغيبة أهل البدع من إخوانية خوارج أو أي فرقة خالفت الإسلام والسنة ورأت إستباحة دماء المسلمين حكاما ومحكومين 
وقد جرت معارك إسلامية في شهر رمضان منها :      
١-
غزوة بدر وكانت في السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة فصلاة الله وسلامه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما . 
٢-
فتح مكة كانت في العاشر من شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة.
٣ -
معركة القادسية كانت في رمضان سنة خمسة عشر للهجرة بقيادة سعد بن أبي وقاصرضي الله عنه . 
٤ -
فتح بلاد الأندلس كان في رمضان سنة ٩٢ هـ بقيادة طارق بن زياد رحمه الله . 
الى غير ذلك من المعارك الإسلامية التي وقعت في هذا الشهر الفضيل وتعلمون ما يجري في الحرب من قتل ودماء وجهد ومشقة 
وجرت معركتان من هذه المعارك بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو الجهاد في سبيل الله لا جهاد الإخوانية الخوارج وإستحلالهم لدماء الأبرياء المعصومة وتشويههم لمسمى الجهاد ووجوبه وفضله 
ونحن هنا في هذه الرسالة لسنا بصدد الحديث عن الجهاد في سبيل الله في قتال اليد 
وإنما وضعنا ما سبق مقدمة عن أهمية جهاد الخاصة من الإنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم وهو الجهاد الأكبر 
في بيان جواز جهاد الخاصة بالحجة والبيان ونصر الحق وأهله  في نهار رمضان 
و قد نبأ إلى علمنا أن لأحد طلاب العلم  يرى  كراهة الرد على أهل البدع في شهر رمضان المبارك وعلل ذلك بأن هذه غيبة لهم ولذا كره الكلام في أهل البدع في نهار رمضان فلعل ذلك من أجل أن لا ينقص أجر صيامه 
فأقول :
هذا من الورع البارد المخالف لادلة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة 
فقد ذكرنا في أول رسالتنا المعارك التي خاضها  الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان  المبارك  فإذا جاز في نهارالصيام  جهاد الكفار  بالسيف والسنان مع مايلحق المسلم فيه من استشهاد فمن باب أولى مشروعية  جهاد المنافقين وأهل البدع بالقلم بالحجة والبيان في نهار رمضان 
لعظيم خطرهم على المسلمين   
بل إن الصيام والقيام أجره يخص المسلم وأما جهاد الحجة والبيان فهو لعامة المسلمين 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله[ مجموع الرسائل والمسائل(٥ / ١١٠)]:
" ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة والعبادات المخالفة للكتاب والسنة. 
فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين.
حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجل يصوم ويصلى ويعتكف : أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ 
فقال : إذا صام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه. وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين. هذا أفضل. فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله.
إذ تطهير سبيل اللَّه ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين .
ولولا من يقيمه اللَّه لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب .
فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءاً." 
وتبليغ سنته صلى الله عليه وسلم إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو؛ لأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن، فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه. 
وهم كما قال فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه  في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب "الحوادث والبدع" له، قال: «الحمد لله الذي امتَنَّ على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله أهل العمى؛ كم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه، وضالٍ تائه قد هدوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد، فما أحسن أثرهم على الناس! وأقبح أثر الناس عليهم! يقتلونهم في سالف الدهر وإلى يومنا هذا، فما نسيهم ربك: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾ جعل قصصهم هدى، وأخبر عن حسن مقالتهم. فلا تقصر عنه، فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم الوضيعة» 
وقال عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه «إن لله عند كل بدعة كيِدَ بها الإسلام وليّاً من أوليائه يذب عنها، وينطق بعلاماتها، فاغتنموا حضور تلك المواطن، وتوكلوا على الله». [جلاء الأفهام( ٤٩٣ )]
وقال رحمه الله:
 " ولهذا كان الجهاد نوعين : 
جهادٌ بِاليَدِ والسِّنَانِ ، وهذا المُشَارِكُ فيه كَثِيرٌ 
والثاني : الجِهَادُ بِالحُجَّةِ وَالبَيَانِ ، وهذا جِهَادُ الخاصَّةِ مِنْ أتْبَاعِ الرُّسُلِ وَهْوَ جِهَادُ الأَئِمَّةِ ، وَهْوَ أَفْضَلُ الجِهَادَيْن لِعِظَمِ مَنْفَعَتِهِ ، وَشِدَّةِ مُؤْنَتِهِ ، وَكَثْرَةِ أَعْدَائِهِ، قَال الله تعالى في «سُورة الفرقان» وهي مكية : ﴿ ولو شئنا لبعثنا في كلِّ قريةٍ نذيراً * فلا تُطِعِ الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً ﴾ . فهذا جِهَادٌ لهم بالقرآن وهو أكبرُ الجِهَادَيْن».[ مفتاح دار السعادة( ١ / ٢٧١)]

ولو تأملت لوجدت أن المدافع عن الحق وأهله عظيم أجر  في شهر رمضان المبارك. وفيه نصر لاهل التوحيد والسنة فكيف برأي ليس فيه أو معه دليل بل في رأيه  مخالفة لإدلة الشرع من منقول ومعقول  ورد للحق وأهله وإنتصار للبدع وأهلها 
كفى الله المسلمين شره 
سائلا الله الحي القيوم الأحد الصمد ذا الجلال والإكرام أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة 
......
كتبه :
غازي بن عوض العرماني