بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} أما بعد
فقد ورد استفسار من احد الإخوة طلاب العلم يسأل عن مدى صحة عبارة صدرت عن احد العلماء وهو العلامة عبدالله بن عبدالرحمن ابا بطين ( مات في عام ١٢٨٢ هجري رحمه الله تعالى) ونص عبارته :" ووليُّ الأمرِ إنّما يُدعَى له، لا يُمدَح لا سِيّما بما ليسَ فيهِ؛ وهؤلاء الذين يَمدحون في الخُطبِ، هم الذين أماتوا الدّينَ، فمادحُهم مخطِئٌ، فليس في الولاةِ اليومَ من يَستحقُّ المدحَ، ولا أنْ يُثنَى عليه
وإنّما يُدعى لهم بالتّوفيقِ والهداية". [ الدّررُ السنيّةُ( ٥ / ٤١)].
وتم إيضاح هذه العبارة لئلا تستغل من أهل الشبهات والشهوات لتوظيفها في خدمة اهدافهم الباطله.
ومعلوم
ان أهل العلم كل يؤخذ من قوله ويرد كما قال الإمام مالك رحمه الله.
وولي الأمر يمدح ويثنى عليه بما فيه ويشكر والدعاء له بخيري الدنيا والآخرة ويوقف وجوبا في صفه دفاعا عنه لأمور منها :
( اولا )
إذا نيل من عرض ولي الأمر وطعن فيه على رؤوس الاشهاد وفوق المنابر وانتشرت البيعات البدعية والمنشورات السرية الداعية الي الخروج عليهم فإنه يجب الدعاء والثناء عليه بما فيه وشكره ومدحه بما فيه
واجماع المسلمين المبنى على كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على تحريم الخروج عليهم في اليد أو اللسان.
وان لهم من الحقوق الواجبة شرعا و من ذلك ما يقدمونه لأمة الإسلام من خدمات جليلة تستوجب الدعاء لهم والثناء عليهم بما فيهم ابتغاء ما عند الله.
( ثانيا )
مدح ولي الأمر والثناء عليه والدعاء له فيه بيان علو منزلته الشرعية وفي هذا الصنيع احترامه وتقديره ووجوب تأدية الحقوق الشرعية لولاة الامر والتي أتت في الكتاب العزيز والسنةالنبوية وعليها إجماع المسلمين ومن ذلك وجوب السمع والطاعه ووجوب الوفاء ببيعته التي هي فرض في اعناق المسلمين وشذت الخوارج و المعتزلة لأنهم يرون تكفير عامة المسلمين واستحلال الدماء المعصومة للأبرياء والخروج على ولاة الأمر لذا فمن حقوقهم اعزازهم ومن اعزازهم شكرهم والثناء عليهم والدعاء لهم
وقد ثبت في السنة من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال مهلا مهلا ياأهل الإسلام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( سيكون بعدي سلطان فأعزوه؛ من ألتمس ذله ثغر في الإسلام ثغرة ولم يقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت) رواه أحمد في المسند وابن عاصم في السنة رحمهما الله تعالى وصححه الألباني رحمه الله تعالى في تخريجه لكتاب السنة لابن أبي عاصم رحمه الله.
( ثالثا )
تكاتف جهود ذوي الأفكار الضالة والتيارات المنحرفة في محاولة لاسقاط الحكومات الإسلامية الملكية والاميرية والسلطانية وتحويلها إلى ديمقراطية دستورية وهذا التوجه الحركي أتى من الغرب العلماني أو من أخذ توجهاتهم الإلحادية وقام بتبني هذه الافكار المنحرفة و إلباسها لباس التقوى وإظهار التمسح بشعائر الإسلام امام من يجهل العلم الشرعي أو من يجهل مذهب الخوارج
وهذا الصنيع الضال عرفت به واشتهرت به جماعة الإخوانية الإخوانية.
( رابعا )
حينما تجهل اصول سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والذي من أعظمها ( أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف). وذلك حينما يجهل قدر ولي الأمر شرعا ويكذب ويفترى عليهم ويجري تعميم هذا العمل الخارجي اعلاميا ومن ثم نشر القصص المكذوبة والصور المفبركة لتأليب العامة وتهييجهم.
و تنشط الجماعات المؤيدة للتكفير والتي من اهم أفكارها الشاذة الخروج على ولاة الأمر مثل الرافضة المجوس والاخوانية الخوارج ويحاول من قل توفيقه وبعده عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم النيل من الحقوق الشرعية والواجبات المرعية الثابتة لولي الأمر وذلك بايراد شبهات امام الرأي العام العالمي ومحاولة إدخال أفكار ضالة تحاول تهميش ما سبق لهم من حقوق شرعية والأمثلة كثيرة وقد تعرض هذه الشبهات على الملأ في شبكات التواصل الاجتماعي من ذوي الافكار المسمومة فلابد من تفنيد شبهاتهم والرد عليهم و من ذلك إظهار شكر ومدح ولاة الأمر بما فيهم من صفات طيبه.
( خامسا )
من اقتضاء المصلحة الشرعية المحافظة على الدين والأرواح والأعراض والممتلكات والبعد عن زعزعة الأمن والاستقرار وشكر الله في نعمة الأمن والأمان ورغد العيش وذلك في طاعة ولي الأمر امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( من لم يشكرِ النَّاسَ لم يشكرِ اللَّهَ )
رواه أحمد وأبو داود والترمذي رحمهم الله جميعا من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود رحمه الله تعالى.
وشكر ولي الأمر ومدحه والثناء عليه إنما هو داخل في عموم العمل بالحديث النبوي السابق .
ومعلوم في معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح ان طاعة ولاة الأمر من طاعة الله سبحانه وتعالى ومن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( مَن أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن يُطِعِ الأمِيرَ فقَدْ أطَاعَنِي، ومَن يَعْصِ الأمِيرَ فقَدْ عَصَانِي، وإنَّما الإمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِن ورَائِهِ ويُتَّقَى به، فإنْ أمَرَ بتَقْوَى اللَّهِ وعَدَلَ، فإنَّ له بذلكَ أجْرًا وإنْ قالَ بغَيْرِهِ فإنَّ عليه منه).
( سادسا )
ان في مدح ولي الأمر والثناء عليه والدعاء له فيه نوع كسر لحدة تهييج الخوارج و يتضمن تفنيد لشبهات
الأحزاب السياسية
والجماعات التكفيرية والمنظمات السرية الدموية
والمليشيات العسكرية
والأفكار الإلحادية التي تأخذ صور العلمانية والاشتراكية الماركسية و الراسمالية و موجات الغلو والتكفير واستحلال الدماء المعصومة وتيارات الخروج على الشريعة الإسلامية و التي لها طرق شتى منها إنكار الخالق إنكار الطبيعة البشرية وتمييع أصول الدين ومن الأصول العظيمة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ( أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف ) فلابد من الدعاء له بظهر الغيب وذكر محاسنه عند من يجهلها
ومدحه عند من ينكر اعمالهم الجليلة المشهودة
-كما سيأت في ثنايا هذه الرسالة - لمن يريد الله والدار الآخرة .
( سابعا )
يتبع ما سبق ما يشاهد في مختلف وسائل الإعلام الجهود العظيمة التي قد يصعب وصفها من كثرتها و تنوعها و كبير حجمها لأعمال ولاة أمرنا وخاصة في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة ومن ذلك التوسعة الكبيرة المميزة للحرم المكي والحرم النبوي والتطور العمراني المذهل مع راحة لعباد الله في تأدية الفرائض وترتيب وتنظيم وحماية أمنية عالية جدا لأرواح الحجاج والمعتمرين وتفان قل بل عُدِم نظيره في إيصال كل خير للمواطن والمقيم أو من أراد الحج أو العمرة.
وهذه الخدمات يشهد بها القريب والبعيد وهي تلاحظ وتشاهد في جميع وسائل الإعلام المختلفة وكذا في جميع وسائل التواصل الاجتماعي ويعترف بها ولا ينكرها العقلاء أهل الخير والحكمة والانصاف.
ومع ذلك رأينا وسمعنا أهل الحيف والظلم وذوي التوجهات الفكرية المنحرفة من ينكر هذه الجهود الجبارة ويتهم بالتقصير من هو بعيد عنه ويطالب هذا المنحرف بأمور منكرة شرعا وعقلا ويمجها ذوي العقول الصريحة والفطر السليمة...
فيقال :
الا يحق لكل مواطن صالح محب لدينه وولي أمره ان يمدح يثني ويشكر ولاة أمره بما فيهم ابتغاء ما عند الله على جهودهم الكبيرة و الدعاء لهم بالنصر والعز والتمكين لما في ذلك من تكذيب الافواه المأجورة الظالمة والوقوف صفا واحدا مع ولي الأمر ولعل هذا الأمر من أقل حقوقهم على كل مواطن صالح يريد الخير لنفسه ولمجتمعه و يريد الله والدار الآخرة كما أن فيها رد جزء يسير من حقوق ولي الأمر الواجبة شرعا.
ولعل في هذه الرسالة يكون فيها رد جزء يسير من حقوق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهم الله ورعاهم
فقد علمونا ما ينفعنا في دنيا واخرتنا وسعوا جاهدين في دفع كل ما يضرنا أو يحاول الاقتراب بضر وشر من مواطنيهم
فجزاهم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء.
رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة ووهب لنا ولكم علما نفعا ورزقا طيبا وعملا نافعا واحسن الله لنا ولكم الخاتمة
والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
°°°°°°°°°°°
كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني.