الأربعاء، 17 أبريل 2024

[ من صور تحية الإسلام ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) المشروعة منها والممنوعة ].


بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 

أما بعد 

ففي رسالتنا هذه نستعرض صورا من صيغ تحية الإسلام في الدنيا وتحيتهم في الجنة ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) وبيان الصيغ الصحيحة الثابتة في السنة وهي ما نعني بقولنا ( المشروعة ) والصيغ المخالفة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والتي لا أصل لها صحيح في دين الإسلام ونعني بها ( الممنوعة) وذلك حرصا مني لرفع الجهل عن نفسي ومحبة مني في نشر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في المجتمع المسلم :


      ( الصورة الأولى ) 

حينما تبدأ أحدا بالسلام فتقول له :

[ السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ومغفرته ]. 

السلام بهذه الصيغة  بدعة.

لإن هذه الصيغة لم ترد في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم 

فهي من المحدثات والبدع التي لا دليل عليها من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. 


  ( الصورة الثانية ) 

حينما يسلم عليك رجل فيقول لك :

(  السلام عليكم ) 

ترد عليه سلامه فتقول له :

( وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ) .

فهذا الرد بهذه الصيغة بدعة لأنها زيادة محدثة بغير دليل من دين الإسلام كما في الصورة الأولى.


( الصورة الثالثة ) 

أن تسلم أو يسلم عليك رجل فيقول لك في سلامه :( السلام عليكم ) .

فترد عليه قائلا  :(  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ) 

فهذه من احد الصور المشروعة الثابتة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.


( الصورة الرابعة ) 

أن تسلم أو يسلم عليك رجل فيقول لك : ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) 

فترد عليه السلام بمثله فتقول :(  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) 

فهذه الصيغة ثابتة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. 


( الصورة الخامسة ) 

أن يسلم عليك رجل فيقول في سلامه لك :( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) 

فتجيبه بمثله وزيادة بقولك :( و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ) 

فهذه من الصور الصحيحة الثابتة شرعا ؛ قال الإمام الألباني رحمه الله :

"  ...... لزيادة : ( ومغفرته ) أريد أن أُلفت النظر بأن هذا إنما يكون في ردِّ السلام ، وليس في ابتداء السلام ؛ يعني أنا إذا بادرْتُ المسلم بالسلام جازَ لي أن أقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إذا ابتدأته ، لكن لا يجوز أن أزيدَ في الابتداء : ( ومغفرته ) ؛ لأن هذا الزيادة على الوارد لا يجوز كشأن الأوراد كلها ، أما في رد السلام ؛ فكما قال - تعالى - في القرآن : { وإذا حُيِّيتم بتحية فحيُّوا بأحسن منها أو ردُّوها } ؛ فحينئذٍ الرَّدُّ بالأحسن يستوجب أن أردَّ على مَن بادرني بالسلام الكامل فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أن أزيده فأقول : ( ومغفرته ) ، على هذا جاء الحديث ، فينبغي أن نفرِّق بين الابتداء بالسلام وبين الرد للسلام ، فالابتداء بالسلام ينتهي إلى وبركاته ، أما الرد على هذا السلام الكامل فيكون زيادة : ( ومغفرته ) ؛ وحينئذٍ الحديث يلتقي مع الآية : { وإذا حُيِّيتم بتحية فحيُّوا بأحسن منها أو ردُّوها } .

والحقيقة في هذه المناسبة أقول : أن من فوائد السنة التي أجمع عليها الأمة بأنها تُبيِّن القرآن وتوضِّحه ، فإن الناس حتى اليوم إلا القليل منهم جدًّا  لا يستطيعون أن يطبِّقوا الرد الأحسن المذكور في الآية الكريمة فيما إذا كان السلام المُبتَدَأ به كاملًا وبركاته ، وما يزيدون على الرَّدِّ ، ويكتفون بشطر من الآية { أو ردُّوها } ، أما الأحسن فما يجدون إليها وسيلة ؛ لأنه قام في أذهانهم أنه لا يجوز الزيادة على وبركاته مطلقًا ، فجاء ذلك الحديث ليلفت الأنظار إلى أن الرَّدَّ يجوز أن تزيد فيه : ( ومغفرته ) ، وذلك يطابق لقوله  تعالى  : { فحيوا بأحسن منها } .

فإذًا الخلاصة التفريق بين الابتداء وبين الرد ، فالابتداء لا يُزاد فيه وبركاته ، وإنما هذه الزيادة في الرد على مَن جاء بالسلام ابتداء ( ومغفرته ) .

[ المصدر : فتاوى جدة شريط ٣٠ ]

وهذه الصيغة ثابتة لم يتراجع عنها الإمام الألباني رحمه الله بل قام بتحسين سندها في السلسلة الصحيحة حديث رقم ( ١٤٤٩ ).

ثم زادها حسنا استدلالا بقوله تعالى :{ واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها }

ودعم صحتها ببعض الآثار الموقوفة قال الإمام الألباني رحمه الله في موضع آخر :" هذا شاهدٌ من حيث إنَّ الحديثَ الضعيفَ إذا شهد لمعناه نصٌّ قرآني؛ فهو من حيث المعنى: صحيح.

ذلك لأنَّ قولَه تبارك وتعالى: { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا }  فإذا كان لابتداءِ السلام درجاتٌ ثلاث:

[ السلام عليكم ] 

[ السلام عليكم ورحمة الله ] .

[ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته] . فأحسَنُ درجات إلقاء السلام وابتدائه أنْ يقول المُسَلِّم: ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ، فإذا أراد المُسْلِمُ أن يُطبِّق الآيةَ الكريمة: {  فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا } فهو لا بدَّ وأن يزيد شيئًا على ما ألقاه المبتدئُ بالسلام؛ وإلاَّ يكون قد طبَّقَ شَطرًا من الآية دون الشَّطْر الآخر مِنها الذي هو الأكمل؛ حيث قال: { فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } فالذي ابتدَأَ السلامَ سلامًا كاملاً: ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ، وردَّ الرادُّ عليه بمثله - هو ما ردَّ بأحسنَ منها؛ إنما ردَّ بمثلِها، فكيف يكون الرَّدُّ بأحسن منها ؟

هنا نحن نستأنسُ  أيضًا  بتقوية معنى الحديث؛ حتى ولو لم يكن مِثل هذا النصِّ القرآني، وهو عملُ السلف  عَمل عبدِالله بن عمر... الذي كان يمنع من الزيادةَ ابتداءً، ويزيدُ في الجواب على السلام الكامل ، فهذا الذي أراده"انتهي كلامه رحمه الله بتصرف يسير[ سلسلة الهدى والنور[ ٣ ( ٣٠ / ٨٤٢ )].  ومن سلفنا الصالح الذين طبقوا هذه السنة الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم منهم زيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وينظر في ماسبق  صحيح الأدب المفرد. 

وإتماما للفائدة قال الحافظُ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري  : "وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمَّت ؛ قَويَ ما اجتمعتْ عليه من مشروعيَّة الزيادة على ( وبركاته )".

[ فتح الباري ( ٦ / ١١ )].


( الصورة السادسة ) 


أن تسلم أو يسلم عليك بهذه الصيغة ( صباح الخير او مساء الخير ) ثم يقول : ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) 

فهذا خلاف السنة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم 

والصواب أن يقول على جهة الإبتداء ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) 

ثم يدعو لمن يسلم عليهم صباحا أو مساء بالخير ولا يكن بصورة دائمة لإن هذا الأمر لم يكن معهودا عمله عن سلفنا الصالح على جهة الاستمرار. 

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة. 

اسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يمن علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات والصحة والعافية وأن يهب الوهاب لنا ولكم بسطة من رزقه وفضله ورحمته وجوده و إحسانه وتوفيقه وعلم نافع وعمل صالح وأن يحسن لنا ولكم الخاتمة. 

آمين. 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 


°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.