الاثنين، 22 أبريل 2024

[ معرفة ماهو أول مخلوقات الله سبحانه وتعالى بالأدلة النقلية من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ]


بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} 

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} أما بعد:


فقد هيأ الله لي قديما فضلا من الله ورحمة كتابة  رسالة   عن مسألة  (  هل العرش خلقه الله سبحانه وتعالى أولا ام خلق سبحانه وتعالى القلم ؟ ) 

 وبعد كتابتها بمدة فقدت هذه الرسالة فعوضني الله خيرا مما فقد مني. 

إذ جرى مني إعادة بحث هذه المسألة مجددا فتبين لي أن المسألة بحاجة إلى مزيد إيضاح وبيان ؛ مع ذكر اقوال لأهل العلم مبنية على الأدلة النقلية من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لم تذكر في رسالتنا السابقة    . 

فأضفنا كل ذلك  في رسالتنا هذه وجرى زيادة فوائد علمية  والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا ؛ فنقول وبالله التوفيق وهو المستعان وعليه التكلان :

 أقوال أهل العلم في " أول ما خلق الله سبحانه وتعالى من المخلوقات العظيمة المسبحة بحمده " 

إذ أن لأهل العلم أقوال في هذه المسألة منها  : 


    (   القول الأول : بأن الله سبحانه وتعالى أول ماخلق الله الهواء ) . 

من أدلة هذا القول ماورد في تفسير إبن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة :{ وكان عرشه على الماء}

وفيه ذكر إبن جرير الطبري رحمه الله حديث أبي رزين رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: ( كان في عَماء ما فوقه هواء، وما تحته هواء، ثم خلق عرشه على الماء) "انتهى كلامه رحمه الله. 

وقوله ( كان في عما) تقول العرب للسحاب الأبيض :" العما ". 

ومن الأقوال في بيان معنى هذا اللفظ :

" لم يكن  شئ غيره وليس معه أحد " تعالى ربنا وتقدس ؛ ويدل على صحة هذا المعنى ورود هذه الرواية بلفظ :( كان الله ولا شيء غيره ). 

والآيات والأحاديث تواترت وتظافرت على وحدانية الله وأوليته فهو سبحانه وتعالى كما وصف نفسه : { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } 

وفي صحيح مسلم رحمه الله مرفوعا  ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شيءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ ) 

والأول إسم من أسماء الله الحسنى.

ومعناه : ليس قبله شئ كما وصف نفسه سبحانه وتعالى ووصفه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. 

وحديث أبي رزين أخرجه أحمد وإبن ماجه والترمذي رحمهم الله جميعا وضعفه الإمام الألباني رحمه الله في ضعيف سنن الترمذي رحمه الله تعالى. 

والدليل الآخر ما ساقه إبن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره فقال :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير قال: سُئل ابن عباس عن قوله: { وكان عرشه على الماء} ، على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح.

وقال رحمه الله أيضا :

 حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس عن قول الله: { وكان عرشه على الماء} ، قال: على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح. 


 (    القول الثاني  : إن أول ما خلق الله من المخلوقات هو الماء) 


وهذا القول له قوته ووجاهته : قال الإمام ابن رجب رحمه الله : " وقد حكى إبن جرير وغيره رحمهم الله جميعا عن ابن مسعود رضي الله وطائفة من السلف : أن أول المخلوقات الماء" .

[ بتصرف يسير من لطائف المعارف للإمام إبن رجب رحمه الله ( ٢١ )] 

و هذا القول مال إليه إبن جرير رحمه الله تعالى في تفسيره 

، واختاره بدر الدين العيني رحمه الله تعالى .


(    القول الثالث : إن أول المخلوقات التي خلقها الله ربنا سبحانه وتعالى هو العرش ) 



وهذا القول له ادلته الثابتة  في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك:

حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ) . رواه البخاري رحمه الله في صحيحه. 

وفي رواية أخرى للبخاري رحمه الله وردت بلفظ : ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ) .


ومن الأدلة حديث  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله ُ عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، قَالَ : وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) رواه مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه .

واختار  شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن العرش العظيم خلق قبل القلم كما هو مدون  في كتابه الصفدية 

وهذا إختيار تلميذه الإمام إبن القيم رحمه الله في نونيته حيث قال رحمه الله :

" هذا وعرش الرب فوق الماء من ... قبل السنين بمدة وزمان

والناس مختلفون في القلم الذي ... 

كتب القضاء به من الديان

هل كان قبل العرش أو هو بعده ...

 قولان عند أبي العلا الهمداني

والحق أن العرش قبل لأنه ... 

قبل الكتابة كان ذا أركان

وكتابة القلم الشريف تعقبت ... 

إيجاده من غير فصل زمان

لما براه الله قال اكتب كذا ... 

فغدا بأمر الله ذا جريان "



(     القول الرابع : أن أول ما خلق الله القلم ) ،

 و لعل هذا القول يعتبر  هو القول الآخر  لإبن جرير الطبري رحمه الله

ومن إدلة هذا القول حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ ، قَالَ : رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ) .

رواه أبو داود والترمذي رحمهما الله في سننهما وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي رحمه الله تعالى. 

والذي يظهر لي ان معنى قول الرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ ، قَالَ : رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ) .

أي حين بداية خلق الله للقلم أمره الله سبحانه وتعالى بكتابة المقادير تعالى ربنا وتقدس . 

ونحو معنى هذا القول ورد عن الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى.


وهنا أقوال أخرى لا يلتفت إليها ومن ذلك القول بأن أول خلق الله هو ( رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ). 

أو ( النور المحمدي ). 

أو  ( الفردوس الأعلى من الجنه ) لضعف حجة من قال بها  إذ هو قول لا يعضده دليل من كلام الله سبحانه وتعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم بل الأدلة خلافه. 


وهنا أمر لا بد من الإنتباه له :

 شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مسألة ( أيهما خلق أولا العرش أم القلم ) 

قال رأيه الصواب المبنى على ظاهر إدلة الكتاب العزيز والسنةالنبوية في قوله بأن العرش خلقه الله سبحانه وتعالى قبل القلم استدلالا بظاهر الأدلة الشرعية السابقة في رسالتنا هذه . 

و يلاحظ  أنه لم يتطرق إلى خلق الماء او الهواء في المسألة السابقة إذ أن خلق الله  للعرش قبل القلم لا يعني بالضرورة أن العرش خلق قبل  الماء ، وغاية ما يمكن أن يقال إنهما خلقا معاً ، أما أن يكون العرش خُلِق قبل الماء فلا يظهر ذلك من الأدلة الشرعية .

وقلنا الأدلة الشرعية لأن مثل هذه المسائل لا تدرك بالعقل لقصوره وضعفه وعجزه عن معرفة الأمور الغيبية  إذ لا بد فيها من خبر الوحيين كتابا وسنة.

 

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة.

 

ووهب الله لنا ولكم بسطة من العلم والرزق والفضل ومن رحمته سبحانه وتعالى وجوده و إحسانه وتوفيقه وان يهب لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح والرزق الحلال الطيب وحسن الخاتمه 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 

°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  :  غازي بن عوض العرماني.

الأربعاء، 17 أبريل 2024

[ من صور تحية الإسلام ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) المشروعة منها والممنوعة ].


بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 

أما بعد 

ففي رسالتنا هذه نستعرض صورا من صيغ تحية الإسلام في الدنيا وتحيتهم في الجنة ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) وبيان الصيغ الصحيحة الثابتة في السنة وهي ما نعني بقولنا ( المشروعة ) والصيغ المخالفة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والتي لا أصل لها صحيح في دين الإسلام ونعني بها ( الممنوعة) وذلك حرصا مني لرفع الجهل عن نفسي ومحبة مني في نشر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في المجتمع المسلم :


      ( الصورة الأولى ) 

حينما تبدأ أحدا بالسلام فتقول له :

[ السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ومغفرته ]. 

السلام بهذه الصيغة  بدعة.

لإن هذه الصيغة لم ترد في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم 

فهي من المحدثات والبدع التي لا دليل عليها من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. 


  ( الصورة الثانية ) 

حينما يسلم عليك رجل فيقول لك :

(  السلام عليكم ) 

ترد عليه سلامه فتقول له :

( وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ) .

فهذا الرد بهذه الصيغة بدعة لأنها زيادة محدثة بغير دليل من دين الإسلام كما في الصورة الأولى.


( الصورة الثالثة ) 

أن تسلم أو يسلم عليك رجل فيقول لك في سلامه :( السلام عليكم ) .

فترد عليه قائلا  :(  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ) 

فهذه من احد الصور المشروعة الثابتة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.


( الصورة الرابعة ) 

أن تسلم أو يسلم عليك رجل فيقول لك : ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) 

فترد عليه السلام بمثله فتقول :(  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) 

فهذه الصيغة ثابتة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. 


( الصورة الخامسة ) 

أن يسلم عليك رجل فيقول في سلامه لك :( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) 

فتجيبه بمثله وزيادة بقولك :( و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ) 

فهذه من الصور الصحيحة الثابتة شرعا ؛ قال الإمام الألباني رحمه الله :

"  ...... لزيادة : ( ومغفرته ) أريد أن أُلفت النظر بأن هذا إنما يكون في ردِّ السلام ، وليس في ابتداء السلام ؛ يعني أنا إذا بادرْتُ المسلم بالسلام جازَ لي أن أقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إذا ابتدأته ، لكن لا يجوز أن أزيدَ في الابتداء : ( ومغفرته ) ؛ لأن هذا الزيادة على الوارد لا يجوز كشأن الأوراد كلها ، أما في رد السلام ؛ فكما قال - تعالى - في القرآن : { وإذا حُيِّيتم بتحية فحيُّوا بأحسن منها أو ردُّوها } ؛ فحينئذٍ الرَّدُّ بالأحسن يستوجب أن أردَّ على مَن بادرني بالسلام الكامل فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أن أزيده فأقول : ( ومغفرته ) ، على هذا جاء الحديث ، فينبغي أن نفرِّق بين الابتداء بالسلام وبين الرد للسلام ، فالابتداء بالسلام ينتهي إلى وبركاته ، أما الرد على هذا السلام الكامل فيكون زيادة : ( ومغفرته ) ؛ وحينئذٍ الحديث يلتقي مع الآية : { وإذا حُيِّيتم بتحية فحيُّوا بأحسن منها أو ردُّوها } .

والحقيقة في هذه المناسبة أقول : أن من فوائد السنة التي أجمع عليها الأمة بأنها تُبيِّن القرآن وتوضِّحه ، فإن الناس حتى اليوم إلا القليل منهم جدًّا  لا يستطيعون أن يطبِّقوا الرد الأحسن المذكور في الآية الكريمة فيما إذا كان السلام المُبتَدَأ به كاملًا وبركاته ، وما يزيدون على الرَّدِّ ، ويكتفون بشطر من الآية { أو ردُّوها } ، أما الأحسن فما يجدون إليها وسيلة ؛ لأنه قام في أذهانهم أنه لا يجوز الزيادة على وبركاته مطلقًا ، فجاء ذلك الحديث ليلفت الأنظار إلى أن الرَّدَّ يجوز أن تزيد فيه : ( ومغفرته ) ، وذلك يطابق لقوله  تعالى  : { فحيوا بأحسن منها } .

فإذًا الخلاصة التفريق بين الابتداء وبين الرد ، فالابتداء لا يُزاد فيه وبركاته ، وإنما هذه الزيادة في الرد على مَن جاء بالسلام ابتداء ( ومغفرته ) .

[ المصدر : فتاوى جدة شريط ٣٠ ]

وهذه الصيغة ثابتة لم يتراجع عنها الإمام الألباني رحمه الله بل قام بتحسين سندها في السلسلة الصحيحة حديث رقم ( ١٤٤٩ ).

ثم زادها حسنا استدلالا بقوله تعالى :{ واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها }

ودعم صحتها ببعض الآثار الموقوفة قال الإمام الألباني رحمه الله في موضع آخر :" هذا شاهدٌ من حيث إنَّ الحديثَ الضعيفَ إذا شهد لمعناه نصٌّ قرآني؛ فهو من حيث المعنى: صحيح.

ذلك لأنَّ قولَه تبارك وتعالى: { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا }  فإذا كان لابتداءِ السلام درجاتٌ ثلاث:

[ السلام عليكم ] 

[ السلام عليكم ورحمة الله ] .

[ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته] . فأحسَنُ درجات إلقاء السلام وابتدائه أنْ يقول المُسَلِّم: ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ، فإذا أراد المُسْلِمُ أن يُطبِّق الآيةَ الكريمة: {  فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا } فهو لا بدَّ وأن يزيد شيئًا على ما ألقاه المبتدئُ بالسلام؛ وإلاَّ يكون قد طبَّقَ شَطرًا من الآية دون الشَّطْر الآخر مِنها الذي هو الأكمل؛ حيث قال: { فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } فالذي ابتدَأَ السلامَ سلامًا كاملاً: ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ، وردَّ الرادُّ عليه بمثله - هو ما ردَّ بأحسنَ منها؛ إنما ردَّ بمثلِها، فكيف يكون الرَّدُّ بأحسن منها ؟

هنا نحن نستأنسُ  أيضًا  بتقوية معنى الحديث؛ حتى ولو لم يكن مِثل هذا النصِّ القرآني، وهو عملُ السلف  عَمل عبدِالله بن عمر... الذي كان يمنع من الزيادةَ ابتداءً، ويزيدُ في الجواب على السلام الكامل ، فهذا الذي أراده"انتهي كلامه رحمه الله بتصرف يسير[ سلسلة الهدى والنور[ ٣ ( ٣٠ / ٨٤٢ )].  ومن سلفنا الصالح الذين طبقوا هذه السنة الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم منهم زيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وينظر في ماسبق  صحيح الأدب المفرد. 

وإتماما للفائدة قال الحافظُ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري  : "وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمَّت ؛ قَويَ ما اجتمعتْ عليه من مشروعيَّة الزيادة على ( وبركاته )".

[ فتح الباري ( ٦ / ١١ )].


( الصورة السادسة ) 


أن تسلم أو يسلم عليك بهذه الصيغة ( صباح الخير او مساء الخير ) ثم يقول : ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) 

فهذا خلاف السنة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم 

والصواب أن يقول على جهة الإبتداء ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) 

ثم يدعو لمن يسلم عليهم صباحا أو مساء بالخير ولا يكن بصورة دائمة لإن هذا الأمر لم يكن معهودا عمله عن سلفنا الصالح على جهة الاستمرار. 

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة. 

اسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يمن علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات والصحة والعافية وأن يهب الوهاب لنا ولكم بسطة من رزقه وفضله ورحمته وجوده و إحسانه وتوفيقه وعلم نافع وعمل صالح وأن يحسن لنا ولكم الخاتمة. 

آمين. 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 


°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.

الاثنين، 1 أبريل 2024

[ ملاحدة الفلاسفة وغلاة الجهمية المعطلة هما في توحيد أسماء الله سبحانه وتعالى وفي صفاته أهل ضلال ؛ وإلحاد المتكلمة في هذا الباب أشر من الفلاسفة كفى الله المسلمين شرهم ]



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً 

أما بعد 

فإن المطلع على  حال الفرق الضالة المنحرفة يجد ان رموزها لهم طرق في إضلال أتباعهم بل وإضلال كل من لم  يحرص على العلم النافع والعمل الصالح وذلك بإتباع الكتاب العزيز والسنةالنبوية وفق نهج سلفنا الصالح ثم الإلحاح بدعاء الله سبحانه وتعالى ب{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} كما ثبت في كلام الله المنزل غير مخلوق 

و ( يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّت قَلْبِي عَلَى دِينِكَ)

و ( اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا علَى طَاعَتِكَ ) كما ثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى.

نسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يمن علينا وعليكم بحسن الخاتمة . آمين 

وحديثنا في رسالتنا هذه عن فرقتين ضالتين هما ( الفلاسفة الملاحدة) و( غلاة الجهمية المعطلة) ويتبعهما ( غلاة الصوفية) 

فالفرقة الأولى تأثرت بها الفرقتان الاخيرتان فهما أذناب للفلاسفة. 

وطريقة الفلاسفة الملاحدة أنهم يبحثون عن الحق كما يزعمون عن طريق الحكمة التي يسمونها الفلسفة .

ولا يلتفون إلى ماأنزله الله من كلامه المنزل المطهر فهم ملاحدة ولو أنهم استخدموا عقولهم لو كان لهم عقول تعقل ان  البشر مهما  كان عقلها فإنها لا تستقل بمعرفة خالقها والهها وهو الله الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى على جهة التفصيل إلا بإنزال الكتب المطهرة وإرسال الرسل المعصومة. 

وأما غلاة الجهمية المعطلة ويقال لهم 

المتكلمة أو أهل الكلام فإنهم ينسبون الي الإسلام ؛ وأما مصدر الاستدلال عندهم  فإنهم يبحثون عن الالوهية بحجج عقلية ومع ضعف العقل البشري عن إدراك هذا الأمر فإن عقول هؤلاء القوم عقول منحرفة.

و  يعتبر المتكلمة  أذنابا وافراخا للفلاسفة ؛  فأرادوا الجمع بين نصوص الوحيين الطاهرة و إلحاد الفلاسفة الفاسدة فنتج عنه خليط قذر  

وتلفيق هجين 

ظاهره الإسلام وباطنه الكفر المحض ترتب على عملهم هذا رد نصوص الوحيين بأدلة عقلية فاسدة لا يقبلها النقل الصحيح بل يبطلها ويردها العقل الصريح..

وإجتهاد الفلاسفة خارج نصوص الوحيين لأنهم لايؤمنون بها ولا يدينون في الشرع المنزل. 

و أما طريقة المتكلمة الجهمية المعطلة فهو تخريب نصوص الوحيين وتشويهها  مع استخدامهم  طريقة الفلاسفة لكن في تحريف الكتاب العزيز والسنةالنبوية  َومحاولة هدم دين الإسلام  . 

والفلاسفة كفرة بالوحي الا إنهم يقرون بصحة طريقة الدين عند العامة في فهم الصفات وأما فهم الدين للخاصة فيرون ان الحكمة أي الفلسفة هي سبيل الخاصة في فهم أي مسألة. 

فهم يفرقون بين العامة والخاصة في طريقة فهم الدين مع إلحاد ظاهر في الشرع وَتوافقهم في هذا غلاة الصوفية في تفريقهم بين الشريعة والحقيقة. 

ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمها الله  تعالى في تأليفاتهم الطيبه القيمة بأن أدلة الشرع المطهر المنزل المتواترة وحجج العقل الصريح السليم المتظافرة تثبت علو الله سبحانه وتعالى

وذكروا من الديانات الضالة التي تثبت  هذه الصفة اليهود والنصارى  ومعهم الفلاسفة فإنهم يقرون بصفة العلو لله سبحانه وتعالى. 

وهذا القول أيده إبن رشدالحفيد ويعتبر من كبار الفلاسفة  ومن اقواله المدونة في كتبه :"ان متكلمة المعتزلة وذنبها فرقة الكلابية الأشاعرة

[ ولكل منهما طريقته الخاصة الفاسدة] في إنكار صفة العلو. 

ومنكرو صفة العلو يقرون في إثبات هذه الصفة عند مرورهم بأحوال منها  :


          (  الأولى  ) 

في حال أصابتهم شدة ومصيبة بخلاف وقت الرخاء.


       (  الثانية   ) 

الفطرة وقت الاحتياج الاضطراري

وهذا يدل على .


       (  الثالثة  ) 

جحدها ظاهرا و الإقرار بها باطنا

:{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}. 

فمن أعترف بصفة من الصفات الثابتة شرعا لله سبحانه وتعالى  وفق طريقته وإن كانت ديانته باطله  فهو أخف جرما و أفضل حالا ممن ينكر هذه الصفات الإلهية أما بصريح العبارة كالمعتزلة أو بتأويل باطل مثل الكلابية الأشاعرة ؛ وهذا الأمر معروفة بداهة عند من أطلع على حال المذاهب الباطله ودرس العقيدة الصحيحة 

وكلام أهل التحقيق فيها مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. 

وقد يوجد من لم يسبر أحوال الفرق المنحرفة والديانات الضالة فينكر هذه الحقيقة وقد نلتمس وجها لإنكار المنكر لهذه الحقيقة  وهي :" ان غلاة الجهمية المعطلة أشر من الفلاسفة".

ان المعطلة الجهمية تنسب الي الإسلام

والفلاسفة ملاحدة.

وان المتكلمة المعطلة أخذوا ضلالهم وانحرافهم من الفلاسفة فكيف تكون أشر من الفلاسفة الملاحدة ؟ ". فنقول  :

إن الله سبحانه وتعالى 

يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ؛ فالمطلع على معتقد كل من هذه الفرق المنحرفة و الديانات الضالة يعلم  ان الفلاسفة واليهود والنصارى  مع ضلالهم وإلحادهم يثبتون صفة العلو

وهؤلاء المعطلة الجهمية أذناب اليهود والفلاسفة ينكرونها

فالمعطل الجهمي أشر من الفلسفي الملحد من هذه الحيثية وكلاهما شر لكن الشر كما هو معلوم طبقات متفاوته ودركات بعضها أسفل من بعض اعاذنا الله وإياكم من الشر وأهله ودعاته.

لهذا ذكر كبار علماء الإسلام مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله بأن غلاة الجهمية المعطلة أشر من الفلاسفة.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً 

°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو :

غازي بن عوض العرماني.