الجمعة، 19 مايو 2023

《 فائدة علمية عن حكم التفضيل بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام 》

بسم الله الرحمن الرحيم 

      

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

ففي الحديث الصحيح الذي رواه الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما في صحيحيهما ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (  لا تخيروني على موسى ). ومثله ما رواه الإمام مسلم  رحمه الله في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: بينما يهودي يعرض سلعة له أعطي بها شيئا، كرهه أو لم يرضه - شك عبد العزيز - قال: لا، والذي اصطفى موسى عليه السلام على البشر قال: فسمعه رجل من الأنصار فلطم وجهه، قال: تقول: والذي اصطفى موسى عليه السلام على البشر ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ قال فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أبا القاسم إن لي ذمة وعهدا، وقال: فلان لطم وجهي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لم لطمت وجهه؟) قال: قال : يا رسول الله -والذي اصطفى موسى عليه السلام على البشر وأنت بين أظهرنا، قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الغضب في وجهه، ثم قال: (  لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، قال: ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من بعث، أو في أول من بعث، فإذا موسى عليه السلام آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور، أو بعث قبلي، ولا أقول: إن أحدا أفضل من يونس بن متى عليه السلام ) . احببنا ان ننبه أنه  لاتنافي بين هذه الأحاديث الصحيحة الثابتة في سنة الرسول صلى  الله  عليه وسلم وبين قوله تعالى وتقدس : { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا }[ سور  الإسراء : الآية ٥٥ ] . وقال تعالى  : { تِلْكَ الرُّسُل فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ }[سورة البقرة : الآية ٢٥٣ ]. 

اذ أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم إما شرع ابتدائي أو سنة موضحة لما جاء في كلام الله سبحانه وتعالى والقرآن والسنة كلاهما وحي قال الله تعالى وتقدس  : { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي } .

وقال تعالى وتقدس  : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } فالذكر يشمل كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال بذلك علماء الإسلام  ؛ والذي يظهر لي ان هذه الأقوال كلها صحيحة ؛ فقد ذكر أهل العلم يسر وسهولة الجمع بين هذه الأقوال وذلك للامور التالية :

 قيل :

 من باب التواضع . 

وقيل : 

قبل أن يعلم بذلك [ هَذَا كَانَ قَبْل أَنْ تَنْزِل عَلَيْهِ آيَاتُ التَّفْضِيل ، وَقَبْل أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ كما في الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ) . فَعَلَى هَذَا : التَّفْضِيل الآْنَ جَائِزٌ ]

وقيل : 

نهى أن يفضل بينهم على وجه الغضب والتعصب . ف[ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ : التَّفْضِيل إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَصَبِيَّةِ وَالْفَخْرِ وَالْحَمِيَّةِ وَهَوَى النَّفْسِ ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الاِنْتِقَاصِ لِلْمَفْضُول ].

وقيل : 

على وجه القول بمجرد الرأي والتشهي أو على جهة المبالغة في الإطراء ، حتى يرفعه فوق قدره ، أو يعطيه ما لم يجعل الله له ، أو الثناء على الفاضل لتنقص المفضول ومن ذلك الْخَوْضِ فِي ذَلِكَ لِئَلاَّ يُؤَدِّيَ إِلَى أَنْ يُذْكَرَ بَعْضُهُمْ بِمَا لاَ يَنْبَغِي ، وَيَقِل احْتِرَامُهُ عِنْدَ الْمُمَارَاةِ .


وقيل :

إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ تَعْيِينِ الْمَفْضُول ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ فُضِّل مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ .

والله أعلم. 

وللعلم فإن ذلك لا ينافي قوله تعالى : { لا نُفَرِّق بَيْن أحدٍ من رُسُلِه } [ سورة البقرة : الآية ٢٨٥ ] اذ المعنى :

 " نؤمن بهم جميعا ، لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض ، بل الجميع صادقون بارون راشدون " .

 والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

-----------------

كتبها  : غازي بن عوض العرماني ؛ رحمه الله دنيا وآخره وعفا عنه وغفر له بمنه وفضله ورحمته وكرمه وجوده وإحسانه  .