الجمعة، 21 فبراير 2020

《 تعريف المنهج وبيان منزلته وأهميته 》

بسم الله الرحمن الرحيم



* [ مقتطفات من  كتابنا  " المنهج في بيان أهمية حسن المعتقد و سلامة المنهج " ]
 كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه :  غازي بن عوض العرماني .

قلت فيه  :
المنهج لغة :
" هو الطريق الواضح "
وينظر في في تعريفه لغة معاجم اللغة العربية  عند تطرقهم لمادة  ( نهج )


إصطلاحا :
يتبين فيما سنورده الآن  من أقوال أهل العلم فيه  ؛  فالمنهج المراد تعريفه في هذا العصر قريب  من معنى ولفظ   ما  ورد في قوله تعالى{  لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ }
ف "  المنهاج ، فإنّ أصله: الطريقُ البيِّن الواضح، يقال منه: " هو طريق نَهْجٌ، وَمنهْجٌ"، بيِّنٌ، كما قال الراجز:
مَــنْ يـكُ فِـي شَـكٍّ فَهـذَا فَلْـجُ
مَـــاءٌ رَوَاءٌ وَطَـــرِيقٌ نَهْــجُ .
ثم يستعمل في كل شيء كان بينًا واضحًا سهلا. فمعنى الكلام: لكل قوم منكم جعلنا طريقًا إلى الحق يؤمُّه، وسبيلا واضحًا يعمل به."[إنتهى كلام الطبري رحمه الله  عند تفسيره لهذه الآية ]
قال الإمام إبن كثير رحمه الله:
" أما  المنهاج  : فهو الطريق الواضح السهل ، والسنن : الطرائق ، فتفسير قوله : ( شرعة ومنهاجا ) بالسبيل والسنة أظهر في المناسبة من العكس ، والله أعلم .
ثم هذا إخبار عن الأمم المختلفة الأديان ، باعتبار ما بعث الله به رسله الكرام من الشرائع المختلفة في الأحكام ، المتفقة في التوحيد ، كما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نحن معاشر الأنبياء إخوة لعلات ، ديننا واحد " يعني بذلك التوحيد الذي بعث الله به كل رسول أرسله ، وضمنه كل كتاب أنزله ، كما قال تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون )  وقال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) الآية ، وأما الشرائع فمختلفة في الأوامر والنواهي ، فقد يكون الشيء في هذه الشريعة حراما ثم يحل في الشريعة الأخرى ، وبالعكس ، وخفيفا فيزاد في الشدة في هذه دون هذه . وذلك لما له تعالى في ذلك من الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة .
قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة : قوله : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) يقول : سبيلا وسنة ، والسنن مختلفة : هي في التوراة شريعة ، وفي الإنجيل شريعة ، وفي الفرقان شريعة ، يحل الله فيها ما يشاء ، ويحرم ما يشاء ، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه ، والدين الذي لا يقبل الله غيره : التوحيد والإخلاص لله ، الذي جاءت به الرسل " [ إنتهى كلامه رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية ]

قال العلامة عبدالرحمن السعدي : " لكل منكم أيها الأمم جعلنا: شرعة ومنهاجا ؛ أي: سبيلا وسنة، وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم، هي التي تتغير بحسب تغير الأزمنة والأحوال، وكلها ترجع إلى العدل في وقت شرعتها، وأما الأصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة في كل زمان، فإنها لا تختلف، فتشرع في جميع الشرائع. ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة تبعا لشريعة واحدة، لا يختلف متأخرها و لا متقدمها. " [ إنتهى كلامه رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية ]


قال الإمام ربيع المدخلي حفظه الله :
" قضية التفريق بين العقيدة والمنهج جاءت في هذا العصر, الناس لم يكونوا يفرقون بين العقيدة والمنهج ولكن جاءت الفتن فاضطر بعض أهل السنة إلى التفريق بين العقيدة والمنهج، لكن الشيخ ابن باز لا يفرق بين العقيدة والمنهج فيقول كلها واحد.
وأنا اضطررت إلى أن أقول: العقيدة أوسع من المنهج لأن العقيدة تدخل في المنهج منهج أهل السنة في الاعتقاد في الأسماء والصفات كما جاء في الكتاب والسنة منهج أهل السنة كذا ومنهج أهل السنة في الاستدلال كذا, منهج أهل السنة في الأخبار كذا، هذا هو منهجهم كيف يستدلون، هذا من المنهج, كيف يتلقون الأخبار هذا من المنهج." [ إنتهى كلامه حفظه الله من موقعه الرسمي ]

قال العلامة عبيد الجابري حفظه الله:
" العقيدة هي ما يجب على المرء اعتقاده في الله عز وجل ، وفي ما جاء من عنده ، وما جاءت به رسله .
وعمود ذلك وملخصه : أركان الإيمان الستة التي هي : الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره ، ثم ما يتبع ذلك مما يجب على المسلم اعتقاده ، وأنه حق وصدق ، من أخبار الغيب كحدوث الفتن التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، أو كأخبار من مضى من النبيين والمرسلين سواء ما كان منها في الكتاب أو السنة ، وأحوال البرزخ من نعيم القبر وعذابه ، وما يجري في القيامة الكبرى من نصب الحوض والميزان والصراط وغير ذلك .

وأما المنهج فهو : تقرير أصول الدين وفروعه . المنهج هو الطريق الذي يقرر به المرء أصول الدين وفروعه ، فإن كان هذا الطريق موافقاً للكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح فهو منهج حق ، وإن كان مخالفاً لذلك فهو منهج فاسد ، والإسلام مؤلف من هذين : صحة المعتقد وسلامة المنهج وسداده ، فلا ينفك أحدهما عن الآخر ، فمن فسد منهجه فثقوا أن هذا نابع من فساد عقيدته ، فإذا استقامت العقيدة على الوجه الصحيح ، استقام لكذلك المنهج .

فالخوارج فسد منهجهم لفساد عقيدتهم ، لأنهم اعتقدوا استحلال دماء أهل الكبائر ، فسوغوا قتلهم وقتالهم ، والخروج على الحكام العصاة الفساق ، واستحلوا الأموال والدماء ، ولهذا قال من قال من أهل العلم بأنهم كفار " [ إنتهى كلامه حفظه الله من  شريط الإيضاح والبيان في كشف بعض طرائق فرقة الإخوان، الوجه الأول تسجيلات ابن رجب السلفية ]

فالعقيدة الصحيحة بينها وبين المنهج السليم رباط وثيق لاينفكان  عن بعضهما و بينهما تلازم فالعقيدة الصحيحة ثمرة المنهج الصحيح  والعقيدة الفاسدة ثمرة المنهج الفاسد
وسبب ورود التفريق بينهما في هذا العصر بسبب دعوى الإخوانية السرورية الذين يزعمون مقولة وجود تصور  [ سلفي المعتقد عصري المنهج او المواجهة] أو  [  عقيدة سلفية في قالب منهج إخواني ] ؛ وخابوا وخسروا فزعمهم هو خير مثال ينطبق عليهم فالمنهج الإخواني الخارجي يوّلد ويثمر عقيدة خارجية مفسدة مدمرة
 للمنهج
والعقيدة
والتصور
والحياة
والفكر
ومفرقة للمجتمع الواحد
قال الإمام ربيع المدخلي حفظه الله: " المنهج قد كَثُر الكلام فيه، والحديث عنه في هذا العصر بعكس ما كان عند السلف قد يذكرون كلمة منهج ومنهاج لكن ما كان عندهم هذا اللهج بالمنهج بالمنهج، لكن لَمّا انتشر اضطرّ السلفيون أن يقولوا: المنهج المنهج.
أنا سمعت الشيخ ابن باز لا يفرِّق بين العقيدة والمنهج ويقول: كلّها شيء واحد، والشيخ الألباني يفرِّق، وأنا أفرِّق، أرى أنّ المنهج أشمل من العقيدة، فالمنهج يشمل العقيدة ويشمل العبادات ويشمل كيف تتفقَّه ويشمل كيف تنتقد، ويشمل كيف تواجه أهل البدع فالمنهج شامل، منهج أهل السنّة في العقيدة، منهجهم في العبادة، منهجهم في التلقّي، منهجهم في كذا منهجهم في كذا.
فالمنهج أشمل بلا شك، لكنّ أهل الأهواء بعضهم يفرِّق بين العقيدة والمنهج لأهداف حزبية وسياسية، فيحتالون على كثير من (السلفيين) فيقولون أنت تبقى على عقيدتك ولكنّ المنهج نحن محتاجون أن نتعاون فيه.
فلا مانع أن تقول: أنا سلفيٌّ عقيدة إخوانيٌ منهجًا. ومعلوم أنّ من منهج الإخوان حرب العقيدة السلفية، فهذا السلفي الذي يقول أنا سلفي إذا قال أنا سلفي العقيدة إخواني المنهج أو تبليغي المنهج فهو ينادي على نفسه بأنّه يحارب المنهج السلفي والعقيدة السلفية.
فهي من الحيل الحزبية والسياسية التي أشاعها التبليغ والإخوان وفرَّقوا بين العقيدة والمنهج للتلاعب بعقول السلفيين خاصّة." [ إنتهى كلامه حفظه الله من إجابات الشيخ ربيع على اسئلة ابي رواحة المنهجية ]
فتبين لنا
أن المنهج :
الطريق السليم[ وهي مصادر الإستدلال والفهم والإستنباط المبنية  على كلام الله سبحانه و تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وتضمن لزوم غرز هدي سلفنا الصالح وفهمهم ] و هي التي تنتج وتثمر العقيدة الصحيحة [ المبنية على كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم و ما عليه هدي سلفنا الصالح وفهمهم ]

فالأول [ المنهج] سبب والثاني[ العقيدة] نتيجة وثمرة للأول .
ومثال ذلك :
إن حسن المنهج و سلوك هدي سلفنا الصالح في العلم والتعلم والعمل والدعوة إلى الله  سبيل يؤدي الى سلامة العقيدة .

ولعل من أهم إطلاقات المنهج سابقا وفق رأي على سبيل التمثيل لا الحصر  هو :

*  سبيل المؤمنين .

* جادة السلف .

* الصراط المستقيم .( لعل المنهج يأتِ في آن واحد  سببا  ونتيجة وثمرة  )

* المحجة البيضاء .

* سبيل أهل السنة والجماعة .

* سبيل  أهل الأثر .

* المنهج السني .

* المنهج السلفي .


فكل ما ذكرنا من  أسماء فهي
 لمسمى واحد ونهج واحد واضح .
وهو :
ماأتى في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم و ما عليه هدي السلف الصالح وفهمهم .
والله تعالى أعلم .