بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد
فقد أرسل إلي أحد الإخوة الذين بيننا وبينهم محبة في الله تعالى وتقدس صوتية لأحد الوعاظ من النحلة الإخوانية الخوارج
وهو لا يعلم عن حاله بل أعجبه وعظه وتذكيره
فقلت له : هذا حزبي ؛
فقال : " نأخذ الفائدة من كلامه ".
ولعلمي يقينا
بجهل بعض الإخوة بحال هؤلاء الضلال وذلك لخطرهم وتحريفهم للإسلام خدمة لحزبهم وأنهم يخططون ويخلطون السم بالعسل
فتراهم وعاظا يبكون ويبكون غيرهم و مع هذا خوارج يهيجون العامة على ولاة أمورهم علما بأن جميع علماء السنة أتباع السلف الصالح منعوا إستماع القرآن بصوت المبتدع ؛ فكيف موعظته التي لا يعرف إنحرافهم الفكري وشذوذهم العقدي إلا أهل العلم فيستخرجونها بالمناقيش لدقة شبههم وإلتباسها بالحق فيما يظهر لمن يجهل العلم الشرعي ويجهل حال المتلونين الذين يتمسحون في الدين فيظهرون في إلسنتهم مايخفونه من عقائد باطنية فاسدة فهؤلاء الضلال مثل الفيروسات التي لاترى بالعين المجردة والتي لابد من الوقاية منها .
سأضرب مثالا
عبارة ( غني بلا حاجة )
هل فيها شئ ؟
سوف تقول : لا ؛ عبارة سليمة
لكن الصواب أنها عبارة خطيرة جدا تخل في العقيدة فالمذاهب المحدثة المبتدعة المخالفة للمعتقد الذي دل عليه الكتاب والسنة وهدي سلف الامة ينفون عن الله الحكمة، لكن لايصرحون بهذا بل يعبرون ب(أن الله منزه عن الحاجات والأغراض) ومرادهم نفي الحكمة والتعليل، وهم المعروفون ب(نفاة الاسباب والحكمة)، والحكمة عندهم : الارادة والمشيئة.
لهذا يصرح بعض الأشاعرة الجبرية في شرحه لهذه العبارة (خلق الخلق ليس لحكمة ولا لعلة إنما محض المشيئة)
وهذا بناء على عقيدتهم الفاسدة بنفي الحكمة عن خلق الله لخلقه.
وسأذكر بعض أقوال سلفنا الصالح وشدة نهيهم عن الإستماع إلى هؤلاء المبتدعة فمن ذلك ماذكر في سير أعلام النبلاء للذهبي و البداية والنهاية لإبن كثير رحمهما الله ؛
قال إبن عون : كان محمد يرى أن أهل الأهواء أسرع الناس ردة ، وأن هذه نزلت فيهم : وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره .
وقال إبن المبارك ، عن عبد الله بن مسلم المروزي ، قال : كنت أجالس ابن سيرين ، فتركته وجالست الإباضية، فرأيت كأني مع قوم يحملون جنازة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتيت ابن سيرين فذكرته له ، فقال : ما لك جالست أقواما يريدون أن يدفنوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم .
وعن إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن ابن سيرين قال لقد أتى على الناس زمان وما يسأل عن إسناد الحديث فلما وقعت الفتنة سئل عن إسناد الحديث فينظر من كان من أهل البدع ترك حديثه
وكان أبو قلابة رحمه الله يقول: " لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم ".
وقال أبو إسحاق الهمداني: " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ".
ودخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء، فقالا: يا أبا بكر نحدثك، قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل، قال: لا، لتقومُنَّ عني ، أو لأقومَنَّه . فقام الرجلان فخرجا.
قال ابن القيم رحمه الله[مفتاح دار السعادة( ١ / ٤٤٣)] : وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه - وقد جَعَلْتُ أُورِد عليه إيرادا بعد إيراد : " لا تَجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيَتَشَرّبها ، فلا يَنضَح إلاَّ بها ، ولكن اجْعَله كالزجاجة الْمُصْمَتَة تَمُرّ الشبهات بِظَاهِرها ولا تَسْتَقِرّ فيها ، فَيَرَاها بِصفائه ، ويَدفعها بِصلابته ، وإلاَّ فإذا أَشْرَبْتَ قلبك كل شبهة تَمُرّ عليها صار مَقَرًّا للشبهات . أوْ كما قال . فما اعلم أني انتفعت بِوَصية في دَفع الشبهات كانْتِفَاعِي بذلك " إنتهى كلامه رحمه الله
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
------------
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه:
غازي بن عوض العرماني .
بتاريخ ١٨ / ٧ / ١٤٤١هجري