المنصة الرسمية في الإصدارات العلمية [الردود على الشبهات المعاصرة] [مؤلفات ورسائل علمية] المملكة العربية السعودية، القصيم. للتواصل/ Ghazi.Alarmani@gmail.com
الأحد، 20 سبتمبر 2020
السبت، 5 سبتمبر 2020
[[ بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالتعزية وبيان البدع والمحدثات التي تقع فيها ]]
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد :
ففي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وابي داود وابن ماجه وصححه الحاكم ووافقه الذهبي رحمهم الله اجمعين وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قَالَ: "وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: ( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ) . وفي رواية: (وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)[ رواه مسلم رحمه الله ( ٨٦٧ ). من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم]
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) [رواه البخاري رحمه الله ( ٢٦٩٧) ، ومسلم رحمه الله ( ١٧١٨ ) . من حديث عائشة رضي الله عنها]
وقال صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتي فليس مني)[ رواه البخاري رحمه الله( ٥٠٦٣) ، ومسلم رحمه الله( ١٤٠١) . من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه].
وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قال : " سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله عزّ وجلّ واستكمال لطاعته وقوة على دين الله ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في رأي من خالفها فمن اقتدى بما سنوا فقد اهتدى ومن استبصر بها بصر ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله عزّ وجلّ ما تولاه وأصلاه جهنم وساءت مصيرا "[شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( ١ / ٩٣)] .
ومن البدع والمنكرات الحادثة في هذا العصر ما يقع في التعزية بعد وفاة المسلم وقيام الجهلة من أهله وأقاربه وجيرانه بأعمال تخالف الشرع مما يجدر التنبيه على حكمها وتحذير المسلمين منها ومن ذلك ان السنة صنع الطعام والقيام بإهدائه لأهل الميت اذا أتاهم ما يشغلهم عن القيام بعمل الطعام لحزن يقعدهم عن ذلك ويصدهم عن رغبتهم في الأكل ؛ دل على هذا ما ثبت في السنة كما في الترمذي وابي داود وابن ماجه وصححه الإمام الألباني رحمه الله[ صحيح سنن ابي داود رحمه ( ٣١٣٢)] مرفوعا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما بلغه موت ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة مؤتة قال : ( اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا ، فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ ) .
وهذا الحديث يحتاجه المسلم ويحتاج إلى الفقه في معانيه ومعرفة أحكامه الشرعية المستفادة منه بحيث لا يعمل عملا يخالف الشرع أما في المبالغة أو الغلو أو الإبتداع فيخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الثابتة في هذا الحديث فمن فقه هذا الحديث :
( أولا )
صنع الطعام والقيام بإهدائه لأهل الميت" إنَّما هو سنَّةٌ لِمَن انشغلوا عن إصلاحِ الطَّعام بما أصابهم من مصيبةٍ؛ لِقَوله: «فقد أتاهم ما يشغَلُهم»، والإنسانُ إذا أصيب بمصيبةٍ عظيمةٍ انغلَقَ ذِهنُه وفِكرُه، ولم يصنَعْ شيئًا. فظاهرُ التعليل: أنه إذا لم يأتِهم ما يشغَلُهم، فلا يُسَنُّ أن يُصنَعَ لهم " . [ الشرح الممتع( ٥ / ٣٧٦)].
( ثانيا )
من الأمور المنكرة والبدع المحدثةان يقوم أهل الميت بعمل ضيافة للزائرين ودعوة جيرانهم أو أقربائهم ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله[مجموع الفتاوى ( ٢٤ / ٣١٦)]: " وَأَمَّا صَنْعَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا يَدْعُونَ النَّاسَ إلَيْهِ ، فَهَذَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ بِدْعَةٌبَلْ قَدْ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَتَهُمْ الطَّعَامَ لِلنَّاسِ مِنْ النِّيَاحَةِ ، وَإِنَّمَا الْمُسْتَحَبُّ إذَا مَاتَ الْمَيِّتُ أَنْ يُصْنَعَ لِأَهْلِهِ طَعَامٌ " . قال ابن قدامة رحمه الله [ المغني ( ٣ / ٤٩٧)] : " فَأَمَّا صُنْعُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا لِلنَّاسِ : فَمَكْرُوهٌ ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مُصِيبَتِهِمْ ، وَشُغْلًا لَهُمْ إلَى شُغْلِهِمْ ، وَتَشَبُّهًا بِصُنْعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ".وقال النووي رحمه الله[ روضة الطالبين( ٢ / : " ١٤٥)]وَأَمَّا إِصْلَاحُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا ، وَجَمْعُهُمُ النَّاسَ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يُنْقَلْ فِيهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ بِدْعَةٌ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ ".
" فالسنَّةُ أن يُصنَعَ لأهلِ الميت طعامٌ مِن جيرانهم أو أقارِبِهم للحديثِ المذكور. وأمَّا كونُ أهل الميِّتِ يصنعونَ الطَّعامَ ويَجمَعونَ الجيرانَ، فهذا لا يصلُحُ، بل هو من البِدَع، ومن المآتمِ المُنكَرة".[ فتاوى نور على الدرب للإمام ابن باز رحمه الله (٣٤٤)].
وأما إذا دعت الحاجة إلى الضيافة مثال ذلك إذا أتى أهل الميت ضيف فعملوا له طعاما لوجوب إكرامه فحينها لابأس بذلك ؛ قال ابن قدامة رحمه الله[ المغني (٣ / ٤٩٧)] : " وَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ جَازَ ؛ فَإِنَّهُ رُبَّمَا جَاءَهُمْ مَنْ يَحْضُرُ مَيِّتَهُمْ مِنْ الْقُرَى وَالْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ ، وَيَبِيتُ عِنْدَهُمْ ، وَلَا يُمْكِنُهُمْ إلَّا أَنْ يُضَيِّفُوهُ " .
قال الإمام ابن باز رحمه الله : " أما إن نزل بأهل الميت ضيوف زمن العزاء : فلا بأس أن يصنعوا لهم الطعام من أجل الضيافة " انتهى من "[ فتاوى الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله( ٩ / ٣٢٥)] .
قال الإمام محمد العثيمين رحمه الله : " يُكرَهُ لأهل الميِّتِ أن يصنعوا طعامًا ويَدْعوا النَّاسَ إليه، وبهذا يُعلَمُ أن ما يصنَعُه بعض المسلمين من صُنعِ الطَّعامِ والشَّاي ودعوةِ الناسِ إليه؛ أنَّ هذا من البِدَعِ".[مجموع فتاوى ورسائل العثيمين( ١٧ / ٢٧٨)] .
( ثالثا )
يتبع الحكم السابق في التحريم والإبتداع أن تنحر وتذبح بهائم الأنعام فيعملها القريب أو الجار أو المحب لأهل الميت ويقوم بدعوة غيرهم سواء أراد الخير أو أراد الشهرة والمباهاة
فالذبح والنحر له حكم شرعي .
وإرادة الشهرة والمباهاة محرمة شرعا لأن ذلك من شرك الرياء والسمعة .
( رابعا )
من الناس اذا مات ميتهم ذهبوا إلى قصور الافراح أو الاستراحات أو يقومون ببناء بيوت شعر وخيام ويمدون الجزور والمفاطيح ومن بعدها انواع المشروبات والحلويات والعطور والبخور ؛ فهل هذه الأعمال تعتبر من الحزن على الميت أم هي من الفرح بموته.
وفي هذا العمل خلاف فقه الحديث فليس من السنة التوسع في الولائم بمناسبة العزاء. قال الإمام محمد العثيمين رحمه الله:
" غلا بعضُ النَّاسِ في هذه المسألة غُلُوًّا عظيمًا، لا سيما في أطرافِ البلاد، حتى إنَّهم إذا مات الميِّتُ يُرسِلون الهدايا مِن الخرفانِ الكثيرةِ لأهل الميِّتِ، ثمَّ إن أهل الميت يطبُخونها للنَّاسِ، ويَدْعونَ النَّاسَ إليها، فتجِدُ البيتَ الذي أُصيبَ أهلُه كأنَّه بَيتُ عُرسٍ، فيُضيئونَ في الليلِ المصابيحَ الكثيرةَ، ويصنعونَ الكراسيَّ المتعدِّدةَ، وقد شاهدت ذلك بنفسي. وهذا لا شَكَّ أنَّه من البِدَع المُنكَرة". [الشرح الممتع( ٥ / ٣٧٦)] .
( خامسا )
تحديد التعزية بوفاة الميت والجلوس لاستقبال المعزين بثلاثة أيام بغير دليل شرعي فهذا الأمر من البدع المنكرة وقد يكون فيها تعطيل لمصالح العباد ، فتحديد مدة العزاء لا أصل له من السنة، فالسنة ليس فيها دليل صريح يدل على أن مدة العزاء محددة بمدة معينه فالتعزية وردت في الشرع مطلقة فلم يجز لأحد تقييدها برأيه ومن مقاصد الشرع إشعار المصاب بوقوف الناس معه وتحديدها بثلاثة أيام يخالف هذا المقصود .
قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى[ أحكام الجنائز ( ٢٠٩ )] : " ولا تحد التعزية بثلاثة أيام لا يتجاوزها، بل متى رأى الفائدة في التعزية أتى بها" .وقال الإمام بن باز رحمه الله تعالى : " العزاء ليس له أيام محدودة، بل يشرع من حين خروج الروح قبل الصلاة على الميت وبعدها، وليس لغايته حدٌّ في الشرع المطهر سواء كان ذلك ليلاً أو نهاراً، وسواءً كان ذلك في البيت، أو في الطرق، أو في المسجد، أو في المقبرة أو غير ذلك من الأماكن " .[ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ( ١٣ / ٣٧٩)]
( الخاتمة ؛ نسأل الله حسنها )
اغتنم الفرصة في خاتمة رسالتي هذه بالدعاء - لولي أمرنا وقائدنا وإمامنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله - بالنصر والتمكين على أعداء الله واعداء الرسول صلى الله عليه وسلم واعداء الإسلام والمسلمين من رافضة مجوس وإخوانية قرامطة وصوفية قبورية و ملاحدة الذين أفسدوا في الأرض ونشروا الأفكار المنحرفة كما أدعو ربي أن يمكن جنود التوحيد والسنة من رقاب الحوثية الروافض وأن ينصرهم نصرا مؤزرا عاجلا غير آجل..وأن يهدينا ويهدي ضال المسلمين وأن يردنا وإياهم إليه ردا جميلا وان يرزقنا واياهم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
--------
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض بن حاتم العرماني
صبيحة يوم الأحد ١٨ محرم ١٤٤٢ هجري.